ما الذي يجبر قيادة البوليساريو على تنظيم احتفال واستقبال رسمي لصحراوي أساء لها لثلاثة عقود متواصلة من منبر إعلامي دولي؟
اندلعت الاشتباكات بين القوات المسلحة الملكية وفرق شبه عسكرية غير نظامية مسنودة عسكريا وماليا وسياسيا وعتادا وعدة من قبل الحكومات الجزائرية المتعاقبة، لم نكن نحن أهل الصحراء نأمل من وقفها سوى إعادة الأمن والسلم إلى فضائنا والعيش في وئام، دون أدنى تفكير في أساس الصراع ولا إفرازاته وأثره على حياة الصحراويين على ضفتي الجدار الأمني، بفعل انعدام التواصل وصعوبة الوصول للمعلومة الصادقة، في وقت ظلت فيه أنغام مريم منت الحسان وغيرها هي السبب الوحيد لاستنهاض وتغذية الشغف في الالتحاق بمخيمات يجهل الكثير من شبابنا واقعها وسياقات تكوينها وخلفيات وممارسات القائمين عليها.
وليس من قبيل المغالاة، أن يظل فضاء الصحراء الواسع بيئة مناسبة لاستنبات خطابات التضليل والكراهية منذ خمسة عقود، بفعل تهافت جهات ذات أطماع في المنطقة على تأجيج مشاعر الحقد والفجور في خصومات مصطنعة ضد من لا يرون أطروحات البوليساريو وقادتها بلسما لجراحهم ومخرجا لتطلعاتهم في العيش الكريم على أرضهم.
إن الشيء الوحيد الذي ساهم في إدامة انتشار هذه المشاعر بين كافة مكونات المجتمع الصحراوي بأقاليم المملكة الجنوبية، هو وجود نشطاء سياسيين بلبوس حقوقي تحالفت رغباتهم بضرورة الترقي الاجتماعي السريع والتربح على حساب معاناة الكثير من الصحراويين، الذين أوقفوا مسيرة تطوير ذواتهم وذويهم، جريا وراء سراب لن يتحقق منه شيء إلا في ذاكرتهم المعطوبة، بتناسل فرص الاغتناء السريع ونيل الحظوة لدى تجار حرب ومقاولي ماسي، على قاعدة كلما كان المرء أكثر براعة في تزييف الحقائق ولي عنق الحقيقة واستهداف الأفراد والجماعات في عرضهم وأشخاصهم وانتماءاتهم ونعتهم بأقدح النعوت، كلما قفزت أسهمهم في بورصة “النضال الشعبي”، المفضي إلى نيل رضى قيادة هرمت ذهنيتها بهرم منطلقاتها ووضاعة الوسائل المعدة لبلوغ أهدفها.
وقد يتفهم المرء إصرار نشطاء سياسيين ترعرعوا في كنف البوليساريو، وأخضعوا لبرامج شحن مكثفة على مدى عقود، لن يستزيدوا منها بمبادئ الاختلاف وفضائله المفضية في الغالب الى التقويم والإصلاح وتصحيح المغالطات، بل التهافت على سب والنيل من كل ما لا يتماشى مع مواقفهم المساندة للبوليساريو دون إخضاعها للاستفحاص والمراجعة لتبين وجاهتها وصدقيتها ونبل غاياتها من عدمه.
غير أن العصي على الفهم، أن تتابع شطحات لأشخاص ركبوا سكة القطار الخطأ في طريق بلا رجعة، ممنين النفس بصنع أمجاد لن تجد لها من فضاء لتحقيقها غير أذهانهم المتكلسة بالجهالة والحقد والضغينة اتجاه الاخر أيا كان، لا لشيء سوى اصرارهم على تحقيق أحلام رومانسية بالرجوع الى مكان اشتغالهم قبل طردهم بسبب الخلط بين واقع وواجبات الوظيفة والنزوعات والهرولة للوصول اليها بأي ثمن، حتى وإن تعارض ذلك مع القوانين المنظمة للاشتغال في هكذا مؤسسات.
