لم تعد الأيّام كما كانت في قطاع غزّة، بعد أن رأينا وشاهدنا وعايشنا لحظة بلحظة، عبر محطّات البثّ المباشر، ووسائل التّواصل الاجتماعيّ؛ مشاهد القتل والتّدمير البشعة!. ولا تزال دولة الاحتلال تتبجّح باستمرار وتهدّد باقتحام مدينة رفح من أجل إيقاع أكبر قدر من الإيذاء في أعداد المهجَّرين الكبيرة وإيلام المسلمين ما أمكن. إذ يتحدّث النّاس عن وجود مليون ونصف من سكّان القطاع!..
يعربدون على مرأى ومسمع من عالم منافق، ساوى - بانصرافه عن الحكمة وابتعاده عن الإنسانيّة - بين بضع عشرات من الرّهائن المدلّلين لدى حماس، وبين ملايين المهجّرين والمساجين والمقتّلين بفعل الاحتلال الغاشم والإبادة الجماعيّة الوحشيّة، وعلى مشارف حدود يسكنها مسلمون يُفترض فيهم؛ النصرة ومد يد العون. إلا أنهم اختاروا الخذلان؛ فغشيهم الذلّ والهوان المنكّسان للرّؤوس المذهبان للقيمة والمروءة!.. وأعني هنا عن الذي بيده مقاليد الحكم والسلطة والقدرة، وليس الشعوب المغلوبة على أمرها..
فكيف يستسيغ أحد منّا ممّن كُتب له الوجود في الغرب، العيش الرّتيب الهنيء، فينصرف عمّا حوله ليتفرّغ إلى التّحضير للاحتفال بعيد لن تكون نكهتُه إلّا نكهة المساهمة في نهش لحوم أهلنا الغزّاويّين المقهورين المغلوبين على أمرهم؟!..
لنحتفل بالعيد، ولكن بتوفير مصاريفه وزكاة فطره ودخله الكامل لأهلنا في غزة!.. لنحتفل بالعيد ولكن بنيّة إغاظة الأعداء وإشعارهم بأنّهم لن يستطيعوا قتلنا أو إحزاننا وصرفنا عن مواسمنا وشرائع ديننا!.. لنحتفل بالعيد بالخروج في مسيرات حاشدة بعد الصّلاة يوم العيد مباشرة، وسوف ينضمّ إليها لا محالة الأحرار من غير المسلمين كعادتهم منذ بدء العدوان. بل لعلّ إعلاننا لحفل العيد يعمّم هذه السّنة ولا يخلو من الإشارة إلى المسيرة؛ فيكون ذلك محفّزا للتّجمهر وحضور مواسم المسلمين!.. لنحتفل بالعيد ونحن موقنون بالنّصر.
فقد أقسم أحرار غزّة؛ صبيانهم وشيوخهم ونساءهم وجريحهم ومريضهم.. على الله تعالى أن ينصرهم، وإنّه جلّ وعلا لناصرهم ولو بعد حين.. [وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا].
اللهم سامحنا في تقصيرنا نحوهم، ولا تفتنا في ديننا، وعجل يا مولانا بالفرج القريب لهم، أنت ولي ذلك والقادر عليه.
عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ... بمَا مَضَى أمْ بأمْرٍ فيكَ تجْديدُ!!!
أَمَّــا الْأَحِــبَّــةُ فَــالْــبَــيْــدَاءُ دُونَــهُـمُ... فَــلَــيْــتَ دُونَــكَ بِــيـدًا دُونَـهَـا بِـيـدُ..