Monday 28 July 2025
كتاب الرأي

بلبهلول: لماذا ألغت وزارة إعداد التراب مخططاً جهوياً صودق عليه وكلف 12 مليون درهم؟

بلبهلول: لماذا ألغت وزارة إعداد التراب مخططاً جهوياً صودق عليه وكلف 12 مليون درهم؟ مولاي أحمد بلبهلول
في خطوة مفاجئة وصادمة، أقدمت وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة على إلغاء مخطط إعداد التراب لجهة مراكش الحوز، المنجز في غشت 2020، رغم المسار الطويل الذي قطعه المشروع والتكلفة الباهظة التي بلغت 12 مليون درهم من المال العام.
المخطط لم يكن مشروعاً عادياً، بل ثمرة عمل تشاركي موسع، صادقت عليه اللجنة الوزارية المركزية التي تضم عشر وزارات وثلاث مؤسسات عمومية، وزكته اللجنة المحلية برئاسة والي الجهة وعضوية عمال الرحامنة والحوز ورؤساء 25 جماعة قروية وحضرية، إضافة إلى رؤساء المصالح الخارجية، كما عقدت 25 جماعة محلية دورات استثنائية، كل واحدة على حدة، لمناقشته والمصادقة عليه.
ورغم ذلك، جاء قرار الوزيرة فاطمة الزهراء المنصوري بإلغاء المشروع، مباشرة بعد أن تم أداء الشطر السادس والأخير من مستحقات مكتب الدراسات. والأغرب أن رسالة الوزارة إلى المكتب أقرت بـ "الجودة العالية" للمخطط، ما يجعل قرار الإلغاء محاطاً بكثير من علامات الاستفهام.
هذا القرار يثير تساؤلات جوهرية تمس جوهر الحكامة وربط المسؤولية بالمحاسبة، ما مبرر إلغاء مخطط جرى اعتماده من طرف عشر وزارات ومؤسسات عمومية ولجان محلية منتخبة؟ كيف يُصرف 12 مليون درهم من المال العام على دراسة تصفها الوزارة نفسها بـ "الجيدة"، ثم تُلغى دون تفسير؟ ما جدوى مؤسسات الدولة إذا كان قرار فردي يمكن أن يطيح بتوصياتها الجماعية ومصادقاتها الرسمية؟ أليس في ذلك عبث بالمال العام وشطط في استعمال السلطة؟
صحيح أن زلزال الحوز وما تبعه من أولويات إعادة الإعمار فرض تغييرات في ترتيب المشاريع، وصحيح أن الوزارة خضعت لإعادة هيكلة في دجنبر 2023 لتحسين النجاعة والتنسيق، لكن ذلك لا يبرر تغييب الرأي العام عن الأسباب الحقيقية لإلغاء مخطط استراتيجي صُرف عليه الملايين.
ليست هذه الحالة معزولة، فقد سبق أن تدخلت الوزيرة لإيقاف مشروع سكني ضخم أقيم فوق أرض مخصصة لتأهيل واد آسيل بمراكش، في وقت كان قد حصل على ترخيصات سابقة، ما رسخ الانطباع بأن القرارات الكبرى تُتخذ أحياناً بارتجال وبدون احترام كافٍ للشفافية والمؤسسات.
اليوم، ومع غياب أي تبرير رسمي للإلغاء، تتعالى الأصوات للمطالبة بـتوضيح علني للرأي العام حول أسباب القرار، وفتح تحقيق مالي وإداري لمعرفة مصير 12 مليون درهم صُرفت على مشروع انتهى إلى الإلغاء. والعمل على تعزيز دور الرقابة البرلمانية وهيئات المجتمع المدني لضمان عدم تكرار مثل هذه القرارات التي تهدر المال العام وتهمّش دور المؤسسات.
يبقى السؤال الأهم: من يحاسب الوزراء والمسؤولين عندما تُلغى مشاريع استراتيجية بعد استنزاف خزينة الدولة؟