Sunday 11 May 2025
سياسة

العد العكسي  لطرد البوليساريو من الاتحاد الإفريقي

العد العكسي  لطرد البوليساريو من الاتحاد الإفريقي ‬وقع‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬نصف‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬على‭ ‬وثيقة‭ ‬طرد‭ ‬البوليساريو
يقف‭ ‬المغرب‭ ‬على‭ ‬بعد‭ ‬خطوة‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬فوز‭ ‬ساحق‭ ‬ضد‭ ‬جنرالات‭ ‬الجزائر‭ ‬الذين‭ ‬ينفقون‭ ‬بسخاء‭ ‬على‭ ‬البوليساريو‭ ‬لإبقائها‭ ‬على‭ ‬قيد‭ ‬الحياة‭ ‬داخل‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأفريقي‭. ‬فقد‭ ‬نجح‭ ‬المغرب‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬حشد‭ ‬تأييد‭ ‬30‭ ‬دولة‭ ‬إفريقية‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬55‭ ‬دولة‭ ‬أعضاء‭ ‬داخل‭ ‬الاتحاد‭ ‬الإفريقي،‭ ‬ولا‭ ‬تفصله‭ ‬عن‭ ‬طرد‭ ‬البوليساريو‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الاتحاد‭ ‬سوى‭ ‬سبعة‭ ‬أصوات‭ ‬فقط‭ ‬لتحقيق‭ ‬«ثلثي‭ ‬الأعضاء»،‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬سيمكن،‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬تحققه،‭ ‬من‭ ‬الدفع‭ ‬في‭ ‬اتجاه‭ ‬تغيير‭  ‬«ميثاق‭ ‬الاتحاد‭ ‬الإفريقي»‭ ‬الذي‭ ‬يعتبر‭ ‬هو‭ ‬الحل‭ ‬الوحيد‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬سحب‭ ‬العضوية‭ ‬من‭ ‬البوليساريو،‭ ‬وإخراجها‭ ‬بقوة‭ ‬الحشد‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المنظمة‭ ‬التي‭ ‬«تسللت»‭ ‬إليها‭ ‬بإيعاز‭ ‬من‭ ‬الرئيس‭ ‬بوخروبة‭ ‬قبل‭ ‬39‭ ‬سنة‭.‬

لقد‭ ‬وقع‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬نصف‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬على‭ ‬وثيقة‭ ‬طرد‭ ‬البوليساريو‭. ‬غير‭ ‬أن‭ ‬الوثيقة‭ ‬الموقعة‭ ‬ليس‭ ‬لها،‭ ‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬سوى‭ ‬قوة‭ ‬رمزية‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬كونها‭ ‬سندا‭ ‬قانونيا‭ ‬بإمكان‭ ‬المغرب‭ ‬أن‭ ‬يستعمله‭ ‬بكل‭ ‬ارتياح‭ ‬لتنفيذ‭ ‬مخطط‭  ‬«الطرد»‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬كيان‭ ‬«وهمي»‭ ‬«لا‭ ‬وجود‭ ‬فعلي‭ ‬له‭ ‬على‭ ‬الخريطة»‭ ‬بات‭ ‬يشكل‭ ‬خطرا‭ ‬على‭ ‬استقرار‭ ‬المنطقة‭ ‬بعد‭ ‬ثبوت‭ ‬تورط‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬عناصره‭ ‬في‭ ‬الإرهاب،‭ ‬وفي‭ ‬إقامة‭ ‬علاقات‭ ‬ودية‭ ‬مع‭ ‬الجهاديين‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬الساحل،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬انخراط‭ ‬قيادة‭ ‬البوليساريو‭ ‬في‭ ‬تجارة‭ ‬السلاح،‭ ‬والاتجار‭ ‬في‭ ‬البشر‭ ‬والمخدرات،‭ ‬بل‭ ‬تحول‭ ‬مخيمات‭ ‬تندوف‭ ‬إلى‭ ‬محضنة‭ ‬للعبودية‭ ‬والتعذيب‭ ‬والاستغلال‭ ‬الجنسي‭ ‬والمس‭ ‬بحقوق‭ ‬الأطفال‭ ‬والنساء،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الانتهاك‭ ‬السافر‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬حرية‭ ‬التعبير‭ ‬وإبداء‭ ‬الرأي‭ ‬والاحتجاج‭ ‬السلمي‭.‬

