خلفيات الهوس الجزائري بسرقة موروث المغاربة هو الرغبة في التغطية على المشاكل والقلاقل الداخلية التي تشهدها وتعيشها الجزائر، فضلا عن أن الأنظمة العسكرية تحتاج إلى وجود مبرر خارجي لوجودها وتأمين استمراريتها وديمومتها.
هذا النظام الجزائري العسكري وأمثاله يبحث عن عدو خارجي، لأنه لا يقدر على خوض حروب فعليه، يضطر لخوض حروب موازية باردة، ومنها الحروب الثقافية والرياضية ونحوها، بالتهام التراث المادي واللامادي للمغرب الجار.
هذا أيضا، يعكس رغبة النظام الجزائري محاولة البحث عن تشكيل هوية مفتقدة، ففي ظل التدفق الواسع والهيمنة والحضور الكبير لأدوات التواصل الرقمي وجاذبيتها، جعل "الكرغولي" يبحث عن الهوية المفتقدة تميزه داخل هذا الفضاء الأزرق. ولعل أقرب تركيبة هوياتية له هو المغرب، جعله أعمى يسرق التراث المادي واللامادي للمغرب والمغاربة بلا حياء ولا استحياء.
كما أن التقاطعات التاريخية والبشرية واللغوية والعقدية جعلت كابرانات الجزائر لا يميزون بين الأنا والآخر، فتحول الآخر المتميز (المغرب) إلى نموذج يسرق منه ويلتهم تاريخه وتراثه.
الحل لمواجهة هذا الوضع، هو تحصين التراث المغربي المادي واللامادي بالتوثيق والتسجيل في المؤسسات العالمية، ومنها اليونيسكو. وعلينا أن نتعامل معه بجدية عبر خلق هيئات متخصصة في الرصد "السّرقاتي" والتدخل لوضع حد لهذا العبث، وتمكينها من الإمكانيات المادية واللوجستية التي تساعدها على الاضطلاع بمهامها على أفضل وجه. كما أنه يتعين علينا عدم الاستخفاف بهذه السرقات المتواصلة والمسترسلة ويمكن أن تطال رموز الدولة المغربية وتاريخها وهويتها ومستقبلها.
خالد جوامعي، باحث في التراث