الأربعاء 27 نوفمبر 2024
فن وثقافة

تعرف على أفضل فيلم مصري لسنة 2023

تعرف على أفضل فيلم مصري لسنة 2023 شخصيات فيلم ''فوي فوي فوي'' للمخرج عمر هلال
فيلم ''فوي فوي فوي'' للمخرج عمر هلال هو أفضل فيلم مصري شاهدته هذه السنة، فيلم ليس بفيلم كوميدي ولا بفيلم هزلي، بل هو عمل ساخر لكنه تأملي، اعتمد على السخرية السوداء ليجعلك تتأمل الواقع بتفاصيله العبثية، يحسب للمخرج أنه دجّن الموضوع، وروّض القصة وجعلها بعيدة عن فخ الوعظ والرسائل المباشرة المبتذلة، فالمخرج رغم أنه يخوض تجربته الأولى في هذا الفيلم كأول فيلم روائي طويل له، إلا أنه تعامل معها بذكاء واحترافية عالية، وقف أمامنا وروى لنا القصة بكل بساطة وسلاسة وغادر، استعمل جرعات محسوبة من اللذع دون إيلام مبالغ فيه، اعتمد على المجتمع المصري كأرضية محايدة دون خصوصية محددة، فقد يمكننا إسقاط الموضوع على أي مجتمع آخر يعاني من ظاهرة الهجرة غير الشرعية، دون أن يتأثر جوهر القصة، الفيلم مؤلم لكنه مبهج، لا يحرضك على البكاء ولا على الضحك، وهنا تكمن المعادلة الصعبة، مواقفه متشابكة ومقنعة، فكل حدث وقع له مبرراته وحسابته، مما يدل على أننا أمام سيناريو محكم، ومترابط، ببناء درامي منطقي متجانس العناصر في شكله ومضمونه، حتى النهاية تظهر على أنها سعيدة لكنها في الحقيقة برؤية تراجيدية محبطة، لا تتوافق والأحلام والآمال والطموحات التي من أجلها غامر كل هؤلاء الأشخاص ورحلوا عن أوطانهم، وتركوا أسرهم وأحبائهم.  
عناصر الفيلم كلها موفقة تقريبا من إخراج وتصوير وموسيقى وتشخيص... الفيلم في مجمله هو القصة أولا والرؤية الإخراجية التي شكلتها، فيمكن أن أقول أن المخرج هنا هو البطل، رغم أن هذا العمل لا يمكن تصنيفه ضمن سينما المؤلف، لكنه يُظهر لنا بشكل جلي عمق الكتابة واجتهاد المخرج في بلورتها إبداعيا، الفيلم لم يعتمد على نجوم الشباك، بل اعتمد على تشكيلة من أسماء مميزة ومنتقاة بعناية شديدة، نجح بامتياز في تسكينها، كل اسم في الدور الذي يليق به، وهكذا نجد محمد فراج يقوم بواحد من أجمل أدواره، حيث يمكنك أن تستلقي باسترخاء أمام الشاشة وتستمتع بتشخيصه وإبداعه الجميل، وهذا ليس بغريب عنه فهو مُشخِّص مميز، بأدائه المتقن والمبتكر الذي يتجاوز بكثير قدرات أغلب من نسميهم نجوم الشباك، أما طه دسوقي فمازال كما عهدناه شاب مبدع، مجتهد، طموح، يدهشنا من عمل إلى عمل، واختياره كان موفقا بأداء تعبيري صادق ومقنع، نيللي كريم كانت هنا كممثلة مساندة لكن بدور مؤثر، وهي كما نعرفها فنانة حقيقية بعيدة عن الابتذال والمبالغة في التشخيص، نفس الشيء بالنسبة لأمجد الحجار فقد كان متماهيا ومنصهرا مع الباقين، أما بيومي فؤاد فقد وظف هنا ليس للإضحاك كما عهدناه في الكثير من الأعمال، بل في دور مختلف بأداء أكثر انضباطا ونضجا، تبقى حنان يوسف التي جعلتنا نكتشف عمق موهبتها في مسلسل سفاح الجيزة، من أكثر الشخصيات تأثيرا في هذا الفيلم فتميزت بحضور وكاريزما قويان، وسحر أداء متوازن ومقنع إلى أبعد الحدود. 
الفيلم باختصار يستحق المشاهدة والقراءة من زوايا عدة، وهو كما قلتُ أجمل فيلم مصري شاهدته هذه السنة، وقد جمع بين المتعة التي يتوخاها الجمهور، واللمسة الفنية التي يبحث عنها النقاد.