هناك أسئلة تبرز بقوة خاصة على اثر الهجمات الإرهابية التي استهدفت المدنيين بمدينة السمارة. لماذا تأخر إدراج تنظيم البوليساريو في قائمة التنظيمات الإرهابية طيلة العقود الماضية؟ ولماذا يعجز المنتظم الدولي على محاسبة البوليساريو والجزائر ويكتفي فقط بإصدار التصريحات والتقارير المحدودة؟ ولماذا لم يتم بعد فتح ملف استهداف المدنيين في مخيمات تندوف وفي الصحراء المغربية، وكلها جرائم صريحة ضد الانسانية؟ وهل يشكل ذلك ترجمة لاستراتيجية معتمدة من طرف الدول الغربية تستهدف إطالة عمر النزاع وإبقاءه في منطقة رمادية؟
اسبانيا لا زالت تتقاعس عن القيام بتوجيه الإتهام إلى تنظيم البوليساريو، ولازالت الساحة السياسية الإسبانية ترفض مأْسسةَ النقاش في الموضوع، ليس فقط بسبب الموقف المساند للبوليساريو من طرف عدد من الأحزاب الراديكالية في اليسار وبعض الأوساط الأخرى في اليمين، ولكن أيضا بسبب مراهنة جهاز المخابرات الإسبانية، كما هو الحال بالنسبة للمخابرات الفرنسية، طيلة العقود الماضية، على أضعاف المغرب باستعمال ورقة الإنفصال في أقاليمه الجنوبية، والقيام باحتضان نشطاء البوليساريو وتمويلها ومساندتها بتوظيف المجتمع المدني والإعلام.
ولماذا أفلتت الولايات المتحدة الأمريكية تصنيف البوليساريو تنظيما إرهابيا؟، وهي التي دأبت على وضع قائمة خاصة بالمنظمات الارهابية. ويطفو هذا السؤال على السطح بشكل ملحوظ خاصة بعد اعترافها بشكل رسمي بمغربية الصحراء، وحيث أصبحت مصالحها الوطنية مرتبطة بالمغرب إكثر من النظام العسكري الجزائري، مما يجعل قيام واشنطن باعادة ملف استهدافها من طرف مليشيات البوليساريو إلى الواجهة أمرا مطلوبا، وهي التي تسببت بشكل مباشر في قتل 6 مواطنين أمريكيين على الأقل، 5 في عملية إسقاط لطائرة، و1 في السجن بعد اختطاف من مطار هواري بومدين بالجزائر.
خاصة وأن الشروط المطلوبة من طرف المشرع الأمريكي والمؤسسات الأمريكية بشكل عام في صنيف أي جماعة على أنها إرهابية متوفرة في تنظيم البوليساريو، ومن أهمها تورط الجماعة أو أعضائها في هجمات تتسبب في مقتل أو استهداف مواطنين أمركيين، أو وجود أدلة على أن هذه الجماعة تآمرت أو تتآمر لقتل أو استهداف أمركيين.
المدنيون المغاربة الصحراويون أول ضحايا إرهاب البوليساريو
استهداف المدنيين المغاربة يشكل وحده جريمة مكتملة الأركان ضد الإنسانية وخرقا سافرا وخطيرا للقانون الدولي الإنساني ولكل المواثيق الدولية لحقوق الإنسان ولكل ما أصدرته الأمم المتحدة في مجال حقوق الانسان منذ قيامها .
الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها مدينة السمارة بالأقاليم الجنوبية المغربية خلال شهري أكتوبر ونونبر من سنة 2023، سبقتها عمليات إرهابية أشد فتكا قامت بها البوليساريو في حق المدنيين بهذه المدينة من خلال هجومات متكررة مابين سنوات 1979 1983، ونفس الأمر حصل في عدد من المدن والبوادي الصحراوية منذ افتعال النزاع من طرف نظام معمر القدافي البائد والنظام العسكري الجزائري. فالهجمات الأخيرة ليست إلا حلقة من حلقات من سجل البوليساريو والجزائر المروع والحافل بالجرائم الإرهابية، خاصة مابين سنوات 1976 و1983حيث تم استهداف المدنيين في بلدات عوينة يغمان، لبيرات والمحبس وابطيح وبوعراع وبوجدور والمسيد وطاطا واقا وفم الحصن ومحاميد الغزلان، وفي مدن طانطان وأسا والزاك. حيث تم قتل العديد من المدنيين العزل، والاستلاء على ممتلكاتهم، واغتصاب النساء، واختطاف العديد منهم ونقلهم واحتجازهم في مخيمات تيندوف.
