"عش نهار تسمع خبار"...
هذا هو دأبنا مع هؤلاء الأغبياء، الذين يحكمون بلداً اسمه الجزائر... لكن هؤلاء على الأقل، يطردون ملل الاستقرار ورتابته بهذه الجهة من الكوكب الأرضي، لأنهم بين اليوم والآخر يطلعون عليها بتقليعات جديدة تثير المزيد من السخرية والضحك على امتداد الخريطة السياسية العربية والجهوية والعالمية!!.
هذا هو دأبنا مع هؤلاء الأغبياء، الذين يحكمون بلداً اسمه الجزائر... لكن هؤلاء على الأقل، يطردون ملل الاستقرار ورتابته بهذه الجهة من الكوكب الأرضي، لأنهم بين اليوم والآخر يطلعون عليها بتقليعات جديدة تثير المزيد من السخرية والضحك على امتداد الخريطة السياسية العربية والجهوية والعالمية!!.
أمام هذه الظاهرة، الجزائرية بامتياز، يمكن للمرء أن يتفهّم كيف يدعو بعض مؤثرينا الظرفاء عبر وسائل التواصل الاجتماعي بأصدق الدعاء، ولو على سبيل التفكّه، بالصحة والعافية وطول العمر، الفيزيقي والوظيفي، ليبقى أناسٌ مثل تبون وشنقريحة أحياءً وممارسين للسلطة هناك، حتى يستمروا في إتحافنا وطرد الملل والضجر عن مجالسنا، نحن المتندرون على أحوال ذلك الجار، المسكين بكل دلالات المَسكَنَة!!!.
ولِمَ لا؟ ما داموا يعجزون عن الإتيان بأي تجديد أو تطوير أو تحسين لأحوالهم السوء، التي ستظل أسئلة العالم مطروحة بصددها مادام هذا النظام المريض والكسيح جاثماً على صدور شعب جزائري يفتقر إلى الرجولة والرجال، وإلاّ لكان قد استرجع قصب المبادرة وصار «فاعلاً» بدلا من البقاء «مفعولا به»، ولكان خرج إلى الشارع خرجة لا تقل شدة وضراوة عن الخرجة التونسية التي أعقبت مجرد صفعة تلقاها مواطن تونسي بسيط؛ أو الخرجة المصرية التي أطاحت بنظام حسني مبارك... فأين هم رجال الجزائر، بلد «الملايين» من الشهداء الذين يبدو من تصريحات حكامهم أنهم يتناسلون في قبورهم بهمةٍ عالية حتى فاق عددهم الآن ستة ملايين نفر حسب هَلْوَسات الرئيس تبون التي يعبر عنها بعظمة لسانه؟!!.
يالها من سخرية قياسية، أن يكون أحياء الجزائر خانعين مستسلمين وعقيمي الفكر والفعل، ويكون موتاها هم وحدهم القادرين على التناسل والتكاثر والإعمار، وعلى اختراق إحصائيات الشهداء بين كل خطاب رسمي وآخر... قمة في الغباء والعجائبية!!!.
