يرى المفكر المغربي سعيد ناشيد أن " الجولاني " قائد العمليات العسكرية في سوريا لم ينتصر إلا بفضل التوافق الدولي، مؤكدا بأنه لا يمكنه أن يستكمل هذا الانتصار إلا بالحفاظ على هذا التوافق الدولي، مشيرا بأن من يعرف سيرة هذا الرجل فإنه يدرك بأنه سيقاتل من أجل أن يكون له النصيب الأعلى من " الكعكة "وهو الذي ألقى خطاب الانتصار داخل المسجد الأموي برمزيته التاريخية، وبرمزيته كمعقل للخلافة الإسلامية كما يتطرق في حوار مطول مع "أنفاس بريس" الى استعداد أردوغان للعب بكل الأوراق لتفادي قيام دولة كردية في المنطقة، الى جانب حسابات كل الأطراف المتدخلة ( إسرائيل، أمريكا، روسيا ) مما يجعل إمكانية بناء دولة سورية موحدة تحديا صعبا للغاية .
ماهي قراءتك للتطورات في سوريا، وما عرفته من سقوط سريع للنظام، هل الأمر يتعلق ب " ثورة " أم انهيار من الداخل ؟
ماهي قراءتك للتطورات في سوريا، وما عرفته من سقوط سريع للنظام، هل الأمر يتعلق ب " ثورة " أم انهيار من الداخل ؟
قبل الإجابة عن هذا السؤال، بودي أن أهنئ الشعب السوري وكل الأصدقاء هناك على التخلص من احد أكثر الأنظمة استبدادا في المنطقة، وما عرفه من تاريخ حافل بالقمع والإرهاب باسم الدولة. السجون في سوريا كانت نموذجا لما يمكن مقارنته إلا ب" النازية " في التعامل مع المعتقلين. تجربة كانت مؤلمة جدا وفي آخر المطاف، النظام السوري دفع ثمن خياراته الانتحارية لأنه في تقديري قام بثلاث خيارات انتحارية حكمت عليه بالسقوط:
الخيار الأول، هو أنه واجه أولى المطالب السلمية بالإصلاح بالحديد والدم، وكان يتم إعدام المواطنين في الشوارع مما دفع الأمور إلى الحد الأقصى.
الخيار الانتحاري الثاني، هو الارتماء بين أحضان إيران وفي آخر المطاف دفع ثمنه غاليا،
الخيار الثالث، أنه قام بإطلاق سراح العديد من عتاة التطرف من سجونه على أمل أن يلتحقوا بالثورة ويتحول الأمر إلى فتنة تفسد مطالب الإصلاح.
النظام السوري كانت له لديه خيارات أخرى فوتها، وهي خيارات قد تتطلب تحمل بعض الألم، لكن ستجعل سوريا تتفادى كل هذه الكوارث التي حصلت. كان يمكن تعديل بند واحد من الدستور السوري والذي يتعلق باعتبار الحزب الوحيد كقائد للأمة، والدخول في مفوضات مباشرة مع المعارضة، وكان يمكن تفادي كل هذه الأمور كما حدث في العديد من الدول الأخرى التي تفادت مثل هذه الكوارث بقدر من الحكمة. الى حدود السنوات الأولى من الثورة كان بالإمكان ضمان انتقال سلس للسلطة إلى مرحلة جديدة أي مرحلة ما بعد الأسد، لكن هذا الأمر لم يتم فتفاقمت الأمور وأصبح العالم كله يتدخل. تدخلات دولية متضاربة ومتناقضة في الساحة، مما جعل الأوراق تختلط إلى حد بعيد .
بعد عملية 7 أكتوبر التي نفذتها حركة حماس في فلسطين كان من تبعاتها ليس فقط الحرب على غزة والتي نتمنى أن تتوقف قريبا، بل أيضا التمكن من القضاء على رموز المقاومة، الصف الأول من حزب الله، الكثير من قادة حماس بعضهم في طهران، والقضاء أيضا على بشار الأسد مؤخرا، وتحييد إيران إن لم يكن ينتظرها بدورها الأسوأ.
الخيار الأول، هو أنه واجه أولى المطالب السلمية بالإصلاح بالحديد والدم، وكان يتم إعدام المواطنين في الشوارع مما دفع الأمور إلى الحد الأقصى.
