تطرح جريدة "أنفاس بريس" سلسلة من حلقات "ذاكرة رمضان" توثق لأهم وأبرز الأحداث التي وقعت خلال شهر رمضان منذ فجر تاريخ المغرب الإسلامي إلى المغرب المعاصر. هي سلسلة يومية من إعداد الكاتب والإعلامي الزميل الحسين العمراني الذي قام بجمعها وتوثيقها استنادا على عدة مراجع ووثائق وإصدارات.
إن السلسلة التوثيقية من "ذاكرة رمضان" تبرز عبقرية المغاربة عبر التاريخ، وتجعل المعلومة التاريخية في متناول الناشئة بأسلوب سهل ومشوق. كما أنها تكشف على أهم الأحداث الوطنية، بالخصوص التي وقعت في شهر رمضان، حيث قلما نعطي لتاريخنا مساحات في إعلامنا البصري لاستحضار مخزوننا التاريخي الذي يعتبر مصدر قوتنا وبه نكرس الانتماء لذواتنا وبوطننا، على اعتبار أن الوطنية الصادقة، والمواطنة الإيجابية بذورها الأولى يجب أن تكون من تربة الوطن، من ماضيه التليد. إذ لا يمكن أن نعايش تحديات الحاضر وإكراهات المستقبل إن لم يكن لنا ماض نستمد منه الدلالات والعبر.
حلقات "ذاكرة رمضان" تسافر بالقارئ عبر تاريـخ المغرب والأندلس ونسترجع من خلالها حضارة الأمة المغربية. هي سلسلة تسلط الضوء على ما تختـزنه وتوثقه العديد من الوقائع والأحداث التاريخية التي كان شهر رمضان مسرحا لها، حيث سنقف يوميا خلال هذا الشهر الفضيل عند منجزات شخصيات مغربية تركت الأثر ببصماتها الخالدة، الشاهدة على ذاكرة العصر.
حلقات "ذاكرة رمضان" هي سلسلة مشوّقة تسافر بالقارئ عبر تاريخ بلده، وتنفض الغبار عن وقائع تاريخية لازالت راسخة في الذاكرة المغربية عبر عدة قرون. وقد يكون من باب الصدف الإيجابية أن تعرف بلادنا العديد من المحطات التاريخية متزامنة مع شهر رمضان، برمزيته الروحية والدينية ودلالاته القدسية، وتتنوع هذه الأحداث ما بين الدينية والثقافية والرياضية والسياسية والفنية والعمرانية.
إليكم الحلقة 27 من سلسلة "ذاكرة رمضان":
1 ـ يوم وفاة الأميرة لالة أمينة التي عشقت البارود وسنابك الخيل
توفيت عاشقة فن التبوريدة وسنابك الخيل، الأميرة لالة أمينة يوم الخميس 27 من شهر رمضان في العام 1433 هجرية، الموافق لـ 16 غشت سنة 2012.
هي أمينة بنت السلطان محمد الخامس طب الله ثراه، والتي ولدت في المنفى بمدغشقر يوم الأربعاء 10 شعبان 1373هجرية الموافق لـ 14 أبريل سنة 1954ميلادية.
الأميرة لالة أمينة هي شقيقة الراحل الحسن الثاني، وعمة الملك محمد السادس، والتي اشتهرت باشتغالها وعشقها وولعها بمجال فنون التبوريدة خاصة ورياضات الفروسية عامة.
عين الملك محمد السادس الأميرة لالة أمينة رئيسة للجامعة الملكية المغربية للفروسية منذ سنة 1999م، إلى جانب كونها أيضا رئيسة اللجنة المنظمة لفعاليات التظاهرة الرياضية لـ "أسبوع الفرس" الذي كان ومازال ينظم كل سنة بالمركب الملكي للفروسية والتبوريدة بدار السلام، فضلا على أن المرحومة لالة أمينة كانت أيضا رئيسة حكام المباريات الوطنية للقفز على الحواجز، ومدربة للفريق الوطني المغربي للفروسية.
2ـ المؤلف أحمد المقري ينهي كتاب "نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب"
كتاب "نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب"مصنف ألفه أحمد المقري، حيث يعد أحد أقدم الكتب الأندلسية ظهورا للنور، وهو موسوعة تاريخية مهمة في دراسة التاريخ والأدب والجغرافيا الخاصة بالأندلس.
انتهى المصنف من الكتاب يوم الأحد 27 رمضان من العام 1038 هجرية، ثم ألحق به فصولاً أتمها في ذي الحجة سنة 1039 هجرية، وكان قد ألف كتابه هذا وهو في القاهرة.
انتقل إلى مدينة فاس في عهد السلطان السعدي أحمد المنصور، ثم ذهب إلى مراكش لكنه عاد إلى مدينة فاس، وبعد وفاة السلطان أحمد المنصور، عينه السلطان زيدان الناصر بن أحمد مفتيا وإماما لمسجد القرويين سنة 1618م، لكنه في نفس العام قرر الرحيل لأداء فريضة الحج بمكة المكرمة، مر بمدينة القاهرة في العام الموالي، ثم زار دمشق والقدس، وتوجه نحو مكة المكرمة، ومن هناك عاد إلى القاهرة، حيث وافته المنية سنة 1041هجرية، الموافق للعام 1631ميلادية. يشار إلى أن المؤلف أحمد المقري من مواليد تلمسان سنة 1578 ميلادية.
