الاثنين 25 نوفمبر 2024
فن وثقافة

حبيب: ما الذي يغري الشباب في روايات السعودي أسامة مسلم؟

حبيب: ما الذي يغري الشباب في روايات السعودي أسامة مسلم؟ الروائي السعودي أسامة مسلم خلال تقديم أعماله لجمهور المعرض ومحمد حبيب( يسارا)
في معرض الكتاب الدولي بالرباط، برسم نسخته 29، ماي 2024، الذي يتجدد كل عام كالبدر في ليلته، شهدنا توافداً يُشبه بالمد العريض لشباب المغرب الطموح، حيث سكنت أرواحهم بين دفتي روايات السعودي أسامة مسلم، الروائي الذي ينسج من الخيال جسوراً إلى عوالم مستحيلة. هذا الإقبال ليس محض صدفة، بل هو تجسيد لعطش الشباب المغربي للفانتازيا، تلك العوالم التي تُعطي الأمل في الإمكانيات اللامتناهية وتبعث في النفس لهفة الاكتشاف.

إنهم، بهذه الجموع الغفيرة، يرسمون لوحة تفاعلية تعكس البحث عن ملاذ في زمن تعصف به المتغيرات. فالأدب الفانتازي يوفر لهم مسرحاً للهروب من واقع محتمل التقييد، إلى فضاء حر تتلاشى فيه حدود الممكن والمستحيل. لقد اختار الشباب الغوص في أعماق روايات مسلم، ليس لمجرد التسلية، بل لتحريك الأفكار وتمرد الأحاسيس، مستلهمين من شخصياتها التحدي والشجاعة والنمو الذاتي.

ومن خلال الأدب الفانتازي، يطرح أسامة مسلم أسئلة عميقة حول الهوية والمعنى والقيم، وهي قضايا تتردد صداها في أروقة النفس المراهقة والشابة، التي تتأرجح بين الطفولة ومشارف الرشد. في هذه الروايات، يجد الشباب مرآة لصراعاتهم الداخلية، وفي كل صفحة، يتعلمون كيف تكون الشجاعة ليس فقط في مواجهة الوحوش الأسطورية، بل في مواجهة التحديات اليومية.

إن حماس هؤلاء الشباب للحضور والانخراط في جلسات التوقيع مع أسامة مسلم، يعكس رغبة ملحة في التواصل المباشر مع صانع الأحلام الذي أعطاهم القوة ليتخيلوا ويحلموا. إنهم يبحثون عن دعم في مواجهة مخاوفهم وفي تحديد مساراتهم، ومن خلال هذه الروايات، يجدون الدافع والإلهام لبناء عالم يسوده الخير والجمال والعدل. 

في الختام، إن إقبال الشباب المغربي اليوم على روايات أسامة مسلم ليس مجرد ظاهرة عابرة، بل هو تعبير عن ثقافة جيل يبحث عن معنى أعمق وتأثير أرقى في رحلته نحو التحقق الذاتي والانسجام مع العالم. إنها الدعوة للتفكير والتساؤل، للبحث عن أجوبة في زوايا الكون الخفية وراء العيون المجردة. من خلال الغمر في السرد الفانتازي، يجد هؤلاء الشباب أنفسهم ويشكلون هوياتهم، مستلهمين من الشخصيات التي تتحدى الظروف، تناضل من أجل الخير، وتستعيد الأمل حتى في أحلك الأزمنة. 

إن الأدب الفانتازي ليس مجرد هروب من الواقع، بل هو إعادة صياغة له، تمكين للشباب ليروا العالم بعيون متجددة، مفعمة بالأمل والإمكانيات. في كل مرة يطوي صفحة من روايات أسامة مسلم، ينقش في ذاكرته قصة شجاعة يمكن أن تترجم إلى واقعه، مهما كان معقداً أو محبطاً. 

وفي هذه اللحظات، حيث يجتمع الشباب حول موائد التوقيع، يتشاركون ليس فقط الإعجاب بكاتبهم المفضل بل أيضاً تجربة جماعية من التواصل والإلهام. هذه التجمعات تبني جسوراً من الفهم والتقدير بين الأفراد الذين يشتركون في شغف مماثل، وتخلق مجتمعاً من القراء النشطين والمفكرين الشباب الذين يستمدون من الأدب قوتهم وإلهامهم. 
 
لذا، فإن الإقبال المتزايد على روايات أسامة مسلم يعد تأكيداً على دور الأدب الفانتازي في تشكيل وعي وإدراك الشباب، وتعزيز قدرتهم على التخيل والابتكار، وبناء مستقبل أكثر إشراقاً، حيث تتحقق الأحلام وتتجاوز الخيالات لتصبح واقعاً ملموساً.