الأحد 24 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

نوفل البعمري: ملف الصحراء.. خيارات النظام الجزائري

نوفل البعمري: ملف الصحراء.. خيارات النظام الجزائري نوفل البعمري
بعد أن حوَّلت غالبية الدول موقفها اتجاه ملف الصحراء من موقف يتواوح بين دعم البوليساريو والتذبذب في توضيحه، إلى موقف داعم للمغرب سواء على مستوى مغربية الصحراء أو مبادرة الحكم الذاتي ليصل عدد هذه الدول إلى 100 دولة…
 
و بعد أن اتخذ مجلس الأمن مواقف واضحة اتجهت نحو إسقاط خيار "الاستفتاء" لصالح خيار مبادرة الحكم الذاتي، بحيث باتت قراراته متبنية للمعايير السياسية للمقترح المغربي و لم تعد تشير لإستفتاء تقرير المصير باعتباره خيار من خيارات مجلس الأمن، ليظل الحكم الذاتي الحل الوحيد الموضوع على الطاولة الأممية…
و بعد أن باتت اللجنة الرابعة التي كان المغرب هو من توجه لها لتصفية الصحراء من الاستعمار الإسباني، منصة جديدة من المنصات التي يتم فيها دعم المقترح المغربي من طرف مختلف التكتلات و المجموعات المشاركة في جلساتها…
و بعد أن اختارت غالبية الدول إما فتح قنصليات لها في الاقاليم الجنوبية، أو التوجه نحو الاستثمار في المنطقة، كتجسيد لدعمها للموقف المغربي و لمغربية الصحراء.
 
وبعد أن توجهت جامعة الدول العربية، معها دول التعاون الخليجي في التأكيد بوضوح على رفضها لكل سياسات الانفصال بالمنطقة العربية، و أكدت على دعم مغربية الصحراء…
 
وبعد أن انهار المشروع الجزائري و ثبت فشله منذ بداياته الأولى و إفتضاح الدور الجزائري السلبي في الملف، و تأكد للعالم أن هذا النظام هو صاحب المصلحة الأولى في بقاء هذا الملف دون طي…
 
وبعد أن تم تحميل النظام الجزائري كامل المسؤولية في تدهور العملية السياسية، و مخاطبته بشكل مباشر من أجل لعب دور إيجابي في النزاع…
 
وبعد أن أقرت الأمم المتحدة بكون هذا النظام هو الطرف الأساسي، و أن أي حل لا يمكن أن يكون إلا معه…
 
وبعد أن تسبب دعم النظام الجزائري لمليشيات البوليساريو و لهذا الملف المفتعل في صرف ملايير الدولار على تنظيم هامشي، و في ملف انتهى لتبني الأطروحة المغربية…
 
بعد كل هذا، و ذاك…ما الذي ينتظره النظام الجزائري ليعترف بهذا الواقع القديم- الجديد، و يعمل على الاستجابة للنداءات المتكررة القادمة من وسط المخيمات بضرورة تحرير ساكنتها الذين تحولوا لرهائن لديهم، و بالإستجابة لمضامين قرارات مجلس الأمن قصد طي هذا الملف بشكل كلي!!
 
هذا السؤال لاشك أصبح اليوم مطروحاً بقوة في كل الملتقيات الدولية، و في الأجندة الأممية، يبدو أنه هو ما دفع السفير المغربي عمر هلال ليطرحه بشكل مباشر في المناقشات التي تمت باللجنة 24 بحيث نقله لعموم الحاضرين و للطرف المعني به النظام الجزائري ليس للإجابة عليه من طرفهم، بل للكف بداية عن ترديد خطاب سياسي أصبح متجاوزاً ينتمي للماضي و لفترة الحرب الباردة التي حسمت معها الأمم المتحدة، و لم يعد الشكل الذي تُقدم به الجزائر " تقرير المصير" أي معنى في الأدبيات السياسية الجديدة للأمم المتحدة التي تتجه نحو توسيع هذا المفهوم و إعطاءه معنى ديموقراطي حقيقي يضمن وحدة الشعوب و تعايشها، بدل تقسيم الدول و تفتيتها نظراً لكون مختلف التجارب التي تم تقسيم دولها إما انتهت لحروب طاحنة أو سقطت في يد الإرهاب و التنظيمات الجهادية و هو ما لا يمكن أن يسمح به المنتظم الدولي على مستوى المنطقة.
النظام الجزائري ما عليه إلا أن يقر بالواقع التالي:
المغرب يمارس كامل سيادته في الأقاليم الجنوبية، سيادة سياسية و ادارية و دبلوماسية و يبني تجربته الديموقراطية المحلية بخطى ثابتة نحو تعزيز المشاركة المحلية و إشراك الساكنة الصحراوية في تدبير الشأن المحلي، في تمرين ديموقراطي يجسد حقيقة شعار "تقرير المصير"
المغرب ماضٍ في سياسته التنموية بالمنطقة، و في تعزيز البنية التحتية بالطرق السيارة، و بإنشاء مناطق صناعية كبيرة ممتدة لبئر كندوز، و تعمير كامل أقاليمه الجنوبية.
المغرب ماضي في ربط المنطقة بمشاريع استراتيجية كبرى، منها ميناء الداخلة، مشروع ربط دول الساحل بالمحيط الأطلسي.
كما عليه من جهة أخرى إلا أن يقر ب:
فشل مشروعه، المشروع البومديني و العقيدة العسكرية التي أرادت تعميمها بالمنطقة، على مستوى دول الساحل ككل و ليس الصحراء فقط.
استمرار دعمه لهذا النزاع، فيه تحميل للإقتصاد الجزائري ما لم يعد يحتمله من خسائر مالية كبرى في ظل الأزمة الخانقة التي يعيشها هذا النظام.
العزلة التي دخل فيها النظام الجزائري على جل المستويات، عربياً فالدولة الجزائرية أصبحت محسوبة على المعسكر الإيراني، متوسطياً لا أحد من هذه الدول له شراكات مع الدولة الجزائرية.
على المستوى الإفريقي لم يعد للصوت الجزائري أي حضور خاصة مع انخراط دول غرب أفريقيا و بشكل خاص نيجيريا في مشاريع كبرى مع المغرب آخرها ربط المنطقة بأنبوب الغاز.
هذا الواقع الذي بات يعيشه النظام الجزائري و غيرها من مظاهر العزلة و الفشل السياسي للدولة الجزائرية في ملف الصحراء، يجعل منه نظاما ليس له و أمامه إلا خيارين:
خيار التعامل بواقعية مع الوضع الجديد الذي بات يعيشه ملف الصحراء، و هو أمر يحتاج لشجاعة كبيرة و للعقل، و هما للآن مفتقدين داخل المعسكر الحاكم بالجزائر.
خيار الاستمرار في هذا المسلسل مع ما يعنيه من خسائر سيتكبدها سياسياً و اقتصادياً النظام الجزائري مع انعكاسات كل ذلك على الداخل الجزائري الذي بات متجهاً للإنهيار!!
عموماً مهما كانت خيارات النظام الجزائري فالمغرب حسم ملف الصحراء لصالح وحدة المغرب، و لصالح تنمية المنطقة و دمقرطتها و هو في ذلك من البراق ماضً بسرعته القصوى في هذا الإتجاه و لن ينتظر نظاماً عاجزاً عن قراءة الواقع من منظور المصلحة، مصلحة الشعب الجزائري أولا!!