آخر تقليعة خرج بها إلينا بهلوانات الجزائر، إقدامهم على التوالي، على الذهاب إلى بلجيكا لتأسيس حزب ريفي اختاروا له اسما لا يتداوله ريفيو وريفيات المغرب الأقحاح، وخصصوا له كالعادة أرصدة من العملة الصعبة يتعيّش منها أعضاؤه ويقتاتون، وهؤلاء لا يتجاوز عددهم عشرين أو ثلاثين نفراً في أحسن أحوالهم، ثم العودة بهم إلى الجزائر ليصنعوا لهم علما سداسي النجمة (!!!) ونشيداً ريفيا لا يقل هُراءً عن النشيد الوطني الجزائري المسروقة كلماتُه من مصر عبد الناصر، والموضوعة موسيقاه في فرنسا ديغول، وسلّموا لهم مفاتيح فيلا فخمة، في حي فخم، هو حي البِيار، ثم جلسوا معهم للتخطيط للخطوات الموالية، التي لن تعدم أن تصيبنا هي الأخرى بموجات ضحك هستيري، خاصة بعد رفعهم الغطاء عن هذا الذي سيأتي، بقولهم إن صناديد الريف المفربي هؤلاء توسّلوا إليهم بجعل الخير خيرَيْن، والترخيص لهم بالاستفادة من التدريب على الأسلحة النارية وعلى فبركة المتفجرات، حتى قيل إنهم وجهوا طلبا رسميا بذلك إلى "الرحّالة العالمي" ابن بطوش، وكأنّ هذا الأخير وشرذمته حققوا بتسلّحهم وتداريبهم أيَّ منفعة لقضيتهم الخاسرة، لكي يتسنى لهم أن يشرفوا على تداريب أنفار آخرين... وهل في وسع ريافة الجزائر، المفبرَكين محلّياً هناك، ان يُحققوا شيئا أنفع مما حققه مدرّبو المستقبل البطّوشيون؟!.
أعتقد أن العَتَهَ الجزائريَّ قد بلغ مداه وأقصاه بهذه الفعلة المضحكة/المبكية، لأنها زادت في تعرية ذلك النظام الفاسد أمام العرب والمسلمين والعالم كافة، وجعلت العالم كله يتيقّن من كون مقولة "تقرير مصير الشعب الصحراوي" ما هي إلا ذريعة واهية يتدارى وراءها حكام الموراديا البالغين أقصى درجات الجبن والخِسّة، وأن حقيقة أمرهم أنهم لا يطيقون مشاهدة مغرب، على مرمى حجر منهم، يصعد ويتسامى بسياسته ودبلوماسيته واقتصاده واجتماعه إلى الأعلى لمساقرة الكبار، ويربأ بنفسه ورجالاته وشبابه المتجدد أن يعيرهم، هم الصغار، أدنى التِفات أو يَرُدّ على حماقاتهم قيد شعرة... ومصيبتهم أنهم، في غمرة فعلهم هذا، لا ينتبهون إلى أنهم يجثمون على صدور شعب هو الأكثر شبهاً بالمواطنين المغاربة الريفيين، وهو شعب القبائل، مع فارق جوهري بين الشعبَيْن: ففيما يعيش ريفيات وريفيو المغرب حياتهم في سلام وأمن وطمأنينة مساهمين بنصيب كبير في تنمية وطنهم، يوجد "ريافة قبائل" الجزائر في وضع لا يُحسدون عليه، بين القمع والاعتقال التعسفي، والقتل العمد، على أيدي معربدي مخابرات عبلة، حتى أن هؤلاء الأواخر ينصبون لهم محارق غابوية من أجل تشتيت شملهم وإجبارهم على مغادرة منطقة القبايل حتى لا يبقى فيها أي حالمٍ بالتحرر، وبالاستقلال عن ذلك النظام الوضيع!!!.
بالمناسبة، ماذا سيحصل لو قرر المغرب، أقصد الدولة، أن يعاملهم بالمِثل، فيعمِد إلى استضافة رئيس جمهورية القبائل وحكومته المؤقتة، تماما كما كان بالأمس القريب يستضيف ويحتضن حكومة فرحات عباس المؤقتة ويقودها بكل دلالات الكلمة، بالعون والسنَد غيرِ المشروطَيْن إلى النصر، وإلى أين يمكن لهذا الأمر أن يصل إذا زاد المغرب على الخير خيرَيْن؛ فسلّح أهل القبائل المنفيين بعد نقلهم من منفاهم الباريسي والأوروبي والكندي إلى مناطق تكون قاب قوسين أو أدنى من حدودنا الشمالية مع الجزائر، ومدّهم بالمال والرجال، ثم دَرّبَهم أحسن تدريب على أيدى عناصر الكتائب الخاصة بالقوات المسلحة الملكية، التي يسجل التاريخ لها على الدوام صَوْلاتٍ وجَوْلاتٍ على أصعدة عربية وإفريقية ودولية تستأثر فيها تلك الكتائب بأسمى المراتب وأرقى الثناءات؟!.
