السبت 8 فبراير 2025
سياسة

محمد الطيار: لماذا تأخر إدراج تنظيم البوليساريو فـي قائمة التنظيمات الإرهابية؟

محمد الطيار: لماذا تأخر إدراج تنظيم البوليساريو فـي قائمة التنظيمات الإرهابية؟ محمد الطيار، باحث في الدراسات الاستراتيجية والأمنية
هناك‭ ‬أسئلة‭ ‬تبرز‭ ‬بقوة‭ ‬خاصة‭ ‬على‭ ‬اثر‭ ‬الهجمات‭ ‬الإرهابية‭ ‬التي‭ ‬استهدفت‭ ‬المدنيين‭ ‬بمدينة‭ ‬السمارة‭. ‬لماذا‭ ‬تأخر‭ ‬إدراج‭ ‬تنظيم‭ ‬البوليساريو‭ ‬في‭ ‬قائمة‭ ‬التنظيمات‭ ‬الإرهابية‭  ‬طيلة‭ ‬العقود‭ ‬الماضية؟‭  ‬ولماذا‭ ‬يعجز‭ ‬المنتظم‭ ‬الدولي‭ ‬على‭ ‬محاسبة‭ ‬البوليساريو‭ ‬والجزائر‭ ‬ويكتفي‭ ‬فقط‭ ‬بإصدار‭ ‬التصريحات‭ ‬والتقارير‭ ‬المحدودة؟‭ ‬ولماذا‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬بعد‭ ‬فتح‭ ‬ملف‭ ‬استهداف‭ ‬المدنيين‭ ‬في‭ ‬مخيمات‭ ‬تندوف‭ ‬وفي‭ ‬الصحراء‭ ‬المغربية،‭ ‬وكلها‭ ‬جرائم‭ ‬صريحة‭ ‬ضد‭ ‬الانسانية؟‭ ‬وهل‭ ‬يشكل‭ ‬ذلك‭ ‬ترجمة‭ ‬لاستراتيجية‭ ‬معتمدة‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬تستهدف‭ ‬إطالة‭ ‬عمر‭ ‬النزاع‭  ‬وإبقاءه‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬رمادية؟‭ ‬
اسبانيا‭ ‬لا‭ ‬زالت‭ ‬تتقاعس‭ ‬عن‭ ‬القيام‭ ‬بتوجيه‭ ‬الإتهام‭ ‬إلى‭ ‬تنظيم‭ ‬البوليساريو،‭ ‬ولازالت‭  ‬الساحة‭ ‬السياسية‭ ‬الإسبانية‭ ‬ترفض‭ ‬مأْسسةَ‭ ‬النقاش‭ ‬في‭ ‬الموضوع،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬بسبب‭ ‬الموقف‭ ‬المساند‭ ‬للبوليساريو‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الأحزاب‭ ‬الراديكالية‭ ‬في‭ ‬اليسار‭ ‬وبعض‭ ‬الأوساط‭ ‬الأخرى‭ ‬في‭ ‬اليمين،‭ ‬ولكن‭ ‬أيضا‭  ‬بسبب‭ ‬مراهنة‭ ‬جهاز‭ ‬المخابرات‭ ‬الإسبانية،‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬بالنسبة‭ ‬للمخابرات‭ ‬الفرنسية،‭ ‬طيلة‭ ‬العقود‭ ‬الماضية،‭ ‬على‭ ‬أضعاف‭ ‬المغرب‭ ‬باستعمال‭ ‬ورقة‭ ‬الإنفصال‭ ‬في‭ ‬أقاليمه‭ ‬الجنوبية،‭ ‬والقيام‭ ‬باحتضان‭ ‬نشطاء‭ ‬البوليساريو‭ ‬وتمويلها‭ ‬ومساندتها‭ ‬بتوظيف‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬والإعلام‭.‬

