الأحد 24 نوفمبر 2024
فن وثقافة

متحف محمد السادس: تذكرة دخول الرباط إلى سجل عواصم الأنوار

متحف محمد السادس: تذكرة دخول الرباط إلى سجل عواصم الأنوار

وأخيرا تحقق حلم الرباط في امتلاك متحف للفن المعاصر بمعايير دولية، بعد أن دشنه الملك محمد السادس يوم أمس 7 أكتوبر 2014، بعد مرور 14 سنة على انبثاق فكرته الجنينية الأولى، وبعد عقد من الزمن على انطلاق المشروع رسميا. وخلال كل هذه المدة تغير ثلاث وزراء للثقافة كانوا يباشرون متابعة المشروع (محمد الأشعري، ثريا جبران وبنسالم حميش)، قبل أن تتأسس المؤسسة الوطنية للمتاحف مؤخرا لتواصل هذه المهمة، وبالتالي صار دور وزارة الثقافة شكليا في كل ما يتعلق بقطاع الآثار والمتاحف.

خلال هذه المدة تغير كذلك إيقاع البناء والإعداد وتعثر مرارا، مثلما تم التفكير في أسماء متعددة للمشروع: "متحف الفنون المعاصرة"، و"المتحف الوطني للتراث"،،، وأخيرا الاسم النهائي "متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر".

قلنا إنه حلم الرباط، والواقع أنه أحد المعالم الثقافية الكبرى التي تحظى بالرعاية الشخصية للملك مباشرة ضمن رؤية تخص تمتيع العاصمة ببعد ثقافي وحضاري حديث يخرجها من الطابع الإداري الرتيب، ومن جمودها التاريخي ليجعلها "مدينة الأنوار" المغربية، مقيمة في العصر ومفتوحة على الإبداع والفنون، كما هو حال العواصم الدولية الكبرى. وفي هذا الإطار يندرج بناء المكتبة الوطنية للمملكة الوطنية التي افتتحها الملك في أكتوبر 2008، في انتظار مشاريع مماثلة من قبيل متحف للآثار وعلوم الأرض، والمعهد العالي للرقص والكوريغرافيا، ومتحف الحلي والألبسة التقليدية، وانتهاء بمشروع المسرح الكبير للرباط الذي أطلق الملك انطلاق أشغال إنجازه في نفس يوم تدشين المتحف، والذي سيصل استثماره الإجمالي إلى مليار و677 مليون درهم على مساحة تبلغ سبعة هكتارات، وذلك ضمن المشروع التنموي الكبير المتعلق بتهيئة ضفتي أبي رقراق.

إن قيمة المنجز الجديد لا تتمثل فقط في كونه أول مؤسسة متحفية عمومية تدخل المغرب في زمن المعايير الفنية الدولية، ولا فقط في كلفته المالية (200 مليون درهم)، ولكن كذلك في طبيعة الوظائف المنتظرة منه، أسوة بالتقاليد المرعية في مجال المتاحف الدولية، ومن هذه الوظائف: اعتباره أولا رمزا للذخيرة الفنية وطنيا ودوليا، أي أنه سيصبح المرجع في ما يمتلكه المغرب من تراث لا مادي، واعتباره ثانيا معرضا دائما للوحات والمنحوتات وكل الإبداعات المغربية والعربية والدولية، واعتباره ثالثا مقرا لتجديد التلاقح الثقافي بما يجعله ملتقى دائما لثقافات وفنون العالم. وهي وظائف إستراتيجية كبرى نأمل أن تتوفق المؤسسة الوطنية للمتاحف في الاطلاع بها بالشكل الذي يحدث تغييرا حقيقيا لمقاربة المغاربة للفن المعاصر بشكل عام. مثلما نأمل أن تتم إدارة فكرة المتحف بإطلاق الحوار مع كل المعنيين بالفن المعاصر، من فنانين وفنانات وهيئات ومؤسسات مغربية ودولية. كما نأمل أن يتم ابتكار وسائل خلاقة لرعاية المتحف وصيانته وتطوير وظائفه وموارده الفنية والمالية، ولعل في فكرة اتفاقيات الشراكة التي رعى الملك شخصيا ثلاثا منها، يوم الافتتاح، ما يؤشر على مواصلة دعم هذا التفكير وتطوير الشراكات، واعتبار استمرار الفكرة مسؤولية الدولة والقطاع الخاص لأن المؤسسة تتمتع بقيمة وطنية ثقافية تعني راهن المغرب ومستقبله الحضاري ورمزيته الفنية في العالم. 

الملك أثناء إعطائه انطلاق إنجاز أشغال المسرح الكبير بالرباط