- زيارة عدد من الفاعلين الاعلاميين والنشطاء، يتزعمهم راضي الليلي ومحمد حفصي ومحمد دومير إلى مخيمات تندوف، لا يمكن قراءتها خارج منطق التقليد الأعمى الذي يسكن الجزائر ونخبها لكل ما يقوم به المغرب والمغاربة.
- الخطوة إياها جاءت بعد زيارة عدد من الناشطين الإعلاميين والجامعيين المغاربة إلى مدن الصحراء المغربية، وهي الزيارة التي تركت صدى داخل المغرب والجزائر وفي المخيمات، خصوصا بعد مئات الاف المشاهدات التي حصدتها مقاطع قصيرة تبرز المنجزات التنموية في الصحراء المغربية.
- ذهاب هذه العينة من الناشطين إلى تندوف استنساخ للحالة المغربية حرفيا، لكن اريد منها الرد على الصورة التي رسمتها التجربة المغربية، وذلك عبر تمجيد "الفضائل" العسكرية المزعومة على النحو الذي اعتادته مليشيات بوليساريو، كما تعلمته من اساتذتها عساكر الإقليم الفرنسي الإفريقي.
- العقدة التي يترنح عندها خطاب الميليشيات وراعيهم العسكري دائما هي تلك التي تكمن في رغبتهم في تمجيد فعل الصمود الوهمي في مخيمات هي حكما خارج منطقة النزاع، بل تتواجد في دولة أخرى، وذلك للتغطية حقيقة أن كل الأمر يتعلق باحتجاز ميليشيات مسلحة مدعومة بعسكر نظامي لتعداد سكاني مجهول العدد والجنسيات، لكن كل ذلك يتعارض ويتضاد مع محاولات ذلك الخطاب التي لا تنفك عن الزعم بأن كل شيء يجري في "الصحراء الغربية" او في "المناطق المحررة"، وذلك باستعمال تسميات المخيمات التي سميت بأسماء مدن الصحراء المغربية.
- الزيارة التي تناسل عنها حديث لبنبطوش يتوعد الإمارات وبضع صور ومقاطع فيديو من المخيمات، تخدم هاجس العسكر المرضي بإثارة أضواء وسائل الإعلام الدولية، وذلك بعدما لم تعد تهتم وسيلة إعلام واحدة بما يقوله تبون وشنقريحة ولم تقدم اي وسيلة منها ولا مناظرة واحدة بين جزائري ومغربي، حتى وإن تعلق الأمر بافتتاح مكتب لمجموعة صعاليك حسبوا أنفسهم على الريف المغربي.
- تزامنا مع انكشاف خواء الدعاية الجزائرية، ووهن تهديداتها التافهة، وعدم جديتها، اهتم الإعلام العالمي ببؤر التوتر الخقيقية من أوكرانيا إلى غزة، وصولا إلى البحر الأحمر والسودان ومنطقة الساحل، وبقيت تلميحات وتلويحات شنقريحة بالحرب قبل ثلاث سنوات معلقة في سحاب كاذب سرعان ما أخفته قمم جبال السياسة الدولية، واستحال زيتا حارا قطره الناتو في جلسة سريعة داخل أذني شنقريحة المغلقتين.
- بات الكل يعرف أن خطاب الدعاية العسكرية هي للاستهلاك الإعلامي الداخلي، وكلما تراجع الاهتمام الدولي بالقيء العسكري كلما انكشف العسكر أمام الجزائريين، وبالتالي يتراجع دور النزاع المفتعل كمخدر مجرب بالنسبة للعسكر يوجهه باستمرار صوب شارعه الذي ما تزال جمار الحراك مستعرة في صدره، ولا يغطيها سوى بعض الرماد الخفيف.
- في وجه كل هذه الفرضيات لا يمكن أن نقرأ هذه الخطوة سوى بكونها ناجمة عن قراءة تريد أن لا يغيب موضوع الصحراء عن الجزائريين، في وقت حسم فيه المغرب الموضوع داخل سياقات ونطاقات الجيوبوليتيك والقانون الدولي، وتجاوز كثيرا المساحات التي تريد الجزائر جره إليها.
- إقدام عسكر فرنسا الجنوبية على تمويل حصة قارة في قناة دولية مثل روسيا اليوم، تحمل استوديو الجزائر، وتبث من الجزائر، وذلك على نحو غريب فريد يجعل قناة دولية تخصص فقرة لدولة من شمال إفريقيا، بدل تخصيص فقرة بمسمى "حصاد مغاربي" أو "نقاش مغاربي"، او "ساعة مغاربية"، كما تفعل قنوات أخرى، ما هو إلا تعبير عن سعي محموم لدى العسكر نحو تكرار ذكر اسم الجزائر في وسائل الإعلام الدولية، لإقناع الجزائريين بوهم "القوة الضاربة" و"شواكر شمال إفريقيا"، وإلا فلنا أن نتخيل حجم الابتزاز الروسي الذي تعرض له العسكر من الروس ليعطوهم هذا الامتياز الوهمي، وذلك بثني القناة عن خطها الذي باشرته منذ بدء حرب أوكرانيا، بحيث وجهت كل قوة الضخ الإعلامي التي بيدها لتبرير حرب روسيا على أوكرانيا.
- هذه الخطوة هي أيضا استعاضة عن محاولات جرت في ذات السياق، كان يقوم بها عملاء للعسكر في قنوات دولية أخرى من قبيل مهام خديجة بنقنة في الجزيرة ومراد شبين في سكاي نيوز، حيث كانا يعملان على جعل الحصص المغاربية حصصا جزائرية صرفة.
- ليس في وسع عسكر المرادية أن يؤسسوا (RT ALGERIE ) لتبث من الجزائر، على غرار تجارب بلومبيرغ وسكاي نيوز العربيتين، لان الأمر يتعلق بصناعة ثقيلة اسمها التلفزيون، لا يريد العسكر استنباتها، لأنها سيف ذو حدين، وتجربة بث الجزيرة مباشر من مصر كافية لفهم مخاوف العسكر في هذا الصدد، وبالتالي فإن القوم يريدون فقط النفخ في قربة دعايتهم المثقوبة والتطبيل على مياههم العادمة. إننا والحال هذه أمام ظاهرة صوتية بكل المقاييس يديرها زعماء بلا زعامة، يمارسون السياسة بعقليات صناع محتوى على الفيسبوك.