Sunday 11 May 2025
سياسة

محمد سالم عبد الفتاح: علينا الترافع ليتبنى مجلس الأمن مأساة ساكنة تندوف لتحريرهم من بطش البوليساريو

محمد سالم عبد الفتاح: علينا الترافع ليتبنى مجلس الأمن مأساة ساكنة تندوف لتحريرهم من بطش البوليساريو محمد سالم عبد الفتاح، رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان
يفكّك محمد سالم عبد الفتاح، رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، عددا من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان في مخيمات تندوف برعاية النظام الجزائري، وعلى أراضيه.  ويرى الحقوقي سالم عبد الفتاح في حواره مع "أنفاس بريس" و"الوطن الآن" ، أن تندوف تحولت إلى فظاعة لهاته الانتهاكات، وأنه يتعين علينا الترافع ليتبنى مجلس الأمن مأساة ساكنة تندوف....
 
 كيف‭ ‬تفسر‭ ‬استمرار‭ ‬الانتهاكات‭ ‬الجسيمة‭ ‬لحقوق‭ ‬الانسان‭ ‬في‭ ‬مخيمات‭ ‬تندوف‭ ‬داخل‭ ‬الأراضي‭ ‬الجزائرية؟‮ ‬
منذ‭ ‬تأسيس‭ ‬النواة‭ ‬الأولى‭ ‬لمخيمات‭ ‬تندوف‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬سبعينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬عبر‭ ‬تجميع‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬البدو‭ ‬جنوب‭ ‬شرق‭ ‬الجزائر‭ ‬وحتى‭ ‬دول‭ ‬الجوار،‭ ‬ظل‭ ‬قاطنو‭ ‬تلك‭ ‬المخيمات‭ ‬محرومون‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬الحقوق‭ ‬المترتبة‭ ‬عن‭ ‬وضعية‭ ‬اللجوء‭ ‬المزعومة،‭ ‬خاصة‭ ‬حقهم‭ ‬في‭ ‬الانتصاب،‭ ‬و‭ ‬في‭ ‬التقاضي،‭ ‬في‭ ‬ظل‮ ‬‭ ‬تفويض‭ ‬غير‭ ‬قانوني‭ ‬لسلطات‭ ‬الدولة‭ ‬الجزائرية‭ ‬لصالح‭ ‬جبهة‭ ‬البوليساريو‭ ‬الإنفصالية‭.‬
‬وما‭ ‬كرس‭ ‬هاته‭ ‬الإنتهاكات‭ ‬الجسيمة‭ ‬لحقوق‭ ‬الانسان‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬المخيمات،‭ ‬غياب‭ ‬المحاسبة‭ ‬وتكريس‭ ‬ظاهرة‭ ‬الإفلات‭ ‬من‭ ‬العقاب‭ ‬عبر‭ ‬حماية‭ ‬الجلادين‭ ‬المتورطين‮ ‬‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الانتهاكات‭ ‬الجسيمة‭ ‬لحقوق‭ ‬الانسان‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬الدولة‭ ‬الجزائرية،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تمتيعهم‭ ‬بمناصب‭ ‬وهمية‭ ‬في‭ ‬الجبهة‭ ‬الانفصالية،‭ ‬وكذا‭ ‬رعايتهم‭ ‬وتمتيعهم‭ ‬بجوازات‭ ‬سفر‭ ‬ديبلوماسية،‭ ‬وتهريبهم‭ ‬أحيانا‭ ‬إلى‭ ‬الخارج،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الاحتيال‭ ‬والتهرب‭ ‬من‭ ‬القضاء‭ ‬الدولي،‭ ‬كما‭ ‬حدث‭ ‬مع‭ ‬الزعيم‭ ‬الانفصالي‭ ‬إبراهيم‭ ‬غالي‭ ‬إبان‭ ‬تم‭ ‬تهريبه‭ ‬إلى‭ ‬إسبانيا‭.‬
