الأربعاء 5 فبراير 2025
اقتصاد

بلوكاج في صندوق الضمان الاجتماعي.. من المستفيد من تعطيل المجلس الإداري؟!

بلوكاج في صندوق الضمان الاجتماعي.. من المستفيد من تعطيل المجلس الإداري؟! في ظل هذا التعطيل تتزايد الدعوات إلى تفعيل آليات الحكامة داخل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي
يشهد الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي حالة من الجمود الإداري منذ ما يقارب العام، نتيجة عدم انعقاد المجلس الإداري وعدم تجديد أعضائه بعد انتهاء ولايتهم في ماي 2024. وضعٌ يثير تساؤلات ملحّة حول أسباب هذا التعطيل وتأثيره على الحكامة والرقابة في مؤسسة تُعتبر حجر الزاوية في حماية حقوق الأجراء.

وفق المعطيات المتوفرة، وجهت وزارة المالية، في أبريل 2024 مراسلات إلى الهيئات الممثلة في المجلس الإداري، بما في ذلك النقابات، لدعوتها إلى تقديم أسماء ممثليها. ورغم استجابة معظم النقابات لهذه الدعوة، إلا أن الاتحاد المغربي للشغل (UMT) اقترح أربعة أسماء بدلًا من ثلاثة، وهو العدد المخصص له حسب القوانين التنظيمية. هذا الموقف تسبب في حالة من "البلوكاج"، حيث لم يتمكن المجلس الإداري من الانعقاد بسبب الخلاف حول توزيع المقاعد.
 
عبد الفتاح البغدادي، عضو المجلس الإداري وممثل الكونفدرالية الديمقراطية للشغل (CDT)، أشار في تصريح لـ"أنفاس بريس" إلى أن هذا التعطيل ليس مجرد صدفة، بل يعكس "خلافات وصراعات بين النقابات الكبرى، وخاصة الاتحاد المغربي للشغل والاتحاد العام للشغالين بالمغرب (UGTM)". وأضاف أن هذا الصراع يعطل عمل المجلس الإداري ويمنع اتخاذ قرارات حيوية تتعلق بتسيير الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وفق القوانين المنظمة له، يخضع لإشراف مجلس إدارة يتمتع بصلاحيات واسعة تشمل توجيه أعمال الصندوق ومراقبة أدائه المالي. كما توجد لجان مختصة مثل لجنة التسيير والدراسات، ولجنة الافتحاص والمخاطر، ولجنة الاستراتيجية والتطوير، التي تُعنى بمختلف الجوانب الفنية والرقابية. إلا أن غياب المجلس الإداري الحالي يعني أن قرارات الصندوق تُتخذ بدون رقابة مباشرة، مما يفتح الباب أمام التساؤلات حول مصير أموال المساهمين وبرامج العمل السنوية.

عبد الفتاح البغدادي شدد على خطورة الوضع، قائلًا: "لا يمكن أن تظل مؤسسة بحجم الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي تُدار دون مجلس إداري. نحن نتحدث عن أموال ومساهمات الأجراء، وعن حكامة يُفترض أن تكون نموذجية".

الخلافات بين النقابات ليست جديدة، لكنها باتت تُلقي بظلالها على سير المؤسسات الوطنية. وفق البغدادي، فإن الاتحاد المغربي للشغل والاتحاد العام للشغالين بالمغرب يخوضان "حربًا غير معلنة" حول أحقية التمثيل، ما يعطل تشكيل المجلس الإداري الجديد. وأكد أن هذه الصراعات لطالما أضرت بالصندوق، مشيرًا إلى أن النقابتين كانتا حاضرتين في فترات سابقة شهدت ما وصفه بـ"نهب أموال الصندوق".

البغدادي دعا الوزارة الوصية إلى التدخل العاجل، مشددًا على ضرورة وضع حد لهذه السلوكيات. وأضاف: "النقابة التي لا تقدم لائحة أسمائها في الوقت المحدد يجب أن تُقصى، لأن مصلحة الأجراء فوق كل الاعتبارات".

رغم محاولات "أنفاس بريس" التواصل مع ممثلي الاتحاد المغربي للشغل والاتحاد العام للشغالين بالمغرب للحصول على توضيحات حول موقفهم، إلا أن الجريدة لم تتلق أي رد، مما يترك الباب مفتوحًا أمام التكهنات حول دوافع هذا السلوك والمستقبل القريب للصندوق.

في ظل هذا التعطيل، تتزايد الدعوات إلى تفعيل آليات الحكامة داخل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وضمان استمرارية عمله بعيدًا عن الصراعات النقابية. فالمؤسسة ليست ملكًا لأي جهة، بل هي مكسب اجتماعي يعنى بحقوق ملايين الأجراء وأسرهم.

يبقى السؤال مطروحًا: إلى متى سيستمر هذا الوضع؟ وهل ستتخذ الوزارة الوصية إجراءات حازمة لضمان عودة المجلس الإداري إلى العمل؟