الجمعة 7 فبراير 2025
سياسة

أفتاتي: لن تفرض الضريبة على الثروة إلا إذا كانت السلطة فـي يد الشعب وليس في يد الكمبرادور

أفتاتي: لن تفرض الضريبة على الثروة إلا إذا كانت السلطة فـي يد الشعب وليس في يد الكمبرادور عبد العزيز أفتاتي، سياسي معارض "حزب العدالة والتنمية"
في سياق انشغال الراي العام برفض حكومة أخنوش فرض الضريبة على الثروة على الأغنياء، "أنفاس بريس" فتحت نافذة على هذا الموضوع من خلال طرح السؤال على عبد العزيز أفتاتي، سياسي معارض "حزب العدالة والتنمية"، الذي عبر عن موقفه من خلال المقال التالي:
 
‮‬في‭ ‬حالة‭ ‬شبيهة‭ ‬بوضعية‭ ‬“حاميها‭ ‬حراميها”‭ ‬من‭ ‬الطبيعي‭ ‬ان‭ ‬ترفض‭ ‬حكومة‭ ‬الكمبرادور‭ ‬والمفترس،‭ ‬بكل‭ ‬مقاييس‮ ‬‭ ‬“السوق“‭ ‬والأعمال،‭ ‬تضريب‭ ‬مناسب‭ ‬ومستحق‭ ‬للماكرو‭ ‬ثروة‭ ‬والمحتكرين‭ ‬لمجالات‭ ‬عديدة‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬الأعمال‭ ‬الريعية‭ ‬المدرة‭ ‬لعائدات‭ ‬خيالية:‭ ‬كبار‭ ‬تجار‭ ‬المحروقات‭ ‬والغاز‭ ‬والأبناك‭ ‬والتأمينات‭ ‬والإنعاش‭ ‬العقاري‭ ‬والسياحي‭ ‬وصيد‭ ‬الأعالي‮ ‬‭ ‬والمناجم‭ ‬وتحلية‭ ‬المياه‭ ‬والطاقات‭ ‬المتجددة‮ ‬‭ ‬والمصحات‭ ‬الكبيرة‭ ‬وسلاسلها‭ ‬العملاقة‭ ‬والمهيمنين‭ ‬على‭ ‬التوزيع‭ ‬الكبير‭ ‬للحوم‭ ‬والخضر‭ ‬والفواكه‭ ‬والمؤسسات‭ ‬الكبيرة‮ ‬‭ ‬لتوزيع‭ ‬مواد‭ ‬الاستهلاك‮ ‬‭....‬

نحن‭ ‬في‭ ‬وضعية‭ ‬تسخير‭ ‬السلطوية‭ ‬للرأسمال‭ ‬الكبير‭ ‬الرّيعي‭ ‬قصد‭ ‬خدمتها‭ ‬لطحن‭ ‬الحياة‭ ‬السياسية‭ ‬وتحويل‭ ‬الأحزاب‭ ‬إلى‭ ‬كارطيلات‭ ‬وشبكات‭ ‬مافيوزية‭ ‬لنافذين‭ ‬والسعي‭ ‬لإلحاق‭ ‬النقابات‭ ‬بنفس‭ ‬المصير‭....‬

والمقابل‭ ‬الذي‭ ‬تتلقاه‭ ‬كائنات‭ ‬الرأسمال‭ ‬الكبير‭ ‬الريعي‭ ‬من‭ ‬خدمة‭ ‬الاستبداد‭ ‬وإفساد‭ ‬الحياة‭ ‬السياسية‭ ‬هو‭ ‬تمكينها‭ ‬من‭ ‬تحصين‭ ‬ثرواتها‭ ‬وتنميتها‭ ‬بشكل‭ ‬رهيب‭ ‬وتشكيل‭ ‬ما‭ ‬يشبه‭ ‬“نقابة“‭ ‬من‭ ‬كبار‭ ‬القوم‭ ‬تكون‭ ‬فوق‭ ‬كل‭ ‬مسائلة‭ ‬ومحاسبة‭ ‬بدل‭ ‬أن‭ ‬تلزم‭ ‬بشيء‭ ‬كيفما‭ ‬كان:‭ ‬الخضوع‭ ‬لتضريب‭ ‬مستحق‭ ‬مثلا‭.....‬

‮‬وهذا‭ ‬المسخ‭ ‬عندنا‭ ‬أفضى‭ ‬و‭ ‬بكل‭ ‬صلافة‭ ‬لرفض‭ ‬حتى‭ ‬“مقترح“‭ ‬مجلس‭ ‬المنافسة‭ ‬في‭ ‬تضريب‭ ‬كارطيل‭ ‬المحروقات‭ ‬بنسبة‭ ‬%40 من‭ ‬الأرباح‭ ‬و‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬له‭ ‬“دور“‭ ‬كمجلس‭ ‬منافسة‭ ‬مع‭ ‬الأسف،‮ ‬‭ ‬في‭ ‬تحصينهم‭ ‬“بحكم‭ ‬رغبة‭ ‬الدولة“‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬“التغريم” (المصالحة)‭ ‬الشهير‭ ‬والهزيل 1.83 مليار‭ ‬درهم‭ ‬والذي‭ ‬لا‭ ‬يصل‭ ‬حتى‮ ‬‭ ‬إلى‭ ‬%3 من‭ ‬رقم‭ ‬معاملات‭ ‬سنة‭ ‬من‭ ‬سنوات‭ ‬الشفط‭ ‬الأخيرة‮ ‬‭.‬

