
لم يضرب الزلزال بقوة 7 درجات على سلم ريختر على الأرض فقط، لتخلف آلاف القتلى والجرحي والمفقودين، بل ضرب أيضا أركان حكومة أخنوش التي أخذت بهول ما وقع، واكتشفت، كما اكتشف معها جميع سكان الأرض، أنها ليست لا "حكومة اجتماعية"، ولا «حكومة وطنية»، ولا «حكومة إنسانية»، بل حكومة تقع خارج الشرط التاريخي الذي يفرض على المسؤولين الحكومبين، وعلى رأسهم «مول المازوت»، أن يكونوا في الكوكبة الأولى لمواجهة الكارثة وإدارتها على النحو الذي يؤدي إلى التخفيف من الفجيعة وتجاوز مخلفاتها.
عكس ذلك، لم يستفق رئيس الحكومة من سباته إلا بعد مرور 48 ساعة عن الزلزال الذي أسفر عن مصرع حوالي 3000 شخص، ليقدم على «الفايسبوك» التعازي لعائلات الضحايا بصفته رئيسا للحكومة، الأمر الذي أثار استهجان العديد من المواطنين وامتعاضهم، بل أحدث موجة كبيرة من التهكم والسخرية، لا بسبب تأخرها فقط بيومين، ولا بسبب حجم القتلى والمنكوبين، بل بسبب «السبق الكبير» في التضامن المادي الذي بادر إليه فاعلون مدنيون من مختلف الجهات، فضلا عن التضامن الدولي الذي تم التعبير عنه من طرف رؤساء دول ومنظمات وتكتلات إقليمية في الساعات الأولى التي أعقبت الكارثة. والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن، أمام هذا الاستخفاف، هو: هل يستحق المغاربة حكومة لا توقظها الزلازل من فرط عدم الإنصات إلى ما يوحدهم، في السراء والضراء؟ هل الحكومة مغلوبة حقا على أمرها، ولا تستطيع أن تتحرك في «الأزمات الكبرى»؟ هل هي، كما يقال عنها، أصغر بكثير من التحديات التي تواجهها البلاد على مختلف الأصعدة والواجهات؟
لقد جر رئيس الحكومة على نفسه، وعلى أعضاء حكومته، موجة من الانتقادات اللاذعة تجاه تدبير الحكومة لهذه الكارثة. حيث رصدت مقاطع فيديو تم نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي حجم الدمار الذي لحق بالمناطق المنكوبة، وحجم الخسائر التي هلفها، فضلا عن طبيعة البنية العمرانية في أقاليم الحوز وورزازات وتارودانت، وهول الهشاشة التي تعاني منها شريحة واسعة من الساكتة، الأمر الذي يؤكد أن هؤلاء المغاربة يقعون خارج «البرامج الحكومية»، وأن التهميش الذي يطالهم «صنع حكومي» عن عمد وسبق إصرار، وإلا بماذا نفسر صمود المباني الحكومية والمقرات العمومية والسدود، بينما تهاوت دواوير بكاملها على سكانها في فاجعة لم تشهد لها تلك المناطق مثيلا؟
لقد انتظرت الحكومة طويلا قبل أن تلبي طلبات الاستغاثة التي أطلقها مواطنون منكوبون، حيث عبر مواطنون عن استيائهم الشديد من تأخر تحرك فرق الإنقاذ إلى الأماكن المنكوبة لمباشرة عمليات انتشال الضحايا وإغاثة الجرحى والبحث عن المفقودين في الوقت المناسب، بل عبروا في أكثر من مكان في الجبال عن تبرمهم من عدم وصول المساعدات إلى الدواوير النائية، والتي ما زالت تعيش على وقع «النواح» على القتلى، فضلا عن المبيت في العراء جراء تحول البيوت إلى أكوام مم الحجارة والأتربة.