إن‭ ‬المغرب‭ ‬يدرك‭ ‬أن‭ ‬قوانين‭ ‬الاتحاد‭ ‬الإفريقي‭ ‬لا‭ ‬تسمح،‭ ‬حاليا،‭ ‬بإصدار‭ ‬قرار‭ ‬لطرد‭ ‬البوليساريو؛‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬القانون‭ ‬التأسيسي‭ ‬للاتحاد‭ ‬الإفريقي‭ ‬لا‭ ‬يتضمن‭ ‬أي‭ ‬بند‭ ‬ينص‭ ‬على‭ ‬طرد‭ ‬أي‭ ‬عضو‭ ‬من‭ ‬الاتحاد،‭ ‬باستثناء‭ ‬تعليق‭ ‬مشاركة‭ ‬الحكومات‭ ‬التي‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬السلطة‭ ‬بطرق‭ ‬غير‭ ‬دستورية‭ ‬المنصوص‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬المادة‭ ‬30،‭ ‬وتخلي‭ ‬الدولة‭ ‬عن‭ ‬العضوية‭ ‬والانسحاب‭ ‬بشكل‭ ‬فردي،‭ ‬المنصوص‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬المادة‭ ‬31‭. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬المغرب‭ ‬ملزم‭ ‬بالرفع‭ ‬من‭ ‬أدائه‭ ‬الدبلوماسي،‭ ‬وخوض‭ ‬معركة‭ ‬دبلوماسية‭ ‬داخل‭ ‬أروقة‭ ‬الاتحاد‭ ‬الإفريقي،‭ ‬وخارجها،‭ ‬في‭ ‬الواجهة‭ ‬العربية‭ ‬والدولية،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إجبار‭ ‬الجزائر‭ ‬على‭ ‬الجلوس‭ ‬إلى‭ ‬طاولة‭ ‬المفاوضات‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الأممي،‭ ‬كطرف‭ ‬أساس‭ ‬في‭ ‬نزاع‭ ‬الصحراء،‭ ‬والدفع‭ ‬في‭ ‬اتجاه‭ ‬إقناع‭ ‬جبهة‭ ‬البوليساريو‭ ‬بالانسحاب‭ ‬الفردي‭ ‬من‭ ‬الاتحاد‭ ‬الإفريقي،‭ ‬مع‭ ‬ضمان‭ ‬تمكينها‭ ‬من‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬تنزيل‭ ‬مقترح‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭.   ‬

وإذا‭ ‬كانت‭ ‬«الأنفة‭ ‬العسكرية‭ ‬الجزائرية»‭ ‬لن‭ ‬تسمح‭ ‬بإعلان‭ ‬الهزيمة‭ ‬في‭ ‬ملف‭ ‬صرفت‭ ‬عليه‭ ‬ملايير‭ ‬الدولارات‭ ‬من‭ ‬أموال‭ ‬الشعب‭ ‬الجزائري،‭ ‬فإن‭ ‬انسحاب‭ ‬البوليساريو‭ ‬يظل‭ ‬مستبعد،‭ ‬ولن‭  ‬يتحقق‭ ‬المطمح‭ ‬المغربي‭ ‬إلا‭ ‬بالانتقال‭ ‬إلى‭ ‬السرعة‭ ‬الموالية‭ ‬والعمل،‭ ‬ديبلوماسيا‭ ‬على‭ ‬إقناع‭ ‬ثلثي‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬منصوص‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬المادة‭ ‬13،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تعديل‭ ‬الميثاق‭ ‬التأسيسي‭ ‬للاتحاد‭ ‬الإفريقي‭ ‬بما‭ ‬يجعله‭ ‬يتضمن‭ ‬بندا‭ ‬ينص‭ ‬على‭ ‬إنهاء‭ ‬عضوية‭ ‬دولة‭ ‬في‭ ‬الاتحاد‭ ‬بالإجماع،‭ ‬أو‭ ‬بثلثي‭ ‬أصوات‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭. 

