أكد نبيل عادل، المحلل الاقتصادي، وأستاذ الاقتصاد والدراسات الجيوسياسية بالمدرسة العليا للتجارة والأعمال على أن استمرار ارتفاع اللحوم هو نتيجة لفشل الحكومة فـي تدبير القطاع فمشكل ارتفاع أسعار اللحوم راجع إلى انخفاض العرض بسبب مجموعة من العوامل، مشددا في حوار ضمن ملف أسبوعية الوطن الآن بعنوان:" غلاء الأسعار يهدم الطريق بين المغاربة و اللحوم والأسماك" ليس إلا نتيجة لسياسات فاشلة في هذا المجال..
" أنفاس بريس" تنشر الحوار كاملا
" أنفاس بريس" تنشر الحوار كاملا
ما هي الأسباب الحقيقية في استمرار ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء والبيضاء؟
ما يجب الانتباه إليه هو أن أي ارتفاع محدود للسلع، والخدمات في قطاع معين يكون مرتبط أساساً باختلال بين العرض والطلب، يعني إما أن العرض قليل، والطلب كثير، أو العكس.
وبالتالي، فمشكل ارتفاع أسعار اللحوم راجع إلى انخفاض العرض بسبب مجموعة من العوامل، منها ما هو ظرفي، ومنها ما هو هيكلي.
ما يجب الانتباه إليه هو أن أي ارتفاع محدود للسلع، والخدمات في قطاع معين يكون مرتبط أساساً باختلال بين العرض والطلب، يعني إما أن العرض قليل، والطلب كثير، أو العكس.
وبالتالي، فمشكل ارتفاع أسعار اللحوم راجع إلى انخفاض العرض بسبب مجموعة من العوامل، منها ما هو ظرفي، ومنها ما هو هيكلي.
بالنسبة للمشكل الظرفي، فيتعلق الأمر بالجفاف، أما الهيكلي، فيتعلق بعدم قدرة مخطط المغرب الأخضر على تحقيق الإنتاج الكافي للحوم لسد الحاجة المحلية، والتصدير كهدفين من بين الأهداف المرصودة له.
اليوم المشكلة هي أنه لم يتم تحديث القطاع بشكل فعّال يسمح له بمواكبة السوق المحلية، والاحتياجات المحلية، فضلاً عن التصدير، لذلك نقول بأن هناك مشكل ظرفي يتعلق بالجفاف، ومشكل بنيوي يتعلق بمخطط المغرب الأخضر وتحديث القطاع، بحكم أن المغرب يملك إمكانيات طبيعية وثقافية، وبشرية، لكن لم يتم استغلالها لتحديث هذا القطاع.
لماذا فشلت استراتيجيات الحكومة في حل هذه الإشكاليات.
للأسف، لم تستطع الحكومة تدارك هاته الإشكاليات، من جهة، هناك عوامل موضوعية، مثل الجفاف، لكن هناك عوامل مرتبطة بسوء التسيير، تم توزيع الدعم الحكومي الذي وصل إلى 4000 درهم لكل رأس ماشية، مما خلق ثقافة الاعتماد على الدعم بدلاً من بناء اقتصاد حرّ، وتنافسي، وبالتالي خلق ثقافة الريع والتواكل عوض الإنتاجية، وهو ما أعتبره أفشل سياسة من خلال بناء قطاع ما على الدعم الحكومي.
للأسف، لم تستطع الحكومة تدارك هاته الإشكاليات، من جهة، هناك عوامل موضوعية، مثل الجفاف، لكن هناك عوامل مرتبطة بسوء التسيير، تم توزيع الدعم الحكومي الذي وصل إلى 4000 درهم لكل رأس ماشية، مما خلق ثقافة الاعتماد على الدعم بدلاً من بناء اقتصاد حرّ، وتنافسي، وبالتالي خلق ثقافة الريع والتواكل عوض الإنتاجية، وهو ما أعتبره أفشل سياسة من خلال بناء قطاع ما على الدعم الحكومي.