إلى ذلك، يؤاخذ العديد من المنتقدين على الحكومة نقص في التخطيط الاستعجالي والجاهزية لمثل هذه الكوارث الطبيعية الكبرى، خاصة أن المغرب يحتضن مجموعة من البؤر الزلزالية المعروفة من طرف الخبراء والمختصين، الأمر الذي أسهم وفق تعبيرهم في تفاقم الأزمة وإزهاق عددٍ أكبرَ من الأرواح بسبب عدم اتخاذ التدابير اللازمة على مستوى مواد البناء وطبيعة البنى التحتية «المسالك الطرقية» واللوجستيك «معدات الإنقاذ»، فضلا عن وضع «دليل محين للمواطن» من أجل التعامل مع الكوارث في تلك المناطق.
نقطة أخرى سوداء حققتها الحكومة هي ما أطلق عليه متتبعون "ضعف التواصل مع الرأي العام الوطني"، خاصة أن المغاربة هجروا «الإعلام العمومي» نحو القنوات الإخبارية الدولية المختصة، فضلا عن لجوئهم إلى مواقع التواصل الاجتماعي، بغرض «الإحاطة التامة» بالوضع، والوقوف على مخلفات الزلزال والإجراءات المتخذة من طرف السلطات العمومية لإغاثة المنكوبين. إذ اكتفت «التلفزة المغربية»، كعادتها، بتقديم حصيلة القتلى والجرحي وبلاغات وزارة الداخلية، وكأن الكارثة تقع في مكان آخر. بينما اكتفى «الوزراء»، مثل الجميع، بتدوينات على حساباتهم الرسمية بمواقع التواصل الاجتماعي، لتقديم العزاء لأسر الضحايا وإظهار الحزن والتأسف والأسى مما وقع، والحال هو أن شرط العمل الحكومي، في مثل هذه الكوارث، هو «الإقامة» في عين المكان وإظهارِ المشاركة العلنية في الميدان، والمساهمة الفعلية في إدارة الكارثة، والسهر على سير عمليات الإغاثة والإنقاذ وتقديم المساعدات، ووضع الخطط والبرامج للخروج من الأزمة بأقل الخسائر الممكنة. ذلك أنه كان من المفروض، حسب المنتقدين، أن يظهر الوزراء، الذين يدبرون قطاعات الإعلام والسكنى والصحة والتجهيز والنقل، حسا وطنيا عاليا قد يساهم في الرفع من منسوب الثقة لدى المواطنين في هذه الحكومة التي أطلقت على نفسها، في بداية ولايتها، «الحكومة الاجتماعية» أو «حكومة الكفاءات» أو «حكومة استعادة الثقة»، والحال أنها فوتت على نفسها مرة أخرى فرصة أن تقدم الدليل الملموس أنها حكومة جديرة بالثقة والاحترام لو بالفعل كان بإمكانها إثبات سرعة الاستجابة للكارثة، الأمر الذي كان أن يمنحها العلامة الكاملة لدى الرأي العام الوطني.
وبالحديث عن العلامة الكاملة، لا بد أن نشير إلى الدور الكبير الحاسم الذي قامت به القوات المسلحة الملكية، بأمر من القائد الأعلى الملك محمد السادس، مما استحقت معه بالفعل «العلامة الكاملة» كما عزز صورتها الإيجابية لدى عموم مواطنين الذين عاينوا منذ اللحظات الأولى لوقوع الزلزال كيف تعبأت مختلف وحدات الجيش، برا وجوا لتقديم كل أشكال الدعم لفرق الوقاية المدنية وأطر الصحة، وذلك بالمساهمة المباشرة في عملية الإجلاء والإنقاذ والإسعاف، بالاعتماد على اللوجستيك العسكري المتطور «الطائرات، طائرات الهليكوبتر، طائرات بدون طيار، مستشفى ميداني، آليات الحفر والتنقيب.. إلخ»، وهو الأمر الذي ساهم في «التخفيف من التأخر الحكومي». كما أثبت أن هناك بونا واسعا بين جيش محترف و»حكومة متراخية» لا قدرة فعلية لها، خارج وعود أخنوش المألوفة، على إعمار المناطق المنكوبة في أقرب الآجال. فبينما أكد الجيش أنه في مستوى التحديات، اكتفى رئيس الحكومة بإنتاج «الوعود الكاذبة»، لمحاولة استدراك ما فاته من حزم في التعامل مع الكارثة، والظهور بمظهر الحريص على العدالة المجالية، لكن أنى له ذلك وقد «سبق السيف العدل»، وانتشرت مهزلة «التعزية المتأخرة» انتشار النار في الهشيم؟ لا شيء سيطفىء حرقة المواطنين هو أن تتوفر حكومة أخنوش على الجرأة الكافية من أجل وضع مفاتيح الوزارات على طاولة رئيس الدولة، وأن تغادر الشأن العام بما تبقى لها من كرامة، إن وجدت بالفعل!
