السبت 23 نوفمبر 2024
فن وثقافة

حمزة دويبي: الْحَشْمَةْ والاحترام أهم شروط تراث وفن التّْبَوْرِيدَةْ  

حمزة دويبي: الْحَشْمَةْ والاحترام أهم شروط تراث وفن التّْبَوْرِيدَةْ   الفارس حمزة دويبي
لاحظت سلوكا سيئا في العديد من المهرجانات ومواسم التبوريدة، وهذه الملاحظات تتعلق بقيمة الحياء والْحَشْمَةْ التي أرى أنها بدأت تغيب عن ذهن مجموعة من الفرسان وحتى الَمْقَادِيمْ ـ عَلَّامَةْ الْخَيْلْ.
 
مؤخرا وانا أتابع عروض التبوريدة بمهرجان الأصيل بجماعة المهارزة الساحل، لاحظت بعض السلوكات المذمومة في مبادئ وشروط وأخلاق فن ورياضة التبوريدة، حيث بعد طلقة البارود وعودة الفرسان إلى نقطة البداية، بدأ بعض الفرسان وحتى بعض الَمْقَادِيمْ/الْعَلَّامَةْ يلوّحون بأيديهم إلى الجمهور، ويدردشون معهم، ويضحكون، بل منهم من يتحدث مع النساء في المدرجات.
 
إن هذا السلوك ما شهدناه بتاتا عند أجدادنا وشيوخنا رواد فنون التبوريدة، وما سمعنا به من عند شيوخ رُكُوبْ الْخَيْلَ. صراحة لا أدري على يد من تشيخوا هؤلاء الفرسان ومن علمهم هذا السلوك المرفوض؟ 
 
من العيب والعار أن يقوم مْقَدَّمْ سَرْبَةْ بهذا السلوك المشين، ويلتفت هنا وهناك، ويتحدث مع هذا ومع ذاك عند رجوعه بعد طلقة البارود... إن هذا السلوك يعكس قلة الإحترام، ويقلّل من قيمة الْبَّارْدِي، ويسيء إلى سمعة الفروسية والفرسان في محرك التبوريدة.
 
ومن الواجب على الفرسان ولَمْقَدَّمْ بعد طلقة البارود، أن يعودوا على صهوة خيولهم بحياء واحترام دون تبادل الحديث مع الجمهور. وفي هذا السياق يحضر قول له دلالة قوية على مستوى ثقافة ركوب الخيل (كُونْ جَايْ سْبَعْ وَرْجَعْ فْقِيهْ). 
 
فعندما نتحدث عن الَمْقَدَّمْ / الْعَلَّامْ فنحن نتحدث عن قائد كتيبة، والقائد يجب أن يكون متمكنا من أبجديات القيادة، وأن يلقّن هذه الأبجديات لكتيبة فرسانه العسكرية، بحكم أنه رمز يقتدى به وبسلوكه وانضباطه، مما يفرض عليه أن يكون ملما بكل كبيرة وصغيرة في ميدان التبوريدة، لأن الرواد كانوا يقولون: "التبوريدة تربية وأخلاق"
 
لا أريد أن أكون قاسيا بكلامي على بعض عَلَّامَةْ الْخَيْلْ وفرسانهم، لكن هذه هي حقيقة ما يقع في ميدان التبوريدة، حيث أنه من المعلوم أن هناك طقوس وعادات ترتبط بالتبوريدة، منها ما هو واجب، ومنها ما هو مستحب، ومنها ما هو مرفوض.
 
طبعا، لا ننكر أن هناك بَّارْدِيَّةْ ومْقَادِيمْ يمارسون هذا التراث بكل شروطه ويحترمون ويطبقون أعرافه وتقاليده، ويتميزون بأخلاقهم الرفيعة وسط ميدان التبوريدة.
 
إن شروط التبوريدة لا تتعلق فقط بما هو حركي، وإنما بما هو أخلاقي أولا، ثم حركي أي حركات الفارس- التي يلقنها الشيوخ الروّاد. للفرسان، دون الحديث عن المحافظة على الزي التقليدي ومستلزمات ركوب الخيل.
 
كان لابد أن أتطرق إلى هذا السلوك المرفوض وسط ميدان التبوريدة، الذي آلم مشاعري، لعل هذه الكلمات تجد من يقرأها ويأخذ بها، مع احترامي لكل العلامة والفرسان، فإن غيرتنا على هذا التراث الشعبي المغربي الأصيل هي التي تتكلم.