ولماذا‭ ‬أفلتت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭  ‬تصنيف‭ ‬البوليساريو‭ ‬تنظيما‭ ‬إرهابيا؟،‭ ‬وهي‭ ‬التي‭ ‬دأبت‭ ‬على‭ ‬وضع‭ ‬قائمة‭ ‬خاصة‭ ‬بالمنظمات‭ ‬الارهابية‭. ‬ويطفو‭  ‬هذا‭ ‬السؤال‭ ‬على‭ ‬السطح‭ ‬بشكل‭ ‬ملحوظ‭  ‬خاصة‭ ‬بعد‭ ‬اعترافها‭ ‬بشكل‭ ‬رسمي‭ ‬بمغربية‭ ‬الصحراء،‭ ‬وحيث‭ ‬أصبحت‭  ‬مصالحها‭ ‬الوطنية‭ ‬مرتبطة‭ ‬بالمغرب‭ ‬إكثر‭ ‬من‭ ‬النظام‭ ‬العسكري‭ ‬الجزائري،‭  ‬مما‭ ‬يجعل‭  ‬قيام‭  ‬واشنطن‭ ‬باعادة‭ ‬ملف‭ ‬استهدافها‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬مليشيات‭ ‬البوليساريو‭ ‬إلى‭ ‬الواجهة‭  ‬أمرا‭ ‬مطلوبا،‭ ‬وهي‭  ‬التي‭  ‬تسببت‭  ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬في‭ ‬قتل‭ ‬6‭ ‬مواطنين‭ ‬أمريكيين‭ ‬على‭ ‬الأقل،‭ ‬5‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬إسقاط‭ ‬لطائرة،‭ ‬و1‭ ‬في‭ ‬السجن‭ ‬بعد‭ ‬اختطاف‭ ‬من‭ ‬مطار‭ ‬هواري‭ ‬بومدين‭ ‬بالجزائر‭.‬

‭‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬الشروط‭ ‬المطلوبة‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬المشرع‭ ‬الأمريكي‭ ‬والمؤسسات‭ ‬الأمريكية‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬في‭ ‬صنيف‭ ‬أي‭ ‬جماعة‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬إرهابية‭  ‬متوفرة‭ ‬في‭ ‬تنظيم‭ ‬البوليساريو،‭ ‬ومن‭ ‬أهمها‭ ‬تورط‭ ‬الجماعة‭ ‬أو‭ ‬أعضائها‭ ‬في‭ ‬هجمات‭ ‬تتسبب‭ ‬في‭ ‬مقتل‭ ‬أو‭ ‬استهداف‭ ‬مواطنين‭ ‬أمركيين،‭ ‬أو‭ ‬وجود‭ ‬أدلة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الجماعة‭ ‬تآمرت‭ ‬أو‭ ‬تتآمر‭ ‬لقتل‭ ‬أو‭ ‬استهداف‭ ‬أمركيين‭.‬
 
