الأحد 24 نوفمبر 2024
اقتصاد

"وارين برودي"، طبيب نفسي، إنساني، شغوف بعلم السيبرنيطيقا "السلف للذكاء الاصطناعي" ومعمّر تجاوز المئة عام

"وارين برودي"، طبيب نفسي، إنساني، شغوف بعلم السيبرنيطيقا "السلف للذكاء الاصطناعي" ومعمّر تجاوز المئة عام الدكتور أنور الشرقاوي (يسارا) والدكتور هاشم تيال، متخصص في الطب النفسي
وُلد وارين برودي warren Brodey، الطبيب النفسي ذو الروح النبيلة والعالم ذو القلب الرفيع، في زمنٍ كان فيه بزوغ الحداثة يتداخل مع ذكريات ماضٍ لا يزال يكتنفه الغموض. 
 
لقد انجذب إلى الطب، تلك المهنة الشريفة التي تجمع بين شفاء الأجساد وطمأنة الأرواح، كما ينجذب البحار إلى المنارة في ظلام الليل. 
 
غير أنه في متاهات العقل البشري، اكتشف أعماقاً لا يمكن لغير الجريئين من المستكشفين أن يرسموا لها خرائط.
ومن هنا، انعطف برودي، هذا الحارس للأرواح المعذبة، نحو السيبرنيطيقا، تلك العلوم الجديدة التي كانت تسعى لفهم أنظمة التواصل والتحكم، سواء في الآلات أو الكائنات الحية. 
 
كان برودي يراها بمثابة وعدٍ بكشف الأسرار التي تحكم التفاعلات، وتحديد القوانين الخفية التي تسير الكون، تماماً كما يكشف جيب التمام sinus  عن تذبذبات الحياة. 
لكن بينما كان يغوص أعمق فأعمق في دهاليز هذه العلوم الغامضة، بدأ شيءٌ ما يتغير داخله. 
 
بدت له الدوائر الكهربائية والخوارزميات، هذه اللغات الجديدة للإنسان الحديث، فجأةً باردةً، خاليةً من الشرارة التي تُحرك القلوب.
 
وهكذا، وجد نفسه يتجه نحو عالمٍ آخر، أكثر إشراقًا وإنسانية، عالم حركة الهيبيز. Hippie كانت حركة الهيبيز، تلك الحركة التي ولدت من أحلام جيلٍ رفض الانصياع لقوانين المجتمع الصارمة، تدعو إلى الحب والسلام والوئام مع الطبيعة.
 
وبالنسبة لهم، كانت الحياة بمثابة سيمفونية، رقصة مقدسة حيث يعزف كل فرد نغمته الفريدة. 
في هذا العالم الجديد، وجد برودي، الطبيب النفسي الذي تحول إلى سيبرنيطيقي، صدىً لتساؤلاته الخاصة، طريقةً لربط الصرامة العلمية برقة العالم المسحور. 
 
لكن برغم ذلك، لم يتخلى برودي عن تطوير أفكاره التي دعا فيها إلى الاستخدام الذكي للآلة الرقمية والذكاء الاصطناعي، دون أن تصبح هذه الآلات بديلاً للعقل البشري، فكان يعتقد أنها يجب أن تحسن التجربة البشرية بدلاً من إضعافها، مع الإبقاء على الإنسان في مركز التفكير. 
 
اليوم، وبعد مرور عقود من الزمن، أصبح وارين برودي، هذا الرجل الذي عاش حيواتٍ عديدة، جسراً حياً بين عوالم تبدو متناقضة: عالم العلم وعالم الحب الشامل. 
في عينيه يتلألأ بريق الذكاء، لكن أيضاً وهج الحب الهيبي الرقيق. 
 
وارين برودي هو الدليل الحي على أن المرء يمكنه أن يحتضن العصر الرقمي دون التخلي عن شاعرية الروح، وأنه يمكن للعلماء أن يظلوا حالمين، دون أن ينسوا أن ما يعطي معنى لحياتنا وما يوحدنا في هذا العالم هو إنسانيتنا.
 
وفي هذه الرحلة الدائمة بين العقل والقلب، يذكرنا برودي أن الحياة، تماماً مثل منحنيات جيب التمام sinus  هي بحث مستمر عن التناغم.
 
وارين برودي Warren Brodey  الطبيب النفسي الذي هيأ الأرضية للذكاء الاصطناعي يبلغ عمره اليوم أكثر من 100 سنة