
هاجمت جبهة البوليساريو الانفصالية، الأحد 5 نونبر 2023 موقعا تابعا للبعثة الأممية للصحراء المغربية (المينورسو) في مدينة السمارة التي تعرضت الأسبوع الماضي لهجوم إرهابي تبنته الجبهة وأسفر عن مقتل مدني وإصابة آخرين وذلك في غمرة جهود دبلوماسية مغربية وأممية للدفع بحل سياسي ينهي عقودا من النزاع المفتعل والتي تؤكد مصادر دبلوماسية غربية أن الجزائر طرف فيه وتعمل على تغذيته لتقويض أي حل سلمي.
واستفاقت السمارة صباح الأحد على انفجارين في منطقتين متفرقتين، أحدهما وقع بالقرب من مخيم الربيب، فيما وقع الانفجار الثاني بالقرب من ثكنة عسكرية تابعة للقوات المسلحة الملكية حيث يتواجد مقر بعثة المينورسو.
وأكد مصدر إعلامي أن "المدينة الهادئة تعرضت فجر الأحد لتفجيرات في تجدد للاعتداء على المدنيين من قبل التنظيم الإرهابي الذي تؤويه الجزائر"، مضيفا أن الانفجارين لم يسفرا عن أي خسائر بشرية.
ولا تزال التفاصيل غير واضحة تماما، حيث وقع الانفجاران في الساعة 3:45 صباحا وفي مناطق غير سكنية غرب المدينة، وهم ما ساهم في عدم إثارة الهلع كما وقع في الهجوم السابق.
وتأتي هذه الهجمات بينما تتواصل الجهود الدبلوماسية للرباط والبعثة الأممية للصحراء للتوصل إلى حل سلمي ينهي النزاع المفتعل والذي تساهم الجزائر في استمراره بدعمها للجبهة الانفصالية وعرقلة المساعي الأممية للحل، وفق ما يؤكد متابعون وقياديون سابقون في الجبهة.
وقال نورالدين بلالي، أحد الأعضاء المؤسسين لجبهة البوليساريو الانفصالية وممثلها السابق في كل من ليبيا وسوريا، إن الجزائر ترفض التخلي عن جبهة البوليساريو بسبب تورطها في هذا النزاع وخسارتها المليارات في تمويلها، وبالتالي "فهي تريد تعويضا على ذلك وترفض أن تخرج خالية الوفاض من هذا النزاع”"، مشيرا إلى أن "مشكلة الصحراء المغربية هي مشكلة نخب وتدبير".
وبنظر البلالي وهو عضو سابق أيضا في المجلس الملكي لشؤون الصحراء، أن الاختلاف الإيديولوجي التاريخي بين كل من المغرب والجزائر، أضف إلى ذلك أن كلا الطرفين لا يرضى أن يكون الخاسر أو المهزوم في هذا الملف، مشيرا إلى أن محمد بوضياف الرئيس الأسبق والصديق المقرب من المغرب، قال في إحدى مقابلاته الصحافية إنه يريد فعلا أن يحل مشكل الصحراء، لكنه أردف "من سيعوضنا عن الأموال التي خسرناها".
واعتبر البلالي في حوار مع موقع هسبريس المغربي، أن هذه عُقدة الجزائر لأنها تورطت في هذا النزاع ولأكثر من خمسين سنة وهي تصرف الأموال على البوليساريو وبالتالي فهي تأبى أن تخرج من هذا المأزق بخفي حنين.
وتشير هجمات البوليساريو الإرهابية على مدينة السمارة إلى رغبة في التشويش على الجهود الدبلوماسية و العمل على تقويضها بمحاولة الإبقاء على النزاع المفتعل متقدا لإيهام الرأي العام العالمي باستحالة مبادرة المغرب للحكم الذاتي تحت سيادته وهو الطرح الذي يلقى قبولا دوليا متزايدا باعتباره الحل الواقعي الوحيد لإنهاء عقود من النزاع.
وتريد البوليساريو كذلك الإيحاء لأتباعها وللصحراويين المحتجزين في مخيمات تندوف أنها لا تزال قادرة على الفعل وأن الزخم الدولي الذي اكتسبه مقترح الحكم الذاتي المغربي لم يضعفها ولم يعمق عزلتها.
