تشهد قناة "ميدي 1 تي في" المتواجدة بمدينة طنجة، منذ أسابيع حالة من التشنج السلبي، بدأت تظهر نتائجه على مستواها المهني، من الصعب حتى الآن تدقيق أسبابه. مما تؤكده مصادر نقابية موثوقة من داخل القناة، أن بداية ذلك الجو المؤثر سلبيا دشنت مع تعيين المدير العام للأخبار الجديد (التسوري)، الذي يتم استغلال سلطاته لإعادة ترتيب على المستوى التدبيري يستهدف كل الفعاليات المهنية ذات الكفاءة المجربة بالقناة خلال العشرين سنة الماضية سواء في مديرية الأخبار أو مديرية البرامج (في مقدمتها الشق الفني).
كانت بداية بروز ما كان مخفيا من توتر النداء الموجه إلى الملك من قبل أحد أنضج وأرصن صحافيي القناة (مدير الأخبار) نبيل دريوش، يطالب عبره إنصافه مهنيا وحقوقيا بعد ما وصفه من تعرضه لاستهداف شخصي. بعد البحث مع مصدرنا النقابي الموثوق، اكتشفنا أن الأمر في المستوى السلبي الذي بلغه التوتر بالقناة لا يشمل فقط نبيل دريوش، بل أيضا مدير البرامج سعيد العربي، مع التخلص من مدير التوجيه والإستراتيجيات المهنية عثمان النجاري (الذي تم التوصل معه وحده إلى مغادرة بالتراضي دون المساس بحقوقه المادية). بل هناك أيضا في الطريق أسماء وازنة ومحترمة بالقناة ستطالها نفس الإجراءات الإستفزازية والتوقيفات بدون أي تبرير مكتوب، تخوفا من لجوء الموظفين المعنيين إلى القضاء لإنصافهم.
بلغ التصعيد السلبي بالقناة مستوى توقيف كل من نبيل دريوش وسعيد العربي عمليا عن العمل بدون أي وثيقة رسمية تبرر القرار، بالتوازي مع قطع أجورهم منذ ثلاثة أشهر مما أثر على الوضع الاجتماعي والإنساني للزميلين (خاصة سعيد العربي الذي يعتبر مصدر الرعاية الوحيد لعائلته).
وحسب مصدرنا النقابي فإن الغاية هي حمل الموقوفين على تقديم استقالتهم وترك الجمل بما حمل، مما يعني حرمانهم من حقوقهم المادية للسنوات الطويلة التي عملا بها بالقناة.
هل هي تصفية حسابات بين جهات نافذة مكلفة بتدبير الإعلام التلفزي بالمغرب، خاصة منذ الأخبار التي أكدت قرب دمج قناة "ميدي آن"، ضمن القطب العمومي للتلفزة والإذاعة بالمغرب؟ هل هي بداية تقليم فريق المدير العام الحالي حسن خيار وبداية ترتيب تدبيرية لمجموعة فريق فيصل العرايشي؟
مصدرنا يعتبر ذلك غير مستبعد، خاصة وأن هناك من يستعمل ورقة تقرير المجلس الأعلى للحسابات الخاص بقناة "ميدي آن تيفي" السلبي في نتائجه العمومية لتصفية الحساب مع تركة حسن خيار. لكنه ينبه أيضا إلى أن المثير هذه المرة في حيثيات هذا الصراع هو تنفيذ مخطط لإنهاء وجود كل الكفاءات المهنية ذات المصداقية والمكانة الوازنة ضمن المشهد التلفزي المغربي بداخل القناة سواء في المجال الإخباري أو البرامجي أو الثقافي والفني (حالة نبيل دريوش مثلا تعتبر مثيرة، فالرجل لم يسجل عليه أي خطأ مهني قط مثلما أنه من الأسماء التي تمنح للقناة مصداقية مهنية استنادا على مكانته المحترمة ضمن المجال الإسبانوفوني وصاحب كتب مرجعية في العلاقات المغربية الإسبانية وعمل لسنتين ملحقا بسفارة المغرب بمدريد).
في انتظار تحرك النقابة الوطنية للصحافة بالمغرب والمجلس الوطني للصحافة بالمغرب (جهات الإختصاص القانوني والحقوقي في ملفي الزميلين نبيل دريوش وسعيد العربي)، فإن مصدرنا النقابي الذي فضل عدم الكشف عن هويته حاليا تذهب شكوكه إلى أن الأمور تذهب في اتجاه تقوية التوجه الفرنكوفوني ضمن المشهد التلفزي بالمغرب وفرملة كل التوجهات ذات البعد العربي والإفريقي والإسبانوفوني والأنغلوساكسوني بها، معتبرا أن استقدام مدير مركزي جديد للأخبار من قناة فرانس 24 من باريس مندرج في ذلك وأن الرجل "تايق فراسو مزيان وزاطم". بالتالي الضحية الأولى هي المصداقية المهنية لقناة "ميدي آن تيفي" التي ترعب جديا النظام الجزائري منذ سنوات وأنجزت تراكما مهنيا للخبر المغربي بكل دول غرب إفريقيا، بدليل الأخطاء المهنية الخطيرة التي سجلت منذ تعيين مسؤول الأخبار الجديد التي بعضها فتح بخصوصه تحقيق من أعلى المستويات لم تعلن نتائجه رسميا بعد. دون إغفال أنها القناة المغربية الوحيدة التي كانت لها دوما الإمكانيات البشرية المهنية للتعامل مع الأحداث الكبرى مغربيا ومغاربيا وعربيا وإفريقيا (مثال ما سجلته من متابعة مهنية رفيعة لزلزال الحوز على مدى أيام وشكلت مصدرا موثوقا داخل المغرب وخارجه بخصوصه).
مصدرنا يضيف أنه لو كان التوجه الفرنكوفوني مفيد لحقق نتائج بقناة دوزيم التي عكس ذلك أنزلها إلى مستوى الحضيض على كافة المستويات التدبيرية والمالية والبرامجية والخبرية والإنتاجية، بعد أن كانت دوزيم قناة الخبر بامتياز وقناة الحوارات السياسية والفكرية والدينية العالية الجودة لتتحول إلى قناة المسلسلات المدبلجة من الدرجة الدنيا.
هل سيتم تكرار سيناريو "دوزيم" في قناة "ميدي آن تيفي"؟ المؤشرات المسجلة تذهب في هذا التوجه حسب مصدرنا النقابي، الذي يؤكد على أن المروءة المهنية والأخلاقية في حالة الزميلين نبيل دريوش وسعيد العربي، تفرض ألا يتم تنفيذ ذلك المخطط على حساب كرامتهما وحقوقهما المادية والمهنية، وأن على مدير القناة حسن خيار أن يتدخل لمنع ذلك (قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق).
فهو ربما لا يدرك أن رأسه هو المطلوب وأن البداية تكون بتجفيف أطراف مجاله المهني الرصين والمحترم لعزله بدعوى تدني المستوى المهني للقناة وتكرار الأخطاء المهنية من قبيل ما سجل في الخطأ المهني الفضيحة المعلوم.