المدنيون المغاربة الصحراويون أول ضحايا إرهاب البوليساريو 
استهداف‭ ‬المدنيين‭ ‬المغاربة‭  ‬يشكل‭ ‬وحده‭ ‬جريمة‭ ‬مكتملة‭ ‬الأركان‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية‭ ‬وخرقا‭ ‬سافرا‭ ‬وخطيرا‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي‭ ‬الإنساني‭ ‬ولكل‭ ‬المواثيق‭ ‬الدولية‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬ولكل‭ ‬ما‭ ‬أصدرته‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬حقوق‭ ‬الانسان‭ ‬منذ‭ ‬قيامها‭ .‬
الهجمات‭ ‬الإرهابية‭ ‬التي‭ ‬تعرضت‭ ‬لها‭ ‬مدينة‭ ‬السمارة‭ ‬بالأقاليم‭ ‬الجنوبية‭ ‬المغربية‭  ‬خلال‭ ‬شهري‭ ‬أكتوبر‭ ‬ونونبر‭ ‬من‭ ‬سنة 2023،‭ ‬سبقتها‭ ‬عمليات‭ ‬إرهابية‭ ‬أشد‭  ‬فتكا‭  ‬قامت‭ ‬بها‭ ‬البوليساريو‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬المدنيين‭  ‬بهذه‭ ‬المدينة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬هجومات‭ ‬متكررة‭ ‬مابين‭ ‬سنوات‭ ‬1979 1983،‭ ‬ونفس‭ ‬الأمر‭ ‬حصل‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المدن‭ ‬والبوادي‭ ‬الصحراوية‭  ‬منذ‭ ‬افتعال‭  ‬النزاع‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬نظام‭ ‬معمر‭ ‬القدافي‭ ‬البائد‭ ‬والنظام‭ ‬العسكري‭ ‬الجزائري‭. ‬فالهجمات‭ ‬الأخيرة‭ ‬ليست‭ ‬إلا‭ ‬حلقة‭ ‬من‭ ‬حلقات‭ ‬من‭ ‬سجل‭ ‬البوليساريو‭ ‬والجزائر‭  ‬المروع‭ ‬والحافل‭  ‬بالجرائم‭ ‬الإرهابية،‭  ‬خاصة‭ ‬مابين‭ ‬سنوات‭ ‬1976‭ ‬و‭‬1983‬حيث‭ ‬تم‭ ‬استهداف‭ ‬المدنيين‭ ‬في‭  ‬بلدات‭ ‬عوينة‭ ‬يغمان،‭ ‬لبيرات‭ ‬والمحبس‭ ‬وابطيح‭ ‬وبوعراع‭ ‬وبوجدور‭ ‬والمسيد‭ ‬وطاطا‭ ‬واقا‭ ‬وفم‭ ‬الحصن‭ ‬ومحاميد‭ ‬الغزلان،‭ ‬وفي‭ ‬مدن‭  ‬طانطان وأسا‭ ‬والزاك‭. ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬قتل‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المدنيين‭ ‬العزل،‭ ‬والاستلاء‭ ‬على‭ ‬ممتلكاتهم،‭ ‬واغتصاب‭ ‬النساء،‭ ‬واختطاف‭ ‬العديد‭ ‬منهم‭ ‬ونقلهم‭ ‬واحتجازهم‭ ‬في‭ ‬مخيمات‭ ‬تيندوف‭.‬
لقد‭ ‬تم‭ ‬القيام‭  ‬بعمليات‭ ‬استهدفت‭ ‬خطف‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬المغاربة‭ ‬الصحراويين،‭ ‬من‭ ‬مدن‭ ‬الأقاليم‭ ‬الجنوبية‭ ‬ومن‭ ‬بوادي‭ ‬الصحراء،‭ ‬منهم‭ ‬العديد‭ ‬من‭  ‬الفتيات‭ ‬والنساء‭ ‬المتزوجات‭ ‬اللواتي‭ ‬تم‭ ‬خطفهن‭ ‬كسبايا‭. ‬وتم‭ ‬اختطاف‭ ‬شيوخ‭ ‬وأعيان‭ ‬القبائل‭ ‬وتحطيم‭ ‬رمزيتهم‭ ‬بإخضاعهم‭ ‬لفترات‭ ‬تدريب‭ ‬مهينة‭ ‬وحاطة‭ ‬بالكرامة‭ ‬في‭ ‬مدرسة‭ ‬12‭ ‬اكتوبر،‭ ‬واجبارهم‭ ‬فيها‭ ‬على‭ ‬حلق‭ ‬لحاهم،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يوزعوا‭ ‬كحراس‭ ‬وبوابين‭ ‬والقيام‭ ‬بعمليات‭ ‬الكنس‭ ‬وتنظيف‭ ‬المراحيض‭. ‬وتم‭ ‬كذلك‭ ‬تهجير‭ ‬سكان‭ ‬الأرياف‭ ‬خلال‭ ‬سنتي‭ ‬1980-1981،‭ ‬من‭ ‬مناطق‭ ‬شمال‭ ‬موريتانيا،‭ ‬ومن‭ ‬الحدود‭ ‬المالية‭ ‬الجزائرية،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬نقلهم‭  ‬بالترغيب‭ ‬والترهيب‭ ‬إلى‭ ‬مخيمات‭ ‬تندوف‭. ‬

