في المجتمعات التي تعاني من اضطرابات اقتصادية وغياب آليات رقابة فعالة، يصبح مفهوم "الَّلهْطَةْ" greed (رغم أنه يستحيل ترجمتها لأنها لصيقة بالسياق المغربي وفهمها بشكل دقيق يتأتى عن طريق فهمها في سياقها التداولي) تعبيرًا دقيقًا عن جشع المضاربين الذين يستغلون وبشكل سادي الأزمات لنهب جيوب المواطنين.
فالَّلهْطَةْ، بما تحمله من دلالة على الطّمع والإفتراس الإقتصادي، تلخّص السلوك غير الأخلاقي لفئة من التجار والمضاربين الذين لا يرون في الأسواق سوى ساحة لتحقيق أرباح سريعة، بغض النظر عن الأثر الاجتماعي والاقتصادي المدمر لممارساتهم.
تظهر "الَّلهْطَةْ" بشكل واضح وبأبشع صورها في أوقات الأزمات، حيث يستغل المضاربون نقص المواد الأساسية أو ارتفاع الطلب عليها لرفع الأسعار بشكل غير مبرر.
ويحدث هذا السلوك الجشع غالبًا في قطاعات مثل المواد الغذائية، العقار، والمحروقات، حيث يلجأ الوسطاء والمحتكرون إلى تخزين السّلع عمدًا لإحداث ندرة مصطنعة تدفع الأسعار إلى مستويات قياسية. والنتيجة أن المواطن العادي المغلوب على أمره، الذي يعاني أصلًا من تدنّي الدّخل وارتفاع تكاليف المعيشة، يجد نفسه فريسة لمعادلة اقتصادية مختلة تعزز من فقره وتأزم قدرته الشرائية.
تؤدي هذه الظاهرة إلى خلل اجتماعي واقتصادي كبير. فمن جهة، تنمو الفجوة بين الطبقات، حيث يزداد الأغنياء غنًى بينما يزداد الفقراء عوزًا وشعورا بالقهر . ومن جهة أخرى، تتسبب المضاربة في تآكل الثقة بين المواطن والأسواق، مما قد يدفع البعض إلى سلوكيات مرفوضة مثل السّوق السوداء أو الإقتصاد غير المهيكل. والأسوأ أن هذا الجشع قد يقوض استقرار المجتمع، إذ يغذي الغضب الشعبي تجاه من يُنظر إليهم كطغمة مستفيدة من الأزمات على حساب المصلحة العامة.
لمواجهة الَّلهْطَةْ كظاهرة في تنامي مستمر وعلى مرأئ ومسمع من السلطات المعنية للأسف، لا بد من تدخل الدولة عبر سياسات رقابية صارمة تحدّ من شنق المواطن على على''عَيْنَكْ يَا بَنْ عَدِّي". كما أن تعزيز ثقافة الاستهلاك الواعي بين المواطنين والحد من الممارسات الاحتكارية عبر قوانين واضحة وفعالة يمكن أن يحدّ من تفشي هذه الظاهرة. إضافة إلى ذلك، فإن تشجيع الاقتصاد التضامني والمبادرات المجتمعية قد يسهم في خلق بدائل أكثر عدالة للمستهلكين، مما يقلل من تحكم فئة قليلة في الأسواق...فئة تتفنن في النهب العلني بلا حسيب ولا رقيب.