الخيار الانتحاري الثاني، هو الارتماء بين أحضان إيران وفي آخر المطاف دفع ثمنه غاليا،
الخيار الثالث، أنه قام بإطلاق سراح العديد من عتاة التطرف من سجونه على أمل أن يلتحقوا بالثورة ويتحول الأمر إلى فتنة تفسد مطالب الإصلاح.
النظام السوري كانت له لديه خيارات أخرى فوتها، وهي خيارات قد تتطلب تحمل بعض الألم، لكن ستجعل سوريا تتفادى كل هذه الكوارث التي حصلت. كان يمكن تعديل بند واحد من الدستور السوري والذي يتعلق باعتبار الحزب الوحيد كقائد للأمة، والدخول في مفوضات مباشرة مع المعارضة، وكان يمكن تفادي كل هذه الأمور كما حدث في العديد من الدول الأخرى التي تفادت مثل هذه الكوارث بقدر من الحكمة. الى حدود السنوات الأولى من الثورة كان بالإمكان ضمان انتقال سلس للسلطة إلى مرحلة جديدة أي مرحلة ما بعد الأسد، لكن هذا الأمر لم يتم فتفاقمت الأمور وأصبح العالم كله يتدخل. تدخلات دولية متضاربة ومتناقضة في الساحة، مما جعل الأوراق تختلط إلى حد بعيد .
بعد عملية 7 أكتوبر التي نفذتها حركة حماس في فلسطين كان من تبعاتها ليس فقط الحرب على غزة والتي نتمنى أن تتوقف قريبا، بل أيضا التمكن من القضاء على رموز المقاومة، الصف الأول من حزب الله، الكثير من قادة حماس بعضهم في طهران، والقضاء أيضا على بشار الأسد مؤخرا، وتحييد إيران إن لم يكن ينتظرها بدورها الأسوأ.
التهاوي السريع لنظام بشار الأسد بدون تسجيل مقاومة للجيش السوري طرح العديد من علامات الاستفهام، فهل الأمر يتعلق ب " ثورة " أم تدخلات من أطراف خارجية ؟
هذا الأمر لا ينبغي أن يثير الكثير من الاستغراب، فلا ننسى أن الجيش السوري اعتمد لوقت طويل على مقاتلي حزب الله والحشد الشعبي والحرس الثوري الإيراني، فعندما انسحبت هذه الأطراف بشكل سريع انهارت معنويات الجيش السوري، وزاد من انهيار معنوياته قرار روسيا بعدم التدخل لحماية حليفها، علما أن الحصن السريع للنظام السوري لم يكن شعبيا، فكان من الطبيعي أن يحدث ما حدث.
هذا الأمر لا ينبغي أن يثير الكثير من الاستغراب، فلا ننسى أن الجيش السوري اعتمد لوقت طويل على مقاتلي حزب الله والحشد الشعبي والحرس الثوري الإيراني، فعندما انسحبت هذه الأطراف بشكل سريع انهارت معنويات الجيش السوري، وزاد من انهيار معنوياته قرار روسيا بعدم التدخل لحماية حليفها، علما أن الحصن السريع للنظام السوري لم يكن شعبيا، فكان من الطبيعي أن يحدث ما حدث.
