الاثنين 25 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

يوسف لهلالي: أوروبا تتبنى التشدد تجاه الهجرة

يوسف لهلالي: أوروبا تتبنى التشدد تجاه الهجرة يوسف لهلالي
بعد عقد من الجدل والخلافات والمفاوضات الطويلة حول تدبير الهجرة الوافدة على حدود الاتحاد الأوربي، تمكن النواب الاوربيون من التصويت على ميثاق موحد للهجرة بهذه البلدان، اهم ما يميزه هو تشديد المراقبة على الحدود وانشاء مناطق حجز خارج التراب الأوربي وتقاسم المسؤولية بين البلدان الأعضاء. وحسب وكالة فرانطيكس ان هناك حوالي 380 ألف شخص دخلوا حدود الاتحاد بشكل غير قانوني سنة 2023 وذلك بزيادة 17 في المائة مقارنة بسنة 2022.

اغلب المسؤولين الاوربيون اعتبروا الاتفاق هام وتاريخي، في حين رفضته المعارضة، في اقصى اليمين واعتبرته مضر بالهوية في حين اعتبرته أحزاب اقصى اليسار متشدد ولا يتوافق مع احترام حقوق الانسان والقيم التي تتبناها اروبا وهو نفس موقف المنظمات التي تعني بحقوق المهاجرين.

وهو قانون يتعارض مع مصالح وحاجة اغلب بلدان الاتحاد لليد العاملة بسبب شيخوخة سكانها وحاجتها الكبيرة لليد العاملة في مختلف المستويات في السنوات المقبلة لتعويض المتقاعدين وشيخوخة الهرم السكاني.

وتمكنت الكتل السياسية الأساسية في البرلمان من تمرير ميثاق الهجرة واللجوء الذي يعتبر اصلاحا شاملا تطلب إنجازه عقدا من الزمن لتضارب المصالح بين البلدان الأعضاء. وعارضته أحزاب اليمين المتطرف واليسار المتشدد.

مسؤولو المفوضية الاوربية عبروا عن ارتياحهم لهذا التصويت، وعلى هذه الوحدة في الموقف تجاه ميثاق الهجرة، حيث ان تضارب مصالح بلدان الاتحاد تجعل اتخاذ القرارات مهمة جد صعبة خاصة امام المعارضة الشرسة لبولونيا وهنغاريا لهذا الميثاق باعتبارها بلدان مصدرة لليد العاملة نحو باقي البلدان الاوربية وتعبر الهجرة الوافدة منافسة لمواطنيها بهذه البلدان.

رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين أشادت بالتصويت قائلة إنه "سيؤمن الحدود الأوروبية... مع ضمان حماية الحقوق الأساسية" للمهاجرين. وأضافت "علينا أن نكون الجهة التي تقرر من يأتي إلى الاتحاد الأوروبي وتحت أي ظروف وليس المهربين والمتاجرين".في البشر حسب تصريح المسؤولة الاوربية.

وقالت مفوضة الشؤون الداخلية بالاتحاد الأوروبي إيلفا جوهانسون إن الاتحاد  "سيكون قادرا على حماية الحدود الخارجية ويمكن من استقال  أفضل لللاجئين، وإعادة غير المؤهلين للبقاء بسرعة " الى بلدانهم  وإدخال "تضامن إلزامي" بين الدول الأعضاء." وذلك في إشارة لضغط الذي كانت تتعرض له بعض الدول مثل إيطاليا واليونان اللتان تستقبلان أكبر عدد من الوافدين الغير النظاميين لقربهما من جنوب المتوسط مصدر الهجرة الوافدة.

نفس الموقف عبرت عنه الحكومات الاوربية التي سبق ان وافقت على هذه الاتفاقيات التي يتضمنها ميثاق الهجرة الجديد. وبعضها اعتبره اتفاق تاريخي.

منظمات المجتمع المدني خاصة الحقوقية والعاملة في مجال حماية حقوق اللاجئين والمهاجرين أي حوالي 161 منظمة لم يكن لها نفس الرأي، واعتبرت ان هذا القانون الذي صدر في الأجواء الانتخابية للبلدان الاوربية هو يتضمن نوع من تلبية مواقف اليمين المتشدد، من خلال بناء مراكز للحجز على الحدود يتم فيها حجز طالبي اللجوء في انتظار دراسة ملفاتهم، بل ان الميثاق الجديد يتضمن ارسالهم الى بلدان خارج الاتحاد الأوربي من اجل دراسة طلباتهم. 

