يعتبر ميلاد قطعة "مُولَاةْ لِيزَارْ" الغزلية ذات النفحة العيطية التي أبدع في كتابة نصها القوي والجميل اعتمادا على صور شعرية نابعة من الوسط الاجتماعي المغربي الأصيل، واقام بتلحينها أيضا الفنان المبدع التاوتي بنعيسى، ودثرها الفنان إدريس الفيجطا بنغمات عزفه، باعتماد التوزيع الموسيقي الذي وضعه الفنان عادل الخليفي، ـ تعتبر ـ مدخلا أساسيا ورسالة قوية لمن يهمه أمر تجديد "فن العيطة" المغربية وفق واقع حال مجتمعنا الذي يحتاج "للفنان" المبدع في زمن التفاهة والابتذال والكلام الساقط.
في هذا السياق أكد الفنان بنعيسى التاوتي "إن الساحة الفنية ذات الصلة بالموسيقى والغناء التقليدي لا تبشر بالخير في غياب الإبداع الجديد المتجدد الذي يحرص على ترجمة انتظارات المتلقي، وأضحى الفنان الشعبي يكرر غناء بعض لَعْيُوطْ المعدودة على رؤوس الأصابع، حيث كان هذا هو الدافع الأساسي للتفكير في كتابة نص جديد بأسلوب ونفحة عيطية" .
وأضاف موضحا "لقد راوضتنا الفكرة منذ مدة طويلة ونحن نفكر في هذا العمل، بطريقة متجددة وجديدة، بعيدا عن التكرار والاجترار". وشدد في تصريحه لجريدة "أنفاس بريس" بقوله: "كان الهم الوحيد أن نقدم الجديد بصورة مغايرة، اعتمادا على موضوع قصة غزلية لها بداية ونهاية، تعالج موضوع اجتماعي في علاقة تكامل واحترام بين الرجل وامرأة ووسطنا الاجتماعي".
وأوضح ضيف الجريدة بأن موضوع القطعة الغنائية "مُولَاتْ لِيزَارْ" اعتمدنا فيها على انتقاء كلمات شعبية ذات دلالات عميقة تحترم ذوق المتلقي وسط الأسرة والعائلة، بعيدا عن الكلام الساقط والإحراج.
وأكد على أن المحاولة كانت صعبة اعتبارا للمقامات والإيقاع الموسيقي المركب والمعقد الذي يتطلب الحفظ والتركيز والانتقال. وأشار إلى أن القطعة هي بداية لشق طريق الإبداع وإحياء فن العيطة الذي يمكن أن يعكس ويترجم عدة مواضيع آنية تنتظر المعالجة بأسلوب جديد.
وأشار الفنان التاوتي بنعيسى إلى أنه يشتغل حاليا على قطعتين جديدتين بنفحة عيطية، تمتح من الموسيقى والغناء التقليدي.
وفي تقديمه للقطعة الجديدة الموسومة بـ "مُولَاتْ لِيزَارْ" قال: "فن العيطة، اعتبره موروثا ثقافيا شعبيا عريقا، وتراثا موسيقيا جميلا، يحمل في طياته روح المغرب وحضارته الضاربة بجذورها في عمق التربة الوطنية، لكن للأسف يكاد أن يندثر في زحمة التحولات الموسيقية الحديثة". وتساءل كيف أنه "لم تعد تُكتب كلمات جديدة، ولم يعد الفنان الشعبي يبدع ألحانا بطابع فن العيطة الأصيل".
في سياق متصل استدرك بقوله: "ولكن إدراكاً منا لأهمية هذا التراث وضرورة إحيائه والحفاظ عليه، قمنا بمحاولة خاصة لتقديم أغنية 100% جديدة تحافظ على إيقاع وكيان العيطة، ولكن في قالب رومانسي، وبكلمات معبرة تعكس واقعنا اليومي وتربط الماضي بالحاضر، نهدف من خلالها إلى إعادة العيطة إلى الواجهة حيث تستحق أن تكون".
وأشار إلى أن قطعة "مُولَاتْ لِيزَارْ" تتغنى بجمال المرأة المغربية، وباللباس المغربي الأصيل، وتصف سلوكها وحيائها، وتسلّط الضوء على صعوبة التواصل معها خارج الإطار الشرعي، مُبرزين احترامها لزيها التقليدي الْحَايَكْ الذي تختبئ وراءه، حيث يضفي على المرأة المغربية جمالاً إضافياً ويعزز من سحرها، مما يجعله جزءاً لا يتجزأ من هويتها وجمالها".