الجمعة 26 إبريل 2024
سياسة

الخيبات الخمس التي تجرع مرارتها عسكر الجزائر

الخيبات الخمس التي تجرع مرارتها عسكر الجزائر ضحايا إكديم‭ ‬إيزيك و‬أمينتو‭ ‬حيدر( يسارا) وجيمس‭ ‬بيكر المبعوث السابق ال‬خاص‭ ‬للأمين‭ ‬العام للأمم المتحدة
كلما‭ ‬فشلت‭ ‬الجزائر‭ ‬في‭ ‬خططها‭ ‬ضد‭ ‬المغرب‭ ‬واحترقت‭ ‬أوراقها،‭ ‬تتعمد‭ ‬الطغمة‭ ‬العسكرية‭ ‬بقصر‭ ‬المرادية‭ ‬إلى‭ ‬اختلاف‭ ‬ورقة‭ ‬جديدة‭ ‬لاستهداف‭ ‬المغرب.‬ وهي‭ ‬الخطط‭ ‬التي‭ ‬أفشلها‭ ‬المغرب‭ ‬بعد‭ ‬فضح‭ ‬تورط‭ ‬الجزائر‭ ‬المباشر‭ ‬في‭ ‬تمويل‭ ‬وتحريك‭ ‬كل‭ ‬الأذرع‭ ‬المعادية‭ ‬للوحدة‭ ‬الترابية‭ ‬لبلادنا‭.‬ في‭ ‬هذه‭ ‬الورقة‭ ‬نستعرض‭ ‬بشكل‭ ‬خاطف‭ ‬5‭ ‬محطات‭ ‬انهارت‭ ‬فيها‭ ‬أطروحة‭ ‬الجزائر‭ ‬انهيارا‭ ‬تاما‭ ‬أمام‭ ‬صلابة‭ ‬المغرب‭ ‬وصلابة‭ ‬مشروعية‭ ‬مطالبه:
 
أولا: ورقة الهوية
حرب‭ ‬تحديد‭ ‬الهوية‭ ‬وهي‭ ‬حرب‭ ‬دامت‭ ‬طوال‭ ‬العقد‭ ‬التاسع‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬العشرين،‭ ‬حيث‭ ‬عبأت‭ ‬الجزائر‭ ‬الأتباع‭ ‬والأنصار‭ ‬لتحويل‭ ‬معركة‭ ‬تحديد‭ ‬هوية‭ ‬من‭ ‬سيشارك‭ ‬في‭ ‬الاستفتاء‭ ‬حول‭ ‬مصير‭ ‬الصحراء‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إعادة‭ ‬بناء‭ ‬«خيط‭ ‬ناظم‭ ‬للشعب‭ ‬الصحراوي»،‭ ‬لكن‭ ‬بعد‭ ‬إخفاقها‭ ‬في‭ ‬معركة‭ ‬تحديد‭ ‬الهوية‭ ‬«للشعب‭ ‬الصحراوي» في‭ ‬نهاية‭ ‬التسعينات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬العشرين،‭ ‬ستستغل‭ ‬الجزائر‭ ‬إمساك‭ ‬اللوبي‭ ‬النفطي‭ ‬الأمريكي‭ ‬بملف‭ ‬الصحراء‭ ‬المتمثل‭ ‬في‭ ‬تعيين‭ ‬جيمس‭ ‬بيكر‭ ‬مبعوثا‭ ‬خاصا‭ ‬للأمين‭ ‬العام‭ ‬الأممي‭ ‬عام‭ ‬1997،‭ ‬لتحدث‭ ‬طفرة‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬ضد‭ ‬المغرب،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يقودنا‭ ‬إلى‭ ‬المحطة‭ ‬الثانية‭.‬
 
