يرى بوبكر انغير، المنسق الوطني للعصبة الأمازيغية لحقوق الإنسان، أن "الحملات التي تشنها منظمات وهيئات أجنبية ضد المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج تلبس لباسا حقوقيا خدمة لأهداف سياسية".
ويُؤكد الحقوقي انغير في حواره مع" الوطن الآن "و" أنفاس بريس" أن" هؤلاء لا يرون سوى السّواد في قطاع السجون بالمغرب، وان كل ما بذل ويبذل من جهود لاقيمة له عند هؤلاء":
تناسلت مؤخرا بلاغات صادرة عن بعض المنظمات والهيآت الغربية ضد المغرب، تستهدف بالدرجة المؤسسة السجنية. ما هو تفسيرك؟.
في نظري المتواضع فان وضعية السجون بالمغرب تتحسن تدريجيا مقارنة بما كنا نسمعه عن الأوضاع السجنية فيما مضى، والبيانات الصحفية المتتالية التي تستهدف المندوبية العامة لادارة السجون وإعادة الادماج هدفها تبيان فشل مجهودات المندوبية في توفير حقوق السجناء من أجل المزيد من الضغط عليها دوليا وكسب نقاط ولو على حساب صورة وسمعة المغرب. صحيح ان ثمة أمور يجب تصحيحها ولكن الاستقواء بالاجنبي لتشويه صورة بلادنا امر معيب وغير مقبول الحرية الصحفية مطلوبة وضرورية لكن الإساءة إلى البلاد وتلفيق التهم واختلاق الأكاذيب ضدها امر في غاية السوء ولايمثل بصلة لحرية الراي والتعبير.
هاته الحملة تركز على أسماء بعينيها، في الوقت الذي تضم فيه الساكنة السجنية 100 ألف شخص ما الغاية من التركيز على تلك الأسماء؟.
كانت المؤسسة السجنية وستظل دائما محل صراع سياسي وسجال حقوقي في تاريخ المغرب ، وبالتالي فالتركيز على أسماء معينة كحالات حقوقية تدعي انتهاك حقوقها الهدف منه كسب تعاطف الراي العام الدولي ومزيد من الضغط على المغرب من أجل اطلاق سراحهم، والتركيز كذلك على أسماء بعينها لأنها أسماء معروفة إعلاميا وملفاتها تمت متابعتها إعلاميا وحيثيات اعتقالها أصبحت معروفة لدى الجميع.
الملاحظ أن هذه المنظمات لا ترى سوى السواد في قطاع السجون بالمغرب. لهذه الدرجة لم يبذل المغرب أي مجهود عمومي من طرف لتحسين السجون؟.
المجهودات الكبيرة المعتبرة التي قام بها المغرب لتحسين الخدمات داخل المؤسسات السجنية امر لا يمكن انكاره، بل ان السجناء انفسهم يعترفون ويحسون بالتغييرات الإيجابية في أوضاعهم. فمقارنة بسيطة مع أوضاع السجون في الماضي يكفي لنعرف الحقيقة. صحيح ان ثمة مجهودات إضافية مطلوبة من حيث محاربة الاكتظاظ وتحسين الظروف الصحية الخ، الا ان الاعتراف بان الظروف السجنية بالمغرب تحسنت امر ضروري وفيه انصاف لمجهودات الأطر والموظفين وإدارة السجون بصفة عامة الذين يبذلون مجهودات كبيرة في ظروف صعبة من أجل تمتيع السجناء بحقوقهم الإنسانية المشروعة. ومن الانصاف كذلك ان تتضمن بيانات المنظمات المغربية والدولية التقدم المحرز في مجال أنسنة السجون، وفي المجال التشريعي المتعلق بوضعية السجناء القانونية مع بطبيعة الحال التذكير بضرورة تحسين الأوضاع وجعلها اكثر ملائمة مع المواثيق والإعلانات الدولية لحقوق الإنسان.
في الوقت الذي يتم فيه تسليط الضوء على المؤسسة السجنية في المغرب من قبل هؤلاء، نجد بعض الدول موغلة في خرق قواعد معاملة السجناء، ومع ذلك لا تحظى بنفس الضغط ونفس التحرش، من قبيل كوانتانمو في أمريكا، أو المشاكل التي تعانيها السجون الفرنسية.. كيف تقرأ هاته المعطيات؟.