هذا‭ ‬هو‭ ‬الأفق‭ ‬الذي‭ ‬ينبغي‭ ‬على‭ ‬المغرب‭ ‬التطلع‭ ‬إلى‭ ‬ملئه،‭ ‬استنادا‭ ‬إلى‭ ‬المادة‭ ‬32‭ ‬من‭ ‬القانون‭ ‬التأسيسي‭ ‬التي‭ ‬تنص‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬«يجوز‭ ‬لأي‭ ‬دولة‭ ‬تقديم‭ ‬مقترحات‭ ‬لتعديل‭ ‬أو‭ ‬مراجعة‭ ‬هذا‭ ‬القانون،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬إقرار‭ ‬التعديلات‭ ‬أو‭ ‬المراجعة‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬مؤتمر‭ ‬الاتحاد‭ ‬بالإجماع،‭ ‬أو‭ ‬بأغلبية‭ ‬الثلثين‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬تعذر‭ ‬ذلك»‭.‬

خارج‭ ‬منطق‭ ‬التوازنات‭ ‬الجيو-‭ ‬سياسية‭ ‬والجيو-‭ ‬استراتيجية‭ ‬وخارج‭ ‬الصراع‭ ‬الإقليمي‭ ‬في‭ ‬إفريقيا،‭ ‬والصراع‭ ‬الدولي‭ ‬على‭ ‬ثروات‭ ‬إفريقيا،‭ ‬لا‭ ‬وجود‭ ‬لجماعة‭ ‬البوليساريو‭ ‬إلا‭ ‬على‭ ‬الورق‭ ‬الذي‭ ‬ينتجه‭ ‬ويتحكم‭ ‬في‭ ‬سطوره‭ ‬وعلامات‭ ‬إعرابه‭ ‬جينرالات‭ ‬الجزائر،‭ ‬وذلك‭ ‬لعدم‭ ‬توفر‭ ‬الجماعة‭ ‬على‭ ‬المقومات‭ ‬الموضوعية‭ ‬لقيام‭ ‬الدولة:‭ ‬الشعب،‭ ‬والإقليم،‭ ‬والسيادة‭. ‬فكل‭ ‬ما‭ ‬يوجد‭ ‬في‭ ‬مخيمات‭ ‬تندوف‭ ‬هو:‭ ‬مواطنون‭ ‬مغاربة‭ ‬محتجزون،‭ ‬قيادة‭ ‬محلية‭ ‬مشكلة‭ ‬من‭ ‬المرتزقة،‭ ‬قيادة‭ ‬عسكرية‭ ‬جزائرية،‭ ‬استخبارات‭ ‬جزائرية،‭ ‬أموال‭ ‬جزائرية،‭ ‬سجون‭ ‬جزائرية،‭ ‬إدارة‭ ‬جزائرية‭.. ‬

