الخميس 13 فبراير 2025
كتاب الرأي

 محمد أنور الشرقاوي:  شكراً لك.. دونالد 

 محمد أنور الشرقاوي:  شكراً لك.. دونالد  الدكتور محمد أنور الشرقاوي
هناك رجالٌ، حين يظنون أنهم يكسرون المتعارف عليها دوليا ، لا يفعلون سوى أن يشدّو قيودا جديدة حول معاصمهم. 
وهناك إمبراطورياتٌ، حين تسعى لمدّ ظلّها على العالم، لا تفعل سوى أن تكشف النور الذي كانت تحاول إطفاءه. 
وهكذا يقف دونالد، كطاغيةٍ مشوهٍ، يصرخ بجبروته نحو السماء، غافلاً أن كل كلمةٍ يتفوه بها ليست إلا صدى سيرتد ليصفعه.
الكبرياء سمٌّ بطيء، يسري قطرةً قطرةً في شرايين الأمم. وأمريكا، التي كانت يوماً رمزاً للأمل والعظمة، تفقد بريقها اليوم تحت وطأة يقينها الأعمى.
 من كان يظن أن أنيابها المكشوفة ستفضح نخورها؟
 من كان يتوقع أن صرخاتها المتعالية عن التفوق ستطلق العنان لقوةٍ خفيةٍ تقف في وجهها؟
إنها لعنة الارتداد، قانونٌ صارم لا يعرف الرحمة. 
فكلما ازداد العنف، كان الرد أشدّ عنفاً. 
العمالقة لا يسقطون بضربات عمالقةٍ مثلهم، بل تنهار دعائمهم تحت وطأة الظلال التي أنكروا وجودها. 
في غبار المقهورين، وفي صمت الشعوب التي ظُن أنها استسلمت، تنمو قوى غير متوقعة، تكبر في الظلام، بصبرٍ وثباتٍ وإرادةٍ لا تلين.
 ليست جيوشاً تهتف بالانتقام، بل إراداتٌ اجتمعت تحت رايةٍ واحدة: ألا تنحني مجدداً.
شكراً لك، دونالد، لأنك أيقظت النيام. 
شكراً لأنك أشعلت في عيون المستضعفين بريق التمرد. 
لستَ سبب السقوط، بل المجنون الذي سرّع حدوثه. فالتاريخ معشوقةٌ قاسية، لا تمنح الراحة لمن يظن أنه يملك زمامها. تراقبهم وهم يتفاخرون، تتركهم يغرقون في وهم الخلود... ثم، بنفخةٍ واحدة، تدفعهم إلى الهاوية.
واليوم، فيما أمريكا تنغمس تحت ثقل جبروتها، فيما تحالفاتها قد  تتصدع، وتتحول الهمسات إلى هدير، يرتفع نَفَسٌ جديد.
 لا علم له، لا وجه محدد. إنه حصادُ كل الإذلال، وكل العهود المنكثة، وكل الثورات التي أُجهضت طويلاً.
وداعاً، العم سام. قد حان الوقت للعالم أن يرقص دون أنغام المتعجرفين.