دعونا نترك الدولة جانباً، ما دام جلالة الملك، المعروف عالمياً بحِكمته المتأصِّلة والمتجدِّرة، يُفضّل استبعاد شبح أيِّ تورطٍ مغربي رسمي في مثل هذه الممارسات الغوغائية ولو على سبيل الدفاع عن النفس والمعاملة بالمثل، ولْنلتفِتْ صوب مجتمعنا المدني، الذي يتمتع دستوريا بخيارات أوسع كثيرا من خيارات المغرب الرسمي، والذي في وسعه، من هذا المنظور، أن يوجّه لنظام العجزة بالجزائر صفعات أقل ما يمكن أن يقال عنها إنها ستكون بدون ادنى شك أكثرَ من موجِعة، بل إنها قد تكون قاضيةً كاللكمات، على اعتبار أننا نعني بكلامنا هذا اللُّحمةَ المجتمعيةَ المغربيةَ برمّتها، بدءاً بالأحزاب، ومروراً بمختلف الهيئات والمنظمات، وانتهاءً بالمنظومة الجمعوية، وبالفعاليات الشخصية الوازنة والفاعلة، على أن تُقيم هذه فيما بينها، أو فيما بين تشكيلاتها المتعددة والمتنوعة، حداً معقولا من العمل المنسَّق، حتى يتكامل الجهد فيما بين مختلِفِ أشكاله وأنماطه، على ان تكون أهدافه المسطرة مُقَدَّماً على نحوٍ كالآتي:
1- البدء بربط الاتصال بحكومة المنفى القبائلية، وإيفاد ممثلين عن المجتمع المدني المغربي إلى مقرها بباريس لدراسة إمكانية وضع برنامج للدعم المدني، بدءاً بتنظيم لقاءات وندوات تهدف إلى إبراز معاناة نساء ورجال وأطفال القبائل داخل وطنهم وخارجه؛ ومرورا بنشر وبث تقارير حول هذا الموضوع عبر شبكات الاتصال والتواصل التي تستخدمها مؤسسات المجتمع المدني المغربية وقنواتها الاتصالية الخاصة؛ ووصولاً إلى القيام بعمل أدبي إعلامي مشترك، تستفيد فيه حكومة القبائل المؤقتة من كافة الإمكانيات الإعلامية والدعائية التي يمتلكها الجانب المدني المغربي.
2- استصدار ترخيص خاص من السلطات المغربية المختصة، الوزارية والولائية، لدعوة الرئيس فرحات مهنى وحكومته المؤقتة، ومختلف اعضاء دائرته النضالية بالمنفى، للقيام بزيارات تكون في بداية الأمر محدَّدة المواعيد والبدايات والنهايات، وتمكينهم من فرص التعبير عن مواقفهم، في إطار ندوات ولقاءات يتم تنظيمها لهذا الغرض تحت شعار فصيح صريح هو "دعم نضال الشعب القبائلي من أجل تقرير المصير والاستقلال".
3- التشجيع على تكثيف البحث العلمي والتاريخي الأكثر تعريفاً بتاريخ منطقة القبائل، والأوفى إلماماً بأصول شعبها الأمازيغي الأصيل، والذي لا يشبه في شيء جموع البحّارة القراصنة الذين وجدتهم الدولة العثمانية ومن بعدها فرنسا الكونت دارتوا، أو شارل العاشر، لدى مجيئهما بنية الاستعمار إلى المنطقة، وبالمناسبة، فلا مجال للحديث عن اي فتح إسلامي على أيدي الدايات الأتراك التوسّعيين.