وعانت‭ ‬النساء‭ ‬والفتيات‭ ‬طيلة‭  ‬العقود‭ ‬الماضية‭ ‬من‭ ‬الاعتداءات‭ ‬الجنسية‭ ‬المتكررة‭ ‬والتعذيب‭ ‬والإجهاض،‭ ‬والاتجار‭ ‬بالرضع‭ ‬المولودين‭ ‬من‭ ‬حوادث‭ ‬الاغتصاب‭ ‬أوعلاقات‭ ‬خارج‭ ‬الزواج‭ ‬مع‭ ‬المسؤولين‭ ‬من‭ ‬“البوليساريو”‭ ‬أوعسكر‭ ‬الجزائر‭.‬
 
لا زالت إسبانيا تتقاعس 
إسبانيا‭ ‬لا‭ ‬زالت‭ ‬تتقاعس‭ ‬في‭ ‬القيام‭ ‬بتوجيه‭ ‬الإتهام‭ ‬إلى‭ ‬البوليساريو‭ ‬رغم‭ ‬قيامها‭ ‬بتبني‭ ‬موقف‭ ‬مساند‭ ‬للمغرب‭ ‬في‭ ‬قضية‭ ‬وحدته‭ ‬الترابية،‭ ‬فقد‭ ‬قامت‭ ‬البوليساريو‭ ‬في‭ ‬سبعينيات‭ ‬وثمانينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬بهجمات‭ ‬عديدة‭ ‬ضد‭ ‬الصيادين‭ ‬والمدنيين‭ ‬الكناريين‭ ‬خلفت‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬الضحايا‭ ‬وصل‭ ‬إلـى‭ ‬289‭ ‬ضحية‭ ‬تم‭ ‬الاعتراف‭ ‬بهم‭ ‬كضحايا‭ ‬إرهاب‭ ‬وهناك‭ ‬أزيد‭ ‬من‭ ‬النصف‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬العثور‭ ‬عليهم‭.‬

وقد‭ ‬أدرجت‭ ‬الجمعية‭ ‬الكنارية‭ ‬لضحايا‭ ‬الإرهاب،‭ ‬البوليساريو‭ ‬ضمن‭ ‬الجماعات‭ ‬الإرهابية،‭ ‬التي‭ ‬عانت‭ ‬منها‭ ‬إسبانيا،‭  ‬وكشفت‭ ‬أن‭ ‬البوليساريو‭ ‬هي‭ ‬ثاني‭ ‬حركة‭ ‬إرهابية‭ ‬تسببت‭ ‬في‭ ‬أكبر‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الضحايا‭ ‬في‭ ‬إسبانيا‭ ‬بعد‭ ‬منظمة‭ ‬إيتا‭ ‬الباسكية،‭ ‬كما‭ ‬صنفت‭  ‬الحكومة‭ ‬الاسبانية‭  ‬سنة‭  ‬1985‭ ‬البوليساريو‭ ‬حركة‭ ‬ارهابية،‭ ‬وطردت‭ ‬ممثليها‭ ‬بموجب‭ ‬قرار‭ ‬اتخذته‭ ‬الحكومة،‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يقودها‭ ‬آنذاك‭ ‬فيليبي‭ ‬غونزاليس،‭ ‬كما‭ ‬طردت‭ ‬السلطات‭ ‬الإسبانية‭ ‬ممثل‭ ‬البوليساريو‭ ‬بمدريد،‭ ‬أحمد‭ ‬بخاري،‭ ‬وأغلقت‭ ‬مكاتبه‭ ‬بإسبانيا،‭ ‬ولكن‭ ‬الى‭ ‬حين!!!!،‭ ‬فقد‭ ‬اكتفت‭ ‬فقط‭ ‬بطرد‭ ‬ممثلي‭ ‬البوليساريو‭ ‬كإجراء‭ ‬بسيط،‭ ‬رغم‭  ‬ثبوت‭ ‬تورطها‭ ‬في‭ ‬مقتل‭ ‬البحارة‭ ‬الإسبان،‭ ‬مما‭ ‬يؤكد‭ ‬مراهنة‭ ‬اسبانيا‭ ‬على‭ ‬البوليساريو‭.‬