ثانيا: الورقة الحقوقية
انخراط‭ ‬جيمس‭ ‬بيكر‭ ‬في‭ ‬ترويج‭ ‬الطرح‭ ‬الجزائري،‭ ‬قاد‭ ‬إلى‭ ‬انحباس‭ ‬سياسي‭ ‬في‭ ‬ملف‭ ‬الصحراء،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬قاد‭ ‬إلى‭ ‬إبداع‭ ‬فتوى‭ ‬جديدة،‭ ‬تتجلى‭ ‬في‭ ‬إشهار‭ ‬ورقة‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬وهي‭ ‬الورقة‭ ‬التي‭ ‬أضحت‭ ‬آنذاك‭ ‬موضة‭ ‬عالمية‭. ‬إذ‭ ‬بعد‭ ‬انهيار‭ ‬جدار‭ ‬برلين‭ ‬عام‭ ‬1989‭ ‬وتفكك‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفياتي،‭ ‬أصيبت‭ ‬الحركات‭ ‬الشيوعية‭ ‬والأحزاب‭ ‬الاشتراكية‭ ‬باليتم،‭ ‬بالمقابل‭ ‬برز‭ ‬نجم‭ ‬الخضر‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬المعمور‭. ‬وتشكلت‭ ‬مفاهيم‭ ‬جديدة‭ ‬لتعبئة‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬الدولي‭ ‬تتمحور‭ ‬حول‭ ‬«البيئة»‭ ‬و«التنمية‭ ‬المستدامة»‭ ‬و«احترام‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان»‭. ‬وبما‭ ‬أن‭ ‬المغرب‭ ‬عرف‭ ‬انتقالا‭ ‬سلسا‭ ‬للعرش‭ ‬في‭ ‬صيف‭ ‬1999‭ ‬بوفاة‭ ‬المرحوم‭ ‬الحسن‭ ‬الثاني‭ ‬وتولي‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬مقاليد‭ ‬الحكم،‭ ‬استغلت‭ ‬الجزائر‭ ‬وحلفائها،‭ ‬انخراط‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬مسلسل‭ ‬طي‭ ‬سنوات‭ ‬الرصاص،‭ ‬وبدأت‭ ‬الجزائر‭ ‬تراهن‭ ‬على‭ ‬نشطاء‭ ‬صحراويين‭ ‬داخل‭ ‬الأقاليم‭ ‬الجنوبية‭ ‬لاستقطابهم‭ ‬وتمويلهم،‭ ‬وخلقت‭ ‬لجنة‭ ‬مما‭ ‬يسمى‭ ‬بالمعتقلين‭ ‬السابقين‭ ‬الصحراويين،‭ ‬وهي‭ ‬اللجنة‭ ‬التي‭ ‬ستشكل‭ ‬النواة‭ ‬الأولى‭ ‬لما‭ ‬أصبح‭ ‬يعرف‭ ‬إعلاميا‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭ ‬بـ‭ ‬«انفصاليي‭ ‬الداخل»‭. ‬
 
