تجسد الجهد الاستثنائي في النهوض بالحقل الديني في عهد الملك محمد السادس عبر عدة مبادرات
”بقدر ما نحن مقتنعون بأهمية التعايش والحوار، ومتشبتون بقيم الاعتدال والتسامح ونبذ كل أشكال التعصب والكراهية والتطرف، فإننا مقتنعون أيضا بضرورة إعمال سياسات تيسر بلوغ الأهداف. وفي هذا الصدد نعتز في المغرب بما حققناه في مجال تدبير الحقل الديني، وبأداء المؤسسات التي سهرنا على إحداثها لهذا الغرض بما في ذلك تلك المنصوص عليها في الدستور، وعلى الخصوص منها المجلس العلمي الأعلى؛ الجهة الوحيدة المؤهلة لإصدار الفتاوي، درئا لأي زيغ أو انحراف عن مقاصدها“.
انطلاقا من مقتطف هذه الرسالة الملكية التي وجهها أمير المؤمنين، الملك محمد السادس، في شهر يونيو 2023، إلى المشاركين في المؤتمر البرلماني الدولي المنعقد بمراكش حول "حوار الأديان: لنتعاون من أجل مستقبل مشترك"، تتجسد كثافة المبادرات والإصلاحات التي عرفها الحقل الديني في عهد الملك محمد السادس، والمكانة المتقدمة التي تحتلها المسألة الدينية والأمن الروحي في استراتيجية الحكم الملكي، والتي تستمد مرجعيتها الأساسية بناء على الفصل 41 من دستور المملكة المغربية لسنة 2011، الذي يجعل من الملك، أمير المؤمنين، وحامي حمة الملة والدين. بحيث حظي الحقل الديني باهتمام استثنائي سياسيا ومؤسساتيا، لفت الانتباه إلى تحول نوعي في علاقة الدولة المغربية بالدين، بحيث مس في العمق مفهوم الدولة، وجعل من الإصلاحات الهيكلية والمفاهيم التي أطرت المشهد الديني في المغرب، تهتم بالوظيفة الدينية من خلال إطار سياسي ومؤسساتي يسهر على تدبير شؤون المغاربة دينيا، وذلك وفق مقاربة مؤسساتية رسمية عبر المجالس العلمية، والرابطة المحمدية للعلماء، ومؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، والإعلام الديني... وغيرها من القنوات المنوطة بتدبير الحياة الدينية والمجتمعية للمغاربة داخل الوطن وخارجه.
إصلاح مؤسساتي وحرص ملكي على جعل الحقل الديني في صلب التنمية
تجسد الجهد الاستثنائي في النهوض بالحقل الديني في عهد الملك محمد السادس عبر عدة مبادرات وإصلاحات ومنجزات، غطت سائر مجالات العمل الديني؛ من تأطير وتكوين وإنتاج علمي وثقافي رصين. بحيث تميز كل من قطاع الأوقاف والشؤون الإسلامية، والمجالس العلمية، ومؤسسة دار الحديث الحسنية، والرابطة المحمدية للعلماء، والتعليم العتيق، والمساجد، والإرشاد الديني والخطابة، والإعلام الديني بإصلاح متكامل يتناغم مع التحول النوعي الذي عرفه المجال الديني وطنيا ودوليا.
وفي السياق ذاته، تمت إعادة هيكلة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية طبقا للظهير الشريف الذي صدر بتاريخ 04 دجنبر 2003،الذي تناول اختصاصات وتنظيم وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، ناسخا بذلك الظهير الشريف لسنة 1993بحيث حدد هذا الأخير بوضوح أهداف الوزارة في مجال الشؤون الدينية، ومن أبرز هذه الأهداف:
1) العمل على التعريف الصحيح بحقائق الدين الإسلامي الحنيف والسهر على نشر تعاليمه السمحة وقيمه الراسخة؛
2) الحفاظ على القيم الإسلامية وسلامة العقيدة، والحفاظ على وحدة المذهب المالكي والعمل على ضمان إقامة الشعائر الدينية في جميع مساجد المملكة؛
3) إحياء التراث الإسلامي وبعث الثقافة الإسلامية والعمل على نشرها على أوسع نطاق؛
4) المساهمة في بناء المساجد وترميمها وتوسعتها وتجهيزها وتأطيرها، ودراسة طلبات الترخيص ببناءها؛
5) إعداد سياسة الدولة في مجال التعليم العتيق والإشراف عليه وتنظيم شؤونه؛
6) توثيق أواصر التعاون وإقامة علاقات التبادل والتنسيق مع القطاعات والهيئات الوطنية والدولية في إطار السعي لتحقيق أهداف الوزارة؛
7) وضع سياسة للتكوين الأساسي والمستمر لفائدة الأطر الدينية من أجل تحسين أدائهم والرفع من مستوى تكوينهم.