إن‭ ‬وجود‭ ‬البوليساريو‭ ‬داخل‭ ‬الاتحاد‭ ‬الإفريقي‭ ‬طرح‭ ‬«ويطرح»‭ ‬معضلة‭ ‬قانونية‭ ‬حقيقية،‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬قبولها‭ ‬داخل‭ ‬الاتحاد‭ ‬المخصص‭ ‬للدول،‭ ‬وليس‭ ‬للجماعات‭ ‬أو‭ ‬الأحزاب‭ ‬أو‭ ‬الحركات‭ ‬أو‭ ‬التنظيمات،‭ ‬يمثل‭ ‬خطأ‭ ‬تاريخيا،‭ ‬وسقطة‭ ‬قانونية‭ ‬وسياسية‭ ‬يجب‭ ‬تصحيحها‭ ‬بالنسبة‭ ‬لمجموع‭ ‬الدول‭ ‬الموقعة‭ ‬على‭ ‬ملتمس‭ ‬الطرد‭. ‬ولن‭ ‬يتحقق‭ ‬ذلك‭ ‬إلا‭ ‬بإعادة‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬الميثاق‭ ‬التأسيسي‭ ‬للاتحاد،‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬إبعاد‭ ‬«دولة‭ ‬غير‭ ‬موجودة‭ ‬ولا‭ ‬تتمتع‭ ‬بالصفة‭ ‬القانونية»،‭ ‬ورفض‭ ‬بقاءها‭ ‬داخل‭ ‬منظمة‭ ‬إفريقية‭ ‬«مخصصة‭ ‬للدول»‭. ‬والحجة‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬البوليساريو‭ ‬«لا‭ ‬تتمتع‭ ‬بأي‭ ‬صفة‭ ‬قانونية،‭ ‬ولا‭ ‬يعترف‭ ‬بوجودها‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المؤسسات‭ ‬السيادية،‭ ‬مثل‭ ‬الجامعة‭ ‬العربية‭.‬

إن‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المستوى‭ ‬يميز‭ ‬بين‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬قانوني‭ ‬وما‭ ‬هو‭ ‬تاكتيكي‭ ‬أو‭ ‬استراتيجي‭ ‬أو‭ ‬سياسي‭. ‬ولهذا‭ ‬فإن‭ ‬الرفع‭ ‬من‭ ‬الأداء‭ ‬الديبلوماسي‭ ‬و«تعقيد‭  ‬وضع‭ ‬البوليساريو»‭ ‬بالانفتاح‭ ‬على‭ ‬مجموعة‭ ‬شرق‭ ‬إفريقيا‭ ‬(EAC):‭ ‬(تنزانيا،‭ ‬كينيا،‭ ‬أوغندا،‭ ‬رواندا،‭ ‬بوروندي،‭ ‬جنوب‭ ‬السودان)،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬دول‭ ‬جنوب‭ ‬القارة‭ ‬(أنغولا،‭ ‬بوتسوانا،‭ ‬ناميبيا،‭ ‬الموزمبيق،‭ ‬الزمبابوي‭..‬)،‭ ‬وذلك‭ ‬بفك‭ ‬الطوق‭ ‬الشديد‭ ‬الذي‭ ‬تلفه‭ ‬بها‭ ‬دولة‭ ‬جنوب‭ ‬إفريقيا‭ ‬الموالية‭ ‬للجزائر،‭  ‬يبقى‭ ‬هو‭ ‬الجواب‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬المسعى‭ ‬المشروع‭.‬

لقد‭ ‬وافق‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬عن‭ ‬أربعين‭ ‬دولة‭ ‬بدون‭ ‬تحفظ‭ ‬على‭ ‬عودة‭ ‬المغرب‭ ‬إلى‭ ‬الاتحاد‭ ‬الإفريقي،‭ ‬وهذا‭ ‬معناه‭ ‬أن‭  ‬هذه‭ ‬الدول،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬توقع‭ ‬على‭ ‬ملتمس‭ ‬طرد‭ ‬البوليساريو‭ ‬من‭ ‬الاتحاد‭ ‬(مصر،‭ ‬تونس،‭ ‬موريتانيا)‭ ‬بسبب‭ ‬انتهاجها‭ ‬لسياسة‭ ‬الحياد‭ ‬في‭ ‬النزاع‭ ‬المشتعل‭ ‬بين‭ ‬المغرب‭ ‬والجزائر،‭ ‬لديها‭ ‬ما‭ ‬يكفي‭ ‬للاستعداد‭ ‬لتطبيق‭ ‬إجراءات‭ ‬تعليق‭ ‬العضوية‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬البوليساريو،‭ ‬إذا‭ ‬استمر‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الأداء‭ ‬الديبلوماسي‭ ‬المبهر،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬توسيف‭ ‬«قائمة‭ ‬الدول‭ ‬الرافضة‭ ‬لجبهة‭ ‬البوليساريو»‭ .‬
 
