![فلسفة إحداث نظام المقاصة ومراحل الإصلاح](/storage/cover/23-11/aAlkZgTG09GYVidumPgN0E4zX8CxgWX02sRxt0Ui.jpeg)
يعود نظام المقاصة للأربعينات من القرن 20، حيث تم اعتماده من أجل ضمان تموين الأسواق بالمواد الأساسية، وحماية القدرة الشرائية للمواطنين عبر التحكم في مستويات الأسعار، وفي عمليات الاستيراد والتصدير.
وتمنح الدولة لصندوق المقاصة، حسب موقع وزارة الاقتصاد والمالية، الموارد الضرورية لتمكينه من دعم المواد الأساسية التي تستفيد من الدعم، غير أن هذا الصندوق أصبح يواجه في السنوات الأخيرة عجزا كبيرا من جراء الارتفاع المتواصل، والمهول لكلفة هذا الدعم.
وترجع الأسباب الأساسية لارتفاع كلفة المقاصة إلى الارتفاعات المهولة التي تعرفها الأسعار العالمية للمواد الأولية خاصة المواد البترولية باعتبار أن المغرب بلدا غير منتج للنفط ومرتبط بالأسواق العالمية من أجل التزود بأغلبية احتياجاته من بعض المواد الأساسية، حيث يستورد حوالي 98 بالمائة من المواد البترولية، وثلثي احتياجاته من السكر الخام من الأسواق العالمية، أما فيما يخص الحبوب، فتخضع واردات المغرب من هذه المادة للتغيرات المناخية ومدى تأثيرها على الإنتاج الوطني من الحبوب.
عرفت ميزانية الدعم ارتفاعات مهمة في السنوات الأخيرة حيث ارتفعت من 4 مليار درهم خلال سنة 2002 لتصل إلى 49 مليار درهم في سنة 2011 و56 مليار درهم في سنة 2012.
وتستأثر المواد البترولية بالحيز الأكبر من ميزانية الدعم بأكثر من 86 بالمائة، حيث مرت من حوالي مليار درهم سنة 2003 إلى 41 مليار سنة 2011 و48 مليار درهم سنة 2012.
ارتفاع كلفة ميزانية الدعم نتج عنه ارتفاع في النفقات العمومية مقارنة بنفقات الاستثمارات التي تساهم بشكل كبير في تحفيز وتطوير الاقتصاد الوطني، حيث ارتفعت كلفة الدعم في الناتج المحلي الإجمالي من 1 بالمائة سنة 2003 إلى 6.5 في 2012 مما أثر سلبا على توازنات المالية العامة ورفع عجز الميزانية من 2.2 بالمائة سنة 2012 إلى ما يفوق 7.5 بالمائة في النصف الأول من سنة 2013.
ومما لا شك فيه أن تفاقم عجز الميزانية يؤثر سلبا على النمو الاقتصادي والتشغيل وكذلك على مناخ الأعمال. ولهذا كان من الضروري إصلاح نظام المقاصة، بحيث تصبح الدولة قادرة على التحكم في ميزانية الدعم وتحويل هذه الميزانية نحو الاستثمار.
وحسب المصدر ذاته، استنادا لهذه الظرفية عمدت الحكومة إلى اعتماد إصلاح تدريجي يهدف في المرحلة الأولى إلى التحكم في تكلفة المقاصة عن طريق حصر الغلاف الإجمالي في الاعتمادات المرصودة في قانون المالية، وذلك من أجل التحكم في تكلفة مصاريف الدعم، وخلق موارد مالية تستعمل في تحسين نظام الحماية الاجتماعية.
وعملت الحكومة كخطوة ثانية على توجيه القطاعات المدعمة نحو التحرير مع تشجيع المنافسة الحرة، والنزيهة بين الشركات العاملة في القطاعات المدعمة وكذا حماية الفئات المتضررة من هذا التحرير.
وعلى هذا الأساس فقد تمت مباشرة هذا الإصلاح من خلال اعتماد نظام مقايسة أسعار المواد النفطية السائلة الذي تم تدبيره على مرحلتين، حيث تم الشروع في تطبيق المقايسة الجزئية ابتداء من 16 شتنبر 2013 إلى 31 دجنبر 2013من خلال اخضاع البنزين الممتاز والغازوال، والفيول الموجه للصناعة الى المقايسة الجزئية مع تحديد سقف الدعم الموجه لهذه المواد في حدود الاعتمادات المرصودة في قانون المالية لسنة 2013.
أما المرحلة الثانية والتي اعتبرت مكملة للمرحلة الأولى فقد دخلت حيز التنفيذ ابتداء من شهر فبراير 2014 باعتماد نظام مقايسة كلي بحذف الدعم المطبق على كل من البنزين الممتاز والفيول، وبالتقليص التدريجي للدعم الموجه للغازوال مع حذفه مع نهاية سنة 2014، كما قامت الحكومة برفع الدعم نهائيا عن أثمنة الفيول الموجه لإنتاج الكهرباء.
ومن أجل التخفيف من تداعيات هذا النظام تمت مصاحبته بإجراء أساسي يتمثل في تخصيص تعويض للنقل خاصة سيارات الأجرة عن الزيادات في أسعار الغازوال.
مع بداية 2015 تم رفع الدعم نهائيا عن كل المحروقات السائلة (الغازوال والبنزين) وكل أنواع الفيول، وتم اخضاع أثمنة هذه المواد للمصادقة كل فاتح و16 من الشهر وذلك استنادا لاتفاق المصادقة على أسعار المواد النفطية بين الحكومة والقطاع النفطي الذي تم التوقيع عليه يوم 26 دجنبر 2014 والذي يشتمل على مجموعة من الالتزامات التي ترمي إلى تهييئ قطاع المواد النفطية الى التحرير الذي سيتم الشروع فيه ابتداء من فاتح دجنبر 2015.
في حين، تستمر الحكومة في الدعم الكلي لأثمنة الغاز بوتان، والسكر، والدقيق الوطني من القمح اللين.