‮ ‬
‭ ‬وما‭ ‬سياق‭ ‬تجدد‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬في‭ ‬مخيمات‭ ‬تندوف‭ ‬التي‭ ‬تفاقمت‭ ‬خلال‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة؟‬‮
 تعود‭ ‬موجة‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬الأخيرة‭ ‬إلى‭ ‬سياق‭ ‬حراك‭ ‬شعبي‭ ‬في‭ ‬مخيمات‭ ‬تندوف‭ ‬ضد‭ ‬فساد‭ ‬قيادة‭ ‬البوليساريو،‭ ‬ووسط‭ ‬الاحتقان‭ ‬الذي‭ ‬تعيشه‭ ‬المنطقة‭ ‬والوضع‭ ‬الاجتماعي‮ ‬‭ ‬لقاطني‭ ‬المخيمات‭ ‬لعوامل‭ ‬عدّة،‭ ‬أهمها:‭ ‬تزايد‭ ‬وتيرة‭ ‬النهب‭ ‬الممنهج،‭ ‬والسّرقة‭ ‬من‭ ‬المساعدات‭ ‬الموجهة‭ ‬لقاطني‭ ‬مخيمات‭ ‬تندوف،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬سياقات‭ ‬أخرى‭ ‬مرتبطة‭ ‬بتراجع‭ ‬هاته‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬أيضا‭ ‬بسبب‭ ‬سياقات‭ ‬مرتبطة‭ ‬بالحرب‭ ‬الروسية‭ ‬الأوكرانية‭ ‬وجائحة‭ ‬كوفيدـ19،‭ ‬وتراجع‭ ‬قدرة‭ ‬الهيئات‭ ‬الدولية‭ ‬لإغاثة‭ ‬اللاجئين،‭ ‬زيادة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬قاطني‭ ‬المخيمات‭ ‬ممتعضون‭ ‬من‭ ‬تنامي‭ ‬مظاهر‭ ‬الاغتناء‭ ‬والترف‭ ‬التي‭ ‬تعيش‭ ‬عليها‭ ‬أقلية‭ ‬من‭ ‬قيادة‭ ‬من‭ ‬الجبهة‭ ‬الإنفصالية،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬مراكمة‭ ‬الثروة‭ ‬والاغتناء‭ ‬الذي‭ ‬يتم‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬الأهالي،‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬المتاجرة‭ ‬في‭ ‬مخازن‭ ‬الأسلحة‭ ‬والمساعدات‭ ‬والمحروقات،‭ ‬لممارسة‭ ‬أنشطة‭ ‬غير‭ ‬قانونية‭.‬
‬فالقيادة‭ ‬الإنفصالية‭ ‬لدى‭ ‬جبهة‭ ‬البوليساريو،‭ ‬ومن‭ ‬أجل‭ ‬مراكمة‭ ‬الثروات،‭ ‬وتنافسها‭ ‬على‭ ‬الاغتناء‭ ‬من‭ ‬هاته‭ ‬الأنشطة‭ ‬غير‭ ‬القانونية،‭ ‬قامت‭ ‬بسنّ‮ ‬‭ ‬سياسات‭ ‬تضيق‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬على‭ ‬التهريب‭ ‬المعيشي‭ ‬الذي‭ ‬يعيش‭ ‬عليه‭ ‬معظم‭ ‬قاطني‭ ‬المخيمات،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬حرمانهم‭ ‬من‭ ‬الحقوق‭ ‬المترتبة‭ ‬على‭ ‬وضعية‭ ‬اللجوء،‭ ‬وفي‭ ‬غياب‭ ‬الأنشطة‭ ‬الاقتصادية‭.‬
