الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

محمد حمضي: لا لتشييئ اليوم العالمي لحقوق المرأة!

محمد حمضي: لا لتشييئ اليوم العالمي لحقوق المرأة! محمد حمضي
الثامن من مارس ليس يوما كباقي أيام السنة بالنسبة لنساء المعمور ومنهن نساء المغرب.... قصة هذا اليوم كتبت تفاصيلها بمداد نضال عاملات خرجت للشوارع رافعات حناجرهن للمطالبة بتحسين أوضاعهن... في سنة 1975 بدأت الأمم المتحدة تعتبره يوما عالميا للمرأة ... وفي سنة 1977 ستتبناه الجمعية العامة للأمم المتحدة فأعلنته يوما عالميا لحقوق المرأة .... نعم يوما للحقوق الانسانية للنساء وليس عيدا لتبادل التهاني، والتبريكات، وتوزيع الورود الحمراء، وإقامة الولائم .... فهل تجوز المقارنة بين هذا المسخ الذي فدلكته آلة النظام الرأسمالي التي تعمل على تشييئ الانسان ذكرا كان أم أنثى، وبين الغاية السامية التي تقف وراء تخليد هذا اليوم التاريخي الذي أماطت فيه باقة من المناضلات اللثام عن حجم الانتهاكات التي تتعرض لها الحقوق الانسانية للنساء ....

لا يتعلق الأمر بالبكاء على الأطلال والزمن الجميل حتى في جمره الذي اكتوت منه نساء رائدات ، كتبت تاريخ المرأة المغربية بمعاناة السجون والإقصاء والتهميش  .... الأمر يتعلق بمفارقة عصية على الفهم ، وهي هل مجتمعنا بهذه الهشاشة حتى تنخرط  الكثير من نسائه ، وخصوصا المتعلمات منهن ، في مسلسل التمييع الذي لحق محطة نضالية تاريخية تنتصر لحقوق النساء...؟.

الأمم المتحدة اختارت تخليد اليوم العالمي للحقوق الانسانية للمرأة تحت شعار " الاستثمار في المرأة: تسريع التقدم "... فهل بتوزيع الورود الحمراء على النساء، وتنظيم جلسات مؤثثة بالموائد المزخرفة بأنواع من الحلويات، والمأكولات، والفواكه، يتم تفاعل نساء ونساء ومعهن رجال،  هنا وهناك مع هذا الشعار، فسارعت لتنزيله مشوها ؟ كيف نجح الطاجين، والبريوات، وكعب الغزال، بأن يحل محل موائد النقاش العميق في التعديلات المرشحة بأن تلحق مدونة الأسرة، وهو الاصلاح الذي لا يتكرر دائما؟ كيف غابت عن الأنظار حرب الابادة التي تتعرض لها نساء غزة على يد العدو الصهيوني؟ هل ذاكرة بعض نسائنا وحتى ذكورنا مثقوبة لهذا الحد؟.

الثامن من مارس بالنسبة لبلادنا على الأقل، مناسبة للوقوف على المكتسبات التي تم تحقيقها لفائدة المرأة المغربية، وهذه حقيقة لا ينكرها إلا جاحد وعدمي التفكير، والعمل على تحصينها خوفا من الاجهاز عليها من الذين ينشرون الظلام في مختلف زوايا الوطن .... الثامن من مارس يوم للنبش في واقع نساء الهامش والعالم القر، وي حيث تعشعش الصور النمطية وثقافة " مرتي حشاك"، والهدر المدرسي في صفوف فتيات اليوم نساء الغد .... الثامن من مارس محطة للمطالبة بوضع حد لتزويج الطفلات وتشكيل سدا منيعا للقطع مع هذه الجريمة... الثامن من مارس من أجل التذكير بالحقوق الانسانية للنساء والنهوض بها من أجل تمتعهن  بشكل متساو بثمار التنمية التي تساهم في صناعتها ... الثامن من مارس هو يوم من أجل حق المرأة من التمكين الاقتصادي الذي يعتبر مدخلا من مداخل تمتعها بباقي الحقوق الانسانية الكلاسيكية منها والناشئة كما هي واردة بالاتفاقيات الدولية ذات الصلة، التي صادقت عليها بلادنا، وكما هي واضحة للعيان بدستور المملكة المغربية الذي أطر المصادقة عليه سياق ربيع الديمقراطية... في جملة قصيرة الثامن من مارس يوم لوضع خارطة الطريق للنهوض بحقوق النساء وحمايتها ....

كيفما كان الحال فليس الواقع كله محبط، فهناك فعاليات من تنظيم جمعيات مدركة لثقل الرسالة الحقوقية التي تحملها، تنتصر لروح ومحتوى 8 مارس الحقوقي كما رسمته رائدات الزمن الجميل حتى في معاناته، تعرفها بلادنا هذه الأيام، أطلقتها الحركة النسائية المناضلة، تراوحت بين تنظيم ندوات لإذكاء الوعي النسائي، ووقفات للتعبير عن التضامن مع نساء غزة اللواتي تكتبن الملاحم بدمائهن ودماء أطفالهن من أجل فلسطين حرة، وهناك قوافل جمعيات جادة تجوب القرى والسهول من أجل تحسيس ساكنة هذه المناطق نساء ورجالا بأن قوة المغرب ولحمته في المساواة في الحقوق بين أبنائه بغض النظر عن جنسهم ....

8 مارس ليس عيدا للمرأة، ولكنه محطة للترافع النضالي من أجل مغرب خيمته تسع لكل نسائه ورجاله، أركانها و"عفشها" تم تبضعه من مشتل حقوق الانسان كما هي متعارف عليها دوليا، غير ذلك فستنطبق علينا الحكمة التي تقول " الصيف ضيعت اللبن ".