عكس ذلك، لم يستفق رئيس الحكومة من سباته إلا بعد مرور 48 ساعة عن الزلزال الذي أسفر عن مصرع حوالي 3000 شخص، ليقدم على «الفايسبوك» التعازي لعائلات الضحايا بصفته رئيسا للحكومة، الأمر الذي أثار استهجان العديد من المواطنين وامتعاضهم، بل أحدث موجة كبيرة من التهكم والسخرية، لا بسبب تأخرها فقط بيومين، ولا بسبب حجم القتلى والمنكوبين، بل بسبب «السبق الكبير» في التضامن المادي الذي بادر إليه فاعلون مدنيون من مختلف الجهات، فضلا عن التضامن الدولي الذي تم التعبير عنه من طرف رؤساء دول ومنظمات وتكتلات إقليمية في الساعات الأولى التي أعقبت الكارثة. والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن، أمام هذا الاستخفاف، هو: هل يستحق المغاربة حكومة لا توقظها الزلازل من فرط عدم الإنصات إلى ما يوحدهم، في السراء والضراء؟ هل الحكومة مغلوبة حقا على أمرها، ولا تستطيع أن تتحرك في «الأزمات الكبرى»؟ هل هي، كما يقال عنها، أصغر بكثير من التحديات التي تواجهها البلاد على مختلف الأصعدة والواجهات؟
لقد جر رئيس الحكومة على نفسه، وعلى أعضاء حكومته، موجة من الانتقادات اللاذعة تجاه تدبير الحكومة لهذه الكارثة. حيث رصدت مقاطع فيديو تم نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي حجم الدمار الذي لحق بالمناطق المنكوبة، وحجم الخسائر التي هلفها، فضلا عن طبيعة البنية العمرانية في أقاليم الحوز وورزازات وتارودانت، وهول الهشاشة التي تعاني منها شريحة واسعة من الساكتة، الأمر الذي يؤكد أن هؤلاء المغاربة يقعون خارج «البرامج الحكومية»، وأن التهميش الذي يطالهم «صنع حكومي» عن عمد وسبق إصرار، وإلا بماذا نفسر صمود المباني الحكومية والمقرات العمومية والسدود، بينما تهاوت دواوير بكاملها على سكانها في فاجعة لم تشهد لها تلك المناطق مثيلا؟
لقد انتظرت الحكومة طويلا قبل أن تلبي طلبات الاستغاثة التي أطلقها مواطنون منكوبون، حيث عبر مواطنون عن استيائهم الشديد من تأخر تحرك فرق الإنقاذ إلى الأماكن المنكوبة لمباشرة عمليات انتشال الضحايا وإغاثة الجرحى والبحث عن المفقودين في الوقت المناسب، بل عبروا في أكثر من مكان في الجبال عن تبرمهم من عدم وصول المساعدات إلى الدواوير النائية، والتي ما زالت تعيش على وقع «النواح» على القتلى، فضلا عن المبيت في العراء جراء تحول البيوت إلى أكوام مم الحجارة والأتربة.
إلى ذلك، يؤاخذ العديد من المنتقدين على الحكومة نقص في التخطيط الاستعجالي والجاهزية لمثل هذه الكوارث الطبيعية الكبرى، خاصة أن المغرب يحتضن مجموعة من البؤر الزلزالية المعروفة من طرف الخبراء والمختصين، الأمر الذي أسهم وفق تعبيرهم في تفاقم الأزمة وإزهاق عددٍ أكبرَ من الأرواح بسبب عدم اتخاذ التدابير اللازمة على مستوى مواد البناء وطبيعة البنى التحتية «المسالك الطرقية» واللوجستيك «معدات الإنقاذ»، فضلا عن وضع «دليل محين للمواطن» من أجل التعامل مع الكوارث في تلك المناطق.
