الاثنين 25 نوفمبر 2024
فن وثقافة

قراءة في كتاب "منطق الشرع. مسالك الاستدلال العملي عند الأصوليين" للدكتور أحمد مونة

قراءة في كتاب "منطق الشرع. مسالك الاستدلال العملي عند الأصوليين" للدكتور أحمد مونة جانب من اللقاء
نظمت شعبة الفلسفة والفكر الإسلامي والحضارة بكلية أصول الدين بتطوان يومه الخميس 28 مارس 2024، قراءة في كتاب "منطق الشرع" مسالك الاستدلال العملي عند الأصوليين، لفضيلة الدكتور أحمد مونة. وشارك في هذه المأدبة العلمية ثلة من الأساتذة والطلبة الباحثين من داخل الكلية وخارجها من بينهم د. خالد زهري ود. عبد الواحد العسري ود. جمال علال البختي والطالبة الباحثة بسمة الحسوني، وكانت هذه الجلسة المباركة من تسيير فضيلة د. محمد بلال أشمل.
بعد التبرك بآيات من الذكر الحكيم، استهل فضيلة د. محمد بلال أشمل هذا اللقاء العلمي بالترحيب بالحضور الكريم والتعبير عن شكره وامتنانه لكل من أسهم في إنجاح هذا اللقاء مبرزا الغاية من انعقاد مثل هذه الجلسات والتي تتمثل في الخروج من السياق الروتيني للمحاضرات وفي تتبع اهتمامات الأساتذة وانشغالاتهم والتعرف على القضايا العلمية التي يعكفون عليها.
وعقب الكلمة الترحيبية لمسير الجلسة، أخذ الكلمة فضيلة د. عبد الواحد العسري أستاذ الفلسفة والفكر الإسلامي بكلية الآداب بتطوان، فأوضح أن الكتاب جاء في بابين، تضمن الأول ثلاثة فصول والثاني خمسة فصول ومقدمة وخاتمة ولائحة مصادر ومراجع غنية ومتنوعة تضمنت مصادر باللغتين الفرنسية والإنجليزية بالإضافة الى مصادر باللغة العربية، وبين أن اعتماد المؤلف على مراجع باللغة الأجنبية جاء من أجل تنقيح البحث الأصولي المعهود بمستجدات منهجية ومنطقية معاصرة، كما أشار إلى أن استخدام فضيلة د. أحمد مونة لبعض الإسهامات المنهجية والمنطقية لبعض الأصوليين القدامى كمحمد مفتاح وطه عبد الرحمان وجون سورل وغيرهم، كان يروم إلى تطوير البحث المنطقي واللساني والتداولي والحجاجي المعاصر. كما أشاد د. عبد الواحد العسري بهذا المؤلف واعتبره إضافة نوعية للدراسات المنطقية والأصولية نظرا لأهمية موضوعه ودقة عبارته ومراعاته لقواعد البحث العلمي واستعمال اللغة الصناعية المنطقية فيه واعتماد المؤلف لخلفية المعلم الذي يذلل الطرق الصعبة للمتعلم الشيء الذي سيمكن القراء من تتبع لبنات هذا الصرح العلمي، كما أفاد أنه في هذه القراءة سيتطرق للحديث عن الفصل الموسوم بشرائع الماضيين وذلك لتلقيه العديدة من الأسئلة حول كيفية تدبير المسلم لعلاقته العقدية والتشريعية مع الرسائل السماوية السابقة واكتفائه بالرد بأن المسلم مطالب بالإيمان بالرسائل السماوية السابقة رغم تعرضها للتحريف وأنه لا يصح ما جاء فيها إلا بعد عرضها على القرءان الكريم والسنة النبوية باعتبارهما الوسيلة الوحيدة لتمييز الصواب من الخطأ.
وأردف قائلا إن مصطلح "شرائع الماضين" هي من وضع المؤلف نفسه وأن هذا الفصل أفاده كثيرا لأنه أمده بوسائل جديدة للاستشهاد، وهي الأدوات التي فصلها المؤلف في هذا الفصل بعد ضبط مفاهيم المقصد والمماثلة والعلاقة التي سيتوسم بها بين المفاهيم المتفرقة والمتماثلة في نفس الوقت، وأضاف قائلا إن المؤلف في هذا الفصل انصرف الى التماس علاقة المماثلة والمشابهة بين الخطاب القرءاني ومحتويات الديانات والأعراف والتقاليد السابقة عن هذا الخطاب، بالنظر إلى سؤال مدى امتدادها في الشريعة الإسلامية وفي مدى إمكانية اعتبارها مدركا من مدارك الأحكام وطريقة صحيحة للاستدلال الشرعي.