والمثير‭ ‬أن‭ ‬الدولة‭ ‬الإسبانية‭ ‬اعترفت‭ ‬في‭ ‬آخر‭ ‬المطاف‭ ‬بأن‭ ‬مقتل‭ ‬الصيادين‭ ‬والمدنيين‭ ‬الكناريين‭ ‬هو‭ ‬عمل‭ ‬إرهابي،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬ترفض‭ ‬توجيه‭ ‬الاتهام‭ ‬إلى‭ ‬جبهة‭ ‬البوليساريو‭ ‬بشكل‭ ‬رسمي،‭ ‬كما‭ ‬لم‭ ‬يتقدم‭ ‬القضاء‭ ‬طيلة‭ ‬العقود‭ ‬الماضية‭ ‬في‭ ‬التحقيق‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬العملية‭.‬

‭ ‬كما‭ ‬أنها‭  ‬رغم‭  ‬قيامها‭ ‬في‭ ‬عدة‭ ‬مناسبات‭ ‬بتكريم‭ ‬الصيادين‭ ‬والمدنيين‭ ‬الكناريين‭ ‬كضحايا‭ ‬ارهاب،‭ ‬إلا‭  ‬أنها‭ ‬لم‭ ‬تتقدم‭ ‬بعد‭  ‬أمام‭  ‬اللجنة‭ ‬السياسية‭ ‬والأمنية‭ ‬للاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬لإدراج‭  ‬تنظيم‭ ‬البوليساريو‭ ‬في‭ ‬قائمة‭ ‬الاتحاد‭ ‬للمنظمات‭ ‬الإرهابية‭.‬‮ ‬

هذا‭ ‬الأمر‭ ‬اكدته‭  ‬خلال‭ ‬سنة‭ ‬2022‭ ‬جريدة‭ ‬«الكو‭ ‬نفيدانسيال»‭ ‬الاسبانية،‭ ‬حيث‭ ‬كتبت‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭ ‬بارز: «وثائق‭ ‬حصرية‭. ‬كيف‭ ‬فتحت‭ ‬البوليساريو‭ ‬سفارة‭ ‬سرية‭ ‬في‭ ‬إسبانيا‭ ‬في‭ ‬طابق‭ ‬نصفي‭ ‬في‭ ‬مدريد‭ ‬بتمويل‭ ‬من‭ ‬جهاز‭ ‬المخابرات‭ ‬الاسبانية‭  ‬السابق‭.‬» وكان‭ ‬ذلك‭ ‬«بعد‭ ‬مفاوضات‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬الإبلاغ‭ ‬عنها،‭ ‬وبعد‭ ‬وقت‭ ‬قصير‭ ‬من‭ ‬الهجوم‭ ‬على‭ ‬زورق‭ ‬دورية‭ ‬للبحرية‭ ‬الذي‭ ‬تسبب‭ ‬في‭ ‬مقتل‭ ‬عريف‭. ‬وتم‭ ‬إدراج‭ ‬تسعين‭ ‬إسبانيًا‭ ‬على‭ ‬أنهم‭ ‬ضحايا‭ ‬الإرهاب»‭. ‬وتضيف‭  ‬الجريدة‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬الثمانينيات،‭ ‬كان‭ ‬اثنان‭ ‬من‭ ‬عملاء‭ ‬جهاز‭ ‬المخابرات‭ ‬الاسبانية‭ ‬(CESID).‭ ‬يتنقلان‭  ‬إلى‭ ‬جنيف‭ ‬لعقد‭ ‬اجتماعات‭ ‬سرية‭ ‬مع‭ ‬ممثلين‭ ‬للبوليساريو‭ ‬في‭ ‬فيينا‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬حقيقة‭ ‬أن‭ ‬عناصر‭ ‬البوليساريو‭  ‬شنوا‭ ‬للتو‭ ‬هجومًا‭ ‬على‭ ‬زورق‭ ‬دورية‭ ‬للبحرية‭ ‬وتسبب‭ ‬في‭ ‬مقتل‭ ‬عريف‭ ‬إسباني،‭ ‬وأدى‭ ‬إلى‭ ‬قيام‭ ‬الحكومة‭ ‬الاسبانية‭  ‬بطرد‭ ‬ممثلي‭ ‬البوليساريو‭ ‬في‭ ‬مدريد‭.‬ وتطرقت‭ ‬الصحيفة‭  ‬الى‭ ‬كون‭ ‬هذا‭ ‬الهجوم‭ ‬المميت‭ ‬على‭ ‬زورق‭ ‬دورية‭ ‬البحرية‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬الأول‭ ‬ولا‭ ‬الأخير‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬ارتكبتها‭ ‬قوات‭ ‬البوليساريو‭ ‬ضد‭ ‬المصالح‭ ‬الإسبانية‭ .‬
 