شنفت مسامعنا هذه الأيام صفحات فايسبوكية، باستقبال أسطوري لبطل من ورق بمخيمات تندوف، لا نعرف لحدود هذه اللحظة، ما السبب في تنظيم هذا الحفل ونظم تلك الأبيات الشعرية التي للأسف لم تقدم لشخص يستحقها، وحشد طفلات ونساء طوال النهار لهذا الحدث، يؤكد بما لا يدع محالا للشك أن خللا ذهنيا عاما يستوطن عقلية تنظيم الرابوني، ولا علاج له في الأمد القريب.
ما الذي يجبر قيادة البوليساريو على تنظيم احتفال واستقبال رسمي لصحراوي أساء لها لثلاثة عقود متواصلة من منبر إعلامي دولي؟ ولم يتورع عن وصفها بأقدح النعوت، وبمجرد طرده من منصبه تبعا لأخطاء جسيمة في العمل ومحاولة ابتزاز وتجاوز رؤسائه في العمل، انسابت عنترياته وصولاته وجولاته لسب وقذف كل ما يمت بصلة للمغرب وصحراوييه، ليس انتصارا لموقف ثوري نما في ذهنية الصحفي السابق، والمؤثر الرديء الحالي، ولكن بحثا عن جيوب مثقوبة، لا تخضع عطاياها لحساب.
إن الملاحظ منذ زمن، أن موجبات سقوط مشروع البوليساريو الرئيسية، ليس انهزامها دبلوماسيا وحسب، بل هرولة قياداتها الفاقدة للشرعية إلى تبني أقزام سياسة لا تحوز من مقومات غير الاسم الفراغ من كل دلالة، وإغداق المنح عليهم لتثبيت صور أبطال من ورق في ذهنية الصحراويين، لحشدهم للدعم والمناصرة، كلما كانت الحاجة ملحة لذلك، أو كلما ارتفعت الأصوات الرافضة لسياسة قيادات الرابوني القمعية.
هل من المعقول أن يمضي “صحفي” ساعات في قصف وسب وشتم أشخاص أو مسؤولين صحراويين مغاربة، بناء على خربشات فايسبوكية أو استنادا إلى ثقافة سماع موجهة، بينما لا يهتز له جفن لحرق شبان صحراويين مع سبق إصرار وترصد من قبل عناصر جيش “القوة الضاربة” كما يحلو لصديقنا أن يسميه؟ بل قد يستخف بهذه الجريمة النكراء، ويحاول في السر تبريرها بدواعي المس بالأمن القومي للحليف التاريخي والاستراتيجي وغيرها من المصوغات الواهية.
ألهذه الدرجة يتم استرخاص دماء الصحراويين بمخيمات تندوف، ومحاولة حشرهم في خانة الكراكيز لتأثيث مشاهد درامية أبطالها قادة عسكريون جزائريون يصرفون أحقادهم الدفينة اتجاه المغرب، بينما يلعب قادة الجبهة وجوقتها دور الكومبارس الرخيص، الذي لا يتوانى عن الإعراب عن استعداده للقيام بأي دور مهما ازدادت قذارته وتبين قبحه ووضاعته، تنفيذا لمقولة ابن خلدون القاضية بتقليد المغلوب للغالب في نحلته وسلوكه وجميع مظاهر حياته، حتى في انتهاكاته؟
وبعيدا عن المطالبة بالتحلي والايمان بالقيم والمثل التي تجمعنا في الفضاء البيظاني الصحراوي، وتشبثنا بوسائل العيش المشترك والاحترام المتبادل، أليس من الوقاحة بما كان، توجيه وسائل الاستهداف الرخيصة التي يرتكن له الصحفي المستقبل من قبل عصبة الرابوني الى صحراويين أشراف، لا يمتلك ضدهم من صك اتهام سوى ايمانهم بالعيش في كنف المملكة المغربية والولاء لثوابتها والانخراط في مؤسساتها وإظهار الاحترام الكامل لقوانينها ونظمها، ولم يحيدوا قط عن ذلك؟