وقالت منظمة العفو الدولية إن الاتحاد الأوروبي يدعم اتفاقا "يعلم أنه سيتسبب بمعاناة إنسانية أكبر"، فيما حث اتحاد الصليب الأحمر الدول الأعضاء "على ضمان ظروف إنسانية لطالبي اللجوء والمهاجرين المتضررين". كما واكب هذا التصويت مظاهرات مناهضة لمضمونه.

اما أحزاب اقصى اليسار فقد اعتبرت ان  هذه الإصلاحات التي تم اعتمادها من طرف الأغلبية  لا تتوافق مع التزام أوروبا بدعم حقوق الإنسان،  واعتبرت ما وقع  يعتبر "يوما مظلما".

كما عارض نواب اليمين المتطرف إقرار القوانين العشرة التي تشكل الاتفاقية، قائلين إنها غير كافية لوقف المهاجرين غير الشرعيين الذين يتهمونهم بنشر انعدام الأمن والتهديد "بإغراق" الهوية الأوروبية. رغم ان اغلب المختصين اعتبروا ان الميثاق يلبي اكبر مطالب هذه العائلة السياسية المعادية للهجرة.

زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي مارين لوبن حزب التجمع الوطني في فرنسا هاجمت هذا القانون واعتبرته عبر تغردة انه في صالح المنظمات الغير الحكومية ويسمح لها بالتواطؤ مع المهربين والإفلات من العقاب". وهي تستهدف من تصريحها البواخر التي تستعملها المنظمات الغير الحكومية من اجل انقاد المهاجرين من الغرق.

من المقرر أن تدخل إجراءات الاتفاقية حيز التنفيذ في عام 2026، بعد أن تحدد المفوضية الأوروبية في الأشهر المقبلة آلية تنفيذها. من خلال بناء مراكز حجز طالبي اللجوء او ارسالهم الى دول خارج الاتحاد،  وفي اطار التضامن،  سيتوجب على بلدان الاتحاد الأوروبي استقبال آلاف طالبي اللجوء من الدول التي تعد "على خط المواجهة" مثل إيطاليا واليونان في حال شعرت بأنها تحت الضغط نتيجة تدفق المهاجرين .كما يمكن أن تقد م دول الاتحاد الأوروبي الأخرى المال وغير ذلك من الموارد إلى البلدان التي تعاني من الضغط، أو المساعدة في تأمين الحدود.

روما اعتبرت ما تم التوصل اليه  هو "أفضل حل وسط ممكن". ، يأخذ في الاعتبار احتياجات إيطاليا ذات الأولوية".والتي وقعت حكومتها اتفاقا مع البانيا التي تعهدت باستقبال من يتم طردهم من إيطاليا. 

في هذا الاطار وقع  الاتحاد الأوروبي مع تونس ومصر وموريتانيا  اتفاقات مماثلة للذي وقعه مع تركيا في عام 2016 لوقف تدفقات المهاجرين.

الاتفاق على هذا الميثاق الجديد للهجرة  والمثير للجدل  والذي انتقدته المنظمات الغير الحكومية، تم التوصل اليه من خلال  إرضاء الأطراف المتطرفة من بلدان الاتحاد في نظرتها للهجرة وهي بولونيا وهنغاريا وهما بلدان  ليس لهما وضع باقي البلدان الاوربية، بل هي بلدان  مصدرة لليد العاملة  وليس لهما اقتصاد يحتاج الى يد عاملة كثيرة مثل حاجة المانيا، اسبانيا ، وايطاليا وبلدان أخرى في حاجة ماسة لليد العاملة مما يجعل القانون متناقض مع حاجيات  اغلب البلدان الاوربية .

بالإضافة ان هذا الميثاق اعتمد مقاربة امنية محضة للحدود دون اية مقاربة تنموية لبدان الانطلاق، ودون تفكير في الحالات التي تقبل العودة الى بلدانها الاصلية. وهو ميثاق يسعى لتعويل اوربا الى قلعة محصنة وسط جيرانها خاصة في الجنوب المتوسطي.