ولم تكتفي وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية -فقط- بتطوير أهدافها لتلبية حاجات الحقل الديني، وإنما عملت -بالموازاة مع ذلك- على إقرار مجموعة من المؤسسات التنفيذية لهذه الأهداف، وفصلت اختصاصاتها بدقة كبيرة، وأبرز هذه المؤسسات: مديرية الشؤون الإسلامية، مديرية المساجد، مديرية التعليم العتيق.
لقد أظهر هذا القانون مجموعة من الاهتمامات الجديدة لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، لم يتضمنها قانون 1993،ومن أهم هذه الاهتمامات: المساهمة في بناء المساجد وترميمها ودراسة طلبات الترخيص ببنائها، والعناية بالتعليم العتيق، ووضع سياسة التكوين الأساسي للأطر الدينية، تنمية النشاط الثقافي للوزارة من خلال نشر الدراسات والأبحاث والترجمات.
2) الحفاظ على القيم الإسلامية وسلامة العقيدة، والحفاظ على وحدة المذهب المالكي والعمل على ضمان إقامة الشعائر الدينية في جميع مساجد المملكة؛
3) إحياء التراث الإسلامي وبعث الثقافة الإسلامية والعمل على نشرها على أوسع نطاق؛
4) المساهمة في بناء المساجد وترميمها وتوسعتها وتجهيزها وتأطيرها، ودراسة طلبات الترخيص ببناءها؛
5) إعداد سياسة الدولة في مجال التعليم العتيق والإشراف عليه وتنظيم شؤونه؛
6) توثيق أواصر التعاون وإقامة علاقات التبادل والتنسيق مع القطاعات والهيئات الوطنية والدولية في إطار السعي لتحقيق أهداف الوزارة؛
7) وضع سياسة للتكوين الأساسي والمستمر لفائدة الأطر الدينية من أجل تحسين أدائهم والرفع من مستوى تكوينهم.
ولم تكتفي وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية -فقط- بتطوير أهدافها لتلبية حاجات الحقل الديني، وإنما عملت -بالموازاة مع ذلك- على إقرار مجموعة من المؤسسات التنفيذية لهذه الأهداف، وفصلت اختصاصاتها بدقة كبيرة، وأبرز هذه المؤسسات: مديرية الشؤون الإسلامية، مديرية المساجد، مديرية التعليم العتيق.
لقد أظهر هذا القانون مجموعة من الاهتمامات الجديدة لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، لم يتضمنها قانون 1993،ومن أهم هذه الاهتمامات: المساهمة في بناء المساجد وترميمها ودراسة طلبات الترخيص ببنائها، والعناية بالتعليم العتيق، ووضع سياسة التكوين الأساسي للأطر الدينية، تنمية النشاط الثقافي للوزارة من خلال نشر الدراسات والأبحاث والترجمات.
إن إعادة الهيكلة التي خضعت لها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية سنة 2003 جسد قوة حضور الدولة في الحقل الديني، وجعلت منها الفاعل الأساسي، وذلك من خلال وضعها اليد على المساجد والتعليم العتيق، واستقلالها بوضع سياسة تكوين الأطر الدينية، وتكوين الخطباء.