وعلى هذا المنوال، كيف يفسر الصحفي الألمعي مكابرته في إظهار الولاء لشركة إعلامية من أجل الترقي السريع في المنصب لعقود، ومن ثم انتهاز فرصة الحضور ومحاولة البروز بمظهر الضحية في مهرجانات للقبائل أو زيارات الاضرحة أو مواسم للتمور و”أكناري” للتعريف بصراعه مع مديرة الأخبار بزنقة لبريهي، وسعيه لتأليب الرأي العام الصحراوي على المؤسسة دون جدوى، وفي الختام النهل من معاجم الصرف الصحي لتلطيخ صورة دولة ورموزها، طمعا في ابتزاز مؤسساتها والخروج بترضية ومبلغ من المال يكفي لسد رمق عاطل عن العمل لا يتقن حرفة تمكنه من كسب قوت يومه؟
إن أي دور للمدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء والإعلاميين والمدونين، لا ينتصر لقيم العدل والمساواة ونشر الحقيقة والتقصي والرصد والانصات لمشكلات الصحراويين أينما تواجدوا، ويساوون بين الضحية والجلاد، لن تقوم له قائمة لأن حبل الكذب قصير ولن يستمر الصحراويون بالتسامح مع هكذا ظواهر غريبة عن ثقافتنا، والتي لا ترى من جدوى في الدفاع عن الإنسان إلا بقدر ما يجنيه هؤلاء من أتاوات مقتلعة من دماء وعذابات وماسي الصحراويين في المخيمات، والذين يقاسون على وقع أهازيج استقبال أبطال افتراضيين، بدأوا يصدقون علو كعبهم في مراتب نجومية التفاهة والتأثير على عقول البسطاء، بمهاجمة الناس وقذفهم ونعتهم بنعوت قدحية لا تتوكأ على ضوابط أخلاقية ومهنية.
ولعل من نافل القول، الجزم بانتقال هؤلاء المدافعين والنشطاء من حماة للمجتمع والأشخاص والجماعات وحارس لحقوقهم وحرياتهم والذود عن اعراضهم من الانتهاك، إلى جناة ومشاركين في مسارح الجرائم التي كثرت في السنوات الأخيرة بمخيمات تندوف، بفعل صمتهم المريب، وتبريراتهم الفجة أو انشغالهم بخلق بطولات هنا وهناك لصرف النظر عما تم ارتكابه من انتهاكات جسيمة، كان يستدعي الاتيان بها، وقفة قوية من طرفهم وتنديدا ومتابعة ومساءلة من قبلهم لمرتكبي تلك الجرائم ومتابعتهم أمام مؤسسات قضاء نزيه، مهما علت مراتبهم.
وختاما، نود طرح سؤال لكل مهتم بقضية الصحراء في جميع تفاصيلها السياسية والحقوقية والاجتماعية، هل من المقبول والأخلاقي ان نسمح بطفيليات لا تتقن من صنعة سوى توسيع رقعة التشرذم ونفث سموم الحقد والكراهية والضغينة بين أبناء المجتمع الواحد، انتصارا لغايات ومارب خاصة؟
إن ما يبعث على الأمل، هو تواجد توجد قيم ورجال ونساء في الصحراء، مازالوا يؤمنون بوحدة المصير، وبسمو قيم العيش المشترك والتآخي والاحترام المتبادل بين جميع مكونات مجتمعنا، وتتحشد لمواجهة خطر التفاهة وأبطال الفضاء الافتراضي الورقيين اللاهثين وراء إكراميات عسكر الجزائر، الذين لا يمتلكون حولا ولا قوة لقميص فريق محلي لكرة القدم بمدينة مغربية صغيرة تدعى بركان، فما بالك بربح معركة سياسية وديبلوماسية، لن ينال شرف نيلها سوى من يقدم الاخلاق سبيلا لتعضيد موقفه، وهو أمر لا يحوزه سوى المغرب، الذي برهن غير ما مرة على وجاهة طرحه واستعداده وإقدامه على الإنصات لنبض الصحراويين وترجمتها في خطط وسياسات تستجيب لتلك التطلعات في حدودها القصوى.