وفي هذا السياق أشار د. العسري إلى أن المؤلف قسم الأصوليين إلى ثلاثة فرق عند النظر في مسألة التزام الرسول الكريم بشرائع ما قبله؛ ففريق دعا إلى ثبوته، وآخر عارض هذه الدعوة بينما توقف الفريق الثالث في هذا الأمر، كما تتبع حدود آليات تحديد الخطاب الشرعي الذي يقوم على المخاطب "الرسول الكريم" والمخاطب" التي جاءت الشريعة لتأسيس هويته الدينية والدنيوية" وظروف الخطاب والتنزيل.
وفي المضمار نفسه أشار إلى أن المؤلف تناول معنيي النسخ بين الإسلام وشرائع الماضيين عند الأصوليين انطلاقا من المفهوم الدلالي، إذ النسخ إما رفع هذه الأحكام وإما عدم التعبد بها.
كما أشار إلى أن المؤلف تناول في هذا الفصل معالجة العلاقات، كعلاقة المماثلة بين شريعتنا وشريعة الماضيين التي تفرع عنها علاقتين: علاقة التعضيد بمفاهيمها الفرعية (التبجيل والاحترام والوقار) وعلاقة الرفع بمفاهيمها الفرعية (الاستهزاء والسخرية والدعابة) وأعطى أمثلة كثيرة، ومن بين القضايا التي وقع الإجماع على أنها لا تستجيب بتاتا لعلاقة الرفع وتوفي شرط المماثلة التعاضدية على نحو مطلق: عقيدة التوحيد وأمهات الأخلاق وأصول المعاملات والعبادات ومدلولات الأخبار المحض. وضمن هذه المماثلة حظيت حالة "التعضيد" بدراسة مفصلة قسمها إلى صنفين: صنف ما وقع التنصيص فيه على أنه كتب علينا كما كتب على الذين من قبلنا، وصنف لم يرد فيه نص صريح ولكن خصه الله تعالى في كتابه أو على لسان نبيه.
كما أوضح ان المؤلف درس قضايا عديدة وأبرز أن صرامة بعد الأصوليين في تضييق حجية الاستدلال بشرائع الماضين من جهة التعضيد جاء دفعا لتوهم تبعية الرسول الكريم للرسل والأنبياء السابقين ولكون الشرائع السابقة قد أصبحت شريعة لما أوحى الله إليه وليس عملا شرائعيا.
وفي ختام مداخلته نوه بمجهودات الدكتور أحمد مونة وأشار إلى أن قراءته هي قراءة علمية تحليلية وليست نقدية وأن ما يميز هذا الكتاب هو احتواؤه على خلاصات، وانه قارن بين شرائع الماضين والاستدلال الاستصحابي كما انه أفرد فصلا خاصا لهذا الأخير ينتهي الى ان الاستدلال بشرع ما قبلنا هو استدلال استصحابي بحكم الدلالة من جهة التعضيد.
أما فضيلة د. جمال علال البختي رئيس مركز أبي الحسن الأشعري للدراسات العقدية بتطوان، التابع للرابطة المحمدية للعلماء، فقد استهل مداخلته بالإشادة بهذا العمل باعتباره عملا أصوليا من الأعمال الرائدة في مجال البحث الأصولي ؛ ليس فقط لأنه كتب بمنهج علمي رفيع أو لأنه عكس العمق التحليلي في التعامل مع قضايا ومباحث علم اصول الفقه الكلاسيكية ولا لكونه أصدر مناهج لسانية وتحليلية جديدة، وإنما لقدرته على الغوص بالقارئ إلى أعماق الجزئيات الأصولية تقسيما وتعميقا ثم بناء وتوثيقا في بعد نسقي راقي قرب به علاقة الدرس الأصولي، بغية حد إشكالاته الإجرائية والروتينية وكذلك بغية تجديد حياة هذا العلم الذي كاد أن يصيبها الركود، كما نوه بقدرات المؤلف سيدي أحمد مونة وإمكاناته العلمية ومواهبه الفائقة التي قل ما تحدث لدى أغلبيه الباحثين من أقرانه.