في هذا الإطار، لماذا تستمر الحكومة في دعم مستوردي اللحوم، إذا كان هذا الدعم لا يحدث الفارق المطلوب، ولا يخدم المستهلكين؟
الحكومة بهذه السياسة، تحاول حل المشكلة الظرفية بدون معالجة المشكلة الهيكلية، لدينا الجفاف، ونقص الإنتاج الوطني، ما يجعلنا نستورد لتعويض النقص في الإنتاج الوطني، وبالتالي تستقر الأسعار، لكن هذه الاستراتيجية لن تحل المشكل الهيكلي، وبالتالي فما ينذر بعواقب وخيمة، أن الأزمة ستبقى مستمرة في ظل تعاقب سنوات الجفاف، مع العلم أن هذا الأخير صار شبه بنيوي، لكن الحكومة تتعامل مع مشكل هيكلي بحل ظرفي، ماذا بعد تقديم المساعدات على قطاع إنتاج اللحوم، يوما ما ستتوقف الحكومة عن تقديم هذا الدعم، قد لا تتحمل الخزينة العامة كل هذه المصاريف؟
الحكومة بهذه السياسة، تحاول حل المشكلة الظرفية بدون معالجة المشكلة الهيكلية، لدينا الجفاف، ونقص الإنتاج الوطني، ما يجعلنا نستورد لتعويض النقص في الإنتاج الوطني، وبالتالي تستقر الأسعار، لكن هذه الاستراتيجية لن تحل المشكل الهيكلي، وبالتالي فما ينذر بعواقب وخيمة، أن الأزمة ستبقى مستمرة في ظل تعاقب سنوات الجفاف، مع العلم أن هذا الأخير صار شبه بنيوي، لكن الحكومة تتعامل مع مشكل هيكلي بحل ظرفي، ماذا بعد تقديم المساعدات على قطاع إنتاج اللحوم، يوما ما ستتوقف الحكومة عن تقديم هذا الدعم، قد لا تتحمل الخزينة العامة كل هذه المصاريف؟
من جهة أخرى، التوجه أيضا إلى الأسواق الخارجية للتخفيف من الأزمة يعتبر حلا ظرفيا فقط، لا يجب اللجوء إليه لأن تداعياته خطيرة على المغرب، على المدى البعيد.
في ظل فشل الاستراتيجيات التي اتخذتها الحكومة. ما هي الحلول المناسبة؟
أولا يجب تحديث القطاع، الرفع من الإنتاجية، عقلنة التسيير لتجنب هذه الأزمات مستقبلاً.
هناك دول، بالرغم من ضعف الإمكانيات الطبيعية لديها، والموارد المناخية مقارنة بالمغرب، إلا أنها قدرتها على إنتاج اللحوم يتم بشكل فعال من خلال تطوير القطاع، وعصرنة التسيير والبحث العلمي وعقلانيته، بهذه الطرق يمكن مقاومة تداعيات الجفاف.
أولا يجب تحديث القطاع، الرفع من الإنتاجية، عقلنة التسيير لتجنب هذه الأزمات مستقبلاً.
هناك دول، بالرغم من ضعف الإمكانيات الطبيعية لديها، والموارد المناخية مقارنة بالمغرب، إلا أنها قدرتها على إنتاج اللحوم يتم بشكل فعال من خلال تطوير القطاع، وعصرنة التسيير والبحث العلمي وعقلانيته، بهذه الطرق يمكن مقاومة تداعيات الجفاف.
إلى أي مدى الجفاف مسؤول عن هذا الوضع؟
الجفاف عامل مؤثر، لكنه ليس العامل الوحيد لأنه ظرفي، المشكلة بنيوية، والجفاف يفاقمها، والدليل مجموعة من الدول أقل من المغرب طبيعيا من حيث الجغرافيا، والمساحة، وشساعة الأراضي إلا أنها استطاعت حل هذا المشكل.