اندلعت الاشتباكات بين القوات المسلحة الملكية وفرق شبه عسكرية غير نظامية مسنودة عسكريا وماليا وسياسيا وعتادا وعدة من قبل الحكومات الجزائرية المتعاقبة، لم نكن نحن أهل الصحراء نأمل من وقفها سوى إعادة الأمن والسلم إلى فضائنا والعيش في وئام، دون أدنى تفكير في أساس الصراع ولا إفرازاته وأثره على حياة الصحراويين على ضفتي الجدار الأمني، بفعل انعدام التواصل وصعوبة الوصول للمعلومة الصادقة، في وقت ظلت فيه أنغام مريم منت الحسان وغيرها هي السبب الوحيد لاستنهاض وتغذية الشغف في الالتحاق بمخيمات يجهل الكثير من شبابنا واقعها وسياقات تكوينها وخلفيات وممارسات القائمين عليها.
وليس من قبيل المغالاة، أن يظل فضاء الصحراء الواسع بيئة مناسبة لاستنبات خطابات التضليل والكراهية منذ خمسة عقود، بفعل تهافت جهات ذات أطماع في المنطقة على تأجيج مشاعر الحقد والفجور في خصومات مصطنعة ضد من لا يرون أطروحات البوليساريو وقادتها بلسما لجراحهم ومخرجا لتطلعاتهم في العيش الكريم على أرضهم.
إن الشيء الوحيد الذي ساهم في إدامة انتشار هذه المشاعر بين كافة مكونات المجتمع الصحراوي بأقاليم المملكة الجنوبية، هو وجود نشطاء سياسيين بلبوس حقوقي تحالفت رغباتهم بضرورة الترقي الاجتماعي السريع والتربح على حساب معاناة الكثير من الصحراويين، الذين أوقفوا مسيرة تطوير ذواتهم وذويهم، جريا وراء سراب لن يتحقق منه شيء إلا في ذاكرتهم المعطوبة، بتناسل فرص الاغتناء السريع ونيل الحظوة لدى تجار حرب ومقاولي ماسي، على قاعدة كلما كان المرء أكثر براعة في تزييف الحقائق ولي عنق الحقيقة واستهداف الأفراد والجماعات في عرضهم وأشخاصهم وانتماءاتهم ونعتهم بأقدح النعوت، كلما قفزت أسهمهم في بورصة “النضال الشعبي”، المفضي إلى نيل رضى قيادة هرمت ذهنيتها بهرم منطلقاتها ووضاعة الوسائل المعدة لبلوغ أهدفها.
وقد يتفهم المرء إصرار نشطاء سياسيين ترعرعوا في كنف البوليساريو، وأخضعوا لبرامج شحن مكثفة على مدى عقود، لن يستزيدوا منها بمبادئ الاختلاف وفضائله المفضية في الغالب الى التقويم والإصلاح وتصحيح المغالطات، بل التهافت على سب والنيل من كل ما لا يتماشى مع مواقفهم المساندة للبوليساريو دون إخضاعها للاستفحاص والمراجعة لتبين وجاهتها وصدقيتها ونبل غاياتها من عدمه.
غير أن العصي على الفهم، أن تتابع شطحات لأشخاص ركبوا سكة القطار الخطأ في طريق بلا رجعة، ممنين النفس بصنع أمجاد لن تجد لها من فضاء لتحقيقها غير أذهانهم المتكلسة بالجهالة والحقد والضغينة اتجاه الاخر أيا كان، لا لشيء سوى اصرارهم على تحقيق أحلام رومانسية بالرجوع الى مكان اشتغالهم قبل طردهم بسبب الخلط بين واقع وواجبات الوظيفة والنزوعات والهرولة للوصول اليها بأي ثمن، حتى وإن تعارض ذلك مع القوانين المنظمة للاشتغال في هكذا مؤسسات.
