الأربعاء 5 فبراير 2025
مجتمع

يونس السكوري.. إصلاح تاريخي لحق الإضراب يوازن بين حماية العمال وضمان حرية العمل

يونس السكوري.. إصلاح تاريخي لحق الإضراب يوازن بين حماية العمال وضمان حرية العمل يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي
في خطوة وصفتها الحكومة  بالتاريخية، شهد المغرب تقدماً ملحوظاً في تنظيم حق الإضراب، حيث صادقت لجنة التعليم والثقافة والشؤون الاجتماعية بمجلس المستشارين، بعد 14 ساعة من النقاشات المكثفة، بالأغلبية، على مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15. هذا النص التشريعي الجديد الذي ترفضه جل النقابات تعتبره الحكومة يمثل توازناً دقيقاً بين حماية حقوق العمال وضمان حرية العمل، مع الحفاظ على المصلحة العامة وحقوق المجتمع.

وأكد يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، أن المشروع الجديد يواكب المعايير الدولية، حيث تم توسيع مفهوم الإضراب ليشمل المطالب ذات الطابع المعنوي، إضافة إلى السماح بالإضراب دفاعاً عن المصالح غير المباشرة للمضربين، بما يتماشى مع معايير منظمة العمل الدولية.

وتطرق السكوري، في تصريح صحافي إلى أبرز التعديلات التي تضمنها القانون، كتقليص آجال التفاوض، إذ تم تخفيض مدة التفاوض من 10 إلى 7 أيام، مما يسرّع عملية تسوية النزاعات، وتسهيل المشاركة، حيث خُفِّض النصاب القانوني من 75 إلى 25 شخصاً لضمان تمثيلية أوسع، خاصة في الشركات التي لا تتوفر على نقابات.

وشدد الوزير على أن القانون الجديد يضمن تعزيز حماية الحق في الإضراب من خلال فرض عقوبات تصل إلى 200,000 درهم بدلاً من 20,000 درهم على من يعرقل ممارسة حق الإضراب.

كما يمنع القانون المضربين من عرقلة حرية عمل غير المضربين، وذلك لضمان استمرار النشاط الاقتصادي،وتقنين الحد الأدنى من الخدمة، إذ  أصبح مقتصراً فقط على الحالات الحرجة التي تهدد الحياة أو الصحة أو الأمن، مع إشراك النقابات في تطبيقه.

يرى السكوري أن هذا الإصلاح يعد خطوة هامة نحو تبني إطار قانوني عصري وشامل، يتيح ممارسة سلمية لحق الإضراب وفق متطلبات القرن الحادي والعشرين. فالحكومة لم تكتفِ بحماية حق الإضراب بل وضعت عقوبات صارمة للمشغلين الذين لا يحترمون هذا الحق أو يسعون للإضرار به، وفي المقابل، شددت على ضرورة حماية حرية العمل، حيث لا يجوز منع العمال غير المضربين من دخول أو مغادرة مقرات العمل.

أشار السكوري إلى أن القانون يحمي المرافق العامة من التأثر السلبي، لا سيما في القطاعات الحيوية المرتبطة بالصحة والسلامة والأمن. وقد تم تحديد مفهوم المرافق الحيوية والحد الأدنى من الخدمة بدقة، مع منح النقابات وأرباب العمل صلاحية الاتفاق على الأشخاص الذين سيؤدون هذه الخدمة، وفي حال عدم الاتفاق، يُلجأ إلى القضاء.
أوضح السكوري أن السلطة الحكومية تتدخل فقط في حالات استثنائية خاصة جداً، مثل الكوارث الطبيعية، لوقف أو منع الإضراب، وهو ما يتماشى مع الإجماع الذي أقرته منظمة العمل الدولية.

وأكد الوزير السكوري أن تعريف الإضراب يحظى بإجماع كامل داخل منظمة العمل الدولية، وأن مشروع القانون يحترم جميع التشريعات الدولية التي تكفل هذا الحق. غير أن بعض التعديلات التي طالبت بالسماح بالإضراب الفجائي لم يتم الاستجابة لها، لكونها لا تتوافق مع المواثيق الدولية.

شدد الوزير على أن الهدف الأساسي من التعديلات هو تشجيع الحوار والتفاوض، إذ تصب جميع الإصلاحات في مصلحة العمال والجهات الداعية للإضراب. وإذا كان هناك أي سوء نية من طرف المشغل، فإن القانون يتضمن مجموعة من العقوبات والإجراءات لضمان حقوق العمال.