4- وضع برنامج مشترك لتمثيليات المجتمع المدني يشتمل على برامج دعم مختلفة يقدمها المجتمع المدني المغربي لشعب القبائل الأصيل، وفق ما يسمح به دستورُ المملكة وتشريعاتُها، على أساس ان يكون التعامل المنتظِم جارياً بين جمعيات مغربية وأخرى قبائلية اجتناباً لتسييس هذا المسعى، واتّقاءً بالتالي لوضع جمعياتنا وهيئاتنا المجتمعية المدنية في خطأ التقاطع مع الأعمال والأنشطة السياسية الحزبية...
وبمناسبة ذكر العمل السياسي الحزبي، حبذا لو جعلنا من هذا التوجه الداعم لإخواننا في جمهورية القبائل ذريعةً لإيقاظ أحزابنا من سُباتها الشتوي الطويل، الذي عادةً ما يستمر إلى غاية الاستحقاقات الاقتراعية الموالية جاعلا من هذه الأحزاب، بلا استثناء، مجرد دكاكين انتخابية تعمل وتنشط مرتين فحسب، في كل خمس سنوات، عند حلول موعد الحملات الانتخابية الجماعية والتشريعية، لعلها بمناسبة هذا الدعم المقترح تجد لها مبررا جديداً للبقاء، أو على الأقل، لإطالة فترة صحوتها، بما يمكن أن تقدمه من دعم سياسي أثقل وزنا، بكل تأكيد، من الدعم الجمعوي السالف ذكره، لأنها والحالة هذه تمتلك وسائل نقل دعمها المفترَض إلى خارج المغرب، وإلى أي منطقة من العالم، فضلا عن ممكنات استغلال علاقاتها مع أحزاب أجنبية من القارات الخمس, يمكن أن تستصدر منها بعضَ أشكالٍ من العون لأشقائنا القبائليين، ولو على النطاق السياسي والإعلامي والدعائي، إذا لم يتيسر رفع مستواه إلى الدعم المادي أو المالي أو غيره...
نعتذر للأحزاب المغربية عن هذا "الإيقاظ قبل الأوان"، فالضرورات كما يقول فقهاؤنا تُبيح المحظورات!!!
مرحى إذَنْ، باستمرار المغرب الرسمي في تجاهله لبهلوانيات كابرانات الجزائر الرعاديد، الفاقدين لحس الرجولة، الذي من أهم وأبرز ميزاته انه يدعو إلى الحفاظ على سلامة الجار ووحدته والدفاع عنه عند اللزوم... ولكن، أرجو من هذا المنبر أن تُليّن الدولة من موقفها المبدئي هذا، دون ان تتخلى عنه قيد أنملة، وذلك بترخيصها للمجتمع المدني بالدفاع عن حوزة الوطن بهذه الطريقة أيضاٍ، وبوسائله وطرقه وممكناته المعنوية والمادية بقدر الإمكان، وللدولة إن رأت جدوى من ذلك أن تعاكس الجمعيات بين الحين والآخر، وأن تمنعها بين الحين والآخر ايضاً، حتى تبقى بالفعل لا بالقول فقط، في منأى عن أي مواجهة مباشرة مع نظام كرغولي لا ضمير له ولا حياء ولا ذمّة!!!.
ويبقى القول، إن ما تفعله الطُّغمة العسكرية الجزائرية الغبية مَعَنا، ما هو في حقيقته إلا لُغمٌ مَوْقوتٌ يوشك أن ينفجر عند أول تَماس، وإننا لَنتبيّنُ فيه رائحة النتانة الإيرانية، التي لم تترك أيَّ ثغرةِ نزاعٍ في البلاد العربية والمسلمة إلا حشرت فيها أنفها الإبليسي البغيض، وإننا لنوشك أن نرى سقوط نظام الجزائر في حبائل خليله الفارسي سقطةً لا قَوْمَةَ بعدها...
والأيام بيننا يا "شمايت الجزائر"!!!
محمد عزيز الوكيلي/ إطار تربوي