واسترسل قائلا إن الكاتب لم يصرح بالإشكال الذي يعالجه الكتاب في المقدمة ولم يذكر الفرضيات المتعلقة به والمفترض تمحيصها في مسار البحث، ولكن هذا لا يمنع القول بأنه يمكن تفكيكها من العمل ككل، لأن الكتاب يسعى كما ذكر عنوانه "منطق الشرع الى ضبط مسالك الاستدلال العملي عند الأصوليين" إلى محاولة تجديد النظر في علم الأصول ببيان مركزية نظرية اللزوم في الدرس الأصولي والمستثمرة في الأضرب الاستدلالية، هذه الأضرب التي عمل المؤلف على تجديدها ببيان معالم الصحة والفساد فيها. ثم أبرز الجوانب العملية والحجاجية المتعلقة بطبيعتها، وقد انتهى الى ان نظرية اللزوم الأصولية تشهد لمنطق خاص عده الباحث منطق الشرع وهو منطق يتصف أساسا بالعقلنة لوجوه الاستدلال للأحكام كما يتصف بالعقلنة لوجوه استخلاص الاحكام.
ثم انتقل بعد ذلك للحديث عن أهم مضامين ونتائج الكتاب؛ فأشار إلى أن المؤلف وقف في الفصل الأول والثاني من الباب الأول على مفهوم الدليل الذي يدل في الممارسة الأصولية إلى جانب مادته بمعنى الأصل على معنى الاستدلال، كما أشار إلى أن المؤلف بين أن الأصوليين لم يكتفوا بضبط عملية التدليل فحسب بل اشترطوا أن يكون الاستدلال صحيحا ليتحقق وعد اليقين العلمي للمستدل. هذا اليقين الذي لا يتأتى من باطل ما لم يحصل القدرة على بناء دليله وفق مسالك إجرائية ومنهجية متسمة بالصحة، بالإضافة إلى معرفه تامة بالمعالم التي تجعل منه استدلال فاسدا يحتاج الى ان يطور. كما اعتبر أن الاستدلال في الممارسة الأصولية هو عبارة عن علاقة بين طرفين يسمى المتقدم منها المستدل به او المقدمة ويسمى المتأخر المستدل عليه او النتيجة ووصف هذه العلاقة بكونها لزومية بمعنى ان وجود الدليل يستلزم وجود المدلول. وان الاستدلال قد وظف بمعنيين معنى أعم بوصفه مسلك منهجيا في استيفاء الأحكام الشرعية من كل أصل من أصول الشريعة ومعنى أخص اختص ببعضها، وان الذي عني به في البحث في هذا السياق هو المعنى الأخص والذي يشتمل على الاستصحاب وشرع ما قبلنا والاستحسان والاستدلال المرسلين وسد الذرائع.
أما الفصل الثالث فقد أشار فيه إلى أن المؤلف تعقب مفهوم اللزوم عند الاصوليين سواء على مستوى الضبط او الممارسة مسجلا:
ان نظرية اللزوم عند الاصوليين تتيح للناظر تحصيل مدلولات الخطاب الشرعي وذلك باستثمار النص مما يسمح له بتنويع المعارف وتكثير القواعد الممكن استفادتها من الخطاب الشرعي.
أن ابن تيمية لم يكن الاصولي الوحيد الذي تناول الخطاب الشرعي بالتمحيص لكن سبقه في ذلك الشيرازي وإن حصل التوافق بينه وبين الغزال في حصر طرق الاستدلال في أضرب خمسه فإنه اعتبر القياس أحد أهم هذه المسالك الاستدلالية في تحصيل المطالب الشرعية
الاستدلال العقلي الذي يراعي مقام المكلف وأحواله المعينة فهو أنسب المسالك لمتابعه النوازل وتنزيل الأحكام. وغيرها من النقاط
وتطرق بعد ذلك للحديث عن الباب الثاني الموسوم بطرق الاستدلال عند الأصوليين وانتقل للحديث بالتفصيل عن كل من الفصل الأول المخصص للاستدلالي الاستصحابي والفصل الرابع المخصص للاستدلال الاستحساني والفصل الخامس المخصص للاستدلالي المرسل والفصل السادس المخصص للاستدلال الذرائعي.
وختم مداخلته بمجموعة من الملاحظات والتساؤلات من بينها: هل يمكن الحكم بأن أطروحة فضيلة د. أحمد مونة هي تنزيل جديد لتصورات ابن تيمية في الموضوع؟ وهل نفهم من كلام المؤلف أنه تصريح بأن مجهود الغزالي وجمهور الاصوليين سار في اتجاه وضع حدود لآفاق العقل الرحبة وإقامة قيود على اتساع العبارة علما ان استشهاداته في الأطروحة مستمدة في معظمها من نصوص هؤلاء الاصوليين؟ هل علم اصول الفقه في نظرك مطالب بمجافاة النزعة البرهانية؟ وإذا كان الجواب ايجابي فهل مرد ذلك الى كون النزعة البرهانية غير ذات جدوى في مجال الاستدلال الاصولي؟ وغيرها من التساؤلات.