قائد العمليات العسكرية ضد نظام بشار هو " الجولاني أبو محمود " القائد الميداني في تنظيم " داعش " و " جبهة النصرة " سابقا، كما أنه مصنف ضمن قائمة الإرهاب الأمريكية، فهل قام هذا الشخص رفقة الأشخاص المنتمين إلى تنظيمه بالمراجعات الفكرية الكفيلة بضمان التوافق بين مختلف الأطراف السورية والانتقال السلس للسلطة ؟
لا بد من الإشارة أولا أن حسابات إسرائيل تغيرت، فبعد 7 أكتوبر أصبح الهاجس الأول لإسرائيل هو إطلاق الرهائن، وطي هذا الملف، وبالتالي فمن يحكم سوريا وباقي بلدان الجوار لم يعد ضمن الأولويات، وهذا الشخص المسمى ب " الجولاني " منح الضمانات الكافية الى الأطراف الأساسية، وهي إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية بكون هذا الملف سيعمل على تسويته بنفسه بعد انهيار نظام الأسد، هل سيلتزم بذلك أم لا ؟ لا نستطيع أن نجيب، ولكن يبدو أن الحسابات السياسية تفوقت على الحسابات الإيديولوجية سواء بالنسبة لإسرائيل أو أمريكا، فهي تريد أن يحل هذا المشكل في أقرب وقت، ولا ننسى أيضا بصرف النظر عن الشعارات والشكل واللحية، أن المستفيد الأكبر الى حد الساعة هي إسرائيل لأنها تخلصت من العديد من العراقيل في المنطقة والتشويشات، وهي الآن ستفعل بالجولان مالم تستطع أن تفعله من قبل، بعد أن منحت لها هذه الفرصة، و " الجولاني " نفسه تخلى عن اسمه ليعود الى اسم ولادته " أحمد الشرع " ، فلقب " الجولاني " لم يعد له معنى لأنه كان يتاجر به، حيث كان يقدم نفسه باعتباره الرجل الذي لم ينسى الجولان المحتل بسوريا، الآن هو يتخلى عن هذا الاسم ويعود الى اسمه الأصلي، وقد يحمل هذا ما يحمله، ولكن المستقبل لن يكون سهلا بالنسبة لسوريا الوضع الطائفي معقد جدا، المتطرفون ينتعشون مجددا، وسيشهدون عودة قوية في المنطقة بكل تأكيد وهذا ما نتوقعه، ولا ننسى أن الاستبداد سواء في شكله البعثي أو الأسدي أو غيره يساهم أيضا في الفراغ الثقافي وإفراغ الأوطان من أي مضمون ثقافي ومن هذا الفراغ ينبع كل الأمور المتوقعة وغير متوقعة
لا بد من الإشارة أولا أن حسابات إسرائيل تغيرت، فبعد 7 أكتوبر أصبح الهاجس الأول لإسرائيل هو إطلاق الرهائن، وطي هذا الملف، وبالتالي فمن يحكم سوريا وباقي بلدان الجوار لم يعد ضمن الأولويات، وهذا الشخص المسمى ب " الجولاني " منح الضمانات الكافية الى الأطراف الأساسية، وهي إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية بكون هذا الملف سيعمل على تسويته بنفسه بعد انهيار نظام الأسد، هل سيلتزم بذلك أم لا ؟ لا نستطيع أن نجيب، ولكن يبدو أن الحسابات السياسية تفوقت على الحسابات الإيديولوجية سواء بالنسبة لإسرائيل أو أمريكا، فهي تريد أن يحل هذا المشكل في أقرب وقت، ولا ننسى أيضا بصرف النظر عن الشعارات والشكل واللحية، أن المستفيد الأكبر الى حد الساعة هي إسرائيل لأنها تخلصت من العديد من العراقيل في المنطقة والتشويشات، وهي الآن ستفعل بالجولان مالم تستطع أن تفعله من قبل، بعد أن منحت لها هذه الفرصة، و " الجولاني " نفسه تخلى عن اسمه ليعود الى اسم ولادته " أحمد الشرع " ، فلقب " الجولاني " لم يعد له معنى لأنه كان يتاجر به، حيث كان يقدم نفسه باعتباره الرجل الذي لم ينسى الجولان المحتل بسوريا، الآن هو يتخلى عن هذا الاسم ويعود الى اسمه الأصلي، وقد يحمل هذا ما يحمله، ولكن المستقبل لن يكون سهلا بالنسبة لسوريا الوضع الطائفي معقد جدا، المتطرفون ينتعشون مجددا، وسيشهدون عودة قوية في المنطقة بكل تأكيد وهذا ما نتوقعه، ولا ننسى أن الاستبداد سواء في شكله البعثي أو الأسدي أو غيره يساهم أيضا في الفراغ الثقافي وإفراغ الأوطان من أي مضمون ثقافي ومن هذا الفراغ ينبع كل الأمور المتوقعة وغير متوقعة
