السبت 23 نوفمبر 2024
منبر أنفاس

نادية واكرار: الاجتماعات واللقاءات لمناقشة السياسات وليس أداة لتبخيس الكفاءة أمام التفاهة والريع

نادية واكرار: الاجتماعات واللقاءات لمناقشة السياسات وليس أداة لتبخيس الكفاءة أمام التفاهة والريع نادية واكرار
تعتبر الاجتماعات، واللقاءات جزءا أساسيا، لا يتجزء  من متطلبات أساسيات الحياة الاجتماعية والمهنية...، وسيلة تواصلية تقليدية تهدف لتبادل الأفكار وتجديدها. ورغم أن لها جذورا تاريخية كوسيلة للتآزر، والتعاون وتبادل المعرفة، غير أن الاعتماد عليها كنتاج، أو كمقياس لتقييم وتحديد الكفاءة، ربما سيكون ذلك ضلالًا وضربة جنون...

في العصور القديمة، كانت الاجتماعات تُستخدم لتبادل الخبرات والتخطيط للصيد أو الحروب. كانت أيضا جزءا مهما من النسيج الاجتماعي الذي يهدف إلى تطوير، وتحسين مستوى المجتمعات البدائية لأجل المضي قدما، ومواكبة التطورات الميدانيه، والتكنولوجية...

فمع تطور المجتمعات، أصبحت الاجتماعات أكثر رسمية، وأكثر نظاما، تخضع من خلالها المجموعات المعنية لبروتوكولات، وقواعد، وقوانين بحيث تُعقد هذه التجمعات لاجل مناقشة السياسات، أو لأجل اتخاذ القرارات في الأعمال...، أو كما نراه مؤخرا أداة لتبخيس الكفاءة أمام التفاهة، والريع.

لكن هل يمكن اعتبار كثرة  هذه الاجتماعات برهانا أو دليلا على كثرة وزيادة الكفاءة في البلاد، أم كما قلنا سابقا ضرب في الكفاءة لاجل تعميم التفاهة؟. 

قد يعتقد البعض، بل ويؤمن أغلبهم أن حضور الاجتماعات بشكل مستمر، وملتزم، و بزي، وشكل معين، قد يساهم في تحقيق الأهداف، أو قد يبرهن على مدى قيمة الشخص ورفاعة منصبه.. ..غير أنه يلتطم بجدار قوي إسمه الكفاءة، والتي لا تُقاس لا بعدد الاجتماعات، ولا بالتكريمات، و التبجيلات، ولا التصفيقات ...، رفاعة المكانة وثقلها امام التفاهة لا تقاس بالواجهات و الزخرفة او المدح و الموال بل تقاس بالقيمة والمهارة والكفائة... وتعني بذلك القدرة على إنجاز المهام وتحقيق الأهداف بفعاليها وتعزيز روح الابتكار والابداع.... وليس الركوب عليها وتبنيها!!!!!.

الجميل في الأمر أن مبدا الكفاءة ليس بمبدأ  تابث بل هو رهين بأدق تحركات، وتطورات التكنولوجيا والعلوم الحديثة الشيء الذي يحفز مهارات  البعض و يعزز الرغبة في المواكبة والتطور للآخر ...لتصبح بذلك هذه المقاربة أكثر ارتباطا بالنتائج المحققة، وقيمة إنجازات الفرد قبل أن نتحدث عن التكتل، وهذا هو أساس الدعم، و العرفان لا انتساب مجهوداته لمجموعة قد تكون جاهلة وغير كفا لتولي مهمة تحقيق أو إنجاز هذا المشروع الذي هو بالأساس مشروع فردي ....

تأتي بعد هذه التكتلات الحضورية آليات، وأدوات رقمية  ثم تقنيات العمل عن بعد لتقدم كبديل انجع واسهل لسابقتها أي الاجتماعات التقليدية. بحيث أصبح من الممكن تقييم الأداء بناءا على الإنجازات الفعلية بدلاً من الحضور الجسدي في الاجتماعات... لكنها تبقى رهينة بمدى ثقة وأمانة المنظمين وهو أمر غير يقيني...

الكفاءة الحقيقية تقاس بالقدرة على إحداث تأثير إيجابي بالمجتمع وتحفيز الجمهور لاجل التفكير في الإبداع والتميز لاجل مواجهة التحديات.. بعيدا من العجرفة والطمع في سرقة ابداعات الشباب واستثمارها، بدون حرج، من طرف أصحاب الجاه وذوي المناصب والقرارات ....

يجب إذا أن نتحلى بفلسفة أعمق، وبأن تكون لدينا نظرة أكثر عمق  وتحليل بغية التركيز على الإنجازات الحقيقية وتحفيز المهارات الفردية التي تسهم  بشكل مباشر في تحقيق النجاح المستدام.. بكل تاكيد!!! بعيدا عن التقييم السطحي المبني على الحضور الجسدي المجوفة والمبني على الشكليات الزائفة. 

إن القدرة على التأقلم مع التغيرات السريعة والابتكار في أساليب العمل هي مهارة ان لم تكن فطرة قد تكون مكتبة ولا عيب في ذلك فهي  الوحيدة القادرة على إبراز الكفاءة الحقيقية في عالمنا اليوم...