الخميس 2 مايو 2024
فن وثقافة

نبش وسفر توثيقي مع الإعلامي الحسين العمراني في صفحات من تاريخ "ذاكرة رمضان" الحلقة (24)

نبش وسفر توثيقي مع الإعلامي الحسين العمراني في صفحات من تاريخ "ذاكرة رمضان" الحلقة (24) الكاتب والإعلامي الزميل الحسين العمراني

تطرح جريدة "أنفاس بريس" سلسلة من حلقات "ذاكرة رمضان" توثق لأهم وأبرز الأحداث التي وقعت خلال شهر رمضان منذ فجر تاريخ المغرب الإسلامي إلى المغرب المعاصر. هي سلسلة يومية من إعداد الكاتب والإعلامي الزميل الحسين العمراني الذي قام بجمعها وتوثيقها استنادا على عدة مراجع ووثائق وإصدارات.

إن السلسلة التوثيقية من "ذاكرة رمضان" تبرز عبقرية المغاربة عبر التاريخ، وتجعل المعلومة التاريخية في متناول الناشئة بأسلوب سهل ومشوق. كما أنها تكشف على أهم الأحداث الوطنية، بالخصوص التي وقعت في شهر رمضان، حيث قلما نعطي لتاريخنا مساحات في إعلامنا البصري لاستحضار مخزوننا التاريخي الذي يعتبر مصدر قوتنا وبه نكرس الانتماء لذواتنا وبوطننا، على اعتبار أن الوطنية الصادقة، والمواطنة الإيجابية بذورها الأولى يجب أن تكون من تربة الوطن، من ماضيه التليد. إذ لا يمكن أن نعايش تحديات الحاضر وإكراهات المستقبل إن لم يكن لنا ماض نستمد منه الدلالات والعبر.

حلقات "ذاكرة رمضان" تسافر بالقارئ عبر تاريـخ المغرب والأندلس ونسترجع من خلالها حضارة الأمة المغربية. هي سلسلة تسلط الضوء على ما تختـزنه وتوثقه العديد من الوقائع والأحداث التاريخية التي كان شهر رمضان مسرحا لها، حيث سنقف يوميا خلال هذا الشهر الفضيل عند منجزات شخصيات مغربية تركت الأثر ببصماتها الخالدة، الشاهدة على ذاكرة العصر.

حلقات "ذاكرة رمضان" هي سلسلة مشوّقة تسافر بالقارئ عبر تاريخ بلده، وتنفض الغبار عن وقائع تاريخية لازالت راسخة في الذاكرة المغربية عبر عدة قرون. وقد يكون من باب الصدف الإيجابية أن تعرف بلادنا العديد من المحطات التاريخية متزامنة مع شهر رمضان، برمزيته الروحية والدينية ودلالاته القدسية، وتتنوع هذه الأحداث ما بين الدينية والثقافية والرياضية والسياسية والفنية والعمرانية.

إليكم الحلقة 24 من سلسلة "ذاكرة رمضان":

 

 

 

1 ـ ذاكرة معركة سيدي بوعثمان التاريخية

تعتبر معركة سيدي بوعثمان التي وقعت في يوم 24 رمضان 1330هجرية، الموافق لـ 6 شتنبر 1912م، من بين أكبر المعارك التي خاضها المغرب بعد معاهدة الحماية بقيادة الشيخ المجاهد أحمد الهيبة، وتعد موقعة سيدي بوعثمان التاريخية من بين أهم المعارك التي شارك فيها مجاهدون وطنيون من مختلف جهات المملكة، وعلى هذا الأساس تعتبر من المحطات التاريخية التي شهدها المغرب في بداية القرن الماضي.

ذكرى معركة سيدي بوعثمان التاريخية تعتبر أيضا، كأول معركة كبرى خاضها الشعب المغربي بعد معاهدة الحماية، والتي شارك فيها مجاهدون وطنيون من مختلف قبائل وجهات الوطن، خصوصا من سوس والصحراء وحاحا، والأطلس وأحواز مراكش وعبدة ودكالة والشاوية والسراغنة والرحامنة وتافيلالت وغيرها من القبائل بقيادة المجاهد الشيخ أحمد الهيبة بن الشيخ ماء العينين.

