حل السياسي محمد الشيخ بيد الله، وزير الصحة السابق والقيادي في حزب الأصالة والمعاصرة ورئيس مجلس المستشارين سابقا وأحد مؤسسي جبهة البوليساريو، ضيفا على برنامج "بصمات" الذي تبثه قناة M24، وتطرق في حوار مفصل إلى محطات ساخنة من مساره المهني والسياسي، بدءا بمساهمته في تأسيس نواة للطلبة الصحراويين بالرباط، مرورا بالأخطاء السياسية الكبرى التي واكبت تأسيس جبهة البوليساريو، والدور الليبي والمعارضة المغربية في الجزائر في تعزيز الدعوة إلى الانفصال وحمل السلاح، وصولا إلى ما يعيشه ملف الصحراء من انعطافات ديبلوماسية مهمة..
"أنفاس بريس" تنشر أبرز مضامين هذا الحوار:
تخرجت سنة 1977 من كلية الطب، وبدأت العمل طبيبا في مستشفى ابن رشد بالدار البيضاء، وفي السنة نفسها انتخبت نائبا لمدينة السمارة، وأعيد انتخابك سنة 1984. وهكذا جمعت بين الطب والسياسة، فكيف يمكن أن تصف لنا هذه الخلطة؟
كانت مرحلة متميزة؛ ففي ذاك الوقت أجريت مباريات من أجل الالتحاق بسلك التعليم، ونجحت في مباراة لوزارة الداخلية، فقررت الاستقرار في مدينة الدار البيضاء. كما أنني اشتغلت في الكلية لمدة 15 سنة، وكنت أمارس السياسة في الوقت نفسه. اشتغلت في قسم الجراحة، وفي قسم الإنعاش، حيث عملت مع طبيب فرنسي يدعى غالو، وقد خيرني بين الذهاب إلى فرنسا أو البقاء في المغرب، لكن تجري الرياح بما لا تشتهيه السفن. نجحت في الانتخابات التشريعية، وانتخبت نائبا برلمانيا عن السمارة، وكنت أسافر إلى هناك عبر الطائرة مرة في الأسبوع. كانت رحلات صعبة جدا أقوم بها، ثم أعود إلى العمل في المستشفى، فضلا عن أنني كنت عضوا في مكتب مجلس النواب، بل شغلت بعدها منصب رئيس لجنة العلاقات الخارجية. ومع ذلك، كنت أعطي الأولوية لعملي كطبيب جراح إلى درجة أنني كنت أتنقل من الدار البيضاء نحو مجلس النواب ثم أعود في اليوم نفسه.
بعد ذلك شغلت منصب أستاذ باحث مبرز في الطب الباطني بكلية الطب، إلى جانب عضويتك باللجنة الاستشارية لمنظمة الصحة العالمية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فكيف كنت توفق بين كل هذه المهام؟
هي مهام كبيرة وخطيرة، وكان لابد من تنظيم الوقت والتحكم فيه لإنجازها على الوجه الأكمل، لكن ذلك كان يتم على حساب صحتي، وعلى حساب عائلتي الصغيرة، لأنني كنت متزوجا وأبا لطفلين، وقد ساعدتني زوجتي التي كانت أستاذة في مادة الإنجليزية مساعدة كبيرة في هذه الأعمال، إذ كانت تهيئ لي ملفات الطب وملفات البحث العلمي، إلى جانب متابعتها لأعمالي على مستوى البرلمان. فبفضل مساعدتها، تمكنت من التحكم في الوقت، وتنظيمه تنظيما دقيقا جدا..
هل يمكن القول إنك تخليت عن الطب من أجل ممارسة السياسة؟
صراحة، لم أسهر على برمجة مساري السياسي علما أنني قمت ببرمجة مساري الطبي، حيث كنت أتمنى أن أكون أستاذا في الجامعة، وأن أكون بعدها عميدا لكلية الطب. وفيما يتعلق بالسياسة، فقد دخلتها من بابها الواسع رفقة عمي الكولونيل ماجور حبوها الحبيب، حيث كنت أساعده حين كان يقود مجموعة من المقاتلين في الزاك. كما أنني كنت أقطن لديه خلال تنقلاته عبر المغرب (تازة، زاكورة، وارزازات، الرباط)، وهو ما مكنني من متابعة الأحداث في المنطقة. ولما أجريت الانتخابات، خطر ببالي أنها ستكون فرصة مهمة بالنسبة لابن الخيام كي يأتي الى قبة كبيرة في الرباط، ويشارك في رسم آفاق المستقبل بالنسبة للسياسة في المنطقة.