ثالثا: من عشرية الإرهاب إلى عشرية تغذية الانفصال 
موازاة‭ ‬مع‭ ‬احتراق‭ ‬ورقة‭ ‬المعتقلين‭ ‬الصحراويين‭ ‬وانفصاليي‭ ‬الداخل،‭ ‬بدأت‭ ‬الجزائر‭ ‬تتعافى‭ ‬تدريجيا‭ ‬من‭ ‬جروح‭ ‬الحرب‭ ‬الأهلية‭ ‬بسبب‭ ‬عشرية‭ ‬الإرهاب‭. ‬بشكل‭ ‬جعلها‭ ‬تتفرغ‭ ‬كلية‭ ‬للمغرب،‭ ‬وساعدها‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬ارتفاع‭ ‬المداخيل‭ ‬النفطية‭ ‬وقتها،‭ ‬فأعطيت‭ ‬الأوامر‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬حكام‭ ‬الجزائر‭ ‬لإشعال‭ ‬النار‭ ‬في‭ ‬الأقاليم‭ ‬الصحراوية‭. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬ولد‭ ‬أحداث‭ ‬العيون‭ ‬عام‭ ‬2005‭ ‬التي‭ ‬ترتبت‭ ‬عنها‭ ‬اعتقالات‭ ‬في‭ ‬صفوف‭ ‬الصحراويين‭ ‬(ضمنهم‭ ‬أمينتو‭ ‬حيدر)‭ ‬وتخريب‭ ‬منشآت‭ ‬عمومية‭ ‬والاعتداء‭ ‬على‭ ‬ممتلكات‭ ‬عديدة‭ ‬للخواص‭.‬
في‭ ‬حمأة‭ ‬هذه‭ ‬الأوضاع‭ ‬خرجت‭ ‬للوجود‭ ‬تنظيمات‭ ‬تدور‭ ‬في‭ ‬فلك‭ ‬الجزائر‭ ‬وتأتمر‭ ‬بأوامر‭ ‬حكامها،‭ ‬وهي‭ ‬تنظيمات‭ ‬تدعي‭ ‬شكليا‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬والحال‭ ‬أنها‭ ‬تنظيمات‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬هدف‭ ‬سوى‭ ‬تصيد‭ ‬هفوة‭ ‬صغيرة‭ ‬هنا‭ ‬أو‭ ‬هناك‭ ‬بالأقاليم‭ ‬الصحراوية‭ ‬لاستغلالها،‭ ‬بينما‭ ‬لم‭ ‬يسبق‭ ‬إطلاقا‭ ‬لهذه‭ ‬التنظيمات‭ ‬أن‭ ‬رفعت‭ ‬صوتها‭ ‬استنكارا‭ ‬للاختطاف‭ ‬والتعذيب‭ ‬والقمع‭ ‬بمخيمات‭ ‬تندوف‭ ‬أو‭ ‬بالجزائر،‭ ‬ونقصد‭ ‬بذلك: «تجمع‭ ‬المدافعين‭ ‬الصحراويين‭ ‬عن‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان» (CODESA) التي‭ ‬كانت‭ ‬تترأسه‭ ‬أمينتو‭ ‬حيدر‭. ‬و«الجمعية‭ ‬الصحراوية‭ ‬لضحايا‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬الصحراء» (ASVDH) برعاية‭ ‬إبراهيم‭ ‬دحان‭ ‬ونائبته‭ ‬جيمي‭ ‬الغالية‭.‬
 
رابعا: شظايا اكديم إزيك
في‭ ‬سنة‭ ‬2010،‭ ‬وعقب‭ ‬الخيبة‭ ‬التي‭ ‬تجرعت‭ ‬مرارتها‭ ‬الجزائر‭ ‬في‭ ‬العشرية‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬الألفية‭ ‬الحالية‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬نتائجها‭ ‬في‭ ‬مستوى‭ ‬ما‭ ‬أنفقه‭ ‬العسكر‭ ‬الجزائري‭ ‬على‭ ‬انفصاليي‭ ‬الداخل‭ ‬بالمغرب،‭ ‬ثم‭ ‬المرور‭ ‬إلى‭ ‬سياسة‭ ‬الأرض‭ ‬المحروقة‭ ‬التي‭ ‬أفرزت‭ ‬أحداث‭ ‬«إكديم‭ ‬إيريك»‭ ‬بالعيون‭ ‬عام‭ ‬2010،‭ ‬وما‭ ‬تلاها‭ ‬من‭ ‬تجييش‭ ‬وتعبئة‭ ‬المتظاهرين‭ ‬بشكل‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬إحراق‭ ‬الممتلكات‭ ‬العامة‭ ‬والخاصة‭ ‬وقتل‭ ‬أفراد‭ ‬القوة‭ ‬العمومية‭ ‬بل‭ ‬والتمثيل‭ ‬بجثثهم‭. ‬أحداث‭ ‬«إكديم‭ ‬إيزيك«‭ ‬أفرزت‭ ‬للجزائر‭ ‬بروفيلا‭ ‬جديدا‭ ‬من‭ ‬انفصاليي‭ ‬الداخل‭ ‬يختلفون‭ ‬عن‭ ‬النشطاء‭ ‬الذين‭ ‬تعاملت‭ ‬معهم‭ ‬المخابرات‭ ‬الجزائرية‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬السابقة‭. ‬فجيل‭ ‬«إكديم‭ ‬إيزيك»‭ ‬متحرر‭ ‬من‭ ‬شرعية‭ ‬الاعتقال‭ ‬السياسي،‭ ‬وهو‭ ‬جيل‭ ‬تربى‭ ‬على‭ ‬تغذية‭ ‬الحرب‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬مثل‭ ‬«حطب‭ ‬جهنم»‭. ‬من‭ ‬هنا‭ ‬نفهم‭ ‬سر‭ ‬الزيارات‭ ‬المتتالية‭ ‬آنذاك‭ ‬لانفصاليي‭ ‬الداخل‭ ‬إلى‭ ‬الجزائر‭ ‬للتدريب‭ ‬والتأطير‭.‬
 
