السبت 23 نوفمبر 2024
فن وثقافة

يونس عاشق: القائد عيسى بن عمر العبدي كان مولعا بمرافقة العلماء ومجالس الذكر

يونس عاشق: القائد عيسى بن عمر العبدي كان مولعا بمرافقة العلماء ومجالس الذكر يونس عاشق
عيسى بن عمر العبدي ثم التمري، هو أكثر شخصية ظلمت في تاريخ المغرب الحديث، بحيث صوره الإعلام على أنه سفاك للدماء، ورجل ماجن، مولع بالراقصات والشيخات، وأنه خائن للوطن، ولم يقاوم. فهذا المختار السوسي يقول في كتاب "حول مائدة الغداء" على لسان القائد عيسى بن عمر "أنه لما كان شابا، كان يذهب هو وبعض رفقائه بشيخة إلى غار بعيدة عن السكان لتغني لهم، وكانوا حريصين على ألا يعرف ذلك أحد"، ويذكر المختار السوسي "أن القائد عيسى بن عمر توقف عن هذا السلوك بمجرد أن كشفه أخوه الأكبر القائد محمد بن عمر وقد أنبه على ذلك".

ويقول ويسجربير في كتابه "على عتبة المغرب المعاصر" أن القائد عيسى بن عمر من يومها وحتى وفاته لم تخالط ولم تدخل داره أي شيخة. هذا من جهة، أما من جهة أخرى، فقد كان عيسى بن عمر مولعا بمرافقة العلماء ومجالس الذكر. وقد كان العلامة أبو شعيب الدكالي من أهم جلسائه، وكذلك الفقيه عبد السلام الشمالي، ومحمد بن سليمان الكبدني، وحجة مصره وعصره كما وصفه المؤرخون العلامة بلعطار الصعدلي، والفقيه بن زروق الجرموني. أما عن مسألة الظهائر السلطانية الحامية للأجانب، فقد كان من أشد معارضيها، وأيضا من أشد معارضي الحماية الأجنبية للرعايا المغاربة، وكان يضيق عليهم بمنطقة نفوذه ولا ينصفهم إذا ما تعرضوا للحيف في منطقة حكمه، كما حدث مع التاجر الهاشمي بن المامون العبدي الذي كان تحت حماية التاجر فردريك كلز الأسطريالي، ومبارك بن الجيلالي العبدي الذي كان تحت حماية البرتغال، كل هؤلاء لم ينصفهم لما تعرضوا له من نهب ومضايقات، لا لشيء إلا لأنهم كانوا تحت حماية الأجانب...مسألة أخرى وهي الرسالة التي وجهها إلى السلطان عبد العزيز لما وقع معاهدة الجزيرة الخضراء، وما فيها من شديد اللهجة عليه لأنه باع نفسه للنصارى والعدو كما وصفهم في الرسالة.

فكيف لواحد ثاقب النظر وداهية، يَوَدُّ موالاة الفرنسيين بأن يشدد عليهم باللهجة في مراسلته للسلطان؟ ثم أنه لما احتلت فرنسا الدار البيضاء سنة 1907، كان منهمكا في القضاء على ثورة بوحمارة بأمر من السلطان، والتي دامت سبع سنوات، حيث استمرت من سنة 1902 إلى 1909، وكانت بمثابة آخر مسمار في نعش استقلال المغرب، على اعتبار أنها كانت تمهيدا لاحتلال فرنسا وإسبانيا له.

وقد أبلى القائد عيسى بن عمر العبدي البلاء الحسن في القضاء على هذه الثورة وقد جند لها ثلاثة آلاف فارس وراجل، وكان له نصيب الأسد في فعل ذلك، ولم يكن أمامه سوى الإنصياع لأوامر السلطان، في حين كان نظيريه القائد الأحمر بن منصور والقائد التريعي في مواجهة الإحتلال الفرنسي وجها لوجه، وهذا سبب عدم مشاركته في التصدي للإحتلال الفرنسي أثناء دخوله.
 
صورة نسخة من الرسالة الموجهة من القائد عيسى بن عمر العبدي إلى السلطان عبد العزيز