في هذا الصدد يقول الزعيم علال الفاسي في كتابه "الحركات الاستقلالية": (يرجع الفضل في توحيد قبائل الجنوب إلى الشيخ ماء العينين وولده الهيبة الذي كون حوله حركة وطنية بالمعنى الدقيق للكلمة، وكافح الفرنسيين مطاردا القواد الكبار حتى مدينة مراكش ثم انهزم في موقعه سيدي بوعثمان، واستمر هو والقبائل الملتفة حوله بسوس والساقية الحمراء طيلة الحرب الكبرى (

لقد شكلت معركة سيدي بوعثمان محطة أساسية في مسار حركة المقاومة في الجنوب بعد إعلان الحماية، تلك المقاومة الطويلة التي اتخذت من الأطلس الصغير معقلا لقيادتها بمنطقة "أكردوس" بالقرب من "تافراوت" حيث تواصلت المقاومة بعد وفاة الشيخ أحمد الهيبة سنة 1919، بقيادة أخيه الشيخ مربيه ربه إلى غاية سنة 1934.

وفي مخطوط للزعيم علال الفاسي يقول عن مقاومة الشعب المغربي للمد الاستعماري (وقد تولى أخوه "مربيه ربه" مواصلة المقاومة التي لم تنته في الأطلس الكبير وسوس إلا سنة 1934(، لتكون بذلك حركة المقاومة في سوس والصحراء التي دامت 22 سنة، هي الأطول بالنسبة لباقي حركات المقاومة التي عرفتها باقي جهات الوطن.

 

 

2 ـ رمضان و "الرحلة المعينة" من طنطان إلى مكة المكرمة

كتاب "الرحلة المعينية" لمؤلفه ماء العينين ابن العتيق، كان قد كتبه في نهاية شهر رمضان. هذا الكتاب وثق فيه المؤلف كل مشاهداته وتأملاته وما عاشه في طريقه من مدينة طانطان نحو مكة المكرمة لحج بيت الله. ومن المعلوم أن ابن العتيق ينتمي إلى بيت عالم شهير، هو بيت الشيخ ماء العينين.

إن "الرحلة المعينية" تندرج ضمن الرحلات الحجازية، وهي كما يدل على ذلك عنوانها، رحلة ماء العينين بن العتيق إلى الحجاز ضمن الوفد الصحراوي الذي أدى فريضة الحج في العام 1938 ميلادية، برئاسة الشيخ مربيه ربه على نفقة الدولة.

وقد استغرقت هذه الرحلة نحو الحج، ثلاثة أشهر ونصف، تبتدئ من خروج المؤلف من مدينة طانطان في يوم الجمعة 16 شوال من العام 1357 هجرية، الموافق لـ 9 دجنبر 1938 ميلادية، مرورا بمدينة أكادير ثم مدينة الرباط، وصولا إلى ميناء مدينة طنجة. وتنتهي الرحلة بعودته إلى بيته وأهله بطانطان يوم الثلاثاء 29 محرم من العام 1358 هجرية الموافق لسنة 1939 ميلادية.

 

 

3 ـ من المجلس الاستشاري إلى المجلس الوطني لحقوق الإنسان

يعتبر المجلس الوطني لحقوق الإنسان مؤسسة وطنية تعددية ومستقلة، حيث تم إحداثه في مارس من العام 2011، ليحل محل المجلس الإستشاري لحقوق الإنسان الذي أنشئ في العام 1990. وقد كان أن تم إحداث جهاز حقوقي مختص بحماية الحقوق أطلق عليه اسم "المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان" والموثق في الجريدة الرسمية الصادر في يوم 24 من شهر رمضان من العام 1410 هجرية، الموافق لـ 20 أبريل 1990م.

 

وتولى رئاسة هذا المجلس الرئيس الأول للمجلس الأعلى الذي هو أعلى هيئة قضائية بالمغرب. وقد أتاح عدد أعضائه وانتماؤهم إلى مختلف الفئات التمثيلية إشراك جميع الكفاءات والمواهب في أعماله، حيث ضم ممثلين عن الأحزاب السياسية وعن النقابات كذلك والهيئات التي تعنى بحقوق الإنسان على اختلاف أنواعها، كما ضم شخصيات تتمتع بكفاءة خاصة في هذا المجال، وبذلك سيتمكن أشخاص ذوو معارف متنوعة ومشارب مختلفة من المساهمة في تحقيق العمل المشترك الذي يصبو الجميع إلى تحقيقه.

 

يشار إلى أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان يتولى النظر في جميع القضايا المتعلقة بالدفاع عن الحقوق والحريات، وحمايتها وضمان ممارستها الكاملة، والنهوض بها، وبصيانة كرامة وحقوق وحريات المواطنات والمواطنين، أفرادا وجماعات، وذلك في إطار الحرص التام على احترام المرجعيات الوطنية والكونية في هذا المجال.