" الجولاني " قدم مجموعة من الإشارات المطمئنة، وضمنها تغيير اسمه، الإبقاء على رئيس الحكومة السورية مؤقتا، إصدار بلاغات مطمئنة لجميع الطوائف، الخ، فهل هذا يدخل ضمن باب " التقية " المعروف لدى الحركات المتشددة ؟
" الجولاني " لم ينتصر إلا بفضل التوافق الدولي، ولا يمكنه أن يستكمل هذا الانتصار إلا بالحفاظ على هذا التوافق الدولي على الأقل الى حدود مرحلة معينة من إعادة البناء وفق رؤيته..ومن يعرف سيرة الرجل فإنه يدرك بأنه سيقاتل من أجل أن يكون له النصيب الأعلى من " الكعكة "..خطابه كان مطمئنا فعلا، وهو الذي ألقى خطاب الانتصار داخل المسجد الأموي برمزيته التاريخية، وبرمزيته كمعقل للخلافة الإسلامية، ولا ننسى أن أردوغان مستعد للعب بكل هذه الأوراق مقابل حساب آخر من نوع آخر وهو " الأكراد " لتفادي قيام دولة كردية في المنطقة..حسابات إقرار الديمقراطية في سوريا تعد من آخر حساباته سواء هو أو غيره ، ولعل ما يزيد من تعقيد الأمر هو كون حسابات الأطراف المتدخلة كلها متناقضة، حسابات تركيا، الحسابات الكردية، حسابات إسرائيل، حسابات قطر، الحسابات الأمريكية، حسابات روسيا أيضا والتي سيكون لها أيضا نصيب من " الكعكة " مقابل استعدادها للتخلي عن نظام الأسد، ولذلك ستكون إمكانية بناء دولة سورية موحدة تحديا صعبا جدا .
" الجولاني " لم ينتصر إلا بفضل التوافق الدولي، ولا يمكنه أن يستكمل هذا الانتصار إلا بالحفاظ على هذا التوافق الدولي على الأقل الى حدود مرحلة معينة من إعادة البناء وفق رؤيته..ومن يعرف سيرة الرجل فإنه يدرك بأنه سيقاتل من أجل أن يكون له النصيب الأعلى من " الكعكة "..خطابه كان مطمئنا فعلا، وهو الذي ألقى خطاب الانتصار داخل المسجد الأموي برمزيته التاريخية، وبرمزيته كمعقل للخلافة الإسلامية، ولا ننسى أن أردوغان مستعد للعب بكل هذه الأوراق مقابل حساب آخر من نوع آخر وهو " الأكراد " لتفادي قيام دولة كردية في المنطقة..حسابات إقرار الديمقراطية في سوريا تعد من آخر حساباته سواء هو أو غيره ، ولعل ما يزيد من تعقيد الأمر هو كون حسابات الأطراف المتدخلة كلها متناقضة، حسابات تركيا، الحسابات الكردية، حسابات إسرائيل، حسابات قطر، الحسابات الأمريكية، حسابات روسيا أيضا والتي سيكون لها أيضا نصيب من " الكعكة " مقابل استعدادها للتخلي عن نظام الأسد، ولذلك ستكون إمكانية بناء دولة سورية موحدة تحديا صعبا جدا .
هناك من يرى بأن ما وقع في سوريا يعد امتدادا لما سمي ب " الربيع العربي " وأن ما وقع في العراق واليمن وليبيا والسودان من إسقاط للأنظمة لم يحولها إلى واحات للديمقراطية، ما رأيك ؟
صحيح..اذا لم ننتبه، فبدون إصلاح ثقافي لا يمكن أن نضمن أي انتقال ديمقراطي، ستكون أي محاولة للانتقال الديمقراطي غير بعيدة عن الفتن، وإلى حد الساعة هذا هو الأمر المؤسف، ولا ينتبه الى هذا الأمر إلا القليلون جدا، لأن التثقيف الشعبي والعمل على تنمية الذكاء العمومي للناس مطلب أساسي من أجل تحقيق الأمن والتنمية والسلام، لا شيء يهدد الأمن العام للدول أكثر من الغباء العمومي، أي عندما يستشري الغباء، والمؤسف أن هناك مستثمرون كثر في الغباء ويراهنون على الغباء، ويعتقدون أن الغباء هو الطريق الأمثل لتفادي أية إمكانية للتغيير أو التحول، ولكن الغباء يزرع بذور الفتن في كل المجتمعات، وشخصيا أعتبر الغباء هو الخطر الأكبر على الأمن والتنمية والسلام في كل الدول.