الأربعاء 27 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

سعيد جعفر:في الحاجة لإطار مجتمعي ثالث

سعيد جعفر:في الحاجة لإطار مجتمعي ثالث سعيد جعفر

نقصد بالإطار المجتمعي أعلاه، حركة فكرية ينبثق عنها إطار سياسي وترافعي تكون مهمتها تحريك النقاش العمومي في الفضاء العام، وإطلاق حوار وطني حول القضايا الأساسية العمومية.

نرى أن هذا الإطار أصبح مطلبا وطنيا، وبعد حوالي نصف عقد من إطلاق، حركة لكل الديمقراطيين، أصبح من الضروري اليوم أمام المعطيات والتحديات الجديدة التفكير في صيغة للحوار وللتأطير.

حزب الأصالة والمعاصرة المنبثق عن تجربة حركة لكل الديمقراطيين، وبفعل انخراطه اليومي في التدبير في الحكومة والمجالس في الجهات والأقاليم والجماعات، لم يعد قادرا على ضمان الحد الأدنى من تدبير المعارضة الذي أوكل له، ورصيده يلتهم يوميا..

وبدون شك فاليسار لا يستطيع اليوم القيام بأدواره التاريخية في التأطير حتى ولو حاول ذلك لأسباب موضوعية وذاتية كثيرة..

وحتى الحركة الإسلامية الإصلاحية لا تجد القوة للتعافي وإيجاد أجوبة لما يحدث، ونتيجة لذلك هي تغرق في دعوية سلفية لا تنتج شيئا.

اضطرار الحكومة في شخص وزارة التعليم، وقبلها وزارة الداخلية، إلى مجالسة موظفي الدولة مباشرة بعد عدم نجاح وصفة النقابات واحزابها في ذلك مؤشر على أن الساحة فارغة وأنه يجب ملء هذا الفراغ.

يوجد من بين من جالستهم الحكومة بمناسبة ملف التعليم قيادات شعبية حقيقية، ويوجد خارج الطبقة السياسية وبعض منها عدد من القيادات والأطر رجالا ونساء، التي يمكن أن تبلور تصورا فكريا وتملك قدرة ومهارة في إثارة النقاش العمومي، وإقناع الناس للتوافق حول أرضيات مشتركة، وبالتالي الإجماع حول القضايا العامة.

لا يختلف الفراغ الفكري والسياسي والترافعي الحالي عن ذلك الذي كان بعد 2007، وقد كان يجب أن يحصل التدارك وكانت المحاولات الأولى مع ما سمي آنذاك باليسار الراديكالي دون نتيجة، قبل أن يتم التفكير في إطار فكري استدعي له عدد من الحقوقيين والمعتقلين السياسيين اليساريين السابقين..

وبغض النظر عن التقييمات المختلفة فهذا الإطار نجح في خلق توازن مؤسساتي في مواجهة سعي الإسلاميين إلى الهيمنة وإلى التمكين ورسملة الفضاء العام.

والمؤكد اليوم أن أسبابا مشابهة تدعو إلى خطوات مماثلة، فالفراغ الفكري الموجود يسمح بتشكيل مراكز قوة مضادة تسعى بدورها للهيمنة ورسملة الفضاء العام خدمة لخطط وأهداف ايديولوجية واضحة.

ليست هناك ضمانات من أن يتطور الوضع ويتحول إلى حالة عامة من توظيف المطالب الاجتماعية إلى ملفات ومنصات سياسية كما يحدث في ملف التعليم، وتحرك فئات قطاعية أخرى في اليومين الأخيرين كالمتصرفين وموظفي الجماعات المحلية والممرضين وغيرهم يؤكد الأمر.

إن التفاوض حول الأجور والتعويضات هو جزء من مهمة الحكومة عبر الوسطاء ممثلي الموظفين والمأجورين، ويجب على الحكومة أن تكون دائما مستعدة لتحسين وضعية موظفيها ومأجوريها وأن توفر لهم قدرة شرائية مقبولة، وبالموازاة يجب خلق القنوات التي تكون قادرة على التدخل في ثلاث مستويات هي:

-1 خلق بيئة حوار سليم ومنتج في الفضاء العام وفي المجتمع

2- مواكبة كل الأفعال التي تصاحب العلاقة بين الحكومة وموظفيها وأجرائها خصوصا وهم يعبرون عن حقهم في الإضراب والاحتجاج، وذلك للحيلولة دون توظيف الاحتجاجات لخدمة اجندات ايديولوجية من أطراف سياسية جذرية.

3-الانخراط في النقاش العمومي وفي تأطير المواطنين والمواطنات من خلال إقناع الناس بأطروحة عملية وذات جدوى.