‬الغرض‭ ‬هو‭ ‬احتكار‮ ‬‭ ‬تلك‭ ‬الأنشطة‭ ‬التهريبية‭ ‬لصالحها‭ ‬برعاية‭ ‬من‭ ‬القطاع‭ ‬العسكري‭ ‬الجزائري‭ ‬الثالث‭ ‬بتندوف،‭ ‬زيادة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬منصات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬لعبت‭ ‬دورا‭ ‬كبيرا‭ ‬في‭ ‬فتح‭ ‬النقاش،‭ ‬وفي‭ ‬التحسيس‭ ‬والتوعية‭ ‬والتثقيف‭ ‬لدى‭ ‬فئات‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬شباب‭ ‬المخيمات‭ ‬ولدى‭ ‬فئات‭ ‬واسعة‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬قاطني‭ ‬المخيمات،‭ ‬الذين‭ ‬ساروا‭ ‬منخرطين‭ ‬في‭ ‬نقاشات‭ ‬عميقة‭ ‬حول‭ ‬واقعهم‭ ‬الإنساني‭ ‬والحقوقي‭ ‬والإجتماعي‭. ‬وبالتالي‭ ‬صاروا‮ ‬‭ ‬يقفون‭ ‬حقيقة‭ ‬على‭ ‬وضعية‭ ‬الاحتجاز‭ ‬التي‭ ‬يعيشونها‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬التضييق‭ ‬على‭ ‬حرية‭ ‬التنقل‭ ‬ومصادرة‭ ‬حقوقهم‭ ‬السياسية‭ ‬والمدنية،‭ ‬وكذا‭ ‬حقوقهم‭ ‬المترتبة‭ ‬على‭ ‬وضعية‭ ‬اللجوء،‭ ‬فاضطروا‭ ‬للجوء‭ ‬لحركات‭ ‬احتجاجية‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬طابعها‭ ‬القبلي،‭ ‬رغم‭ ‬مصادرة‭ ‬حقهم‭ ‬في‭ ‬تأسيس‭ ‬الجمعيات‭ ‬والأحزاب،‭ ‬يرفعون‭ ‬شعارات‭ ‬مناوئة‭ ‬للقيادة‭ ‬الإنفصالية‭ ‬للمطالبة‭ ‬بحقوقهم‭ ‬من‭ ‬العدالة‭ ‬والإنصاف‭ ‬وتكافؤ‭ ‬الفرص‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الشعارات‭.‬
‮ ‬
 لكن،‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬ينبغي‭ ‬فعله‭ ‬أمام‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬الحقوقي‭ ‬والاإنساني‭ ‬الشاذ‭ ‬برعاية‭ ‬جزائرية؟‮ ‬
 ‬للأسف‭ ‬تدخلات‭ ‬الهيئات‭ ‬الحقوقية‭ ‬الإنسانية‭ ‬المتضامنة‭ ‬مع‭ ‬قاطني‭ ‬مخيمات‭ ‬تندوف‭ ‬تصطدم‭ ‬بالتنصل‭ ‬والتنكر‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الدولة‭ ‬الجزائرية‭ ‬بالنظر‭ ‬للمسؤوليات‭ ‬الملقاة‭ ‬على‭ ‬عاتقها،‭ ‬لكونها‭ ‬الدولة‭ ‬المستضيفة‭ ‬لتلك‭ ‬المخيمات،‭ ‬وتنصلها‭ ‬من‭ ‬التزاماتها،‭ ‬وتفويضها‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬سلطاتها‭ ‬لجماعة‭ ‬على‭ ‬ترابها‭. ‬وبالتالي‭ ‬في‭ ‬ظلّ‭ ‬عدم‭ ‬تبني‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬الإنسانية‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬بشكل‭ ‬صريح،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬المادة‭ ‬السّابعة،‭ ‬سيظل‭ ‬قاطنو‭ ‬مخيمات‭ ‬تندوف‭ ‬محرومون‭ ‬من‭ ‬حقوقهم‭ ‬الأساسية،‭ ‬سواء‭ ‬السّياسية‭ ‬منها‭ ‬أو‭ ‬الاجتماعية‭ ‬أو‭ ‬الإقتصادية‭.‬
كما‭ ‬تستمر‭ ‬حالة‭ ‬الإحتجاز‭ ‬التي‭ ‬يتعرضون‭ ‬لها،‭ ‬ومنها‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬حرية‭ ‬التنقل،‭ ‬فصار‭ ‬المتدخلون‭ ‬الحقوقيون‭ ‬حول‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬مخيمات‭ ‬تندوف‭ ‬عاجزون‭ ‬أمام‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬الإستثنائية‭.‬
‬قاطنو‭ ‬المخيمات‭ ‬كسروا‭ ‬حاجز‭ ‬الخوف،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬انكسار‭ ‬هيبة‭ ‬ميليشيات‮ ‬‭ ‬البوليساريو،‭ ‬بعدما‭ ‬أقدم‭ ‬المحتجون‭ ‬على‭ ‬اقتحام‭ ‬مقر‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بـ‭ ‬«الكيان‭ ‬العام‭ ‬للبوليساريو»‭ ‬بمعسكر‭ ‬الرابوني‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مناسبة‭. ‬واليوم‭ ‬باتوا‮ ‬‭ ‬يخوضون‭ ‬وقفات‭ ‬احتجاجية‭ ‬ليست‭ ‬مطالبة‭ ‬فقط‭ ‬بإنصاف‭ ‬النساء‭ ‬المعنفات‭ ‬وإطلاق‭ ‬سراح‭ ‬المعتقلين‭ ‬والمختطفين‭ ‬خارج‭ ‬القانون،‭ ‬بل‭ ‬يرفعون‭ ‬شعارات‭ ‬سياسية‭ ‬وحقوقية‭ ‬تتعلق‭ ‬بتمتيعهم‭ ‬بحقوقهم‭ ‬المتربة‭ ‬على‭ ‬وضعية‭ ‬اللجوء،‭ ‬وتحمّل‭ ‬الدولة‭ ‬الجزائرية‭ ‬لمسؤولية‭ ‬إزاء‭ ‬حمايتهم‭ ‬من‭ ‬ميليشيات‭ ‬مسلحة‭.‬
‮ ‬
 ما‭ ‬يحدث‭ ‬من‭ ‬احتجاجات‭ ‬وفساد‭ ‬وانتهاكات‭ ‬له‭ ‬تداعيات‭. ‬ما‭ ‬قراءتك‭ ‬لهذا‭ ‬الوضع‭ ‬الإستثنائي‭ ‬على‭ ‬مخيمات‭ ‬تندوف؟‮ ‬
 لا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬استمرار‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‮ ‬‭ ‬له‭ ‬تداعيات‭ ‬خطيرة‭ ‬لا‭ ‬تستقر‭ ‬على‭ ‬الوضع‭ ‬في‭ ‬جنوب‭ ‬شرق‭ ‬الجزائر،‭ ‬بل‭ ‬تمتد‭ ‬حتى‭ ‬تشمل‭ ‬دول‭ ‬الجوار‭ ‬الجزائري،‭ ‬لتشمل‭ ‬أقاليم‭ ‬الجزائر‭. ‬ولا‭ ‬أدل‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬الانعكاسات‭ ‬الأمنية‭ ‬الخطيرة‭ ‬على‭ ‬دول‭ ‬بلدان‭ ‬الساحل،‭ ‬حيث‭ ‬بدأت‭ ‬ارتباطات‭ ‬وثيقة‭ ‬بالجماعات‭ ‬المسلحة‭ ‬والمتطرفة‭ ‬المنشرة‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬وهذه‭ ‬الجبهة‭ ‬الإنفصالية‭ ‬للبوليساريو،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ارتباط‭ ‬الامداد‭ ‬العسكري‭ ‬بمخازن‭ ‬البوليساريو‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬المتاجرة‭ ‬التي‭ ‬تباشر‭ ‬في‭ ‬تندوف،‭ ‬فالجماعات‭ ‬المسلحة‭ ‬هي‭ ‬الزبون‭ ‬الأول‭ ‬للمساعدات‭ ‬والسلاح‭ ‬والأدوية‭ ‬التي‭ ‬تصل‭ ‬المخيمات،‭ ‬زيادة‭ ‬على‭ ‬تقاطع‭ ‬المصالح‭ ‬بين‭ ‬الجماعات‭ ‬المتطرفة‭ ‬والمسلحة‭ ‬وجبهة‭ ‬البوليساريو‭ ‬المتعلق‭ ‬بمجموعة‭ ‬من‭ ‬الأنشطة‭ ‬غير‭ ‬القانونية‭ ‬من‭ ‬قبيل‭ ‬تهريب‭ ‬المخدرات‭ ‬والاتجار‭ ‬في‭ ‬البشر‭ ‬والمتاجرة‭ ‬في‭ ‬السلاح‭ ‬وغير‭ ‬ذلك‭ ‬كثير‭.‬
‮ ‬لكن‭ ‬الإنعكاس‭ ‬الخطير‭ ‬لهذا‭ ‬الوضع‭ ‬كون‭ ‬مخيمات‭ ‬جبهة‭ ‬البوليساريو‭ ‬الانفصالية‭ ‬تشكل‭ ‬خزّانا‭ ‬بشريا‭ ‬كبيرا‭ ‬بالنسبة‭ ‬للجماعات‭ ‬المسلحة‭ ‬المتطرفة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬هذا‭ ‬المناخ‭ ‬وتربية‭ ‬أجيال‭ ‬من‭ ‬داخل‭ ‬مواقع‭ ‬الاحتجاز‭ ‬بالبوليساريو،‭ ‬وتنامي‭ ‬الخطاب‭ ‬المنغلق‭ ‬التي‭ ‬يشحذ‭ ‬على‭ ‬الكراهية‭ ‬والتحريض‭ ‬على‭ ‬ثقافة‭ ‬العنف‭ ‬التي‭ ‬تربت‭ ‬عليها‭ ‬أجيال‭ ‬عديدة‭ ‬في‭ ‬مخيمات‭ ‬تندوف،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬التنشئة‭ ‬العسكرية‭ ‬وضعف‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬الإندماج‭ ‬في‭ ‬الأوساط‭ ‬المدنية‭ ‬بسبب‭ ‬عدم‭ ‬التمكن‭ ‬من‭ ‬المؤهلات‭ ‬المهنية،‭ ‬واقتصار‭ ‬الخبرات‭ ‬الشبابية‭ ‬على‭ ‬التجارب‭ ‬العسكرية،‭ ‬فصارت‭ ‬توفر‭ ‬خزانا‭ ‬للجماعات‭ ‬المسلحة‭ ‬جهارا‭ ‬ونهارا‭ ‬مع‭ ‬تقاطع‭ ‬المصالح‭ ‬فيما‭ ‬بينهم،‭ ‬والرعاية‭ ‬الجزائرية‭ ‬لهاته‭ ‬التنظيمات‭ ‬المتطرفة‭.‬
‮ ‬
 كيف‭ ‬يجنّد‭ ‬أطفال‭ ‬مخيمات‭ ‬تندوف‭ ‬عسكريا‭.. ‬وكيف‭ ‬يسفّرون؟‮ ‬
 لقد‭ ‬ظلت‭ ‬البوليساريو‭ ‬دائما‭ ‬تركز‭ ‬على‭ ‬استهداف‭ ‬الأطفال‭ ‬والمراهقين،‭ ‬عبر‭ ‬سياسة‭ ‬عزلهم‭ ‬عن‭ ‬ذويهم،‭ ‬حيث‭ ‬يحشرون‭ ‬في‭ ‬معسكرات‭ ‬تدريب‭ ‬عسكري،‭ ‬يتلقّون‭ ‬تدريبات‭ ‬خطاب‭ ‬الكراهية‭ ‬والعنف‭ ‬والتّحريض‭ ‬على‭ ‬الآخر‭.‬