شنفت مسامعنا هذه الأيام صفحات فايسبوكية، باستقبال أسطوري لبطل من ورق بمخيمات تندوف، لا نعرف لحدود هذه اللحظة، ما السبب في تنظيم هذا الحفل ونظم تلك الأبيات الشعرية التي للأسف لم تقدم لشخص يستحقها، وحشد طفلات ونساء طوال النهار لهذا الحدث، يؤكد بما لا يدع محالا للشك أن خللا ذهنيا عاما يستوطن عقلية تنظيم الرابوني، ولا علاج له في الأمد القريب.
ما الذي يجبر قيادة البوليساريو على تنظيم احتفال واستقبال رسمي لصحراوي أساء لها لثلاثة عقود متواصلة من منبر إعلامي دولي؟ ولم يتورع عن وصفها بأقدح النعوت، وبمجرد طرده من منصبه تبعا لأخطاء جسيمة في العمل ومحاولة ابتزاز وتجاوز رؤسائه في العمل، انسابت عنترياته وصولاته وجولاته لسب وقذف كل ما يمت بصلة للمغرب وصحراوييه، ليس انتصارا لموقف ثوري نما في ذهنية الصحفي السابق، والمؤثر الرديء الحالي، ولكن بحثا عن جيوب مثقوبة، لا تخضع عطاياها لحساب.
إن الملاحظ منذ زمن، أن موجبات سقوط مشروع البوليساريو الرئيسية، ليس انهزامها دبلوماسيا وحسب، بل هرولة قياداتها الفاقدة للشرعية إلى تبني أقزام سياسة لا تحوز من مقومات غير الاسم الفراغ من كل دلالة، وإغداق المنح عليهم لتثبيت صور أبطال من ورق في ذهنية الصحراويين، لحشدهم للدعم والمناصرة، كلما كانت الحاجة ملحة لذلك، أو كلما ارتفعت الأصوات الرافضة لسياسة قيادات الرابوني القمعية.
هل من المعقول أن يمضي “صحفي” ساعات في قصف وسب وشتم أشخاص أو مسؤولين صحراويين مغاربة، بناء على خربشات فايسبوكية أو استنادا إلى ثقافة سماع موجهة، بينما لا يهتز له جفن لحرق شبان صحراويين مع سبق إصرار وترصد من قبل عناصر جيش “القوة الضاربة” كما يحلو لصديقنا أن يسميه؟ بل قد يستخف بهذه الجريمة النكراء، ويحاول في السر تبريرها بدواعي المس بالأمن القومي للحليف التاريخي والاستراتيجي وغيرها من المصوغات الواهية.
ألهذه الدرجة يتم استرخاص دماء الصحراويين بمخيمات تندوف، ومحاولة حشرهم في خانة الكراكيز لتأثيث مشاهد درامية أبطالها قادة عسكريون جزائريون يصرفون أحقادهم الدفينة اتجاه المغرب، بينما يلعب قادة الجبهة وجوقتها دور الكومبارس الرخيص، الذي لا يتوانى عن الإعراب عن استعداده للقيام بأي دور مهما ازدادت قذارته وتبين قبحه ووضاعته، تنفيذا لمقولة ابن خلدون القاضية بتقليد المغلوب للغالب في نحلته وسلوكه وجميع مظاهر حياته، حتى في انتهاكاته؟
وبعيدا عن المطالبة بالتحلي والايمان بالقيم والمثل التي تجمعنا في الفضاء البيظاني الصحراوي، وتشبثنا بوسائل العيش المشترك والاحترام المتبادل، أليس من الوقاحة بما كان، توجيه وسائل الاستهداف الرخيصة التي يرتكن له الصحفي المستقبل من قبل عصبة الرابوني الى صحراويين أشراف، لا يمتلك ضدهم من صك اتهام سوى ايمانهم بالعيش في كنف المملكة المغربية والولاء لثوابتها والانخراط في مؤسساتها وإظهار الاحترام الكامل لقوانينها ونظمها، ولم يحيدوا قط عن ذلك؟