وتشير الهجمات الإرهابية الأخيرة على مدينة السمارة في الأقاليم الجنوبية للمملكة أن البوليساريو استنفدت كل ما في جعبتها في مواجهة مسار دبلوماسي مغربي هادئ يؤسس للحل وللسلم والاستقرار، بمعنى أنها أفلست سياسيا ولم تعد تملك إلا إطلاق مقذوفات للإيهام بقدرتها على ما تسميه الكفاح المسلح بينما هو في الواقع انتهاك صارخ للمواثيق الدولية ذات الصلة ومن بينها اتفاق وقف إطلاق النار الموقع مع الرباط برعاية أممية في تسعينات القرن الماضي.
وبنظر البلالي وهو عضو سابق أيضا في المجلس الملكي لشؤون الصحراء، أن الاختلاف الإيديولوجي التاريخي بين كل من المغرب والجزائر، أضف إلى ذلك أن كلا الطرفين لا يرضى أن يكون الخاسر أو المهزوم في هذا الملف. مشيرا إلى أن محمد بوضياف، الرئيس الأسبق والصديق المقرب من المغرب، قال في إحدى مقابلاته الصحافية إنه يريد فعلا أن يحل مشكل الصحراء، لكنه أردف “من سيعوضنا عن الأموال التي خسرناها”،
واعتبر البلالي، أن هذه عُقدة الجزائر لأنها تورطت في هذا النزاع، ولأكثر من خمسين سنة وهي تصرف الأموال على البوليساريو، وبالتالي فهي تأبى أن تخرج من هذا المأزق بخفي حنين.
وأضاف أن الأحداث والتفكك الذي عرفته الجبهة منذ انتفاضة المخيمات عام 1988، إضافة إلى فضائح بعض قياداتها، عوامل ضربت مصداقيتها “الثورية”، لتصبح معها في وضع غير مريح، مشددا في الوقت ذاته على أن “شروط الانفصال لا تتوفر في قضية الصحراء المغربية”.
ويعتبر بلالي من المؤسسين الأوائل لجبهة البوليساريو وقبلها "المنظمة الطليعة لتحرير الصحراء"، وأكد أن بوليساريو الماضي ليست هي بوليساريو الحاضر، لأنها تأُسست في بدايتها بغرض واحد هو طرد الاستعمار الإسباني وهذا ما نص عليه البيان التأسيسي للجبهة، حيث لم تكن فكرة الانفصال أو إقامة دولة مطروحة أبدا.
وأشرف بلالي على توزيع البيان التأسيسي محليا وعلى السفارات الأجنبية، بما فيها سفارة الرباط في نواكشوط، غير أنه مع دخول أطراف أخرى من خلال الدعم، خاصة الطرفين الليبي والجزائري، تغيرت مواقف البوليساريو منذ مؤتمرها الثاني لتتحول من طرد المستعمر إلى طموح تكوين دولة مستقلة.
وأشار إلى أن الجبهة تشهد نوعا من التشرذم والتفكك، إذ شكلت انتفاضة المخيمات عام 1988 منعطفا تاريخيا مفصليا في تاريخها مع ما رافق هذا الحدث من أعمال قمع وقتل وتعذيب وتنكيل بالصحراويين، لتبدأ بعدها الانشقاقات في صفوف القيادات، سواء من خلال “خط الشهيد” الذي يتزعمه المحجوب ولد السالك أو الحركة التصحيحية التي انطلقت من إسبانيا قبل أن ينشق عنها أحمد بريكلا ليؤسس حركة "صحراويون من أجل السلام".
وضربت هذه الأحداث مجتمعة المصداقية “الثورية” للبوليساريو، إضافة إلى ذلك الفضائح التي تفجرت حول بعض القيادات بشأن ممتلكاتهم في الخارج.
وشدد على وجود نواة صلبة مدعومة من الجزائر تتحكم في عملية صنع القرار في الجبهة ومتشبثة بالطرح الانفصالي بالرغم من كل هذا التفكك، مع وجود سكان محاصرين في المخيمات يخضعون لقرارات القيادة ومغلوب على أمرهم.
عن : العرب