ولم يقتصر هذا التأهيل الذي استفاد منه الحقل الديني على وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بل تعداها إلى جل مؤسسات الشأن الديني بحيث تم:
1) إصلاح التعليم العتيق (29 يناير 2002)؛
2) إعادة هيكلة وتنظيم المجلس العلمي الأعلى والمجالس العلمية المحلية (22 أبريل 2004)؛
3) إحداث الهيئة العلمية للإفتاء (22 أبريل 2004)؛
4) تأسيس الرابطة المحمدية للعلماء (30 أبريل 2004)؛
5) إطلاق إذاعة محمد السادس للقرآن الكريم (16 أكتوبر 2004)؛
6) إطلاق قناة محمد السادس للقرآن الكريم والموقع الإلكتروني لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية (2 نونبر 2005)؛
7) إعادة تنظيم مؤسسة دار الحديث الحسنية (24 غشت 2005)؛
8) إحداث معهد تكوين الأئمة والمرشدين (05- 2006)؛
9) إحداث المجلس العلمي الأوروبي (6 نونبر 2008)؛
10) إطلاق خطة ميثاق العلماء (29 أبريل 2009).
2) إعادة هيكلة وتنظيم المجلس العلمي الأعلى والمجالس العلمية المحلية (22 أبريل 2004)؛
3) إحداث الهيئة العلمية للإفتاء (22 أبريل 2004)؛
4) تأسيس الرابطة المحمدية للعلماء (30 أبريل 2004)؛
5) إطلاق إذاعة محمد السادس للقرآن الكريم (16 أكتوبر 2004)؛
6) إطلاق قناة محمد السادس للقرآن الكريم والموقع الإلكتروني لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية (2 نونبر 2005)؛
7) إعادة تنظيم مؤسسة دار الحديث الحسنية (24 غشت 2005)؛
8) إحداث معهد تكوين الأئمة والمرشدين (05- 2006)؛
9) إحداث المجلس العلمي الأوروبي (6 نونبر 2008)؛
10) إطلاق خطة ميثاق العلماء (29 أبريل 2009).
في الواقع، إن هذه الإصلاحات الجوهرية التي عرفها الحقل الديني في المغرب، كان هدفها وضع نموذج ديني سمح معتدل، يجسد قيم التسامح والتعايش والسلام والحوار بين الأديان والثقافات بين مختلف الأمم.
ومما تنبغي الإشارة إليه، أن عهد أمير المؤمنين، الملك محمد السادس، شكل مرحلة جديدة في استعادة شاملة لمفردات التدين التاريخي المغربي، في أبعاده العقدية والفقهية والسلوكية، فقبل هذا العهد كان الوعي بالخصوصية المذهبية محدودا، وكانت الإحالة دائما عند الحديث عن الخصوصية المغربية على المذهب المالكي. لكن مع بداية “العهد الجديد” اتسع الأمر، ليشمل العقيدة الأشعرية، وطريقة الجنيد في التصوف. وتجسد مشروع الاستعادة هذا في التشديد على اقتفاء أثر المذهب المالكي في العبادات، حيث عملت الوزارة على تتبع الخروقات المذهبية ومحاربتها في المساجد وأماكن العبادة عموما، وفي الوقت نفسه عملت على إحياء ما ندرس من رسوم المذهب في بعض المساجد، وكذلك العمل الدؤوب من أجل إحياء الحركة الصوفية ودفعها نحو المبادرة العملية في المجالات المختلفة.
إضافة إلى منح أولوية كبرى للتأطير الديني بحيث جعلته في صلب تأهيل الحقل الديني في عهد الملك محمد السادس، وشهدت كل المبادرات والإصلاحات استهداف إعادة تعبئة المواطن المغربي تعبئة دينية جديدة، على أساس توحيد نمط التدين ومراجعه، بدءا بإصلاح وزارة الأوقاف وتعزيز قدراتها التأطيرية، وإعادة تنظيم المجالس العلمية، وانتهاء بخطة ميثاق العلماء.
كما تم تحديث الحقل الديني، بحيث عرف عهد الملك محمد السادس، إدماج الدين في صلب التنمية، بحيث لم يعد يقتصر الدين “فقط“ على حل إشكاليات التطرف والغلو والخروج عن المنهج الوسط من الناحية العقدية والفقهية والسلوكية، ولكن شمل كذلك إدماج الفعالية الدينية في دينامية التنمية والبناء الحضاري، وتجسد هذا الأمر بوضوح في مبادرة تطوير وظيفة المسجد وإدماجه في التنمية من خلال برنامج محاربة الأمية في المساجد، والعناية بالمرأة العالمة، التي أصبحت حاضرة في كل مبادرات التأهيل تقريبا، في المجلس العلمي الأعلى، والمجالس العلمية المحلية، وبرنامج تكوين الأئمة والمرشدات.
