أكد الأستاذ مولاي سليمان العمراني، نقيب هيئة المحامين بمراكش أن البحث عن المزيد من إضفاء الطابع الإنساني على السياسات الجنائية بالعديد من الدول، أدى إلى اعتماد بدائل لبعض العقوبات الجنائية لتجاوز مساوئ العقوبات السالبة للحرية وآثارها السلبية، وكذا الحد من اكتظاظ المؤسسات السجنية وترشيد التكاليف، ومن هذا المنطلق يأتي القانون المتعلق بالعقوبات البديلة.
وسجل النقيب العمراني بأن المؤسسة السجنية لم تستطع القيام بمهمتها الأساسية، التي وجدت من أجلها، والمتمثلة في إعادة الادماج في المجتمع، فقد ثبت أن السجن هو أحد العوامل الدافعة إلى معاودة الفعل الجرمي وارتكاب الجريمة، لأنه في الغالب يفسد المبتدئين بدلا من إصلاحهم، ولا يكفل إزالة الميول الاجرامية المتأصلة لدى المحترفين من المجرمين، ولعل هذا ما جعل غالبية المهتمين بالسياسة العقابية، التشكيك في قيمة العقوبة السالبة للحرية كجزاء، واستبدالها ببدائل أخرى تجنب المحكوم عليه العيش في بيئة السجن، وتؤهله بشكل يضمن عدم عودته للجريمة.
ومما لاشك فيه أن العقوبة القصيرة المدة من حيث المبدأ لا تكفي لتحقيق غرضها، فلا هي تكفي للردع العام، ولا للردع الخاص، بل ويترتب عليها آثارا سلبية بإبعاده عن أسرته، وفقده لوضعه الاعتباري داخل المجتمع، هذا دون إغفال اتصاله بالعتاة من المجرمين، وما يترتب على ذلك من آثار سلبية.
وأعطى المشرع تعريفا للعقوبات البديلة في الفصل 1-35 على أنها "العقوبات التي يحكم بها بديلا للعقوبات السالبة للحرية في الجنح التي لا تتجاوز العقوبة المحكوم بها من أجلها خمس سنوات حبسا نافذا".
وحدد المشرع الجرائم التي يمكن المعاقبة عليها بعقوبات بديلة في الجنح التي لا تتجاوز العقوبة المحكوم بها من أجلها خمس سنوات حبسا نافذا، ولا يحكم بالعقوبات البديلة في حالة العود، إلى جانب توسيع فئات الأشخاص الذين لهم الحق في طلب استبدال العقوبة الحبسية المشار اليها أعلاه بالعقوبة البديلة فبالإضافة الى السيد وكيل الملك نجد المحكوم عليه أو دفاعه أو الممثل الشرعي للحدث أو مدير المؤسسة السجنية أو من يعنيه الأمر.
وأكد المشرع بأنه لا يحكم بالعقوبات البديلة في الجنح المتعلقة بالجرائم التالية: أمن الدولة والإرهاب، الاختلاس أو الغدر أو الرشوة أو استغلال النفوذ أو تبديد الأموال العمومية، غسل الأموال، الاتجار الدولي في المخدرات، الاتجار في المؤثرات العقلية، الاتجار في الأعضاء البشرية، الاستغلال الجنسي للقاصرين أو الأشخاص في وضعية إعاقة.
وقد حدد المشرع العقوبات البديلة في: العمل لأجل المنفعة العامة، المراقبة الالكترونية، تقييد بعض الحقوق أو فرض تدابير رقابية أو علاجية أو تأهيلية.
وذا كان قانون العقوبات البديلة يهدف إلى المساهمة في تغيير فلسفة العقاب في النظام الجنائي المغربي، فقد سجل النقيب مولاي سليمان العمراني الملاحظات التالية:
* أنه لا يغطي جميع الجرائم، إذ تم استبعاد الجنايات وكذا بعض الجنح، إما لخطورتها على المجتمع أو على القيم الأخلاقية، وإن كانت بعض الجنح لا تستوجب الإقصاء كالاختلاس أو الغدر أو الرشوة أو استغلال النفوذ أو تبديد الأموال العمومية، لكون مرتكبيها أحق بالخضوع للعقوبات البديلة بالعمل لأجل المنفعة العامة.
- كان من الأفضل أن يتم التركيز على بعض الفئات للاستفادة من ميزة العقوبات البديلة، لاسيما النساء الجانحات ومدمني المخدرات وكذا الأحداث بغض النظر عن السن أو الفعل الجرمي وإن كان جناية.
ومن وجهة نظر النقيب العمراني، فإنه تفعيلا أفضلا لهذا القانون ولضمان تحقيق أهدافه فإنه لا بد من:
1- تعزيز البنية التحتية بتوفير مؤسسات قادرة على تنفيذ العقوبات البديلة، مثل مراكز العمل المجتمعي وبرامج المراقبة الإلكترونية.
2- التكوين المستمر للكوادر القضائية لمن سيعهد إليهم الإشراف على تنفيذ العقوبات البديلة.
3- توعية المجتمع بتعزيز ثقافة القبول بالعقوبات البديلة.
4- إشراك المجتمع المدني في إطار تكامل الجهود بين القضاء والمجتمع المدني لضمان فعالية تنفيذ العقوبات البديلة.