يبدو أن الحرب الكلامية بين باريس والجزائر مستمرة في التصاعد من يوم لآخر، وهذه المواجهة الدبلوماسية التي بدأت بعد توقيف كاتب جزائري فرنسي في العاصمة الجزائرية، وصلت إلى ذروتها بعد رفض الجزائر تسلم مواطنها المؤثر الجزائري "بوعلام" بعد طرده من فرنسا على خلفية اتهامه بخطاب التهديد بالتعذيب ضد مواطنين جزائريين مقيمين في فرنسا ويعارضون النظام الجزائري. لكن السفير الفرنسي السابق بالجزائر، كزافيي درينكور، له راي اخر عبر عنه في الاعلام " إن هذه الأزمة بين البلدين "عنيفة ومستمرة"، مضيفًا أن التحول إلى وضعية الأزمة لم يكن بسبب الكاتب بوعلام صنصال، بل بدأت الأزمة بعد الرسالة التي بعث بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى جلالة الملك محمد السادس في 30 يونيو 2024، والتي اعترفت خلالها فرنسا بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، وهو الأمر الذي أثار غضب النظام الجزائري الذي استدعى سفير بلاده من باريس.
لكن هذه الازمة عرفت بعض التطور في الأسبوع الأخير، بعد اعتقال عدد من الناشطين يتبنون الموقف الرسمي للجزائر ويهددون المعارضين لنظام ورفض الجزائر استقبال أحد المؤثرين المطرودين.
وصرح وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، الجمعة الماضية، أن "الجزائر تسعى لإذلال فرنسا"، مضيفًا: "مع مواصلتنا التحلي بالهدوء... علينا الآن أن نقيم كل الوسائل المتاحة لنا تجاه الجزائر".
من جانبه، قال وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو إن فرنسا "لن يكون لديها خيار سوى الرد" إذا "واصل الجزائريون هذا الموقف التصعيدي". هذا الرد الذي ما زال الجميع ينتظر نوعيته، هل ستكون عقوبات فرنسية ضد الجزائر أم عقوبات أوروبية ضدها؟
وقال الوزير الفرنسي، في تصريح لأحد القنوات الإخبارية، إن من بين "الأوراق التي يمكننا تفعيلها... التأشيرات، ومساعدات التنمية المقدمة للجزائر، وحتى عدد من مواضيع التعاون الأخرى"، معربًا عن "دهشته" لكون السلطات الجزائرية "رفضت استعادة أحد مواطنيها"، الذي أصبحت قضيته الآن "أمام القضاء" في فرنسا. لكنه أعيد في نفس اليوم إلى فرنسا بعدما منعته السلطات الجزائرية من دخول البلاد، التي اعتبرت أنها لم تتسلم مواطنها لأن الإجراءات لم تحترم الاتفاقية القنصلية ولم تُخطر السلطات الجزائرية بعملية الطرد.
المؤثر الذي يدافع عن النظام الجزائري، حسب بعض الصحف الفرنسية، والملقب بـ "بوعلام" والبالغ من العمر 59 عامًا، تم ترحيله يوم الخميس بعد أن ألغت السلطات الفرنسية تصريح إقامته في مونبلييه، جنوب البلاد، بسبب اتهامه بـ "الدعوة لتعذيب معارضين للنظام الحالي في الجزائر".
بدأت فرنسا تُعير اهتمامًا للمؤثرين الذين يهددون المعارضين للنظام المقيمين في فرنسا، وأصبح الإعلام الفرنسي يترجم التهديدات التي يتفوهون بها يوميًا. وفي هذا الإطار، يواجه أربعة مؤثرين جزائريين آخرين إجراءات قضائية في فرنسا أمام المحاكم بسبب تصريحات مشحونة بالكراهية طالت خصوصًا معارضين للنظام في الجزائر. والمتهمون هم صوفيا بنليمان، يوسف زاوز، وعادل ولد إبراهيم بالإضافة الى بوعلام نعمان. وينتظر ان تمتد الحملة الى ناشطين اخرين بمختلف المدن الفرنسية وذلك بنفس التهمة.
ومن أسباب التوتر أيضًا بين البلدين، وضعية الكاتب الفرنسي من أصل جزائري بوعلام صنصال (75 عامًا) الذي ما زال مسجونًا في الجزائر منذ منتصف نوفمبر بتهمة المساس بأمن الدولة، رغم مرضه وكبر سنه، وهو في وحدة للرعاية الصحية منذ منتصف ديسمبر.
حول هذا الوضع، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمام سفراء بلده إن الجزائر "تسيء إلى سمعتها" بمنع رجل مريض بشدة من الحصول على العلاج، مطالبًا بالإفراج عن الكاتب المحتجز "بطريقة تعسفية تمامًا".
وفي تطورات هذه الأزمة بين البلدين، قال السفير الفرنسي السابق بالجزائر، كزافيي درينكور، في تصريح لراديو "أوروب 1" إن هذه الأزمة بين البلدين "عنيفة ومستمرة"، مضيفًا أن التحول إلى وضعية الأزمة لم يكن بسبب الكاتب بوعلام صنصال، بل بدأت الأزمة بعد الرسالة التي بعث بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الملك محمد السادس في 30 يونيو 2024، والتي اعترفت خلالها فرنسا بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، وهو الأمر الذي أثار غضب النظام الجزائري الذي استدعى سفير بلاده من باريس. ومنذ ذلك التاريخ، بالإضافة إلى خطاب الرئيس الفرنسي في الرباط الذي أكد نفس الموقف الفرنسي الداعم لمغربية الصحراء، بالإضافة إلى منح جائزة "الكونغور" الشهيرة إلى كمال داود، الذي اعتُبر في الجزائر أحد أبرز المعارضين للنظام، تلتها قضية اعتقال صنصال بوعلام لتصل الأزمة إلى ما هي عليه الآن مع المؤثرين الجزائريين المتهمين من القضاء الفرنسي بالدعوة إلى القتل والعنف ضد المعارضين.
وقد تم اتهام مسجد باريس، الممول من السلطات الجزائرية، بالمشاركة في هذه الحملة من خلال بعض وسائل الإعلام، إلا أن عميد المسجد أنكر ذلك، وطالب أئمة المساجد التابعة له، في خطب الجمعة الأخيرة، بالدعاء بالخير للجمهورية الفرنسية.
السفير الفرنسي السابق كزافيي درينكور طالب بلاده باتخاذ عدد من الإجراءات ضد الدبلوماسيين الجزائريين في باريس، ومنعهم من التنقل بدون إذن، وهو الإجراء الذي تتبعه السلطات الجزائرية تجاه الدبلوماسيين الفرنسيين أثناء تنقلهم على أراضيها وفي مدنها.
يبدو أن السلطات الفرنسية، منذ بداية الأزمة مع الجزائر في نهاية شهر يونيو الماضي، إثر اعتراف باريس بمغربية الصحراء، اختارت عدم الرد على هذه المناوشات والتصعيد الكلامي، لكن بعد أزمة المدونين الأخيرة تغيرت اللهجة، وأعلن وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، الجمعة، أن بلاده "لن يكون لديها خيار آخر سوى الرد" إذا "واصل الجزائريون هذا الموقف التصعيدي".