الأربعاء 19 فبراير 2025
خارج الحدود

نور الدّين بلالي: نظام الأسد والجزائر يشتركان فـي مصيرهما ويعمدان إلى إسكات الأصوات الداخلية

نور الدّين بلالي: نظام الأسد والجزائر يشتركان فـي مصيرهما ويعمدان إلى إسكات الأصوات الداخلية نور الدّين بلالي، سفير البوليساريو السّابق في سوريا وليبيا / عائد إلى أرض الوطن
لا‭ ‬شكّ‭ ‬أن‭ ‬سقوط‭ ‬النّظام‭ ‬السّوري‭ ‬بهذه‭ ‬السّرعة‭ ‬وبهذه‭ ‬الطريقة‭ ‬ساهمت‭ ‬فيها‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬العوامل‭ ‬الداخلية،‭ ‬خاصّة‭ ‬قمع‭ ‬الحراك‭ ‬الشّعبي،‭ ‬ممّا‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬تهجير‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬السّوريين‭ ‬إلى‭ ‬الدول‭ ‬المجاورة‭ ‬من‭ ‬قبيل‭ ‬تركيا‭ ‬وأوروبا‭ ‬والأردن‭ ‬والعراق،‭ ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬العوامل‭ ‬الخارجية‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية‭ ‬وتخلي‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬حلفاءه‭ ‬الرّوس‭ ‬والإيرانيين‭ ‬وغيرهم،‭ ‬وكذا‭ ‬مستوى‭  ‬الوهن‭ ‬الذي‭ ‬أصاب‭ ‬النظام‭ ‬السّوري‭ ‬داخليا،‭ ‬الذي‭ ‬جعل‭ ‬الجيش‭ ‬السّوري‭ ‬الذي‭ ‬يملك‭ ‬ترسانة‭ ‬فضيعة‭ ‬من‭ ‬الأسلحة،‭ ‬بما‭ ‬فيه‭ ‬السّلاح‭ ‬الكيميائي،‭ ‬يتخلى‭ ‬عن‭ ‬مواقعه‭ ‬بسهولة‭ ‬أمام‭ ‬حركات‭ ‬بسيطة‭. ‬وما‭ ‬تملكه‭ ‬من‭ ‬سلاح‭ ‬لا‭ ‬يقارن‭ ‬أبدا‭ ‬بما‭ ‬يملكه‭ ‬النّظام‭ ‬السّوري‭.‬

وهذا‭ ‬مصير‭ ‬الأنظمة‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تقرأ‭ ‬التّاريخ‭ ‬وتستبق‭ ‬الأحداث‭ ‬وتحافظ‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬على‭ ‬الحدّ‭ ‬الأدنى‭ ‬من‭ ‬الرضى‭ ‬العامّ‭ ‬الداخلي‭. ‬وهذه‭ ‬الحالة‭ ‬تشترك‭ ‬فيها‭ ‬الجزائر‭ ‬ونظام‭ ‬الأسد‭. ‬خصوصا‭ ‬أنّنا‭ ‬نشهد‭ ‬خلال‭ ‬السّنوات‭ ‬الماضية‭ ‬حراكا‭ ‬شعبيّا‭ ‬عمّ‭ ‬أغلبية‭ ‬المدن‭ ‬الجزائرية‭ ‬
 
فالجزائر‭ ‬وسوريا‭ ‬كانت‭ ‬تجمعهما‭ ‬وما‭ ‬تزال،‭ ‬جبهة‭ ‬الصّمود‭ ‬والتّصدي،‭ ‬ويشتركان‭ ‬أيضا‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الشّعارات،‭ ‬ولا‭ ‬يمنحان‭ ‬أيّ‭ ‬أهمية‭ ‬للرّأي‭ ‬الداخلي‭ ‬والرضى‭ ‬الشّعبي‭ ‬العام‭. ‬ويعتمدان‭ ‬بشكل‭ ‬أساسي‭ ‬على‭ ‬إسكات‭ ‬الأصوات‭ ‬الداخلية،‭ ‬ولم‭ ‬يؤسّسا‭ ‬لتعدّدية‭ ‬حزبية‭ ‬داخلية‭ ‬تستوعب‭ ‬مختلف‭ ‬الآراء‭ ‬والاتجاهات‭ ‬الاجتماعية‭.‬
 
وكلّ‭ ‬ما‭ ‬جرى‭ ‬ويجري‭ ‬فيه‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشّرق‭ ‬العربي‭ ‬يترجم‭ ‬سياسة‭ ‬تقاسم‭ ‬النّفوذ‭ ‬بين‭ ‬الدّول‭ ‬العظمى،‭ ‬واستمرار‭ ‬سياسة‭ ‬الفوضى‭ ‬الخلاّقة‭ ‬وتشجيع‭ ‬سياسة‭ ‬الحروب‭ ‬بالوكالة‭. ‬والدّول‭ ‬العظمى‭ ‬لا‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬الصّدقات،‭ ‬وإنّما‭ ‬على‭ ‬المصالح‭ ‬والمنافع‭ ‬المتوخّاة‭ ‬من‭ ‬تدخّلاتها‭.  ‬ولا‭ ‬أستبعد‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬مقايضات‭ ‬تشمل‭ ‬أوكرانيا‭ ‬والشّرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬ولاحقا‭ ‬إفريقيا‭ ‬من‭ ‬باب‭ ‬تشجيع‭ ‬بيع‭ ‬السّلاح‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬موارد‭ ‬الطّاقة‭ ‬في‭ ‬ظلّ‭ ‬التّنافس‭ ‬الأمريكي‭ ‬الصّيني‭ ‬والرّوسي‭ ‬الأمريكي‭.‬