بحيث عرف النهج التحديثي الذي تبناه المغرب، في عهد أمير المؤمنين، في مقاربة قضايا الشأن الديني من حيث الشكل والمضمون توخا درء التعارض بين الحداثة بأبعادها السياسية والاقتصادية والثقافية والشأن الديني. فإذا كانت الكثير من التيارات الدينية ومظاهر التدين تبدو في كثير من الحالات خصما عنيدا لما استقر من مظاهر الحداثة، فإن الرسالة الضمنية لكل مؤسسات الحقل الديني الرسمي هي التوفيق بين الأمرين معا.
ريادة ملكية في تحصين الحقل الديني وتعزيز روابط المغرب بعمقه الإفريقي.
شهد عهد الملك محمد السادس، اعتماد مقاربة متجددة ومتعددة الأبعاد تروم تحصين الهوية الدينية للمواطنين، وتدعيم أسس الإسلام السمح، الوسطي والمعتدل ومحاربة التطرف والفكر المتشدد.
وبصفته أمير المؤمنين، يبذل الملك محمد السادس، جهودا حثيثة من أجل بناء مجتمع تعددي يقوم على قاعدتين أساسيتين، هما تكريس مكانة الدين في الحياة، وتحفيز تربية دينية تنبذ كافة أشكال التمييز والحقد والكراهية والتشدد والتطرف العنيف.
وتعددت المبادرات الملكية المشهودة في هذا الصدد، من قبيل الاهتمام والعناية بالقرآن الكريم عبر إحداث معهد محمد السادس للقراءات والدراسات القرآنية، ومؤسسة محمد السادس لنشر المصحف الشريف، وعدد من الجوائز الوطنية والدولية الرامية إلى تشجيع تعلم كتاب الله، لاسيما جائزة محمد السادس الوطنية في حفظ القرآن الكريم وترتيله وتجويده، وجائزة محمد السادس لـ “أهل القرآن“، وجائزة محمد السادس للكتاتيب القرآنية.
ولا يعادل العناية المولوية، لأمير المؤمنين محمد السادس، بكتاب الله سوى حرصه على تمكين مجموع جهات المملكة من مساجد تضطلع بدورها كاملا في توفير أماكن العبادة والتوجيه والإرشاد والتنوير ومحو الأمية.
وتبعا لذلك، يتم كل سنة بناء مئات المساجد عبر مجموع تراب المملكة، بالموازاة مع تنفيذ برنامج وطني لتأهيل دور العبادة وقاعات الصلاة الآيلة للسقوط، والذي تمت بلورته تنفيذا للتعليمات الملكية، وذلك بناء على عملية للمراقبة والافتحاص التقني المنفذ من طرف وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ووزارة الداخلية.
إضافة إلى قيام وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، تنفيذا للتعليمات الملكية، بترميم وإعادة تأهيل المساجد التاريخية، ومساجد الأضرحة، والزوايا والمدارس العتيقة.
ومما هو مؤكد كون هذه الجهود لن تؤتي أكلها من دون التأطير الناجع وتطوير تعليم ديني يحرص على صيانة المرجعية الدينية للمملكة، القائمة على إمارة المؤمنين والعقيدة الأشعرية والمذهب المالكي والصوفية السنية.
وفي هذا السياق، تم إطلاق خطة دعم التأطير الديني على المستوى المحلي، وإحداث مؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية للقيمين الدينيين، ومعهد محمد السادس لتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات، وإعادة هيكلة جامعة القرويين مع إحداث السلك الدراسي الجديد بها، إلى جانب التدابير المتضمنة في الظهير المنظم للمجلس العلمي الأعلى والمجالس العلمية المحلية، وتلك المندرجة في إطار ميثاق العلماء.