وعلى هذا المنوال، كيف يفسر الصحفي الألمعي مكابرته في إظهار الولاء لشركة إعلامية من أجل الترقي السريع في المنصب لعقود، ومن ثم انتهاز فرصة الحضور ومحاولة البروز بمظهر الضحية في مهرجانات للقبائل أو زيارات الاضرحة أو مواسم للتمور و”أكناري” للتعريف بصراعه مع مديرة الأخبار بزنقة لبريهي، وسعيه لتأليب الرأي العام الصحراوي على المؤسسة دون جدوى، وفي الختام النهل من معاجم الصرف الصحي لتلطيخ صورة دولة ورموزها، طمعا في ابتزاز مؤسساتها والخروج بترضية ومبلغ من المال يكفي لسد رمق عاطل عن العمل لا يتقن حرفة تمكنه من كسب قوت يومه؟
إن أي دور للمدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء والإعلاميين والمدونين، لا ينتصر لقيم العدل والمساواة ونشر الحقيقة والتقصي والرصد والانصات لمشكلات الصحراويين أينما تواجدوا، ويساوون بين الضحية والجلاد، لن تقوم له قائمة لأن حبل الكذب قصير ولن يستمر الصحراويون بالتسامح مع هكذا ظواهر غريبة عن ثقافتنا، والتي لا ترى من جدوى في الدفاع عن الإنسان إلا بقدر ما يجنيه هؤلاء من أتاوات مقتلعة من دماء وعذابات وماسي الصحراويين في المخيمات، والذين يقاسون على وقع أهازيج استقبال أبطال افتراضيين، بدأوا يصدقون علو كعبهم في مراتب نجومية التفاهة والتأثير على عقول البسطاء، بمهاجمة الناس وقذفهم ونعتهم بنعوت قدحية لا تتوكأ على ضوابط أخلاقية ومهنية.
ولعل من نافل القول، الجزم بانتقال هؤلاء المدافعين والنشطاء من حماة للمجتمع والأشخاص والجماعات وحارس لحقوقهم وحرياتهم والذود عن اعراضهم من الانتهاك، إلى جناة ومشاركين في مسارح الجرائم التي كثرت في السنوات الأخيرة بمخيمات تندوف، بفعل صمتهم المريب، وتبريراتهم الفجة أو انشغالهم بخلق بطولات هنا وهناك لصرف النظر عما تم ارتكابه من انتهاكات جسيمة، كان يستدعي الاتيان بها، وقفة قوية من طرفهم وتنديدا ومتابعة ومساءلة من قبلهم لمرتكبي تلك الجرائم ومتابعتهم أمام مؤسسات قضاء نزيه، مهما علت مراتبهم.
وختاما، نود طرح سؤال لكل مهتم بقضية الصحراء في جميع تفاصيلها السياسية والحقوقية والاجتماعية، هل من المقبول والأخلاقي ان نسمح بطفيليات لا تتقن من صنعة سوى توسيع رقعة التشرذم ونفث سموم الحقد والكراهية والضغينة بين أبناء المجتمع الواحد، انتصارا لغايات ومارب خاصة؟
إن ما يبعث على الأمل، هو تواجد توجد قيم ورجال ونساء في الصحراء، مازالوا يؤمنون بوحدة المصير، وبسمو قيم العيش المشترك والتآخي والاحترام المتبادل بين جميع مكونات مجتمعنا، وتتحشد لمواجهة خطر التفاهة وأبطال الفضاء الافتراضي الورقيين اللاهثين وراء إكراميات عسكر الجزائر، الذين لا يمتلكون حولا ولا قوة لقميص فريق محلي لكرة القدم بمدينة مغربية صغيرة تدعى بركان، فما بالك بربح معركة سياسية وديبلوماسية، لن ينال شرف نيلها سوى من يقدم الاخلاق سبيلا لتعضيد موقفه، وهو أمر لا يحوزه سوى المغرب، الذي برهن غير ما مرة على وجاهة طرحه واستعداده وإقدامه على الإنصات لنبض الصحراويين وترجمتها في خطط وسياسات تستجيب لتلك التطلعات في حدودها القصوى.
عبد الوهاب الكاين، باحث في مجال حقوق الإنسان