الخميس 6 فبراير 2025
كتاب الرأي

إسماعيل الجباري الكرفطي: العقوبات البديلة بين الأطروحة القضائية والاطروحة الأمنية

إسماعيل الجباري الكرفطي: العقوبات البديلة بين الأطروحة القضائية والاطروحة الأمنية إسماعيل الجباري الكرفطي

إن البحث عن البدائل في السياسات العقابية يقتضي إعادة النظر في السياسة القضائية للنيابة العامة في ظل تحولات البناء الدستوري والمؤسساتي والممارسة الاتفاقية المغربية وتفاعل المغرب مع الأليات الدولية ومخرجات توصيات الاستعراض الدوري الشامل والملاحظات التوجيهية بشأن قانون المسطرة الجنائية.

وعلى هذا الأساس فإن لجوء القضاء للعقوبات السالبة للحرية هو ترجمة توجهات السياسات وطبيعة التشريعات وحدود التفاعل مع التوصيات والأليات الدولية.

 إذن فالسياسات العمومية في مجال التشريع تقتضي الانتقال من الأبعاد التقليدية التي تقوم على أساس تقييد الحرية إلى أبعاد جديدة تقوم على أساس الحرية وبدائل جديدة للعقوبة اعتمادا على البناء الدستوري القائم على استقلال القضاء كسلطة، وضمان هذه الاستقلالية من قبل رئيس الدولة، وهو ما جسده الفصل 107 من الدستور بنصه على أن " السلطة القضائية مستقلة عن السلطة التشريعية وعن السلطة التنفيذية. الملك هو الضامن لاستقلال السلطة القضائية" واستقلال القاضي، وهو ما يعكسه الفصل 109 من الدستور، الذي نص على أنه " يمنع كل تدخل في القضايا المعروضة على القضاء، ولا يتلقى القاضي بشأن مهمته القضائية أي أوامر أو تعليمات، ولا يخضع لأي ضغط. يجب على القاضي، كلما اعتبر أن استقلاله مهدد، أن يحيل الأمر إلى المجلس الأعلى للسلطة القضائية، يعد كل إخلال من القاضي بواجب الاستقلال والتجرد خطأ مهنيا جسيما، بصرف النظر عن المتابعات القضائية المحتملة"، مع جعل ضمان استقلالية القاضي من المهام الموكولة للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، طبقا للفقرة الأولى من الفصل 113 من الدستور "يسهر المجلس الأعلى للسلطة القضائية على تطبيق ضمانات الممنوحة للقضاة، ولاسيما فيما يخص استقلالهم وتعيينهم وترقيتهم وتقاعدهم وتأديبهم، بالإضافة إلى ملائمة القرار القضائي للقانون المتعلق بنقل الاختصاصات السلطة الحكومية المكلفة بالعدل إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيسا للنيابة العامة.

إن حالة الاكتظاظ داخل المؤسسات السجنية تعكس السياسات وطبيعة التشريعات والممارسة القضائية وبالتالي فإن سؤال العقوبات البديلة بين الأطروحة القضائية والأطروحة الأمنية أصبح سؤالا مركزيا في ضل استقلالية السلطة القضائية واستقلالية النيابة العامة والضمانات الدستورية التي تقوم على أساس المكتسبات في مجال الحريات والحقوق الأساسية المنصوص عليه في الدستور والتي لا يمكن أن تكون موضوع مراجعة حسب مقتضيات الفصل 175 من الدستور.

إسماعيل الجباريالكرفطي/ باحث ومحامي