قال محمد الغيث ماء العينين، نائب رئيس المركز المغربي للدبلوماسية، أن فرنسا وصلت إلى القناعة بأن مصالحها الإفريقية والإقليمية سواء الاقتصادية أو الأمنية، بل والاستراتيجية، تفرض عليها براغماتيا إعطاء الأفضلية لعلاقاتها مع المملكة المغربية.
وزاد الباحث في الشأن الديبلوماسي، قائلا أن فرنسا حسمت أمرها بشكل واضح فيما يتعلق بعلاقاتها المغاربية، وأنها انتقلت من مرحلة كانت تحاول فيها اللعب على الحبلين في علاقاتها مع كل من المغرب والجزائر، بل والميل أحيانا إلى الرهان على العلاقات الجزائرية، وخصوصا في عهد الرئيس ماكرون، إلى القناعة بأن مصالحها الإفريقية والإقليمية سواء الاقتصادية أو الأمنية بل والاستراتيجية تفرض عليها براغماتيا إعطاء الأفضلية لعلاقاتها مع المملكة المغربية.
وأضاف محمد الغيث ماء العينين، أن الملك محمد السادس، ذكر في رسالته الموجهة للرئيس الفرنسي ماكرون بالمدخل الوحيد للرفع من مستوى العلاقات بين البلدين، والذي هو أن تأخذ الشراكة بينهما بعين الاعتبار المصالح المهمة لكل بلد، والتي يأتي على رأسها بالنسبة للمغرب بطبيعة الحال ملف الوحدة الترابية، وكما جاء في رسالة الملك: "علاوة على ذلك، فإنني أدرك تماما أنه يمكنني أن أعول على التزامكم الشخصي، من أجل أن تأخذ هذه الشراكة بعين الاعتبار المصالح المهمة لبلدينا".
حديث نائب رئيس المركز المغربي للدبلوماسية، جاء على خلفية البلاغ الصادر ظهر امس الخميس 26 يوليوز 2024، عن وزارة الخارجية الجزائرية، جاء ليؤرخ لهذه الانعطافة الاستراتيجية في العلاقات المغربية الفرنسية، بل ويصلح في مضمونه ومن خلال بعض فقراته، لأن يكون بيانا مشتركا مغربيا فرنسيا أو بيانا صادرا عن جهة مغربية رسمية مسؤولة عن التسويق للنجاحات الدبلوماسية المغربية، وما يقابلها من انتكاسات متوالية لبقايا الآلة المهترئة للدبلوماسية الجزائرية، وهو ما يؤشر إلى مدى الارتباك الذي خلفه الموقف الفرنسي الذي يبدو أنه فاجأ القيادة الجزائرية، كما يستشف من البلاغ، لا من حيث مضمون ووضوح الموقف الفرنسي الذي وصفه البلاغ الجزائري بأنه "دعم صريح لا يشوبه أي لبس لمخطط الحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية"، ولا من حيث الشكل حيث "تم إبلاغ السلطات الجزائرية بفحوى هذا القرار من طرف السلطات الفرنسية".
ولا يخفى أن كل متتبع للشأن الجزائري ولكيفية اشتغال "عقل" القيادة في هذا البلد سوف يعرف إلى أي مدى سوف يعتبر إبلاغ السلطات الفرنسية لنظيرتها الجزائرية مباشرة بقرار باريس الاعتراف بمغربية الصحراء على أنه نوع من "حگرونا" الدبلوماسية تزيد من تعميق الجراحات الناتجة عن تراكم الانتكاسات في ملف الصحراء، والتي توجها الموقف الفرنسي المتجدد الذي يمكن تلخيصه بأن اكثر ثلاث دول لها تأثير على ملف الصحراء وهي الولايات المتحدة وفرنسا العضوتان في مجلس الأمن واسبانيا القوة الاستعمارية السابقة قد اعترفت "بشكل لا لبس فيه" بمغربية الصحراء مضمونا وجوهرا و بمخطط الحكم الذاتي كشكل وتجسيد لهذه السيادة. يقول محمد الغيث ماء العينين، نائب رئيس المركز المغربي للدبلوماسية.