الاثنين 25 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

فؤاد زويريق: معرض الكتاب.. أين هو القارئ العادي؟

فؤاد زويريق: معرض الكتاب.. أين هو القارئ العادي؟ فؤاد زويريق
ما نراه على صفحات الفايسبوك هذه الأيام بمناسبة معرض الكتاب، الذي يعتبر أكبر تظاهرة ثقافية تحتفي بالكتاب في بلادنا، يجعلنا نطرح السؤال التالي أين هو القارئ العادي؟ ذاك القارئ الذي من المفروض أن يكون هو المحور والمركز في هذه المناسبة، فما يروج داخل هذا الفضاء الفايسبوكي من دعايات فردية وشخصية ترافق فعاليات المعرض، يبقى مجرد ترويج ذاتي لشخص الكاتب أكثر منه ترويج للكتاب أو تشجيع القراءة، وهذا يظهر من نوعية الصور المنشورة والخطاب المرافق لها في غياب استراتيجية مُحكمة لدور النشر، وكذا غياب تام للإعلام بكل أجناسه .
 
 صور متناثرة هنا وهناك تحمل المشهد نفسه رغم تعدد واختلاف الوجوه، كاتب يأخذ صورة مع زميله أو صديقه الكاتب وفي يد أحدهما كتاب الآخر صاحب التوقيع، المعلقون على الصورة كلهم كُتاب، حتى الدعوة الموجهة لحضور حفلات التوقيع تبتدئ بكلمة ''أصدقائي'' وليس ''قرائي''، فأين هو القارئ إذن؟ كُتاَّبٌ يقرؤون لكُتاَّبٍ ويتبادلون نفس الأدوار فيما بينهم في كل مناسبة وفي كل صورة، والحقيقة أن الكاتب هو قارئ بالضرورة ولا يحتاج الى تحفيز أو دعاية. ومهما حاولنا تمويه الواقع، فلن يتغير وستبقى المعادلة غير مكتملة دون القارئ العادي، فحتى لائحة أصدقاء هذا الكاتب أوذاك تجد نصفها أسماء وهمية مزيفة غير نشطة، ونصفها الاخر أسماء لأصدقائه من كُتاب ومثقفين، وهذا يظهر جليا من خلال التعليقات واللايكات المتواجدة في حسابه، والنتيجة تفريغ الرسالة من محتواها مادامت لم تصل الى وجهتها الحقيقية/القارئ.
 
للأسف ما يحصل الان داخل هذا الفضاء الأزرق هو صورة مصغرة لما يحصل خارجه، فالملتقيات الأدبية لا يحضرها سوى الكُتاَّب أنفسهم ومن حضرت أمسيته يحضر أمسيتك، ومن اشتريت كتابه اليوم اشترى كتابك غدا، ومن منحته كتابك هدية، منحك كتابه هدية وهكذا... ففي الصور التي ينشرها البعض أثناء كل أمسية أو ملتقى تجد الجمهور أغلبه إن لم يكن كله من الكتاب في غياب تام للمتلقي العادي. برجوعنا الى معرض الكتاب الذي يعبر بشكل صارخ عن هذه الظاهرة ، نكتشف سنويا من خلال الارقام المعلنة الحقيقة المأساة إذ يكون الإقبال على المؤلفات الدينية وكتب الطبخ بشكل ملفت ومثير، أما الكتب الفلسفية والفكرية والابداعية فلا قارئ لها، وما نراه هنا في هذا الفضاء  -كما قلت سابقا- لا يعدو كونه احتفاء الأصدقاء ببعضهم البعض إلا من رحم ربك.