إن‭ ‬معارك‭ ‬دبلوماسية‭ ‬جديدة‭ ‬تلوح‭ ‬في‭ ‬الأفق،‭ ‬وهي‭ ‬معارك‭ ‬يؤمن‭ ‬المغرب‭ ‬أن‭ ‬تحقيق‭ ‬الفوز‭ ‬فيها‭ ‬ليس‭ ‬بعيد‭ ‬المنال،‭  ‬وليس‭ ‬أدل‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬أنه‭ ‬تمكن‭ ‬من‭ ‬اختراق‭ ‬محور‭ ‬الجزائر-‭ ‬جنوب‭ ‬أفريقيا،‭ ‬مما‭ ‬أكسبه‭ ‬مساحات‭ ‬واسعة‭ ‬كلها‭ ‬تترجم‭ ‬العزلة‭ ‬التي‭ ‬يشعر‭ ‬بها‭ ‬جنرالات‭ ‬قصر‭ ‬المرادية‭. ‬كما‭ ‬تترجم‭ ‬أن‭ ‬المعركة‭ ‬الفاصلة‭  ‬هي‭ ‬تعليق‭ ‬عضوية‭ ‬البوليساريو‭ ‬داخل‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأفريقي،‭ ‬وإقناع‭ ‬القوى‭ ‬الدولية‭ ‬الكبرى‭ ‬بواقعية‭ ‬مقترح‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي‭ ‬داخل‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن،‭ ‬ولن‭ ‬يتحقق‭ ‬ذلك‭ ‬إلا‭ ‬بالاستمرار‭ ‬في‭ ‬إقامة‭ ‬علاقات‭ ‬براغماتية‭ ‬مع‭ ‬الأصدقاء‭ ‬والخصوم‭ ‬«نيجيريا‭ ‬نموذجا»،‭ ‬سواء‭ ‬عبر‭ ‬توظيف‭ ‬المداخل‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والتجارية‭ ‬والأمنية‭ ‬والعسكرية‭ ‬والدينية،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬«خلق‭ ‬جبهة‭ ‬إفريقية‭ ‬دائمة»‭ ‬موالية‭ ‬للمغرب‭ ‬داخل‭ ‬الاتحاد‭ ‬الإفريقي،‭ ‬انطلاقا‭ ‬من‭ ‬تحالف‭ ‬«سيداو»،‭  ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التنسيق‭ ‬مع‭ ‬مختلف‭ ‬دول‭ ‬إفريقيا،‭ ‬ودعمها‭ ‬اقتصاديا‭ ‬وأمنيا‭ ‬وعسكريا،‭ ‬وإنشاء‭ ‬تحالفات‭ ‬سياسية‭ ‬براغماتية‭ ‬معها‭ ‬داخل‭ ‬أجهزة‭ ‬الاتحاد‭ ‬الإفريقي،‭ ‬مثل‭ ‬البرلمان‭ ‬الإفريقي،‭ ‬والجمعية‭ ‬العامة،‭ ‬والمفوضية‭ ‬الإفريقية‭ ‬ومحكمة‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬مما‭ ‬سيمكن‭ ‬المغرب‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬انتشار‭ ‬جيد‭ ‬يسمح‭ ‬له‭ ‬بالقفز‭ ‬على‭ ‬الشرط‭ ‬الجغرافي‭ ‬الذي‭ ‬لعب‭ ‬دورا‭ ‬حاسما،‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬مضى،‭ ‬في‭ ‬عزل‭ ‬المغرب‭ ‬عن‭ ‬محيطه‭ ‬الإفريقي‭ ‬بعد‭ ‬نجاح‭ ‬مؤامرة‭ ‬أديس‭ ‬أبابا‭ ‬سنة‭ ‬1984،‭ ‬حين‭ ‬اضطر‭ ‬المغرب‭ ‬إلى‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬«منظمة‭ ‬الوحدة‭ ‬الإفريقية»‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬أحد‭ ‬مؤسسيها‭ ‬والداعمين‭ ‬الكبار‭ ‬لها‭.
 
 
رابط العدد هنا