يحط " الاعلام في زمن اللايقين " عنوان الإصدار الجديد للكاتب الصحفي، جمال المحافظ، رئيس المركز المغاربي للدراسات والأبحاث في الاعلام والاتصال، الرحال السبت 15 يوليوز 2023 على الساعة 17.30 بالمقهى الثقافي Cool View الحوزية بمدينة القنيطرة، وذلك بحضور عدد من الفعاليات الإعلامية والثقافية والجمعوية.
يساهم في قراءة الكتاب الإعلامي سعيد الرفاعي، خلال هذا اللقاء المنظم بمناسبة ذكرى تأسيس شبكة المقاهي الثقافية بالمغرب، بتنسيق مع المديرية الإقليمية للثقافة بالقنيطرة. ويتولى نور الدين أقشاني رئيس شبكة المقاهي الثقافية، تقديم وتسيير فقرات اللقاء الذي تتخلله معزوفات موسيقية يؤديها الفنان محمد النفينف.
ويعالج الكاتب في مؤلفه الجديد الذي وقع تقديمه الجامعي الأستاذ حسن طارق، تحت عنوان "جمال المُحافظ: الوفاء للكتابة، الكتابة للوفاء "، مفهوم اللايقين، بمنهجية صحافية، تتناول قضايا الاعلام ارتباطا بالتحولات التكنولوجية وتحديات الثورة الرقمية. ويتضمن الكتاب ستة فصول هي : " الإعلام والثورة الرقمية" و" الثقافة والاعلام" و"الاعلام والسياسة" و"الصحافة والذاكرة" و"الإعلام والمؤسسات" وأخيرا "الاعلام والجوار".
وإذا كان الكاتب قد أوضح أنه لا يهدف في مؤلفه الواقع في 330 صفحة من القطع المتوسط، الاكتفاء بمقاربة مبدأ اللايقين والتفاعل مع النقاش الدائر حوله من خلال الانتصار لموقف معين، فإنه لاحظ في استهلال الكتاب، أن مفهوم اللايقين أو الارتياب والشك، أضحى أكثر المفاهيم تداولا وتحول إلى نموذج تفسيري وبراديغم ارشادي جديد، وانتقل بذلك بعد تشكله في دائرة الفيزياء، الى الحياة السياسية والإعلامية والاجتماعية والاقتصادية.
كما أشار إلى أن جائحة كوفيد عام 2020، ساهمت في تسليط مزيد من الضوء على مبدأ اللايقين خاصة على المستوى المعرفي والثقافي والاعلامي، وأدت كذلك الى انتشار الأخبار الزائفة ومن المزيد من التفاهة والشعبوية وسيادة التجهيل، في ظل عالم متغير عولمي موضحا أن التحولات التكنولوجيات الحديثة، جعلت الحدود تنهار، ما بين وسائط الاعلام والتواصل التي أضحت موجها لطريقة تمثلنا للعالم، وأصبحت العلاقات، بذلك لا تتم وفق التجربة المباشرة للأفراد والجماعات، بل وفق ما تقدمه لنا جاهزة.
ونتيجة ذلك تحول الفضاء العمومي إلى "فضاء إعلامي بامتياز"، تشكل ضمنه وسائل الإعلام والاتصال النموذج الطاغي الذي يمارس هيمنة مباشرة على انتاج المعنى، وعلى مختلف تمثلات الرأي العام، كما جاء في المؤلف الذي يرى صاحبه أنه، إذا كانت التكنولوجيا الحديثة، قد أتاحت الفرصة للجميع من الحصول على المعلومات والتبادل، فإنها أدت بالمقابل الى تغيير جذري في البيئة الإعلامية، وممارسة مهنة الصحافة، فضلا عن أن التكنولوجيات الرقمية التي هي انعكاس للاستعمال الذي يقوم به المرء، لم تضع حدا لعدم المساواة في الاستخدام، لكنها بالمقابل وفرت ولوجا غير محدود للمعرفة، ورفعت من القدرة على التبادل والمشاركة، وجعلت الفضاء الرمزي كالقراءة لا يخضع للرقابة.
ويعرب الكاتب عن اعتقاده بأن التكنولوجيا الرقمية، تشكل وسيلة للتحرر وللهيمنة في نفس الوقت، وفي كل الأحوال لازالت وعدا وتحديا، مقرا لدى حديثه عن علاقة الصحافة الثقافية بالاكتساح الرقمي، ب" أن الضحل طفا والعميق توارى، الا أنه و رغم ذلك فإن الحاجة ماسة الى الانتصار للاستثناء الثقافي، لمواجهة التفاهة".
ومن بين المواضيع التي توقف عندها الكاتب، العلاقة ما بين المدرسة والإعلام وتحويل شبكة الإنترنيت إلى سبورة للمستقبل داعيا في هذا الصدد إلى تأهيل منظومة التربية والتكوين، وانخراط المجتمع المدني والاعلام في الاستثمار الأفضل للتكنولوجيا الحديثة في بناء المعرفة والهوية والسلوكيات لدى الجيل الناشئ، مما يجعل اندماج المؤسسات التربوية في مجتمع الإعلام والمعرفة، ضرورة حتمية من أجل التطور ، وليس ترفا فكريا.
غير أن المؤلف صاحب كتب " حفريات صحافية: من المجلة الحائطية وحائط الفيس بوك" ( 2022) و "العقل السياسي والعقل الصحافي"( 2021 ) و " الأداء النقابي في الاعلام ( 2019 )، قال " لا أدعى فيه الإجابة الشافية، عن مستقبل الصحافة والاعلام في ظل تحديات الذكاء الاصطناعي والثورة الرقمية ومتغيرات الفكر والسياسة والصحافة والمجتمع، بقدر ما أطمح الى إثارة الانتباه الى تحديات ورهانات الاعلام والاتصال في القرن الواحد والعشرين".