من المعروف بالضرورة ان الاعلام الأجنبي والمنظمات الحقوقية الأجنبية التي تتناول أوضاع حقوق الانسان عموما وأوضاع المؤسسات السجنية خصوصا ليسا بمعزل عن السياقات السياسية المؤطرة لعملهم وان ادعو الحياد والموضوعية. فالهجمات الإعلامية المركزة التي ساهم فيها الاعلام الأجنبي ومنظماته العلامية ساهمت في تدمير عدد من البلدان في العالم بدعوى فضح انتهاكات حقوق الانسان. فوراء معظم الحملات الدعائية ضد بلد ما اهداف سياسية واقتصادية وان تسترت بستائر حقوقية والتمست ادعاء الموضوعية. فعندما قرر البيت الأبيض غزو العراق مثلا اصطفت معظم وسائل الاعلام الامريكية مع القرار مبرزة خطورة امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل وروجت لهذه الرواية التي كانت مختلقة من الفها الى يائها والدليل هو مذكرات رئيس الاستخبارات الامريكية جورج تينيت الذي اكد ذلك بشكل واضح في مذكراته. كذلك الامر نجده في الاعلام الفرنسي الذي يتهجم على المغرب كلما قرر هذا الاخير اعطاء صفقة لمشروع اقتصادي لجهة اخرى غير فرنسا... الخ لذلك سمى الخبير الفرنسي المرموق باسكال بونيفاس الصحافة الفرنسية بالمثقفين المزيفين وهو عنوان لكتاب له فصل فيه ارتباطات الصحافة والاعلام الاجنبي بمراكز صنع القرار الاقتصادي الدولي. بطبيعة الحال هناك استثناءات لصحفيين اجانب ملتزمين بالدفاع عن ارائهم بمصداقية وموضوعية لكن ذلك لا يعني ان الغالبية كذلك ، بل ان الاعلام الاجنبي الفرنسي مثلا مايزال يتعامل مع قضايا افريقيا بازدراء تام ويخدم سياسة استعلائية متوارثة عن مراحل تاريخية سحيقة لذلك نراه يسكت عن التدخلات الفرنسية السافرة في عدد من الدول الافريقية ويتغاضى عن نهب فرنسا والاوروبيين عموما لترواث الشعوب الافريقية.
خلال عقدين حقق المغرب وثبة في المجال الحقوقي، وضمنه قطاع السجون الذي يحظى باهتمام ملكي لرعاية كرامة السجناء. ما الذي جعل المغرب يتشبث بهذه الإرادة في الإصلاح؟.
النفس الحقوقي التقدمي لجلالة الملك محمد السادس جلي وبارز ولا يحتاج الى دليل، حيث ان تعليماته و توجيهاته تكون دائما في خدمة تطوير المنظومة الحقوقية ببلادنا، وقد أولى الملك محمد السادس منذ بدايات عرشه الأهمية القصوى لكل الفئات الهشة والضعيفة والمتضررة ومنها فئة السجناء. بل ان الإصلاحات الكبيرة التي عرفها التنظيم القضائي للمملكة وقانون السجون وتعديلات القانون الجنائي كانت كلها في سبيل تحصين وتمكين المرتفقين الذي يلجون القضاء والمحاكم والسجون من ضمانات حقوقية مهمة واساسية وضرورية لتحقيق العدالة والانصاف. لكن رغم هذه المجهودات الملكية الكبيرة الا ان جهات خارجية وأخرى داخلية، لا يروقها ما يقوم به المغرب من إصلاحات قانونية ومؤسساتية ربما لتصفية حسابات سياسية مع المغرب وممارسة الضغط عليه في اطار اجندات إقليمية ودولية. فالمغرب بات رقما صعبا في المعادلات الإقليمية والدولية وهذا الصعود المغربي نحو قمة التوازنات السياسية الدولية لابد ان يجابه بمعارضة معلنة من الدول الممتعضة من ذلك وخفية من وسائل الاعلام والمنظمات الدولية التي يعمل بعضها بأجندات خفية وتابعة لدول وجهات معادية للمغرب. بعض البلاغات قد يكون سببها ضعف التواصل او قلة المعطيات المتوفرة لدى كتابها ان افترضنا حسن النية فالمرء عدو ما يجهله، لذلك من الضروري ان تستمر المندوبية العامة للسجون في انفتاحها على الإعلام الوطني والدولي وان تقوم بحملات إعلامية لربح رهان الحقيقة وتثمين المجهودات التي تقوم بها.