3ـ في مثل هذا اليوم ولد العلامة والفقيه الأديب الحجوجي الإدريسي
هو الشيخ العلامة المحدِّث الفقيه الصوفي محمد بن محمد بن المهدي الحَجُوجِي الإدريسي الحسني الفاسي التجاني. ولد بمدينة فاس فجر يوم الخميس 27 رمضان سنة سبعة وتسعين ومائتين وألف هجرية (1297هـ).
بدأ العلامة الحجوجي الإدريسي مبكراً في طَلب العلم، فحفظ كثيراً من المتون العلمية، بعد القرآن الكريم، ثم التحق بجامعة القرويين في العام 1315 هجرية، وبرع في علوم القرآن والحديث خاصة والفقه والتفسير واللغة.
ألّف ما يَرْبُو على تسعين كتاباً، تشهد له بسعة الإطلاع وبراعة التصنيف، وشملت تآليفه العديد من العلوم الشرعية منها المطبوع والمخطوط نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر "عَقْدُ الدُّرَر والياقوت والمرجان في تفسير القرآن" و "الحُلَل السُّنْدسية، المحلية للفوائد الجليلة البهية" و "المنح الوَهْبِية، في شرح المنظومة المسماة تلخيص الشمائل النبوية".
توفي العلامة الحجوجي الإدريسي رحمه الله يوم الأحد ثالث جمادى الثانية سنة سبعين وثلاثمائة وألف (1370هـ/1951م) بدَمْنَات ودفن هناك .
4ـ يوم وفاة حفيد أعظم حكام المرابطين وأوسعهم شهرة
توفي أبو المعز تاشفين بن علي بن يوسف اللمتوني الصنهاجي في يوم 27 رمضان من العام 539 هجرية، الموافق لـ 23 مارس 1145 ميلادية.
إنه الأمير السادس لدولة المرابطين، وخليفة أبيه علي بن يوسف، وحفيد أعظم حكام المرابطين، وأوسعهم شهرة يوسف بن تاشفين. حكم تاشفين أجزاء من المغرب والأندلس بين عامي537 هجرية الموافق لعام 1143 ميلادية، ثم 539 هجرية، الموافق لعام 1145 ميلادية. وكان تاشفين قد تولى قيادة جيوش المرابطين في الأندلس منذ سنة 520 هجرية، فحقق عددا من الانتصارات الهامة، أكثرها في مواجهات مع جيوش مملكة قشتالة، بقي هكذا حتى مقتله في وهران في العام 27 رمضان من العام 539 هجرية الموافق لعام 1145 ميلادية.
5 ـ بموت هذا السلطان انتهت الدولة المرينية
في السابع والعشرين من شهر رمضان من العام 869 هجرية الموافق لعام 1464ميلادية، توفي السلطان عبد الحق المريني، حيث دفن بمسجد بفاس الجديد. وبموته انتهت الدولة المرينية.
في سياق متصل بويع نقيب الأدارسة محمد بن علي العمراني القيطوني المعروف بالحفيد يوم الجمعة 27 رمضان عام 869 هجرية الموافق لـ 23 ماي 1465ميلادية. واستمر ملكه سبع سنين إلى أن سلم فاس للوطاسيين.
6 ـ يوم وفاة أول ملوك الدولة الوطاسية في المغرب
كانت وفاة السلطان الوطاسي، المعروف بالشيخ، وهو أول ملوك الدولة الوطاسية في المغرب الأقصى بفاس يوم 27 رمضان عام 910 هجرية، الموافق لعام 1504 ميلادية.
أقام محمد الشيخ (صاحب الترجمة) في أصيلة، وتبعته القبائل بها، وزحف لحصار فاس، فسلمها إليه الشريف الحفيد المريني ودخلها بعد مبايعته في شوال عام 876 هجرية، الموافق لـ مارس 1471 ميلادية. فاستقرّ بها سلطانا وإماما.
واستمر الوطاسي في الحكم إلى أن توفي بفاس في يوم 27 من شهر رمضان في العام 910 هجرية الموافق لعام 1504 ميلادية.
7 ـ في مثل هذا اليوم كانت وفاة الدكتور عبد الكريم الخطيب
توفي الدكتور عبد الكريم الخطيب، في يوم 27 رمضان من سنة 1429 هجرية، الموافق لـ 27 شتنبر 2008 ميلادية. هو زعيم سياسي وطبيب وجراح، جابه الإستعمار ولقب بطبيب المقاومة، وتقلد وظائف سياسية مهمة، وكان رئيس أول برلمان في المغرب.
يعد عبد الكريم الخطيب من الرموز السياسية في المغرب، فقد اختار توجها وطنيا إسلاميا معتدلا، ودافع عن تحرر الأمة العربية والإسلامية أيام الاستعمار، وتمنى وحدتها ورقيها وفق مرجعيتها الإسلامية والوطنية بعد الاستقلال.
شارك الخطيب إلى جانب المحجوبي أحرضان في تأسيس الحركة الشعبية في العام 1959، لكنه انشق عنه وأسس الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية في فبراير سنة 1967. ففتح الأبواب لأبناء الحركة الإسلامية من حركة "الإصلاح والتجديد" و "رابطة المستقبل الإسلامي" الراغبين في العمل السياسي. بعدها غير الحزب اسمه عام 1998 إلى "العدالة والتنمية"، ولقب الخطيب بالرئيس المؤسس للحزب.