ما أوقعت الجزائر فيه نفسها حقيقة بخلق حركة البوليساريو لغاية في نفسها. فالجزائر ترى نفسها أصغر من المغرب، بينما الدولة العلويّة عمرها 14 قرنا، فكلّما ذكر المغرب بتاريخه وسلاطينه إلاّ وتحس الجزائر بنوع من الدونية.
فقد استطاعت الجزائر أن تحتجز قليلا من الصّحراويين من أبناء البلد الذين ينتمون إلى السّاقية الحمراء ووادي الذهب باسم البوليساريو. احتجاز أقلية من ساكنة الساقية الحمراء لتعطي الشرعية بعشرات الآلاف ممّن هجرتهم هي والبوليساريو والدول المجاورة، خاصة في الصحراء الكبرى من أزواد والبرابيش ومالي والنيجر ومن الجنوب ومن جنوب شرق ومن شمال شرق موريتانيا وصنعت منهم هذه الهالة التي تدعي أنها هي الشّعب الصحراوي، وهو ما تستعمله اليوم في محاولة لابتزاز العالم، كي يمدّ يد المساعدة لهؤلاء الذين يحلو لها أن تسميهم لاجئين وليسوا أكثر من كونهم محتجزين، وأنا واحد منهم ومن ضحاياهم، الذين قضوا سنوات ليست بقصيرة تتجاوز 14 سنة تقريبا ونيف من الاعتقال في صفوف البوليساريو ولدى البوليساريو وفي معتقلات البوليساريو الموجودة فوق التراب الجزائري بقيادة مخابراتها التي تؤثّر وتشرف على سير كلّ القمع الذي يقع على بلاد الجزائر.
فجميع الذين تم إيقافهم واختطافهم وتعذيبهم وقتلهم وإعدامهم من الصحراويين يتم فوق التراب الجزائري، وهو قطعا يرقى إلى مستوى إرهاب من طرف البوليساريو، وإرهاب من قبل النّظام الجزائري الذي مورس في حقّ الصّحراويين كما مورس عدّة مرات ضدّ الشّعب الجزائري نفسه، وأنتم تعرفون الأحداث 1988 وما تلاها في سنوات العشرية السّوداء في الجزائر.
الحقيقة على أن نحن كضحايا رافعنا في الأمم المتحدة وفي مؤسسات ومجالس حقوق الإنسان، وطالبنا أكثر من مرّة على أن الجزائر يجب أن تدان باعتبارها المجرم الأول في حقّنا لأن لولا تأمين ترابها،ولولا تأمين ترابها للبوليساريو وإعطائهم الضوء الأخضر في التطاول على حقوقنا وعلى إنسانيتنا وعلى انتماءاتنا لما استطاعت البوليساريو أن تفعل شيء.
فالبوليساريو تستحقّ اليوم أن تكون منبوذة عالميا، وأن تكون منعوتة عالميا بأنها إرهابية، لأن ما مارسته هو إرهاب، فالمخيّمات لم نرى قطّ فيها ما يدعى أنها للاجئين، بل بها ميليشيات مسلحة. البوليساريو هي ميليشيات مسلحة أرادت بها الجزائر زعزعت الأوضاع في الجارة الغربية وهي المملكة المغربية، وأرادت بها زرع حالة اللاّستقرار في منطقة شمال غرب إفريقيا، وهي امتداد طبيعي لهذا الإرهاب الذي يمارس في دول السّاحل والصّحراء، فإن كان ذلك إرهابا في دول الساحل والصحراء، فالبوليساريو هو إرهاب في منطقة شمال غرب إفريقيا في بلاد المغرب العربي.
إذن، لا يمكن بأيّ حال من الأحوال أن يظلّ العالم في صمت عمّا يقع أو غاضّا الطّرف عما يقع فوق تراب بلد، الذي يقال أنه موقع على المواثيق والصكوك الدولية والتي هي دولة الجزائر، ولا يمكن أن يغضّ الطّرف عنها وهي تنتهك تلك المبادئ، وتلك القرارات، وتلك المعاهدات التي وقّعت عليها وتسمح لمنظمة إرهابية يقال لها البوليساريو بأن تعيش في الأرض فسادا تقتل وتقطع وتعدم كلّ التّجاوزات الحقوقية التي لا يسمح بها القانون الدّولي قطعا على أنها تقوم بممارسه فوق تلك الأرض التي هي جزائرية، والسيادة فيها للجزائر. أما البوليساريو فهي نكرة لا تعترف بها أيّ دولة وليست ممثلة ولا موجودة في المنظّمات الدولية حتى يمكن أن نطالبها بما ليس بإمكانها.
اليوم وغدا، نطالب الجزائر ونندد بما وقع لنا فوق التراب الجزائري، فالجزائر هي المسؤول الأوّل عما حصل ويحصل. نطالب الأمم المتحدة، من خلال منظماتها، سواء منها القانونية أو القضائية أو الحقوقية، بأن تلتفت لجرم الجزائر وتعطيه حجمه الكبير الذي عانينا منه وتندّد بها وتصدر التّوصيات التي تندّد بها، وأن تفتح لنا المجال من خلال مقرّرات يمكن أن نتّخذها سندا من أجل الكشف و النّبش عن تلك الجرائم التي مورست علينا وما زالت تمارس على أولئك المحتجزين بمخيمات تندوف، وعلى التراب الجزائري.