نقطة أخرى سوداء حققتها الحكومة هي ما أطلق عليه متتبعون "ضعف التواصل مع الرأي العام الوطني"، خاصة أن المغاربة هجروا «الإعلام العمومي» نحو القنوات الإخبارية الدولية المختصة، فضلا عن لجوئهم إلى مواقع التواصل الاجتماعي، بغرض «الإحاطة التامة» بالوضع، والوقوف على مخلفات الزلزال والإجراءات المتخذة من طرف السلطات العمومية لإغاثة المنكوبين. إذ اكتفت «التلفزة المغربية»، كعادتها، بتقديم حصيلة القتلى والجرحي وبلاغات وزارة الداخلية، وكأن الكارثة تقع في مكان آخر. بينما اكتفى «الوزراء»، مثل الجميع، بتدوينات على حساباتهم الرسمية بمواقع التواصل الاجتماعي، لتقديم العزاء لأسر الضحايا وإظهار الحزن والتأسف والأسى مما وقع، والحال هو أن شرط العمل الحكومي، في مثل هذه الكوارث، هو «الإقامة» في عين المكان وإظهارِ المشاركة العلنية في الميدان، والمساهمة الفعلية في إدارة الكارثة، والسهر على سير عمليات الإغاثة والإنقاذ وتقديم المساعدات، ووضع الخطط والبرامج للخروج من الأزمة بأقل الخسائر الممكنة. ذلك أنه كان من المفروض، حسب المنتقدين، أن يظهر الوزراء، الذين يدبرون قطاعات الإعلام والسكنى والصحة والتجهيز والنقل، حسا وطنيا عاليا قد يساهم في الرفع من منسوب الثقة لدى المواطنين في هذه الحكومة التي أطلقت على نفسها، في بداية ولايتها، «الحكومة الاجتماعية» أو «حكومة الكفاءات» أو «حكومة استعادة الثقة»، والحال أنها فوتت على نفسها مرة أخرى فرصة أن تقدم الدليل الملموس أنها حكومة جديرة بالثقة والاحترام لو بالفعل كان بإمكانها إثبات سرعة الاستجابة للكارثة، الأمر الذي كان أن يمنحها العلامة الكاملة لدى الرأي العام الوطني.
وبالحديث عن العلامة الكاملة، لا بد أن نشير إلى الدور الكبير الحاسم الذي قامت به القوات المسلحة الملكية، بأمر من القائد الأعلى الملك محمد السادس، مما استحقت معه بالفعل «العلامة الكاملة» كما عزز صورتها الإيجابية لدى عموم مواطنين الذين عاينوا منذ اللحظات الأولى لوقوع الزلزال كيف تعبأت مختلف وحدات الجيش، برا وجوا لتقديم كل أشكال الدعم لفرق الوقاية المدنية وأطر الصحة، وذلك بالمساهمة المباشرة في عملية الإجلاء والإنقاذ والإسعاف، بالاعتماد على اللوجستيك العسكري المتطور «الطائرات، طائرات الهليكوبتر، طائرات بدون طيار، مستشفى ميداني، آليات الحفر والتنقيب.. إلخ»، وهو الأمر الذي ساهم في «التخفيف من التأخر الحكومي». كما أثبت أن هناك بونا واسعا بين جيش محترف و»حكومة متراخية» لا قدرة فعلية لها، خارج وعود أخنوش المألوفة، على إعمار المناطق المنكوبة في أقرب الآجال. فبينما أكد الجيش أنه في مستوى التحديات، اكتفى رئيس الحكومة بإنتاج «الوعود الكاذبة»، لمحاولة استدراك ما فاته من حزم في التعامل مع الكارثة، والظهور بمظهر الحريص على العدالة المجالية، لكن أنى له ذلك وقد «سبق السيف العدل»، وانتشرت مهزلة «التعزية المتأخرة» انتشار النار في الهشيم؟ لا شيء سيطفىء حرقة المواطنين هو أن تتوفر حكومة أخنوش على الجرأة الكافية من أجل وضع مفاتيح الوزارات على طاولة رئيس الدولة، وأن تغادر الشأن العام بما تبقى لها من كرامة، إن وجدت بالفعل!
تفاصيل أوفى تجدونها في العدد الأسبوعي «الوطن الآن»