انتقد تقرير للمجلس الأعلى للحسابات برسم 2023-2024 برمجة نفقات ميزانية الدولة، مبرزا أن نفقات التسيير في تصاعد، فيما تحتاج نفقات الاستثمار إلى تحسين تحديد الأولويات، والتقييم المسبق للمشاريع المرتبطة بها.
وجاء في تقرير المجلس أن القانون التنظيمي رقم 130.13 لقانون المالية، حدد قواعد جديدة لبرمجة، وتنفيذ ميزانية الدولة ترتكز على ثلاث دعامات أساسية، وهي تعزيز المبادئ المالية، والشفافية، والمقرونية، الميزانياتية، وتقوية دور البرلمان في المناقشة الميزانياتية، وتعزيز نجاعة التدبير العمومي.
وشملت مهمة التقييم تدبير نفقات الدولة بفروعها الثلاث نفقات الميزانية العامة، ونفقات مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة، ونفقات الحسابات الخصوصية للخزينة، وذلك بالتركيز على مرحلة البرمجة والتخطيط الميزانياتية للنفقات العمومية بالنسبة للفترة الممتدة ما بين سنتي 2015 و 2022. كما ركزت المهمة، بشكل خاص على عينة من أربع قطاعات وزارية وذلك بالنظر إلى أهمية حصة نفقاتها وكذا رهاناتها الميزانياتية، وهي قطاعات الصحة والتجهيز والتعليم والفلاحة. وبخصوص أنظمة المعلومات، فقد تم التطرق، أساسا، للنظامين الرئيسيين 2 E-Budget" و "GID" (التدبير المندمج للنفقات، اللذين يؤطران برمجة وتنفيذ جزء هام من هذه النفقات.
ففي ما يخص وتيرة نمو نفقات الدولة، سجل التقرير ارتفاعها المستمر خلال الفترة ما بين سنتي 2015 و 2022، حيث بلغت الزيادة الإجمالية حوالي 224 مليار درهم، أي بنسبة 60.3 في المائة، فيما يبين تحليل بنية هذه النفقات أن نفقات الموظفين تشكل الجزء الرئيسي في الميزانية، تليها ديون الخزينة المستحقة، والتكلفة الإجمالية للمقاصة، حيث يستمر الاتجاه التصاعدي لهذه النفقات في التأثير على المالية العمومية من خلال تقليص الهوامش الميزانياتية.
أما بالنسبة لدقة التوقعات الماكرو اقتصادية، فلا يزال تعزيز جودة برمجة الميزانية لثلاث سنوات رهينا بتحسين دقة التوقعات التي تقوم عليها هذه البرمجة، والمدرجة في وثائق الميزانية المقدمة إلى البرلمان، والتي ما زالت تقتصر على السنة الموالية، كما لا توفر هذه التوقعات سوى تقييما نوعيًا للافتراضات المقدمة، وإلى أي مدى يؤثر تطورها على البرمجة . وتجدر الإشارة، أيضا، إلى أن المقترحات الناتجة عن عملية البرمجة لا تستند بالضرورة إلى محتوى الاستراتيجيات القطاعية.
كما لوحظ بخصوص المسلسل الميزانياتي، عدم وضوح أدوار ومسؤوليات الأطراف المتدخلة في مجال البرمجة والتدبير الميزانياتي، وذلك بالنظر إلى ضعف تأطير تنفيذ بعض القواعد الميزانياتية التي أرساها القانون التنظيمي لقانون المالية كعدم التعريف المسبق لشروط تحديد حالات الضرورة الملحة وغير المتوقعة ذات المصلحة العامة التي تحكم اللجوء إلى فتح اعتمادات إضافية خلال السنة، فضلا عن كيفية تقييم الوضع ي والمالي الذي قد يتطلب تجميد تنفيذ بعض نفقات الاستثمار، مما من شأنه أن جودة عملية برمجة هذا النوع من النفقات.
وشدد المصدر ذاته أن أنظمة الأداء المقترحة في مشاريع نجاعة الأداء لا تشكل سوى مرحلة أولية تحتاج إلى تحسين، لاسيما من خلال التنزيل الفعلي لمراقبة التدبير على مستوى القطاعات الوزارية، وتحسين الولوج إلى البيانات وتأهيل نظم المعلومات.
وعلى مستوى أنظمة المعلومات، فقد تبين أنه على الرغم من المكاسب التي حققتها في الفعالية والموثوقية في إنتاج الوثائق الميزانياتية، فإنه لا يزال يتعين تدعيم واستكمال هذه الأنظمة بأدوات يتم تكييفها وتقاسمها على المستوى الوزاري في ما يتعلق بشكل رئيسي بجانب وضع أنظمة معلوماتية منسوخة على مستوى القطاعات الوزارية لتحسين أشغال إعداد البرامج، وكذا مسلسل تتبع عملية المراقبة والتوجيه وتقديم حصيلة ونتائج عن الأداء.
وفي السياق ذاته، سجل المجلس الحاجة إلى تحسين جودة برمجة نفقات الاستثمار، حيث لوحظ أنه على الرغم من التراجع النسبي لترحيل الاعتمادات المخصصة لهذه النفقات حيث انتقلت من 17.3 مليار درهم المرحلة بين سني 2014 و 2015 إلى 11.4 مليار درهم المرحلة بين سنتي 2021 و 2022، فإن مبلغها يظل مهما، حيث مثل حوالي %13% من اعتمادات الأداء برسم سنة 2022.
بالإضافة إلى ذلك، فمن شأن غياب التقدير المنهجي للتكاليف المتكررة للمشاريع الاستثمارية لأخذها بعين الاعتبار أثناء إعداد البرمجة والميزانية أن يعيق تشغيل واستغلال المشاريع المنجزة وإنتاجيتها وأن يؤثر على استدامة الأصول المنشأة بسبب عدم صيانتها.