لقد تم القيام بعمليات استهدفت خطف العديد من المواطنين المغاربة الصحراويين، من مدن الأقاليم الجنوبية ومن بوادي الصحراء، منهم العديد من الفتيات والنساء المتزوجات اللواتي تم خطفهن كسبايا. وتم اختطاف شيوخ وأعيان القبائل وتحطيم رمزيتهم بإخضاعهم لفترات تدريب مهينة وحاطة بالكرامة في مدرسة 12 اكتوبر، واجبارهم فيها على حلق لحاهم، قبل أن يوزعوا كحراس وبوابين والقيام بعمليات الكنس وتنظيف المراحيض. وتم كذلك تهجير سكان الأرياف خلال سنتي 1980-1981، من مناطق شمال موريتانيا، ومن الحدود المالية الجزائرية، حيث تم نقلهم بالترغيب والترهيب إلى مخيمات تندوف.
الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها مدينة السمارة بالأقاليم الجنوبية المغربية خلال شهري أكتوبر ونونبر من سنة 2023، سبقتها عمليات إرهابية أشد فتكا قامت بها البوليساريو في حق المدنيين بهذه المدينة من خلال هجومات متكررة مابين سنوات 1979 1983، ونفس الأمر حصل في عدد من المدن والبوادي الصحراوية منذ افتعال النزاع من طرف نظام معمر القدافي البائد والنظام العسكري الجزائري. فالهجمات الأخيرة ليست إلا حلقة من حلقات من سجل البوليساريو والجزائر المروع والحافل بالجرائم الإرهابية، خاصة مابين سنوات 1976 و1983حيث تم استهداف المدنيين في بلدات عوينة يغمان، لبيرات والمحبس وابطيح وبوعراع وبوجدور والمسيد وطاطا واقا وفم الحصن ومحاميد الغزلان، وفي مدن طانطان وأسا والزاك. حيث تم قتل العديد من المدنيين العزل، والاستلاء على ممتلكاتهم، واغتصاب النساء، واختطاف العديد منهم ونقلهم واحتجازهم في مخيمات تيندوف.
لقد تم القيام بعمليات استهدفت خطف العديد من المواطنين المغاربة الصحراويين، من مدن الأقاليم الجنوبية ومن بوادي الصحراء، منهم العديد من الفتيات والنساء المتزوجات اللواتي تم خطفهن كسبايا. وتم اختطاف شيوخ وأعيان القبائل وتحطيم رمزيتهم بإخضاعهم لفترات تدريب مهينة وحاطة بالكرامة في مدرسة 12 اكتوبر، واجبارهم فيها على حلق لحاهم، قبل أن يوزعوا كحراس وبوابين والقيام بعمليات الكنس وتنظيف المراحيض. وتم كذلك تهجير سكان الأرياف خلال سنتي 1980-1981، من مناطق شمال موريتانيا، ومن الحدود المالية الجزائرية، حيث تم نقلهم بالترغيب والترهيب إلى مخيمات تندوف.
وعانت النساء والفتيات طيلة العقود الماضية من الاعتداءات الجنسية المتكررة والتعذيب والإجهاض، والاتجار بالرضع المولودين من حوادث الاغتصاب أوعلاقات خارج الزواج مع المسؤولين من “البوليساريو” أوعسكر الجزائر.
لا زالت إسبانيا تتقاعس
إسبانيا لا زالت تتقاعس في القيام بتوجيه الإتهام إلى البوليساريو رغم قيامها بتبني موقف مساند للمغرب في قضية وحدته الترابية، فقد قامت البوليساريو في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي بهجمات عديدة ضد الصيادين والمدنيين الكناريين خلفت عددا من الضحايا وصل إلـى 289 ضحية تم الاعتراف بهم كضحايا إرهاب وهناك أزيد من النصف لم يتم العثور عليهم.