‮وأعتقد‭ ‬أن‭ ‬رفعا‭ ‬تضريبيا‭ ‬مناسبا‭ ‬لكارطيلات‭ ‬الثروة‭ ‬ضروري‭ ‬ومستعجل‭ ‬وملح‭ ‬،‭ ‬وأن‭ ‬الطريق‭ ‬إليه‭ ‬هو‭ ‬حسم‭ ‬السّلطة‭ ‬لفائدة‭ ‬الشعب،‭ ‬لأنّ‭ ‬سؤال‭ ‬أين‭ ‬الثروة‭ ‬يمر‭ ‬بالضرورة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الجواب‭ ‬الصحيح‭ ‬على‭ ‬سؤال‭ ‬من‭ ‬يملك‭ ‬السلطة‭.‬

‮‬فمن‭ ‬يملك‭ ‬السلطة‭ ‬اليوم‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬يملك‭ ‬الثروة‭ ‬ويتحكم‭ ‬في‭ ‬إنشائها‭ ‬وخلقها‭ ‬واحتكارها‭ ‬وتركيزها‭ ‬و“كرطلتها”‭ ‬من‭ ‬الكرطلةcartellisation)...)

ويوم‭ ‬تكون‭ ‬السلطة‭ ‬بيد‭ ‬صاحبها،‭ ‬أي‭ ‬الشعب‭ ‬فساعتها‭ ‬ستكون‭ ‬الثروة‭ ‬موزعة‭ ‬بعدالة‭ ‬ونزاهة‭ ‬واستحقاق،‭ ‬وبالتبع‭ ‬سيكون‭ ‬الأداء‭ ‬النّاجز‭ ‬والكامل‭ ‬لمستحقاتها‭ ‬من‭ ‬ضرائب‭ ‬وواجبات‭ ‬وما‭ ‬شابه‭.‬

وقرف‭ ‬أن‭ ‬الكمبرادور‭ ‬و“جوقته“‭ ‬يخفون‭ ‬حقيقة‭ ‬المالية‭ ‬العمومية‭ ‬وعجزها،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تدبيرهم‭ ‬المنحاز‭ ‬للرأسمال‭ ‬الكبير‭ ‬الرّيعي‭ ‬عن‭ ‬توفير‭ ‬الامكانات‭ ‬المالية‭ ‬الضرورية‭ ‬لتغطية‭ ‬حاجيات‭ ‬الحماية‭ ‬الإجتماعية‭ ‬والحاجيات‭ ‬الملحة‭ ‬الأخرى‭ ‬من‭ ‬تسيير‭ ‬للقطاع‭ ‬الحيوية‭ ‬من‭ ‬تعليم‭ ‬وصحة‭ ‬واستثمار‭.‬

ولذلك‭ ‬تراهم‭ ‬يتلاعبون‭ ‬بالمعطيات‭ ‬والإمكانات‭ ‬غير‭ ‬المستدامة‭ ‬(ما‭ ‬يسمونه‭ ‬تدليسا‭ ‬تمويلات‭ ‬مبتكرة)،‭ ‬والمتمعن‭ ‬في‭ ‬معطيات‭ ‬البرمجة‭ ‬الميزانياتية‭ ‬الثلاثية‭ ‬لـ‭ ‬2024‭ ‬و2025 و2026 (على‭ ‬فرض‭ ‬صحتها‭ ‬المشكوك‭ ‬فيها‭ ‬في‭ ‬تقديري)‭ ‬سيصاب‭ ‬بالذهول‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالتطور‭ ‬الضعيف‭ ‬للمداخيل‭ ‬العادية‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تنامي‭ ‬مستمر‭ ‬للنفقات،‭ ‬ممّا‭ ‬سيحتم‭ ‬اللجوء‭ ‬المفرط‭ ‬بكل‭ ‬تأكيد‭ ‬لاستدانة،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬الاستدانة/الخوصصة‭ ‬التدليسية‭ ‬المسماة‭ ‬تمويلات‭ ‬مبتكرة،‭ ‬وكذا‭ ‬إثقال‭ ‬كاهل‭ ‬المؤسّسات‭ ‬العمومية‭ ‬بتحصيل‭ ‬موارد‭ ‬كبيرة‭ ‬منها‭ ‬مما‭ ‬يتنافى‭ ‬مع‭ ‬مزاعم‭ ‬النهوض‭ ‬بالمنشآت‭ ‬العمومية‭ ‬وإصلاحها‭ ‬وتوجيهها‭ ‬لخدمة‭ ‬الاستثمار‭ ‬والتنمية‮ ‬‭ .‬

والنتيجة‭ ‬الحتمية‭ ‬لهذه‭ ‬الاستدانة‭ ‬المفرطة‭ ‬هو تحميل‭ ‬الشعب‭ ‬برمته،‭ ‬وخاصة‭ ‬فقرائه‭ ‬وكادحيه‭ ‬ولأجيال‭ ‬وسنوات‭ ‬فاتورة‭ ‬سطوة‭ ‬كارطيل‭ ‬الرأسمال‭ ‬الكبير‭ ‬الرّيعي‭ ‬“خادم‭ ‬السلطوية“‭.‬

وهكذا‭ ‬يؤدي‭ ‬المواطن‭ ‬الفقير‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬فاتورة‭ ‬علاج‭ ‬أخيه‭ ‬الفقير،‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يؤديها‭ ‬بالتضريب‭ ‬اللازم‭ ‬كبار‭ ‬القوم‮ ‬‭ ‬مصاصي‭ ‬ثروة‭ ‬الشعب‭ ‬على‭ ‬الدوام‭.‬