الجفاف عامل مؤثر، لكنه ليس العامل الوحيد لأنه ظرفي، المشكلة بنيوية، والجفاف يفاقمها، والدليل مجموعة من الدول أقل من المغرب طبيعيا من حيث الجغرافيا، والمساحة، وشساعة الأراضي إلا أنها استطاعت حل هذا المشكل.
المستوى الإنتاجي في المغرب هش، وأي أزمة صغيرة تؤثر على القطاع بأكمله، وبالتالي الحكومة تتحمل جزءاً من المسؤولية لأنها لم تعمل على تحديث القطاع.
في رأيك كيف يمكننا تجنب الوقوع في هذه الأخطاء مستقبلاً؟
الحكومة مسؤولة على عصرنة القطاع، منذ 2008 لدينا مخطط المغرب الأخضر، واليوم مخطط الجيل الأخضر. لكن على الحكومة إيجاد حلول واقعية الآن.
الحكومة مسؤولة على عصرنة القطاع، منذ 2008 لدينا مخطط المغرب الأخضر، واليوم مخطط الجيل الأخضر. لكن على الحكومة إيجاد حلول واقعية الآن.
مخطط المغرب الأخضر لم يحقق الأهداف المرجوة منه، لتحقيق السيادة الغذائية، لأن أهدافه المرسومة هي التصدير، وبالتالي يجب أن نعالج الأخطاء السابقة.
وكحلول لتخفيف استمرار ارتفاع أسعار اللحوم، أرى أنه على المدى القريب صعب جدا، لكن على المدى المتوسط والبعيد، يمكن الاستفادة من تجارب دول أخرى في تحديث، وعصرنة القطاعات الزراعية. اللحوم عنصر أساسي في الغذاء المغربي، ويجب أن تكون لدينا رؤية واضحة لتحقيق الاكتفاء الذاتي في اللحوم والقمح.
لكن المغرب بدأ بدعم القطاع قبل أن يهيكله أو يرفع من كفاءاته، تم صرف أموال كثيرة بسخاء بدون وجه حق، دون تحقيق نتائج ملموسة، وهذا ما أوصلنا إلى الوضع الحالي..ما نلمسه اليوم من غلاء ليس إلا نتيجة لسياسات فاشلة في هذا المجال.
بالنسبة للحوم الحمراء ألا ترى أن منع الذبح في عيد الأضحى قد يحل الأزمة بعض الشيء؟
أعتبر هذا الحل أخطر، وأفشل توجه قد تقدم عليه الدولة، لا يمكن العشوائية في اتخاذ القرارات، مثل التركيز على عيد الأضحى فقط، ليست حلاً. لأنها قد تدمر القطاع بأكمله لأن الطلب الموسمي لا يعالج المشكلات البنيوية.
وماذا على الحلول بخصوص ارتفاع أثمنة اللحوم البيضاء؟
بالنسبة للدواجن، يجب أن تكون هناك رقابة على المواد المكملة والمعوضة، وأن تتدخل الدولة لحل هذه المشكلات بشكل جذري، حيث ترتفع أثمنة اللحوم الحمراء، من الطبيعي أن يلجأ المواطنون إلى اللحوم البيضاء، الأمر الذي يسفر عنه ارتفاعا في الأثمنة.
بالنسبة للدواجن، يجب أن تكون هناك رقابة على المواد المكملة والمعوضة، وأن تتدخل الدولة لحل هذه المشكلات بشكل جذري، حيث ترتفع أثمنة اللحوم الحمراء، من الطبيعي أن يلجأ المواطنون إلى اللحوم البيضاء، الأمر الذي يسفر عنه ارتفاعا في الأثمنة.
إذا تركنا السوق يقوم بدوره دون تدخل الدولة، ستتكرر الأزمات، فما نراه الآن هو نتيجة لغياب تخطيط طويل المدى.