أما مداخلة فضيلة د. خالد زهري أستاذ العقيدة والفكر الأشعري بكلية أصول الدين، فقدمتها نيابة عنه الطالبة الباحثة فاطمة أمحاول، فكان أول ما وقف عنده عنوان الكتاب" منطق الشرع" متسائلا إن كان بمقدور أصول الفقه الاستغناء عن المنطق؟ مبرزا أنه في هذا المقام لا يهمه الإجابة عن هذا الإشكال ولا مناقشة الإجابات التي اقترحت بشأنه بقدر ما يهمه الجواب الذي قدمه صاحب الكتاب من خلال مناقشة القضايا الاصولية وحصيلة النتائج التي توصل اليها والتي تنبؤه بمطلوب مفاده أن المنطق أصيل في أصول الفقه والوشائج بينهما متداخله جدا بحيث لا يمكن فك عقدها بيده ان المطلوب الاعمق الذي يفصح عنه الكتاب في مجموعه من عنوانه الى اخر عبارة فيه بان اصول الفقه ليس مفتقر إلى المنطق فحسب بل إنه منطق في حد ذاته الا انه منطق في مجال تداولي مخصوص وهو علم الفقه فيتعين تعريف اصول الفقه بالصورة التالية: "اصول الفقه هو منطق الفقه كما ان البرهان عند الفلاسفة هو منطق التفكير والنحو هو منطق اللسان".
ثم انتقل بعد ذلك إلى الحديث عن العنوان الفرعي الموسوم "بمسالك الاستدلال العملي عند الاصوليين" موضحا أنها تفيد: 1) الكشف عن العناصر العملية للاستدلال خاصة الاستدلال الاستصحابي والاستحساني والذرائعي والاستصلاحي وشرائع ما قبلنا. 2) الكشف عن أهمية مبحث الأفعال الإنجازية كما هو مسطر في نظرية علم الكلام 3) استخلاص أن الاستدلال الاصولي هو استدلال حجاجي بمعنى أنه استدلال عملي.
وانتقل بعدها إلى الحديث عن الكلمة المفتاحية في العنوان الفرعي " الاستدلال "وهي كلمة كشفت مناقشة المؤلف لها في الكتاب عن وجهين، وجهي اصول الفقه: الوجه الشرعي المبني على النص والوجه العقلي المبني على مسالك التدليل العقلي، كما أشار إلى أن المصطلح المذكور يعد من أهم القواسم المشتركة بين اصول الدين واصول الفقه بل انه مفهوم جوهري ومحوري فيهما. وبين أيضا ان المؤلف رغم تركيزه على الاستدلال الحجاجي المعمول به في أصول الفقه فانه مع ذلك كشف على بعض الخيوط التي تمتد الى الاستدلال البرهاني والاستدلال البياني، ويمكن الوقوف على ذلك لدى مناقشته للصفة اللزومية للاستدلال الأصولي.
وفي نظر د. زهري، فلعل من أبرز ملامح الابداع عند المؤلف وهو يناقش هذا المصطلح ما يأتي:
التوسل ببعض المفاهيم المعتمدة في مبحث التداوليات كالمماثلة والعلاقة والسياق.
الكلام على خصائص الاستدلال الاصولي في ضبط المعارف المنهجية المعاصرة.
اتسام المبحث بصبغتين صبغة منطقية وصبغة لسانية.
وفي الختام عرض د. خالد زهري أربعة أمور رأى أجرأتها خادمة للكتاب على مستوى تداوله بين القراء وهي:
ان الروح الأكاديمية والصرامة البحثية التي اتسم بها الكتاب يجعلنا نقترح له عنوانا وصفيا علم اصول الفقه في ثوبه الأكاديمي الجديد.
كان الاولى بهذا الكتاب ان ينشر منذ أكثر من 10 سنوات اي مباشره بعد مناقشة صاحبه لأطروحة الدكتوراه اذ كان من الممكن ان تبنى عليه مشاريع علميه في الماستر والدكتوراه تعمق مضامينه وتوسع مباحثه وتفرع قضاياه الجزئية في بحوث مستقله
حري بهذا الكتاب ان يطرح مقررا جامعيا للطلبة في مادة اصول الفقه
يستحسن ان ينشر الكتاب في طبعة ثانية تكون دولية حتى يتسع انتشاره مما فيه إبراز لجانب من جوانبه العبقرية المنطقية والاصولية في التآليف المغربية المعاصرة.