تورط  البوليساريو  في مقتل مواطنين أمريكيين
قامت‭ ‬البوليساريو‭ ‬كذلك‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬ممارساتها‭ ‬الإرهابية‭  ‬بتعذيب‭ ‬وقتل‭ ‬مواطن‭ ‬أمريكي‭ ‬يدعى‭ ‬كريستيان‭ ‬جوزيف‭ ‬سنة‭ ‬1980،‬والذي‭ ‬كان‭ ‬يشتغل‭ ‬قيد‭ ‬حياته‭ ‬مترجماً‭ ‬بالكتابة‭ ‬الخاصة‭ ‬للأمين‭ ‬العام‭ ‬السابق‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬كورت‭ ‬فالدهايم،‭ ‬وقد‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬رحلة‭ ‬من‭ ‬واشنطن‭ ‬إلى‭ ‬مالي،‭ ‬وعند‭ ‬توقف‭ ‬الطائرة‭ ‬الأمريكية‭ ‬بمطار‭ ‬هواري‭ ‬بومدين،‭ ‬تدخلت‭ ‬المخابرات‭ ‬الجزائرية‭ ‬واعتقلته‭ ‬وسلمته‭ ‬للبوليساريو‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬سجنه‭ ‬وتعذيبه‭ ‬بغرفة‭ ‬انفرادية‭ ‬قبل‭ ‬بناء‭ ‬سجن‭ ‬الرشيد،‭ ‬كما‭ ‬قامت‭ ‬جبهة‭ ‬البوليساريو‭ ‬في‭ ‬عقد‭ ‬الثمانينيات‭  ‬باسقاط‭ ‬طائرة‭ ‬مدنية‭ ‬أمريكية،‭ ‬حيث‭ ‬قتل‭ ‬في‭ ‬حينها‭ ‬كل‭ ‬ركابها‭.‬

جميع‭ ‬أفراد‭ ‬الطاقم‭ ‬الأمريكيين‭ ‬الذين‭ ‬كانوا‭ ‬على‭ ‬متن‭ ‬الطائرة،‭ ‬وعددهم‭ ‬خمسة،‭ ‬قتلوا،‭ ‬بعدما‭ ‬أصابهم‭ ‬صاروخ‭ ‬أرض‭ ‬جو،‭ ‬من‭ ‬طراز‭ ‬دي‭ ‬سي‭ ‬– 7،‭ ‬لتسقط‭ ‬في‭ ‬الصحراء‭ ‬المغربية،‭ ‬كما‭  ‬نفذت‭ ‬جبهة‭ ‬البوليساريو‭ ‬عملية‭ ‬ثانية‭ ‬، ‬أصيبت‭ ‬خلالها‭ ‬طائرة‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬نوع‭  ‬DC-7‭ ‬مستأجرة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬وكالة‭ ‬التنمية‭ ‬الدولية،‭ ‬غير‭ ‬أنها‭ ‬تمكنت‭ ‬من‭ ‬الهبوط‭ ‬بأمان‭ ‬في‭ ‬سيدي‭ ‬إيفني‭. ‬الطائرتان،‭ ‬كانتا‭ ‬في‭ ‬مهمة‭ ‬لرشّ‭ ‬المبيدات‭ ‬في‭ ‬السنغال‭ ‬ضد‭ ‬غزو‭ ‬الجراد‭.‬
 
محمد الطيار/ باحث في الدراسات الاستراتيجية والأمنية