السبت 23 نوفمبر 2024
اقتصاد

مستقبل ندرة المياه في المغرب تحت مجهر خبراء

مستقبل ندرة المياه في المغرب تحت مجهر خبراء محطة لتحلية مياه البحر بالمغرب
دعا مشاركون في ندوة "دور السياسات العمومية في تدبير ندرة الماء بالمغرب"، الحكومة لـ"اعتماد الحكامة في تدبير هذه الوضعية عبر التفكير في بدائل استيراد الزيوت والحبوب وتصدير منتجات تستنزف الموارد المائية، وجلب الاستثمار الذكي والاستثمار بطرق مبتكرة  دون المساس بالموارد المائية، وفي الآن نفسه لتنسيق مع جميع القطاعات في موضوع التدبير المندمج للموارد المائية GIR، وتشجيع البحث العلمي والبحث عن التكنولوجيا المرتبطة بهذا التدبير (تحلية مياه البحر)".

جاء ذلك، في ندوة عبر تقنية التناظر المرئي (عن بعد)، نظمتها، ليلة الجمعة/ السبت 2 نونبر 2024 الجمعية الوطنية لجغرافيي الارياف المغاربة ANAGERM  ، نشطتها بشرى حساني أستاذة التعليم العالي بجامعة السلطان مولاي سليمان بخريبكة، وقدمها محمد الأسعد أستاذ التعليم العالي ورئيس الجمعية، وشاركت فيها شرفات أفيلال الوزيرة السابقة المنتدبة المكلفة بالماء، إلى جانب حسناء طنورجي، أستاذة التعليم العالي بجامعة ابن زهر.
 
وفي مداخلتها، التي حملت عنوان "السّياسات العمومية في قطاع الماء بالمغرب"، أكدت شرفات أفيلال، الوزيرة السابقة المنتدبة المكلّفة بالماء، أن "توالي سنوات الجفاف، وهو في سنته السادسة، والاختلافات والنقائص في البنية المائية، على اعتبار الماء مِلكا مشتركا 
 
وعنصرا لتغطية التوترات والخلاف بين الدول، فإن 90%  من المياه في المغرب تنبع داخل البلاد، إذ لا وجود لمياه مشتركة موضوع توتر أو خلاف مع دول أخرى باستثناء جزء قليل في الجهة الشرقية مع الجارة الجزائر، وهو ما يبيّن دور الماء يتضح من خلال أهداف التنمية المستدامة، حيث يبرز أن الموارد المائية لها دور أساسي في تحقيق هذه الأهداف 17".
 
وأشارت أفيلال إلى أن "الماء مِلك عام bien public منذ القدم، وقد عمِلت بعض الدول على دسترة الحق في اللجوء إلى الماء (المغرب نموذجا)، في وقت تفيد المعطيات أن 24 دولة فقيرة مائيا، وأن  مدينة من بين 4 مدن مهددة باللاّأمن المائي. كما أن80%  من المياه العادمة ترمى في المجال البيئي ، وأن أكبر مشكل في الاستثمار هو الاستثمار المائي فما بين 2002 إلى 2021 ، مسّ الجفاف 1,4 مليار شخص على المستوى الدولي، وأدى إلى 21 ألف حالة وفاة، وأنه منذ 2010 أقرت الأمم المتحدة بحق اللجوء إلى الماء من حقوق الإنسان، فهناك أهمية الماء من خلال الترابط الوثيق بين الماء والطاقة، مما أدى لارتفاع عدد النازحين بنسبة 10% بسبب الفقر المائي و التحديات المائية".
 
وسارت الوزيرة السابقة المنتدبة المكلفة بالماء إلى التأكيد على أن "منطقة MENA ستعرف فترات أكثر جفافا في المستقبل، في الوقت الذي تفيد فيه المعطيات التشريعية في المغرب إلى أن القانون 36.15 نسخة ثانية للقانون 10.95 الذي يحدد تدبير الماء على المستوى الترابي، وسط لاتمركز الموارد المائية (10 وكالات الأحواض المائية)، لأهمية الماء الاقتصادية، فالمُستعمِل يؤدي والمُلوِّث يؤدي. كما أن إحداث هيئة تسمّى "شرطة المياه" تعنى بتحرير محاضر واحالتها على الضابطة القضائية أمر مهمّ، في ظل الحاجة للتضامن بين الجهات لمواجهة الخصاص في المياه، وتشجيع الاستثمار في المياه غير الاعتيادية أو غير التقليدية".
 