وقد أدرجت الجمعية الكنارية لضحايا الإرهاب، البوليساريو ضمن الجماعات الإرهابية، التي عانت منها إسبانيا، وكشفت أن البوليساريو هي ثاني حركة إرهابية تسببت في أكبر عدد من الضحايا في إسبانيا بعد منظمة إيتا الباسكية، كما صنفت الحكومة الاسبانية سنة 1985 البوليساريو حركة ارهابية، وطردت ممثليها بموجب قرار اتخذته الحكومة، التي كان يقودها آنذاك فيليبي غونزاليس، كما طردت السلطات الإسبانية ممثل البوليساريو بمدريد، أحمد بخاري، وأغلقت مكاتبه بإسبانيا، ولكن الى حين!!!!، فقد اكتفت فقط بطرد ممثلي البوليساريو كإجراء بسيط، رغم ثبوت تورطها في مقتل البحارة الإسبان، مما يؤكد مراهنة اسبانيا على البوليساريو.
والمثير أن الدولة الإسبانية اعترفت في آخر المطاف بأن مقتل الصيادين والمدنيين الكناريين هو عمل إرهابي، إلا أنها ترفض توجيه الاتهام إلى جبهة البوليساريو بشكل رسمي، كما لم يتقدم القضاء طيلة العقود الماضية في التحقيق في هذه العملية.
كما أنها رغم قيامها في عدة مناسبات بتكريم الصيادين والمدنيين الكناريين كضحايا ارهاب، إلا أنها لم تتقدم بعد أمام اللجنة السياسية والأمنية للاتحاد الأوروبي لإدراج تنظيم البوليساريو في قائمة الاتحاد للمنظمات الإرهابية.
هذا الأمر اكدته خلال سنة 2022 جريدة «الكو نفيدانسيال» الاسبانية، حيث كتبت تحت عنوان بارز: «وثائق حصرية. كيف فتحت البوليساريو سفارة سرية في إسبانيا في طابق نصفي في مدريد بتمويل من جهاز المخابرات الاسبانية السابق.» وكان ذلك «بعد مفاوضات لم يتم الإبلاغ عنها، وبعد وقت قصير من الهجوم على زورق دورية للبحرية الذي تسبب في مقتل عريف. وتم إدراج تسعين إسبانيًا على أنهم ضحايا الإرهاب». وتضيف الجريدة أنه في منتصف الثمانينيات، كان اثنان من عملاء جهاز المخابرات الاسبانية (CESID). يتنقلان إلى جنيف لعقد اجتماعات سرية مع ممثلين للبوليساريو في فيينا على الرغم من حقيقة أن عناصر البوليساريو شنوا للتو هجومًا على زورق دورية للبحرية وتسبب في مقتل عريف إسباني، وأدى إلى قيام الحكومة الاسبانية بطرد ممثلي البوليساريو في مدريد. وتطرقت الصحيفة الى كون هذا الهجوم المميت على زورق دورية البحرية لم يكن الأول ولا الأخير من بين تلك التي ارتكبتها قوات البوليساريو ضد المصالح الإسبانية .
تورط البوليساريو في مقتل مواطنين أمريكيين
قامت البوليساريو كذلك في إطار ممارساتها الإرهابية بتعذيب وقتل مواطن أمريكي يدعى كريستيان جوزيف سنة 1980،والذي كان يشتغل قيد حياته مترجماً بالكتابة الخاصة للأمين العام السابق للأمم المتحدة كورت فالدهايم، وقد كان في رحلة من واشنطن إلى مالي، وعند توقف الطائرة الأمريكية بمطار هواري بومدين، تدخلت المخابرات الجزائرية واعتقلته وسلمته للبوليساريو حيث تم سجنه وتعذيبه بغرفة انفرادية قبل بناء سجن الرشيد، كما قامت جبهة البوليساريو في عقد الثمانينيات باسقاط طائرة مدنية أمريكية، حيث قتل في حينها كل ركابها.
جميع أفراد الطاقم الأمريكيين الذين كانوا على متن الطائرة، وعددهم خمسة، قتلوا، بعدما أصابهم صاروخ أرض جو، من طراز دي سي – 7، لتسقط في الصحراء المغربية، كما نفذت جبهة البوليساريو عملية ثانية ، أصيبت خلالها طائرة أخرى من نوع DC-7 مستأجرة من قبل وكالة التنمية الدولية، غير أنها تمكنت من الهبوط بأمان في سيدي إيفني. الطائرتان، كانتا في مهمة لرشّ المبيدات في السنغال ضد غزو الجراد.
محمد الطيار/ باحث في الدراسات الاستراتيجية والأمنية