الاثنين 25 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

بوطيب: إلى روح الراحل الراهب أحمد حرزني.. يهمني رأيك في هذه القصيدة هل ما زلت حزينا؟ 

بوطيب: إلى روح الراحل الراهب أحمد حرزني.. يهمني رأيك في هذه القصيدة هل ما زلت حزينا؟  عبد السلام بوطيب
“أنا لست ضحية، أنا مناضل، عارض، ويعارض، وسيعارض جميع أشكال الظلم والاستغلال والاستكبار، وكذلك جل أشكال المسكنة” أحمد المغربي.
نزل أحمد  من الجبل كما  ينزل   الماء بين وديانه بعد شتاء ماطر.
نزل  ما بين عيد العمال وفرحة الاطفال بعطلتهم، 
نزل فكرة خائفة، يبحث عن عنوان مدرسة قديمة،
انزوى بداية شارع طويل، يعيد ويكرر ما سيقوله لنا يوما:
أبواي،اخوتي، 
أساتذتي، 
 علموني
أن اعز ما يطلب للنفس وللغير هو الكرامة. 
كان خائفا، لكنه لم يكن لا حزينا، و لا سعيدا،
 ينتظر ظهور الاقحوان و قدوم السنونو ، والفراشات،
بالرغم من انه يعرف
 ان الفصل الذي يلي فصل نزوله الينا
 لن يكون هو الربيع.
كان يجوب شوارع الرباط متأبطا دفاتره، و فكرة  أكبر منه.
 يخاف أن تضيع منه لوحته الخشبية التي سجل عليها سورة
إقرأ.
لم يكن يخاف النار إن ضاعت منه اللوحة الخشبية،
 لكنه كان يخاف  أن تسرق منه.
و أن لا يجد  مساحة لتسجيل أحلامه.
 
 كنا صغار الحالمين بحلمه الشارد،
نرسم تفاصيله في دفاترنا المدرسية،
او في رسائل الغرام،
او وراء صور عاشقاتنا الصغيرات.
لم يكن له عنوانا قارا، 
و لا صندوق بريد، 
لذا لم يتوصل باي رسالة حب أبدا ،
في المرة الوحيدة توصل بمسدس في صندوق بريد صديق له. 
بالرغم من ذلك  كان مثلنا،
لم يكن ثائرا، 
ولم يكن يريد أن يعرف أنه كان حطبا يدفئ احلامنا.
او انه يطهو اوهام الآخرين. 
بدورنا لم نكن ثوارا؛
بالرغم من أننا  أخذنا   صورا و نحن نهش بمسدسه كما كنا نفعل ايام عيد الفطر،
أو ثاني أعياد الاضحى في حديقة المدينة.
إن توفر لدينا الملم .
كنا جوعى، بدون أحذية و لا قلم،
الجوع  من حاز المسدس، و هو الثائر، 
كان ، وكنا الحطب النبيل، 
ندفئ احلامنا ، ونطهو أوهام بائعيها،
القهر   من حاز المسدس، وهو الثائر، 
كان، وكنا الحطب النبيل ندفئ احلامنا ، ونطهو أوهام بائعيها،
كانت أحلامنا افكارا حزينة.
حزينة مثل ألوان المسدسات و شكلها، 
و قهقهات قادتنا القوميين؛ 
و قبعاتهم،
مثل رائحة الحرب،
مثل قساوة الظلام.
هل انتهينا عندما أخذنا صورا نتباهى بمسدسه؟ 
كان حلمه اكبر من أفكاره ،
سيق إلى الدهاليز المظلمة، 
وبقينا وحدنا، بدون حلم، 
تبعنا تلابيب الحلم إلى أبوابها،
كانت أبوابا من نار،  
كنت الرقم التاسع و الثلاثين في دهاليز النار، 
و أنا عار،  ابن الثامنة عشر.
من قرية جبلية.
أنا لم أذق عذابا، 
أمي؛
الوطن نعم. 
بالرغم ذلك ما زال طعم العذاب في قلبي يعتصرني،
حتى تحولت إلى فكرة ناعمة، 
إلى حلم، 
وبقيت  الحطب   من اجل فكرة. 
تلك الفكرة التي ارجعت الي بسمتي،
 ولم تقتل الحزن الذي ينخرني.
مر الوقت مسرعا، 
و الاحداث مسرعة. 
و الحزن ينخرني،
و الحلم لم يتحقق منه إلا ما تحقق . 
هل انتهينا؟ 
لا. 
لم ننته بعد.
مادام  الحطب موقدا؛
ما دام الحطب يدفئ الحلم، 
ما دامت أحلامنا تستحق الانتباه.
ما دام أحمد نائما بهدوء،
ما دام علي ان آخذ مسافة جديدة عن الحزن، 
ما دمت أخذ مسافة جديدة عن  الحزن . 
على أرض هذا المغرب ما يستحق الحياة؟ 
عبد السلام بوطيب، أمستردام