ونبهت أفيلال إلى أن "مؤشرات الوضعية المائية في المغرب تبرز خصوصيات المنطقة اعتبارا للانتماء الجغرافي للمغرب وتعرفه للمرة التقلبات المناخير لموقعه بالفضاء المتوسطي، إذ يتوفر المغرب على 160محطة لمعالجة المياه العادمة، وسط تحديات الارتفاع والتوسع العمراني، وتراكم توحُّل السدود (ظاهرة طبيعية)، ومشكلتي التلوث والتّمويل".
 
وبلغة الأرقام، تشرح أفيلال، أن 29% هي نسبة الملء بالسدود، إذ أن حوض أم الربيع به نسبة جد متدنية وضعيفة، فيما باقي النسب تتراوح بين 48%  في حوض اللوكوس، و  30%  في حوض وادنون، و17%  في حوض سوس، وهو مؤشر يعكس أن النسبة الإجمالية غير  كافية لتلبية كافة الحاجيات".
 
وتؤكّد أفيلال على أن "الطلب على الماء سيعرف تزايدا ملحوظا نظرا لوثيرة التوسع العمراني، وكذا التنمية الفلاحية التي تتجاوز بكثير القدرة المائية في المناطق (نضوب العيون..)، مما يستلزم تقارب السياسات العمومية (التخطيط القطاعي والتخطيط المائي) من خلال التركيز وإعطاء الاولوية لقطاع التعليم والصحة والتشغيل ، رغم الصعوبة في الولوج للمعطيات الخاصة بهذا الموضوع، وغياب هيئة الضبط أو التحكيم على غرار باقي القطاعات، خصوصا خلال فترات الجفاف، ينضاف إليها قلّة الوعي عند الفاعلين الترابيين حول أزمة المناخ ومخاطر الأمن المائي، رغم اللجوء إلى التحلية أو إعادة استعمال المياه العادمة الذي ليس حلاّ".
 
أما المداخلة الثّانية، الموسومة بعنوان " تحلية مياه البحر بالمغرب: حالة ماء المحيط الأطلنتي بجهة سوس ماسة"، فقد قاربت حسناء طنورجي، وهي أستاذة التعليم العالي بجامعة ابن زهر، مشروع تحلية ميه البحر  باشتوكة التي بينت أسبابه وأهدافه، والمتمثلة على وجه الخصوص في عمق الأثقاب المائية المستعملة بالمنطقة  في ريّ الضيعات الفلاحية والتي تراوحت بين 40 و200 مترا ، ناهيك عن المياه  الجوفية غير المتجددة الذي يبلغ نحو 60 م.متر مكعب ، مما يشجع على تسرب  المياه البحرية المالحة لمجموع الفرشة المائية ويفقدها صلاحيتها للفلاحة  أو للشرب".

 
وبعدما بسطت مراحل تنفيذ هذا المشروع المائي،  وعلى وجه الخصوص مرحلة التفعيل و التنفيذ، فإن هذا المشروع يعتمد على تطبيق نظام  الحصص "الكوطا"، علاوة على تجهيز الأثقاب المائية بالعدادات، والتسوية القانونية  لرخص الحفر والأثقاب المائية، إلى جانب  تعداد شامل لهذه الأثقاب والذي هم نحو 9000 ثقب".
 
وشددت الباحثة الجامعية  طنورجي على أن "هاته المنشأة كلفت استثمارا عموميا يقدر بنحو 1.86 مليار درهم، إلى جانب أموال المساهمين الخواص الرئيسيين (أمان البركة) بنحو 25 مليون درهم، ومساهمة الفلاحين اليت تقدر بنحو 88 مليون درهم، بمعدل 10 آلاف هكتار بالنسبة لكلّ فلاح، تطلب إنشاؤه ثلاث سنوات، وشرع في استغلاله في يناير 2022".
 
وخلصت المتدخلة إلى أن مشروع تحلية مياه البحر في اشتوكة "حل لوقف الإجهاد  المكثف الذي تتعرض له الفرشة المائية بسهل اشتوكة  منذ عقد التسعينات، وكذا لتحسين إدارة الموارد  المائية السطحية والجوفية لتغطية حاجيات اشتوكة المتزايدة  من مياه السقي وتزويد أكادير الكبير بمياه الشرب. وهو ما يجعلنا نتساءل عن المخلّفات الناتجة عن هذه المنشأة  بيئيا، لا سيما وأنها أنجزت  بالمنتزه الوطني لسوس ماسة، الأمر الذي سينعكس سلبا  على مستقبل النظم الإيكولوجية بالمنطقة"، وفق تعبيرها.