وانطلاقا من مقاربته المتجددة ومتعددة الأبعاد، أضحى المغرب نموذجا يستند إليه في مجال تدبير الحقل الديني، حيث تقدمت عدد من بلدان أوروبا وإفريقيا جنوب الصحراء بطلبات الاستفادة من التجربة والخبرة التي راكمتها المملكة في هذا المجال، والتي استجاب لها المغرب بكيفية إيجابية.
وقد تعزز إشعاع المملكة من خلال إحداث أمير المؤمنين الملك محمد السادس لمؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، التي تعد مبادرة متفردة تجسد تميز العلاقات الروحية والاجتماعية والجغرافية التي تجمع المغرب بالدول الإفريقية، والتي تفتح الباب أمام تعاون نموذجي في المجال الديني.
وتشكل هذه المؤسسة إطارا مؤسساتيا يمكن العلماء الأفارقة من إرساء أسس تعاون وثيق مصلحته الأسمى هي خدمة الدين الإسلامي الحنيف ومحاربة كافة مظاهر الغلو والتطرف، لتتويج مجموع الجهود التي ما فتئ يبذلها الملك محمد السادس في تدبير المشهد الديني.
وغني عن البيان، بأن مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة تقوم بكافة المبادرات والأنشطة التي من شأنها تفعيل قيم الدين السمحة في كل إصلاح تتوقف عليه عملية التنمية في إفريقيا، سواء على مستوى القارة أو على صعيد كل بلد، وتنشيط الحركة الفكرية والعلمية والثقافية المتصلة بالدين الإسلامي الحنيف وتوطيد العلاقات التاريخية التي تجمع المغرب وباقي دول أفريقيا والعمل على تطويرها.
هذه المبادرات تجسد الالتزام الديني والإشعاع الروحي الذي اشتغل عليه أمير المؤمنين الملك محمد السادس، بهدف نشر قيم السلام السمح والمعتدل، لاسيما من خلال تشييد بيوت الله في عدد من الدول الإفريقية كما هو الحال في الكوت ديفوار والسنغال وغينيا كوناكري، وغيرها من البلدان الإفريقية الأخرى... علاوة على الحضور المنتظم للعلماء الأفارقة في الدروس الحسنية لشهر رمضان، وإحداث رابطة علماء المغرب والسنغال، وإحداث معهد الدراسات الإفريقية، وتنظيم ندوة حول الطرق الصوفية، وكذا تقديم هبات من المصحف المحمدي الشريف برواية ورش عن نافع لفائدة عدد من بلدان القارة الإفريقية.
عناية ملكية بالشأن الديني للجالية المغربية بالخارج
انسجاما مع أهداف النموذج الديني المغربي السمح المعتدل القائم على أركان مؤسسة إمارة المؤمنين الهادفة إلى الحفاظ على الهوية والدين والثقافة المغربية للجالية المغربية بالخارج، وخلق جسور الترابط بين مغاربة العالم في بلدان الإقامة وثوابت المملكة المغربية والعرش العلوي المجيد.
يحظى الشأن الديني للجالية المغربية بالخارج، بأهمية كبرى في الرؤية الاستراتيجية لأمير المؤمنين الملك محمد السادس المرتبطة بتدبير الحقل الديني.
ويأتي مغاربة العالم في طليعة الجاليات المتوفرة على هيكلة منظمة في مجال ممارسة الشعائر الدينية، كما أن المشهد الديني بالخارج يتميز لديها بكل تلقائية بالأولوية وبالاهتمام باعتبار الإسلام محور الهوية الحضارية والثقافية المغربية التي تتجسد ميدانيا في تنامي عدد المساجد والجمعيات والمراكز الثقافية التي تمتلكها أو تديرها هذه الجالية.
وقد سهر أمير المؤمنين على وضع مؤسسات تهتم بتدبير الشأن الديني للجالية المغربية في بلدان الإقامة من بينهم وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية والمجلس العلمي الأوروبي ومجلس الجالية المغربية بالخارج ومؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج. ويتجسد وعي المؤسسات المختصة في تدبير الشأن الديني لمغاربة المهجر في بلدان الإقامة من خلال أهمية حرصهم على تنويع مجال نشاطهم الديني لفائدة أفراد الجالية المغربية بالخارج سعيا منهم إلى تلبية الحاجيات الدينية الملحة والمتنامية للجالية المغربية ضمن استراتيجية تضمن مسايرة النشاط الديني للمستجدات والمتطلبات الميدانية والتغيرات الدولية في ظل عالم متعدد الأقطاب وكثير التحديات.