‮  ‬كما‭ ‬يتمّ‭ ‬تلقينهم‭ ‬الإيديولوجيات‭ ‬المتطرّفة‭ ‬البعيدة‭ ‬كل‭ ‬البعد‭ ‬عن‭ ‬الثوابت‭ ‬وعن‭ ‬خلفياتهم‭ ‬الإجتماعية‭ ‬الحسانية‭ ‬والمغربية،‭ ‬وحتى‭ ‬الإسلامية‭. ‬للأسف‭ ‬الأمر‭ ‬لا‭ ‬يقتصر‮ ‬‭ ‬على‭ ‬تجييش‭ ‬الأطفال‭ ‬وتجنيدهم،‭ ‬حيث‭ ‬يتم‭ ‬تسفير‭ ‬الأطفال‭ ‬بدعوى‭ ‬تمضيتهم‭ ‬عطلة‭ ‬الصيف‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬البلدان،‭ ‬خاصة‭ ‬إسبانيا،‭ ‬بدعوى‭ ‬وذريعة‭ ‬قضاء‭ ‬عطلة‭ ‬الصيف،‭ ‬تحت‭ ‬شعار‭ ‬«برنامج‭ ‬عطل‭ ‬السّلام»،‭ ‬الذي‭ ‬أسّس‭ ‬له‭ ‬الحزب‭ ‬الشيوعي‭ ‬الإسباني‭ ‬منذ‭ ‬سبعينات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬وما‭ ‬تزال‭ ‬عملية‭ ‬التسفير‭ ‬إلى‭ ‬اليوم‭ ‬تتمّ‭ ‬بشكل‭ ‬سنوي‭ ‬خلال‭ ‬فصل‭ ‬الصيف،‭ ‬حيث‭ ‬يتم‭ ‬توظيف‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأطفال‭ ‬لأجل‭ ‬شراء‭ ‬ولاءات‭ ‬الأسر‭ ‬المتعاطفة‭ ‬مع‭ ‬البوليساريو،‭ ‬وتبنيهم‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬أسر‭ ‬للتأُثير‭ ‬في‭ ‬الوسط‭ ‬العام‭ ‬الإسباني،‭ ‬وحشد‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬الاسباني‭ ‬للتضامن‭ ‬معهم،‭ ‬ومع‭ ‬المقترح‭ ‬الانفصالي‭.‬
‮ ‬وعلاوة‭ ‬على‭ ‬«برنامج‭ ‬عطل‭ ‬السلام»،‭ ‬يتم‭ ‬تسفير‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬أطفال‭ ‬قاطني‭ ‬مخيمات‭ ‬تندوف‭ ‬إلى‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تحكمها‭ ‬أنظمة‭ ‬يسارية‭ ‬من‭ ‬قبيل‭ ‬كوبا‭ ‬و(ليبيا‭ ‬في‭ ‬فترات‭ ‬سابقة)،‭ ‬يتلقون‭ ‬عن‭ ‬كتب‭ ‬إيديولوجيات‭ ‬يسارية‭ ‬متطرفة‭ ‬راديكالية،‭ ‬بل‭ ‬ويتم‭ ‬فرض‭ ‬أعمال‭ ‬السخرة،‭ ‬ويتم‭ ‬تشغيلهم،‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الدول،‭ ‬بل‭ ‬يحرم‮ ‬‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأطفال‭ ‬في‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬المخيمات‭. ‬كما‭ ‬يتعرضون‭ ‬لانتهاكات‭ ‬حقوقية‭ ‬في‭ ‬حقهم،‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬تمردهم‭ ‬أو‭ ‬عدم‭ ‬انصياعهم‭ ‬لبرامج‭ ‬التدريب‭ ‬أو‭ ‬التدريس‭ ‬القاسية‭ ‬التي‭ ‬يتلقونها‭.‬