أما المداخلة الأخيرة فكانت من نصيب الطالبة الباحثة بسمة الحسوني التي استهلتها بالحديث عن الاشكالية التي تناولها الكتاب والتي تتمثل في تجديد النظر في الدرس الأصولي انطلاقا من سعي صاحبه للكشف عن آليات هذا الضرب من الاستدلال وبيان خصائصه وتحديد طرقه وحصر أقسامه، وكذا اعتبارا لمركزية " نظرية اللزوم الاصولية" التي جدد في إعادة بناءها مؤلف الكتاب والتي ستشهد فيما بعد لمنطق خاص هو منطق الشرع.
كما أشارت إلى أن عمل الدكتور أحمد مونة ارتكز على فكرتين جوهريتين: تروم الاولى حول بيان ماهية مفهوم الاستدلال والكشف عن حدوده وضوابطه داخل الممارسة الأصولية وهو ما عنون به المؤلف الباب الاول والذي سيجيب في فصله الأول عن اشكالية مصطلح الاستدلال مؤكدا بأن هذا الأخير يفيد في العرف الأصولي طلب الدليل، بينما في الفصل الثاني تطرق للحديث عن مسألة الدليل في الممارسة الأصولية ليخلص الى ان الدليل قسمان قسم ينشأ عن طريق النظر الفردي ويسمى بالدليل النظري وبالدليل البرهاني، وقسم ثاني يبنى في سياق تخاطب تتفاعل في سبيل تحصيله أدوات المتناظرين وهو ما يسمى بالدليل التناظري أو الدليل الحجاجي.
كما أبرزت أن الفكرة الثانية التي تناولها الكاتب في كتابه هي مفهوم الاستدلال بمعناه الخاص والذي يشتمل على كل من التلازم والاستصحاب وشرع من قبلنا والاستحسان والاستصلاح واخيرا سد الذرائع، اي بيان طرق الاستدلال العملي لدى الاصوليين، وذكرت ان المؤلف خصص الفصل الثالث لدراسة مفهوم التلازم باعتباره البؤرة المركزية للممارسة الأصولية وبعده بينت أنه تناول احد اهم المسالك الإجرائية في الممارسة الاستدلالية الأصولية والمتمثلة في الاستدلال بشرائع الماضيين ثم اوضحت أنه انتقل بعد ذلك للحديث عن الاستدلال الاستحساني الذي اختلف العلماء حوله وبعدها ذكرت انه تطرق للحديث عن الاستدلال المرسل والاستصلاح واخيرا بينت أن المؤلف عرج لتوضيح مقومات الاستدلال الذرائعي وأنه ختم كتابه بخاتمة جامعة لأهم الأطروحات التي اختمرت بعناية في فصول هذا الكتاب .
وختمت الطالبة الباحثة بسمة الحسوني مداخلتها قائلة ان الدكتور أحمد مونة استطاع من خلال كتابه منطق الشرع أن يعكس لنا البراديجما الأصولية في سياقها المعاصر والتجديد وفق رؤية تكاملية كشف من خلالها عن مميزات مسالك الاستدلال العملي عند الاصوليين.
وفي ختام أطوار هذه الجلسة العلمية أعطى مسير الجلسة الكلمة لمؤلف الكتاب مقترحا عليه الحديث في البداية عن الصعوبات التي واجهته في إنجاز أطروحته وعن تجربته المتميزة مع مشرفه فضيلة الدكتور طه عبد الرحمان، ثم يعرض للمسائل والقضايا التي تم تداولها في عروض السادة الباحثين نظرا لوجود الكثير من الطلبة الباحثين المتابعين لأطوار الجلسة العلمية.
وفي هذا الصدد، شكر المؤلف جميع من هيأ الأسباب لعقد هذا المجلس العلمي، وبخاصة السادة الباحثين الذين عكفوا على قراءة كتابه، واستخراج ما ظهر لهم من أفكار وأنظار بين صفحاته. ثم مضى يتحدث عن تجربته في إعداد أطروحته التي ستصير كتابا مطبوعا تحت إشراف فيلسوف النظرية الإئتمانية الدكتور طه عبد الرحمان، وأكد على الأخلاق التي يجب أن يتسم بها طالب العلم في تعامله مع أستاذه المشرف، وكانت هذه القطعة من كلام المؤلف ذات قيمة عالية لأنها أظهرت صورا رائعة من صور الإشراف النقدي، وبينت طرفا من آداب تعامل الباحثين مع أساتذتهم المشرفين. كما قام المؤلف بعد ذلك بالإجابة على التساؤلات المقدمة سواء من قبل الطلبة الباحثين أو من لدن السادة الباحثين فكانت جلسة حوار على قدر عال من القيمة والأهمية.