خامسا: تسخير أمينتو لتنشيط البطولة
ورغم‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬الحقد‭ ‬والتمويل‭ ‬الجزائري‭ ‬الضخم،‭ ‬ظل‭ ‬المغرب‭ ‬ثابتا‭ ‬ومتشبثا‭ ‬بحقه‭ ‬المشروع،‭ ‬يزاوج‭ ‬بين‭ ‬إعمار‭ ‬الصحراء‭ ‬وحشد‭ ‬التأييد‭ ‬لمبادرة‭ ‬«الحكم‭ ‬الذاتي»،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أفلح‭ ‬فيه‭ ‬عقب‭ ‬سحب‭ ‬35‭ ‬دولة‭ ‬لاعترافها‭ ‬بالبوليساريو‭ ‬وعودة‭ ‬العلاقات‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬مع‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬كانت‭ ‬تساند‭ ‬الجزائر‭. ‬ليس‭ ‬هذا‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬تخلى‭ ‬المغرب‭ ‬عن‭ ‬سياسة‭ ‬المقعد‭ ‬الفارغ،‭ ‬وعاد‭ ‬بقوة‭ ‬إلى‭ ‬الاتحاد‭ ‬الإفريقي،‭ ‬واسترجع‭ ‬المغرب‭ ‬توهج‭ ‬علاقاته‭ ‬مع‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬القارة‭ ‬السمراء‭ ‬بشكل‭ ‬أغاظ‭ ‬عسكر‭ ‬الجزائر‭ ‬الذين‭ ‬لم‭ ‬يجدوا‭ ‬من‭ ‬حيلة‭ ‬في‭ ‬سنة‭ ‬2020‭ ‬سوى‭ ‬«اختراع»‭ ‬ورقة‭ ‬جديدة‭ ‬أخرى‭ ‬للتشويش‭ ‬على‭ ‬المغرب،‭ ‬ألا‭ ‬وهي‭ ‬إعطاء‭ ‬الأوامر‭ ‬«لأمينتو‭ ‬حيدر»،‭ ‬لفك‭ ‬الارتباط‭ ‬مع‭ ‬تنظيم‭ ‬«كوديسا»‭ ‬المشلول‭ ‬أصلا،‭ ‬وخلق‭ ‬هيئة‭ ‬جديدة‭ ‬تحت‭ ‬اسم‭ ‬«الهيئة‭ ‬الصحراوية‭ ‬لمناهضة‭ ‬الاحتلال‭ ‬المغربي» (ISACOM)،‭ ‬قصد‭ ‬«تنشيط‭ ‬البطولة‭ ‬العسكرية‭ ‬الجزائرية»‭ ‬في‭ ‬حربها‭ ‬المسعورة‭ ‬ضد‭ ‬المغرب‭ ‬والمغارية‭.‬