وتكريسا لهذه الخدمات المرصودة لمغاربة العالم، تعمل المؤسسات المختصة في تدبير الشؤون الدينية على وضع ترسانة برامج تتمحور وفق الآتي بيانه:
1) برنامج الوعظ القار: الذي يشرف عليه مجموعة الوعاظ القارين مهمتهم الأولية هي تأطير الأئمة في بعض المساجد والمراكز الإسلامية التابعة للجالية المغربية.
2) برنامج الوعظ الموسمي: الذي تضطلع به المؤسسات المختصة في تدبير الحقل الديني ويتجلى في إيفاد بعثة دينية للقيام بالتنشيط الديني لفائدة الجالية المغربية خلال شهر رمضان.
3) تحسين مستوى التأطير الديني: يستفيد مغاربة العالم من تأطير ديني في مستوى تطلعاتهم يعالج مختلف القضايا الراهنة المرتبطة بالتغيرات الدولية سعيا إلى الحفاظ على الهوية وارتباطهم بثوابت المملكة المغربية ويتم ذلك عبر بعثات الوعاظ والمقرئين المرصودين لهذا الأمر، سعيا إلى تحقيق الجودة المطلوبة لهذا النشاط الديني عن طريق انتقاء أجود العناصر المتوفرة في الساحة الوطنية سواء من بين: الكفاءات الجامعية المتخصصة في العلوم الشرعية والدراسات الإسلامية بمختلف كليات المملكة، الوعاظ المشهود لهم بالكفاءة المهنية والعلمية من طرف المجالس العلمية، المقرئين المستوفين لشروط انتقائية وضعتها المؤسسات المختصة لتلك الغاية.
وبالنظر للاهتمام التنظيمي الذي يشمل الجالية المغربية، أعطى أمير المؤمنين في يوليوز 2022 تعليماته للسلطات المغربية من أجل تشكيل هيئات تسهر على تنظيم شؤون الطائفة اليهودية المغربية بالشكل الذي يضمن حقوقهم ومن أجل المحافظة على الموروث اليهودي الذي يعد جزءا من الموروث الديني والثقافي المغربي.
إن عهد أمير المؤمنين، الملك محمد السادس، عرف تطورات هيكلية كبرى دينيا وثقافيا، تعززت من خلالها ضمانات وحقوق ممارسة الشعائر الدينية والعقائدية لجميع المغاربة باختلاف دياناتهم، في إطار متكامل يسوده السلام والتعايش والتسامح والأمن الروحي المشترك.
ختاما، إن الجهود التي بذلها أمير المؤمنين الملك محمد السادس في تدبير ناجع للشأن الديني جعلت المملكة المغربية نموذج دولة إسلامية حديثة بكافة المقاييس.
بحيث أصبح النموذج الديني المغربي السمح المعتدل، مرجعية أساسية يستند إليها في محاربة التطرف والتشدد العنيف عبر التكوين والإرشاد الديني والتأطير التربوي الهادف إلى اقتلاع الفكر الجهادي من جذوره.
انطلاقا من مبادئ مؤسسة إمارة المؤمنين الهادفة إلى نشر قيم التسامح والتعايش والسلام والحوار بين الأديان والثقافات، والتي جعلت من النموذج الديني المغربي محور أساسي في التنمية، وعنصر رئيسي في الدفاع عن القضايا الوطنية ومصالح المغرب داخل الوطن وخارجه.
انطلاقا من مبادئ مؤسسة إمارة المؤمنين الهادفة إلى نشر قيم التسامح والتعايش والسلام والحوار بين الأديان والثقافات، والتي جعلت من النموذج الديني المغربي محور أساسي في التنمية، وعنصر رئيسي في الدفاع عن القضايا الوطنية ومصالح المغرب داخل الوطن وخارجه.
عضو المعهد الفرنسي Eranos للذكاء الاستراتيجي